38/01/14


تحمیل

آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الفقه

38/01/14

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : التيمم _ شرائط التيمم _ المباشرة

افتى السيد اليزدي باشتراط المباشرة اي ان نفس المكلف يقوم باجراء التيمم ,

والتعبير عن هذا بالشرط غير واضح فالشرط يعني فعل يمكن ان يتحقق بدون نفس الفعل ولكن في صحته امر اضافي فلو قلنا ان التيمم يتحقق بدون المباشرة فيكون اعتبار المباشرة شرطا من شرائط التيمم هكذا تعبيره رض وتعبير الأساتذة الاعلام يقتضي ذلك وبما ان ادلتهم تقتضي انه لايتحقق التيمم المأمور به الا بالمباشرة فهي مقومة للمأمور به لا ان المباشرة خارجة عن حقيقة التيمم , وطرحهم للمسالة يقتضي بان التيمم يتحقق ولكن يشترط شرطا تعبديا على غرار شرطية الصلاة كالطهارة من الحدث او طهارة الملابس لانهم قالوا ان الروايات دلت ان الصلاة اولها تكبير واخرها تسليم ولم يدل اي شيء من الادلة او الوضوء بان التيمم مقوم لحقيقة الصلاة ولكن ادلة الاعلام على اعتبار المباشرة مفادها ان التيمم لايكون الا بالمباشرة وكيف ما كان هذا الفات نظر الى تعبيرات الاعلام رض ,

الدليل على اعتبار المباشرة : استدل على ذلك بوجوه

الاول : ان الروايات البيانية التي استفدناها من قصة عمار مع رسول الله ص وكذلك من المعصومين الصادقين ع كلهم يقولوا بنفسه ضرب او وضع يديه على الارض ثم مسح كذا ومسح كذا .

ولكن الاستدلال بهذا جدا غير واضح والسيد الاعظم ملتفت الى ذلك فان الروايات البيانية انما وردت في بيان حقيقة التيمم لا في بيان من يتيمم هل يشترط المباشرة او لا , فهذا الدليل ان تم فمفاده ان المباشرة مقومة للتيمم لا انها امر خارج عن التيمم ومشروطة في التيمم فعنوان الادلة انهم يدعون بانها شرط , فقالوا ان بنفسه فعل فان تعفيره نفسه كان تيمما فيعني ذلك المباشرة داخلة في ماهية التيمم , فالاستدلال غير واضح كما تنبه لذلك السيد الاعظم وكذلك حكيم الفقهاء حيث قال ان كان مقتضى القاعدة الاولية ان يكون الامر العبادي او الامر بالعبادة المقصود لايمكن امتثاله نيابة عن غيره فهذا الذي عبر عنه بكلماتهم بأصالة المباشرة فان ثبت انه معنى العبادة ان تصدر العبادة من نفس العبد فان ثبتت هذه القاعدة ولا تصح النيابة فهو والا مقتضى القاعدة انه يصح ولكن عندنا اجماع فقط يقف في وجهنا فيقول انه لا يكون التيمم الا بالمباشرة فكأن حكيم الفقهاء ملتفت بان هذا الاستدلال غير واضح .

الثاني : الاوامر في الروايات وفي الآية الشريفة ( فتيمموا صعيدا طيبا ) فالأمر موجه الى نفس الفاقد للطهارة فكيف التيمم فقال الامام ع اضرب او ضع يديك ... فهذه الرواية المعتبرة والآية الشريفة متضمنة بان الامر متوجه الى نفس المحدث .

هذا الدليل انما يتم بناء على اعتبار المباشرة في تحقق الامتثال للأمر الموجه الى العبد فان تمكنت من اثبات ذلك فلا تحتاج الى هذه واذا لم تتمكن فمجرد الامر الموجه الى المكلف ليس فيه دلالة على انه انت تقوم بذلك خصوصا على القول بان الاحكام تابعة للمصالح في متعلقات الاحكام فالمصلحة انما تكون في نفس وضع اليدين وضرب اليدين ونفس مسح الجبينين واليدين وتلك المصلحة هي رفع الحدث او استطاعة الصلاة او تحقيق متعلق الامر , اذن هذا الاستدلال بهذه الروايات انما يتم بناء على انه مقتظى توجه التكليف الى المكلف انه هو مطالب به وهذا عين المدعى وانت تجعل هذا المدعى قواما لدليلك , مضافا الى مقلناه ان الاحكام تابعة للمصالح في المتعلقات فمقتظى القاعدة انه نفس الفعل اذا تحقق تحقق الغرض سواء اذا كان الفاعل زيد او كان غيره خصوصا ما اخترناه من انه قالوا ان الاحكام تابعة للمصالح في نفس الاحكام رفضناه وقلنا هذا مبني على التهافت فانه يلزم من هذا القول وهو تبعية الاحكام للمصالح في نفس الاحكام ان مصلحة فعل المولى لا تتحقق الا بفعل العبد , لان الحكم فعل المولى ومتعلق الحكم هو فعل العبد والذي هو فعل المولى الذي يتضمن غاية المولى المنشأ لذلك الامر فان قلنا ان تلك الغاية متوقفة على امتثال العبد فهذا يعني ان الله غايته لاتتحقق الا ان ينهض زيد من نومه ويتوضأ ؟! والمولى نستغفر الله ينتظر ! فهناك فعلان من فعلين قاصدين احدهما المولى فهو انشأ التكليف لابد ان نلتزم بان غاية المولى من انشاء التكليف تتحقق بمجرد انشاء التكليف سواء فهمنا او لم نفهم فذلك شيء آخر فالمهم ان مقتظى القاعدة العقلائية او العقلية لابد ان تتحقق الغاية بمجرد تحقق فعل المولى وفعل المولى تحقق حيث قال ( تيمموا صعيدا ) وانت تقول ان غاية المولى لاتتحقق الا ان ينهض زيد , والفعل الثاني وهو فعل زيد وهو فعل عقلائي فلابد ان تكون له غاية وتلك الغاية معلولة لفعل العبد وليس لفعل المولى لانهما فعلان لفاعلان مختارين منفصلين عن بعظهما , فعلى هذا التزمنا بإصرار في ضمن مباحث قدمناها من ان الغاية التي تتحقق بالامتثال غاية مترتبة على امتثال العبد وفعل العبد فاذا كان الامر كذلك فان الفعل نفسه محقق للغاية لا المباشرة , فنحتاج الى دليل لاعتبار المباشرة .

