28-06-1435
تحمیل
الأستاذ الشيخ باقر الايرواني
بحث الفقه
35/06/28
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع:- المبيت بمنى
وأمّا ما أفاده في الوجه الثاني أعني التمسّك بالإطلاق فيرد عليه:- إنه إمّا أن يدّعى انصرافه إلى ذلك الشخص الذي بقي في منى بعد الزوال إلى أن حلّ عليه الغروب، فإن قبلنا بهذا الانصراف فبالتالي لا يكون لدينا دليل على وجوب المبيت لفرض انصراف الاطلاق فنتمسّك بأصل البراءة لنفي وجوب ذلك، وأمّا إذا أنكرنا الانصراف فيأتي ما أشرنا إليه في باب الاطلاق من أن المتكلّم لو ظهر وقال إنّ مقصودي هو ذلك الشخص الذي استمر في البقاء في منى إلى أن حلّ عليه المساء فلا يستهجن منه الاطلاق ولا يقال له إذن لِمَ لمْ تقيد ؟، وعليه فلا يمكن التمسّك بالإطلاق لعدم استهجانه حالة إرادة المقيّد منه.
إن قلت:- إنه يوجد بديل عن الاطلاق فإن التعميم لا ينحصر منشأه بالإطلاق بل هناك بعض المناشئ الأخرى، فمثلاً ماذا نصنع لإثبات تعميم جواز الوضوء بالماء المقطّر أو المعقّم ؟ إنّه لم يكن موجوداً في تلك الفترة الزمنيّة التي نزلت فيها الآية الكريمة فلو كان المراد هو المقيّد - أي غير المعقّم والمقطّر - لم يكن الاطلاق مستهجناً لفرض عدم وجود الفرد المقيّد الخاص حتى يحتاج إلى تقييد فلا يستهجن الاطلاق فماذا نصنع في مثل هذا المورد وما شاكله لإثبات التعميم ؟
والجواب:- نتمسّك بالبديل، وأقصد به الجزم بعدم الخصوصيّة، فإنّا كعرفٍ لا نحتمل الخصوصيّة لغير المعقّم في جواز الوضوء به فنثبت التعميم حينئذٍ من خلال فكرة عدم الجزم بالخصويّة عرفاً.
إن قلت:- إن الجزم بعدم الخصوصيّة ينشأ من نفس الاطلاق فالإطلاق هو الموجب لإلغاء الخصوصيّة فلو رفضته فكيف تجزم بعدم الخصوصيّة ؟
قلت:- لا نسلّم أن الجزم بعدم الخصوصيّة ينحصر مدركه بالإطلاق، فلو قال الإمام عليه السلام:- ( اغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل لحمه ) فإنّ المورد خاصٌّ بعنوان الثوب ولكن هل نسرّي الحكم – أي وجوب الغسل - لغير الثوب ؟ نعم ولا نقتصر على الثوب بل نحكم بالتعدّي لسائر الأقمشة التي أصابها البول رغم أنه لا يوجد إطلاق بل خُصِّص وقيل ( أغسل ثوبك ).
إذن منشأ التعميم لا ينحصر بالإطلاق فإن العرف لديه مرتكزات يمكنه التعميم أو التخصيص على أساسها بقطع النظر عن الاطلاق . فإذن نحن في كثيرٍ من الموارد التي لا يمكننا أن نتمسّك فيها بالإطلاق - كما هو الحال بالنسبة إلى الأفراد الحادثة الجديدة - نتمسّك بالبديل وهو الجزم بعد الخصوصيّة، فإن كان أخذنا به، وإن لم يكن فلا إطلاق آنذاك ولا بديل فنرجع إلى ما تقتضيه الأصول العمليّة الأخرى كأصل البراءة وغير ذلك.
