37/07/29


تحمیل

الموضوع: الصوم, شرطية الاسلام في التكليف.

استدل السيد الخوئي (قد) على أن المراد بالنكاح في الآية الوطء الخارجي وليس العقد بثلاث ادلة:-

الدليل الاول: أن الآية تضمنت استثناء نكاح الزاني من المشركة ونكاح الزانية من المشرك والحال أن الزواج في هذين الموردين باطل باتفاق المسلمين, وهذا المحذور لا يأتي عند حمل النكاح على الوطء الخارجي لأن الآية تكون في مقام الاخبار لا في مقام التشريع.

الدليل الثاني: أن مقتضى حمل الآية على التشريع اعتبار أن لا يكون الزوج زانياً في صحة الزواج_ لأن الزاني لا يجوز له أن ينكح الا زانية أو مشركة _ وهذا مما لا يقول به احد, نعم يعتبر ذلك على قولٍ في صحة الزواج من طرف الزوجة (أي أن لا تكون زانية أو مشهورة بالزنا).

الدليل الثالث: أن مقتضى الآية الكريمة بناءً على كونها في مقام التشريع جواز تزوج الرجل الزاني من المرأة الزانية والحال أنه بناءً على عدم جواز ذلك لا يفرق الحال بين كون الرجل زانياً وعدمه فكما يحرم على الرجل المسلم غير الزاني أن يتزوج من الزانية كذلك يحرم على المسلم الزاني أن يتزوج من المسلمة الزانية.

هذا ما ذكره السيد الخوئي (قد) واستدل به على أن المراد بالنكاح الوطء الخارجي لا العقد وتمم الاستدلال ببيان أن صدر الآية اخبار عن قضية واقعة في الخارج مفادها (إن الطيور على امثالها تقع) واذا تم ذلك نأتي إلى ذيل الآية حيث يقول وحرم ذلك على المؤمنين والمراد ب(ذلك) الوطء الخارجي (الزنا), فيكون مختصاً بالمؤمنين (المسلمين), فيكون الكافر غير مكلف بالفروع.

يلاحظ عليه:-

الملاحظة الاولى: أن تفسير النكاح بالوطء الخارجي خلاف ظاهر الكثير من الروايات, حيث يظهر منها أن المراد به العقد, ومن هذه الروايات:-

صحيحة زرارة (قال : سألت أبا عبدالله ( عليه السلام ) عن قول الله عزّ وجلّ : ( الزاني لا ينكح إلا زانية او مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان او مشرك ) قال : هن نساء مشهورات بالزنا ورجال مشهورون بالزنا قد شهروا بالزنا وعرفوا به والناس اليوم ( بذلك المنزل ) فمن اقيم عليه حد الزنا او شهر بالزنا لم ينبغ لاحد أن يناكحه حتى يعرف منه توبة)[1]

ويروي هذه الرواية الشيخ الكليني بنفس المضمون عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي الصباح الكنانى قال سألت أبا عبدالله ( عليه السلام ).....) ولكن هذا السند فيه محمد بن الفضيل وقد تقدم الكلام عنه.

ورواية محمد بن مسلم (عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ، نحوه ، إلاّ أنّه قال : من شهر شيئا من ذلك او اقيم عليه حد فلا تزوجوه حتى تعرف توبته)[2]

وفي سنده معلى بن محمد ولم تثبت وثاقته.

وصحيحة حكم بن حكيم (عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) في قول الله عزّ وجلّ : ( والزانية لا ينكحها إلا زان او مشرك ) قال : إنما ذلك في الجهر ثم قال : لو إن انسانا زنى ثم تاب تزوج حيث شاء)[3]

وما رواه صاحب الوسائل عن عليّ بن الحسين المرتضى في ( رسالة المحكم والمتشابه ) نقلا من ( تفسير النعماني ) بإسناده الآتي (عن عليّ ( عليه السلام ) قال : وأما ما لفظه خصوص ومعناه عموم فقوله تعالى ـ إلى أن قال : ـ وقوله سبحانه : ( الزّاني لا ينكح إلا زانية او مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان او مشرك وحرم ذلك على المؤمنين ) نزلت هذه الآية في نساء كن بمكة معروفات بالزنا منهن : سارة ، وخثيمة ، ورباب ، حرّم الله نكاحهنّ ، فالآية جارية في كل من كان من النساء مثلهن)[4]

ومعتبرة محمد بن إسماعيل (قال : سأل رجل أبا الحسن الرضا ( عليه السلام ) وأنا أسمع عن رجل يتزوج المرأة متعة ويشترط عليها أن لا يطلب ولدها ـ إلى أن قال : ـ فقال : لا ينبغي لك أن تتزوج إلا بمؤمنة أو مسلمة، فإن الله عز وجل يقول : (الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين)[5]

ويؤيد ذلك (أن المراد بالنكاح في الآية العقد والزواج) ما ذكره جماعة من أن النكاح اذا ورد في القرآن يراد به العقد واستثنوا من ذلك قوله تعالى ({فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ ....}البقرة230 بتخيل أن النكاح فيها يراد به الوطء والدخول, ويمكن التأمل فيه.

فالروايات وان كانت تشترط الدخول لكنها لم تكن بعنوان تفسير النكاح في الآية بالدخول.

الملاحظة الثانية: أن ما ذكره (قد)من عدم صحة ارادة العقد من النكاح في الآية للزوم جواز زواج الزاني المسلم من المشركة وجواز زواج الزانية المسلمة من المشرك, أن هذا الكلام مبني على حمل الآية على انها في مقام التشريع, لكن يمكن حملها على الجملة الخبرية فلا يلزم هذا المحذور لعدم الدلالة حينئذ على جواز زواج المسلم بالمشركة أو المسلمة بالمشرك.

الملاحظة الثالثة: مع التسليم بما تقدم (من أن الآية في مقام التشريع) وجواز هذا الزواج في بداية الاسلام لكن يمكن أن يقال بنسخه بآيات كثيرة منها _كما ذكروا_ قوله تعالى {وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ .... }النور32 وقوله تعالى {وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ....}البقرة221 و قول تعالى {.. فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ...وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ... }الممتحنة10