ثم ان الملاحظة التي الفتنا النظر اليها بان اعتبار المباشرة قالوا شرط فننظر الى دليلهم ان تم هذا الدليل الثاني فمفاده التيمم لايتحقق الا بفعل المكلف نفسه فلماذا تعتبره شرط تجعله مقموم لماهية التيمم التي امرنا بها فهناك تقول شرط وهنا تقول نفس الامر بنفسك تقوم به فنفسك تقوم اذا كان هو التيمم فهذا ليس شرطا انما هو مقوم لمعنى التيمم , وقلنا نعتبر هذه الملاحظة فنية .

وكأن السيد العظم ايضا ملتفت فيقول وان لم يتم فكأن في قلبه من هذا الدليل شيء وان لم يصرح به والذي اتخيل ان هذا الاستدلال مصادرة لان الروايات والآية دلت على وجوب هذا الفعل وانت تقول لابد ان يكون بنفس المباشر فهذا يحتاج الى دليل .

وقلنا ان حكيم الفقهاء رفض كل الادلة وقال ان ثبت فهو والا فمقتظى الاجماع لزوم المباشرة .

ثم ان السيد الاعظم وغيره اراد ان يستدل بقاعدة الاشتغال وهو ان الامر موجه الى نفس العبد سواء قام به الغير او لم يقم فمن هذه الجهة اطلاق فلوا شككنا انه قام الغير بالتيمم فهل يسقط عني او لا فمقتظى القاعدة عدم السقوط , فهذا ليس هو دليل وانما هو الرجوع الى ملجأ الفقيه وهو الاصل العملي لكن هل هذا الاصل العملي يجري في المقام او لا ؟

تقريب القاعدة على ما نسب هذا التقريب الى السيد الاعظم يتلخص بهذا المضمون يقول ان الامر موجه الى المأمور بالصلاة ونحو ذلك مطلقا سواء قام به الغير او لم يقم به الغير فاذا قام به الغير نشك هل فرغت ذمته ام لم تفرغ فمقتظى القاعدة عدم فراغ الذمة من التكليف الموجه اليه .

وهذا التقريب متوقف ان نثبت الى ان التكليف موجه الى كل واحد واحد من جملتهم حضرت زيد وان تكليفه لايتعداه الى غيره وتكليف غيره لايتعدى الى غيره فلابد ان نثبت هذا اولا , وبعبارة واضحة ان قاعدة الاشتغال انما تجري بعد فرض ان التكليف موجه الى نفس زيد ونشك في فراغ ذمته بقيام الغير وهذا مبني على ان التكليف ليس بماهية التيمم بل تكليف بالتيمم الصادر من المكلف فهذا الدليل الثالث لم يتم ايضا , الروايات البيانية لأنها واردة في بيان ماهية التيمم وليس هي في مقام بيان من هو المكلف والاوامر انما تكون مفيدة لإثبات اعتبار المباشرة بناء على ان التكليف موجه الى المكلف نفسه وان مصلحة الامر لاتتحقق الا بفعل نفس الانسان وكل ذلك محل كلام واذا اخذت هذه الامور معتبرة فهذا مصادرة على المدعى والتمسك بقاعدة الاشتغال غير واضح باعتبار انه انما يكون اذا كان التكليف متوجه الى نفس المكلف وفعل غيره يعارضه قاعدة الاشتغال واذا قلنا ان التكليف موجه الى خصوص المكلف والخصوصية ملحوظة فحينئذ انتهينا من المشكلة وثبت اعتبار المباشرة ولا يتحقق بغيرها .