وفي المقام نقول:- إن الاطلاق كما فرضنا لا يمكن التمسّك به لأنه لا يستقبح من المتكلّم الاطلاق لو كان مراده المقيّد، وأمّا البديل فليس بموجودٍ - أعني الجزم بعد الخصوصيّة بينة من كان باقياً في منى إلى أن حلّ عليه الغروب وبين من نفر بقصد الخروج والترك الكلّي ولكنه عاد بسبب نسيانه لبعض حاجاته إلى أن حلّ عليه المساء - فإنه لا نجزم بعد الخصوصيّة عرفاً بل نحتمل الخصوصيّة، وعلى هذا الأساس يكون التمسّك بالإطلاق مشكلاً والحكم عليه بوجوب المبيت شيء مشكل.
وقبل أن ننهي هذا الموضوع ألفت النظر إلى قضيتين:-
القضية الأولى:- إنّا ذكرنا أن السيد الخوئي(قده) تمسّك بوجهين لإثبات وجوب المبيت في حقّ من نفر بعد الزوال وعاد قبل الغروب إلى أن حلّ عليه المساء، الأوّل هو أنه ينكشف بعوده أن لا نفر لأنه عاد، والثاني نتمسك بالإطلاق.
والآن استدرك وأقول:- لعله(قده) لا يقصد من كلامه التمسّك بوجهين بل يقصد التمسّك بوجهٍ واحدٍ وأما الثاني فيكون تتمّة للأوّل بأن يكون مقصوده هكذا:- إنه برجوعه ينكشف عدم صدق النفر وإذا لم يصدق النفر أمكننا آنذاك التمسّك بإطلاق ما دلّ على أن من جاءه المساء وهو في منى يلزمه المبيت، ولعل هذا أوجه من سابقه.
فإن كان يقصد الأوّل:- فيأتي الاشكال الفنّي الذي أشرنا إليه وهو أن انكشاف عدم تحقّق النفر لا يكفي وحده لإثبات وجوب المبيت بل لابد من ضمّ الاطلاق، فذكرهما كوجهين شيءٌ لا وجه له.
وأما إذا كان يقصد منهما وجهاً واحداً لا اكثر والثاني يكون متمّماً للأوّل فتأتي مناقشة فنيّة أخرى غير السابقة فنقول له:- إنه بناءً على هذا لا حاجة إلى ضمّ ما ذكره أوّلاً من أنه ينكشف عدم صدق النفر بل يكفي آنذاك التمسّك بالإطلاق، وأما ضمّ ذاك إلى الاطلاق فهو كضمّ الحجر إلى جنب الانسان فإن المهم هو الاطلاق فإن كان ثابتاً أخذنا به وثبت وجوب المبيت عليه وإلا فلا وأمّا أنه يصدق النفر أو لا يصدق النفر فهذه قضيّة ليست مهمة.
إذن الإشكال الفنّي واردٌ عليه لا محالة سواءً قصد منهما وجهين أم قصد منهما وجهاً واحداً.
ولعله(قده) يقصد التمسّك بالإطلاق ولكن صدر ما صدر عفواً.
القضية الثانية:- إنه يوجد فرعٌ آخر لم يشر إليه الفقهاء وهو ما لو فرض أن الشخص كان معذوراً من الرمي بالمباشرة وإنما أوكل الرمي إلى نائبٍ عنه فمثل هذا الشخص - أعني الموكّل - هل يجب عبليه المبيت في منى أو لا ؟
والجواب:- إن في ذلك شقوقاً، فتارةً يفترض أنه موجودٌ في منى بأن بات فيها وبقي لابثاً فيها وأوكل أمر الرمي غلى نائبٍ وهو بَعدُ فيها ولم يخرج وكان من حقّه الخروج بعد الزوال وقبل الغروب ولكنّه لم يخرج إلى أن حلّ عليه المساء، فهنا يمكن أن يقال بوجوب المبيت عليه لأنه بالتالي موجودٌ في منى وقد رمى غايته من خلال النائب وبقي إلى أن حلّ عليه المساء فإن قلنا إنّ الاطلاق شاملٌ له فبها ونعمت - أي اطلاق ما دلّ على أن من حلّ عليه المساء وهو في منى فيلزمه المبيت -، وإن قلنا هو ليس بشاملٍ له لسببٍ وآخر فيمكن أن يقال بفكرة الجزم بعد الخصوصيّة عرفاً، بمعنى أن العرف يلغي الخصوصيّة من ناحية كونه رمى بنفسه أو رمى بغيره بعد فرض أنه موجودٌ في منى طيلة الفترة غايته لا يتمكّن من الذهاب إلى الجمرة ويرمي بنفسه، فمن هذه الناحية لا فرق بينه وبين من يرمي بنفسه فيجب عليه المبيت إذا حلّ عليه المساء.
