37/06/26
تحمیل
الموضوع: فصل في شرائط صحة الصوم الاول الاسلام والايمان.
الشرط الاول: لصحة الصوم الاسلام والايمان وسيأتي الكلام عن الايمان لاحقاً.
الاسلام: ذكر السيد الخوئي (قد) فلا يصح الصوم كغيره من العبادات من الكافر وإن كان مستجمعا لسائر الشرائط ، كما لا يصح ممن لا يعترف بالولاية من غير خلاف . أما الأول فالأمر فيه واضح بناء على ما هو الصحيح من أن الكفار غير مكلفين بالفروع ، وإنما هم مكلفون بالإسلام ، وبعده يكلفون بساير الأحكام كما دلت عليه النصوص الصحيحة على ما مر التعرض له في مطاوي بعض الأبحاث السابقة ، إذ بناء على هذا المبنى يختص الخطاب بالصيام بالمسلمين ، فلم يتوجه تكليف بالنسبة إلى الكافر ليصح العمل منه فإنه خارج عن الموضوع . وأما بناء على أنهم مكلفون بالفروع كتكليفهم بالأصول فلا شك في عدم الصحة من المشركين ضرورة أن الشرك يوجب حبط الأعمال السابقة على الشرك بمقتضى قوله تعالى : ( لئن أشركت ليحبطن عملك ) فضلا عن الصادرة حال الشرك .
وأما غير المشركين من ساير فرق الكفار فيدل على عدم الصحة منهم الاجماع المحقق بل الضرورة) وقد تمسك بدليل الاجماع غيره ايضاً وفي بعض العبارات إنه اجماعاً محققاً لكن الذي يبدو أن الضرورة لم يذكرها غيره. ثم قال (قد) (بل قد يستفاد ذلك من بعض الآيات قال تعالى : ( إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا . الخ) فيظهر منها أن الكفر مانع عن قبول النفقة كما صرح بذلك في آية أخرى قال تعالى : ( وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله . الخ ) فإذا كان الكفر مانعا عن قبول النفقة فهو مانع عن الصوم وغيره من ساير العبادات بطريق أولى كما لا يخفى .
واستدل غيره (قد) بقوله تعالى ﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُوراً ﴾[1]
ولعل هناك آيات اخرى نذكرها فيما بعد.
ثم قال (قد) (وكيفما كان فسواء تمت الاستفادة من الآيات المباركة أم لا تكفينا بعد الاجماع المحقق كما عرفت النصوص الكثيرة الدالة على بطلان العبادة من دون الولاية فإنها تدل على البطلان من الكفار بطريق أولى فإن الكافر منكر للولاية وللرسالة معا[2] ( .
ويستدل ايضاً بعدم تأتي قصد القربة من الكافر _ولم يشر إليه (قد)_ لعدم ايمانه بالله أو بالرسالة والاوامر التي جاءت بها الرسالة, فلا تقع عبادته صحيحة لأن قصد القربة شرط في صحة العبادة.
والخلاصة
الادلة التي استدل بها السيد الخوئي (قد) على عدم صحة صوم الكفار المشركين.
الاول: انهم غير مكلفين بالفروع بناءً على رأيه (قد)
الثاني: قوله تعالى ﴿ لئن أشركت ليحبطن عملك ﴾[3] بناءً على الرأي الاخر.
والادلة التي استدل بها (قد) على عدم صحة صوم الكفار غير المشركين.
الاول: الاجماع والضرورة.
الثاني: الآية الكريمة ﴿ إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا . الخ ﴾[4] بضميمة قوله تعالى ﴿ وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله . الخ ﴾[5]
الثالث: الروايات الدالة على بطلان الاعمال من دون الولاية فإنها تدل على البطلان من الكفار بطريق أولى.
والادلة التي استدل به غيره هي:
الاول: قوله تعالى ﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُوراً ﴾
الثاني: عدم تأتي قصد القربة من الكافر.
هذه اهم الادلة التي استدل بها على اعتبار الاسلام في صحة الصوم وسائر العبادات, ويمكن التأمل فيها:
أما بالنسبة إلى ما ذكره السيد الخوئي (قد) من الاستدلال بقوله تعالى ﴿ لئن أشركت ليحبطن عملك ﴾ فهو مبني على تفسير الاحباط بالفساد والبطلان وبعض اللغويين يفهم منه هذا المعنى, لكن الذي يبدو أن الذي يفهم من الاحباط في موارد استعماله إنه اخذ فيه استبطان افتراض كون العمل صحيحاً وتترتب عليه كل اثار الصحة لولا الشرك مثلاً, وعليه فلا معنى لتفسير الاحباط بالفساد وإنما يفسر بعدم قبول العمل (أي عدم ترتب الثواب عليه), وفرق بينهما, وتفسير الاحباط بالإفساد يوجب انقلاب العمل عما وقع عليه وهو غير مقبول الا على افتراض اخذ عدم الشرك على نحو الشرط المتأخر في صحة العمل, وهذا مما لا يلتزم به احد, ومن هنا يظهر أن الاقرب تفسير الاحباط بعدم قبول العمل وعدم ترتب الثواب عليه وهو لازم اعم من البطلان فلا يثبت البطلان بالاستناد إلى الآية الشريفة.
أما بالنسبة إلى الاستدلال بالإجماع والضرورة على عدم صحة الصوم من غير المشركين من الكفار, فيمكن أن يناقش في مسألة الاجماع, بأنه مدركي لأحتمال استناد المجمعين أو بعضهم إلى الوجوه المذكورة, ومن جهة اخرى يمكن التشكيك في مسألة تحقق الاجماع بأعتبار أن المسألة ليست من المسائل المعنونة في كلمات المتقدمين.
و يمكن الجواب عن ذلك أن هذه المسألة مطروحة بلحاظ لوازم كون الاسلام من شرائط الصحة ويمكن استكشاف الاجماع من خلال ذلك, كما في عدم وجوب القضاء فهو من اثار كون الشيء من شرائط الصحة, كما في البلوغ بناءً على إنه من شرائط الصحة وكما في العقل, فلا يجب القضاء على الصبي اذا بلغ وكذلك المجنون, فالقضاء يجب على من يصح منه العمل اذا صدر منه ولم يأتي به, والاسلام من هذا القبيل ولازم ذلك عدم وجوب القضاء على الكافر اذا اسلم, وهذه المسألة _ عدم وجوب القضاء على الكافر اذا اسلم_ مجمع عليها ومعنونة في كلماتهم.