وأمّا إذا فرض أنه كان خارج منى كـأن فرض أنه بعدما بات النصف الأوّل في منى خرج منها وبقي خارجها باعتبار أنّه لا حاجة إلى أن يأتي إلى منى لفرض أن الرمي يقوم به نائبه، فمادام قد بقي خارج منى فلا يجب عليه المبيت لأن المبيت واجبٌ على من كان في منى وحلّ عليه المساء والمفروض أنّ هذا خارج منى وقد قلنا سابقاً إنّ الخروج قبل الزوال ليس بواجبٍ حتى يقال يلزمه أن يأتي ليخرج بعد الزوال وإنما الخروج قبل الزوال محرّمٌ وهذا لم يخرج قبل الزوال وإنما هو كان خارجاً من الأوّل من منى إذ المفروض أنه من الليل كان خارج منى، فإذن مادام هو خارج منى فلا شيء عليه وهو خارجٌ عن محلّ الكلام.
وإنما الكلام في الشق الثالث:- وهو ما لو فرض أنه كان خارج منى ورمى عنه النائب ولكنّه جاء الى منى قبيل غروب الليلة الثالثة عشر إلى منى إلى أن حلّ عليه المساء فمثل هذا هل يجب عليه المبيت في منى أو لا ؟
والجواب قد اتضح من خلال ما سبق:- فإن إطلاق ما دلّ على أنه إذا بقي حتى حلّ عليه المساء يجب عليه المبيت يشكل التمسّك به إمّا للانصراف أو لأجل ما ذكرناه في باب الاطلاق، والجزم بعدم الخصوصيّة بينه وبين غيره أمرٌ مشكلٌ كما قلنا ن فالمناسب حينئذٍ عدم وجوب المبيت عليه وإن كان المبيت أحوط.
وأمّا ما أفاده في الوجه الثاني أعني التمسّك بالإطلاق فيرد عليه:- إنه إمّا أن يدّعى انصرافه إلى ذلك الشخص الذي بقي في منى بعد الزوال إلى أن حلّ عليه الغروب، فإن قبلنا بهذا الانصراف فبالتالي لا يكون لدينا دليل على وجوب المبيت لفرض انصراف الاطلاق فنتمسّك بأصل البراءة لنفي وجوب ذلك، وأمّا إذا أنكرنا الانصراف فيأتي ما أشرنا إليه في باب الاطلاق من أن المتكلّم لو ظهر وقال إنّ مقصودي هو ذلك الشخص الذي استمر في البقاء في منى إلى أن حلّ عليه المساء فلا يستهجن منه الاطلاق ولا يقال له إذن لِمَ لمْ تقيد ؟، وعليه فلا يمكن التمسّك بالإطلاق لعدم استهجانه حالة إرادة المقيّد منه.
إن قلت:- إنه يوجد بديل عن الاطلاق فإن التعميم لا ينحصر منشأه بالإطلاق بل هناك بعض المناشئ الأخرى، فمثلاً ماذا نصنع لإثبات تعميم جواز الوضوء بالماء المقطّر أو المعقّم ؟ إنّه لم يكن موجوداً في تلك الفترة الزمنيّة التي نزلت فيها الآية الكريمة فلو كان المراد هو المقيّد - أي غير المعقّم والمقطّر - لم يكن الاطلاق مستهجناً لفرض عدم وجود الفرد المقيّد الخاص حتى يحتاج إلى تقييد فلا يستهجن الاطلاق فماذا نصنع في مثل هذا المورد وما شاكله لإثبات التعميم ؟
والجواب:- نتمسّك بالبديل، وأقصد به الجزم بعدم الخصوصيّة، فإنّا كعرفٍ لا نحتمل الخصوصيّة لغير المعقّم في جواز الوضوء به فنثبت التعميم حينئذٍ من خلال فكرة عدم الجزم بالخصويّة عرفاً.
إن قلت:- إن الجزم بعدم الخصوصيّة ينشأ من نفس الاطلاق فالإطلاق هو الموجب لإلغاء الخصوصيّة فلو رفضته فكيف تجزم بعدم الخصوصيّة ؟
قلت:- لا نسلّم أن الجزم بعدم الخصوصيّة ينحصر مدركه بالإطلاق، فلو قال الإمام عليه السلام:- ( اغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل لحمه ) فإنّ المورد خاصٌّ بعنوان الثوب ولكن هل نسرّي الحكم – أي وجوب الغسل - لغير الثوب ؟ نعم ولا نقتصر على الثوب بل نحكم بالتعدّي لسائر الأقمشة التي أصابها البول رغم أنه لا يوجد إطلاق بل خُصِّص وقيل ( أغسل ثوبك ).
إذن منشأ التعميم لا ينحصر بالإطلاق فإن العرف لديه مرتكزات يمكنه التعميم أو التخصيص على أساسها بقطع النظر عن الاطلاق . فإذن نحن في كثيرٍ من الموارد التي لا يمكننا أن نتمسّك فيها بالإطلاق - كما هو الحال بالنسبة إلى الأفراد الحادثة الجديدة - نتمسّك بالبديل وهو الجزم بعد الخصوصيّة، فإن كان أخذنا به، وإن لم يكن فلا إطلاق آنذاك ولا بديل فنرجع إلى ما تقتضيه الأصول العمليّة الأخرى كأصل البراءة وغير ذلك.
وفي المقام نقول:- إن الاطلاق كما فرضنا لا يمكن التمسّك به لأنه لا يستقبح من المتكلّم الاطلاق لو كان مراده المقيّد، وأمّا البديل فليس بموجودٍ - أعني الجزم بعد الخصوصيّة بينة من كان باقياً في منى إلى أن حلّ عليه الغروب وبين من نفر بقصد الخروج والترك الكلّي ولكنه عاد بسبب نسيانه لبعض حاجاته إلى أن حلّ عليه المساء - فإنه لا نجزم بعد الخصوصيّة عرفاً بل نحتمل الخصوصيّة، وعلى هذا الأساس يكون التمسّك بالإطلاق مشكلاً والحكم عليه بوجوب المبيت شيء مشكل.
وقبل أن ننهي هذا الموضوع ألفت النظر إلى قضيتين:-
القضية الأولى:- إنّا ذكرنا أن السيد الخوئي(قده) تمسّك بوجهين لإثبات وجوب المبيت في حقّ من نفر بعد الزوال وعاد قبل الغروب إلى أن حلّ عليه المساء، الأوّل هو أنه ينكشف بعوده أن لا نفر لأنه عاد، والثاني نتمسك بالإطلاق.
والآن استدرك وأقول:- لعله(قده) لا يقصد من كلامه التمسّك بوجهين بل يقصد التمسّك بوجهٍ واحدٍ وأما الثاني فيكون تتمّة للأوّل بأن يكون مقصوده هكذا:- إنه برجوعه ينكشف عدم صدق النفر وإذا لم يصدق النفر أمكننا آنذاك التمسّك بإطلاق ما دلّ على أن من جاءه المساء وهو في منى يلزمه المبيت، ولعل هذا أوجه من سابقه.
فإن كان يقصد الأوّل:- فيأتي الاشكال الفنّي الذي أشرنا إليه وهو أن انكشاف عدم تحقّق النفر لا يكفي وحده لإثبات وجوب المبيت بل لابد من ضمّ الاطلاق، فذكرهما كوجهين شيءٌ لا وجه له.
وأما إذا كان يقصد منهما وجهاً واحداً لا اكثر والثاني يكون متمّماً للأوّل فتأتي مناقشة فنيّة أخرى غير السابقة فنقول له:- إنه بناءً على هذا لا حاجة إلى ضمّ ما ذكره أوّلاً من أنه ينكشف عدم صدق النفر بل يكفي آنذاك التمسّك بالإطلاق، وأما ضمّ ذاك إلى الاطلاق فهو كضمّ الحجر إلى جنب الانسان فإن المهم هو الاطلاق فإن كان ثابتاً أخذنا به وثبت وجوب المبيت عليه وإلا فلا وأمّا أنه يصدق النفر أو لا يصدق النفر فهذه قضيّة ليست مهمة.
إذن الإشكال الفنّي واردٌ عليه لا محالة سواءً قصد منهما وجهين أم قصد منهما وجهاً واحداً.
ولعله(قده) يقصد التمسّك بالإطلاق ولكن صدر ما صدر عفواً.
القضية الثانية:- إنه يوجد فرعٌ آخر لم يشر إليه الفقهاء وهو ما لو فرض أن الشخص كان معذوراً من الرمي بالمباشرة وإنما أوكل الرمي إلى نائبٍ عنه فمثل هذا الشخص - أعني الموكّل - هل يجب عبليه المبيت في منى أو لا ؟
والجواب:- إن في ذلك شقوقاً، فتارةً يفترض أنه موجودٌ في منى بأن بات فيها وبقي لابثاً فيها وأوكل أمر الرمي غلى نائبٍ وهو بَعدُ فيها ولم يخرج وكان من حقّه الخروج بعد الزوال وقبل الغروب ولكنّه لم يخرج إلى أن حلّ عليه المساء، فهنا يمكن أن يقال بوجوب المبيت عليه لأنه بالتالي موجودٌ في منى وقد رمى غايته من خلال النائب وبقي إلى أن حلّ عليه المساء فإن قلنا إنّ الاطلاق شاملٌ له فبها ونعمت - أي اطلاق ما دلّ على أن من حلّ عليه المساء وهو في منى فيلزمه المبيت -، وإن قلنا هو ليس بشاملٍ له لسببٍ وآخر فيمكن أن يقال بفكرة الجزم بعد الخصوصيّة عرفاً، بمعنى أن العرف يلغي الخصوصيّة من ناحية كونه رمى بنفسه أو رمى بغيره بعد فرض أنه موجودٌ في منى طيلة الفترة غايته لا يتمكّن من الذهاب إلى الجمرة ويرمي بنفسه، فمن هذه الناحية لا فرق بينه وبين من يرمي بنفسه فيجب عليه المبيت إذا حلّ عليه المساء.
وأمّا إذا فرض أنه كان خارج منى كـأن فرض أنه بعدما بات النصف الأوّل في منى خرج منها وبقي خارجها باعتبار أنّه لا حاجة إلى أن يأتي إلى منى لفرض أن الرمي يقوم به نائبه، فمادام قد بقي خارج منى فلا يجب عليه المبيت لأن المبيت واجبٌ على من كان في منى وحلّ عليه المساء والمفروض أنّ هذا خارج منى وقد قلنا سابقاً إنّ الخروج قبل الزوال ليس بواجبٍ حتى يقال يلزمه أن يأتي ليخرج بعد الزوال وإنما الخروج قبل الزوال محرّمٌ وهذا لم يخرج قبل الزوال وإنما هو كان خارجاً من الأوّل من منى إذ المفروض أنه من الليل كان خارج منى، فإذن مادام هو خارج منى فلا شيء عليه وهو خارجٌ عن محلّ الكلام.
وإنما الكلام في الشق الثالث:- وهو ما لو فرض أنه كان خارج منى ورمى عنه النائب ولكنّه جاء الى منى قبيل غروب الليلة الثالثة عشر إلى منى إلى أن حلّ عليه المساء فمثل هذا هل يجب عليه المبيت في منى أو لا ؟
والجواب قد اتضح من خلال ما سبق:- فإن إطلاق ما دلّ على أنه إذا بقي حتى حلّ عليه المساء يجب عليه المبيت يشكل التمسّك به إمّا للانصراف أو لأجل ما ذكرناه في باب الاطلاق، والجزم بعدم الخصوصيّة بينه وبين غيره أمرٌ مشكلٌ كما قلنا ن فالمناسب حينئذٍ عدم وجوب المبيت عليه وإن كان المبيت أحوط.