38/01/29


تحمیل

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

38/01/29

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- خــتــام.

ذكر الماتن (قدس الله نفسه): التاسعة عشر: إذا نذر أن لا يتصرف في ماله الحاضر شهرا أو شهرين، أو أكرهه مكره على عدم التصرف أو كان مشروطا عليه في ضمن عقد لازم ففي منعه من وجوب الزكاة وكونه من عدم التمكن من التصرف الذي هو موضوع الحكم إشكال لأن القدر المتيقن ما إذا لم يكن المال حاضرا عنده أو كان حاضرا وكان بحكم الغائب عرفا)[1] .

يقع الكلام في مقامين.

المقام الاول:- العناوين الخاصة المأخوذة في لسان الادلة ككون المال تحت يد المالك او كون المال في يدي المالك او لا يكون المال غائبا عن المالك هذه العناوين الخاصة المأخوذة في لسان الروايات هل ينطبق على هذه الموارد او لا ينطبق؟

الجواب:- الظاهر عدم الانطباق فان في هذه الموارد المال حاضر عند المالك وتحت يده غاية الامر انه ممنوع من التصرف فيه شرعا من جهة وجوب الوفاء بالنذر او من جهة الشرط في العقد اللازم او من جهة الاكراه او الرهن او انه وقف فلا يجوز له التصرف فيه ، فان هذه العناوين لا تنطبق على المقام فان المال حاظر عند المالك وغير غائب عنه وتحت يده غاية الامر انه لا يتمكن من التصرف فيه شرعا لا تكوينا ، اذن الروايات لا تشمل هذه الموارد.

وكذا مقتضى إطلاق هذه الروايات وجوب الزكاة في هذه الموارد وعدم جواز التصرف فيه شهراً او شهرين لا يضر في وجوب الزكاة ، فاذا حال عليه الحول مع هذه الفترة الزمنية التي هو ممنوع من التصرف فيه شرعا بالنذر او بغيره فهذا لا يضر في وجوب الزكاة عليه.

المقام الثاني:- المستفاد من هذه الروايات هو التمكن من التصرف فان موضوع وجوب الزكاة هو التمكن من التصرف ، فان هذه الروايات قد وردت بالسنة مختلفة ، تارة يكون المال تحت يد المالك وأخرى يكون في يد المالك وثالثة ان يكون المال غائبا عن المالك ، والمستفاد من المجموع هو ان يكون المالك متمكنا من التصرف ، وأما اذا لم يكن متمكنا من التصرف من جهة ان يكون المال غائبا عنه او لا يكون تحت يده او لم يكن في يده فهو مانع عن وجوب الزكاة.

اذن المستفاد من هذه العناوين ان موضوع وجوب الزكاة هو التمكن من التصرف.

ولكن يقع الكلام في ان المراد من التمكن هل هو التمكن التكويني او هو الجامع بين التمكن التكويني والتمكن التشريعي ، فاذا شككنا في ذلك فتارة يكون الشك في الشبهة الموضوعية وأخرى يكون في الشبهة المفهومية.

اما اذا كان الشك في الشبهة الموضوعية كما اذا علم ان لفظ التمكن موضع للتمكن التكويني او علم ان لفظ التمكن موضوع للجامع بين التمكن التكويني والتشريعي ، أي يعلم مفهوم اللفظ سعة او ضيقا ، ولكن قد يشك في المصداق فانه يعلم انه قبل مدة كان متمكنا من التصرف والآن يشك في بقاء التمكن فلا مانع من إستصحاب بقاء التمكن ، او يعلم انه في الفترة السابقة لم يكن متمكنا من التصرف والان يشك في بقاء عدم التمكن فلا مانع من الاستصحاب فالاستصحاب يجري.

واما اذا كانت الحالة السابقة مرددة فهو يعلم انه في زمن كان متمكنا من التصرف وفي زمن آخر لم يكن متمكنا من التصرف ويشك في تقدم وتأخر احدهما على الاخر فحينئذ تارة يكون تاريخ احدهما معلوما وتاريخ الاخر مجهولا وأخرى يكون تاريخ كليهما مجهولا فيدخل المقام في مسالة مجهولي التاريخ وفي مسالة ما لو كان تاريخ احدهما معلوما وتاريخ الاخر مجهولا وفي تلك المسالة تفصيلات كثيرة ولا نتعرض لها هنا ، ففي مثل ذلك لا يجري الاستصحاب.

واما اذا كان الشك في الشبهة مفهومية بان يشك ان لفظ التمكن هل هو موضوع للتمكن التكويني فقط او موضوع للجامع بينه وبين التمكن التشريعي فيشك في الوضع ، ففي مثل ذلك هل يجري الاستصحاب او لا؟

الجواب:- ذكر السيد الاستاذ (قدس الله نفسه) عدم جريان الاستصحاب ولا مجال لجريان الاستصحاب فانا لا نشك الا في المعنى الموضوع له اما في الخارج فلا نشك في شيء والمكلف متمكن تكوينا ولا يكون متمكنا تشريعا بل الشك هو في الوضع فقط ، ففي مثل ذلك المرجع هو علائم الوضع من التبادر وعدم صحة السلب والاطراد وما شاكل ذلك لتعيين الوضع وتعيين المعنى الموضع له فلا مجال حينئذ للاستصحاب.

ولكن الصحيح التفصيل في المقام فان هنا مسالتين.

الاولى:- مسألة تشخيص المعنى الموضوع له سعة وضيقا وان اللفظ موضوع للمعنى المضيق او للمعنى المتسع.

الثانية:- في تشخيص موضوع الحكم وهو وجوب الزكاة.

اما المسألة الاولى فالمرجع فيها علائم الوضع من التبادر والاطراد وما شاكل ذلك.

واما في المسالة الثانية فالمرجع هو المناسبات العرفية الارتكازية لتعيين موضوع الحكم وهو وجوب الزكاة في المقام ، ولا ندري ان موضوع وجوب الزكاة وشرط وجوب الزكاة هو خصوص التمكن التكويني او الموضوع الجامع بينه وبن التمكن التشريعي ، مثلا اذا قال المولى (أكرم العلماء) فاذا شككنا في ان المشتق موضوع للجامع بين المتلبس والمنقضي او موضوع لخصوص المتلبس بالمبدأ بالفعل فلابد ان نرجع الى الفهم العرفي والمناسبات الارتكازية العرفية في ان تلبس زيد بخصوصية هل هذه الخصوصية بنظر العرف من الجهات التعليلية للحكم او من الجهات التقييدية ، وكذا في المقام خصوصية التمكن التكويني هل هذه الخصوصية بنظر العرف بمناسبات الحكم والموضوع الارتكازية هل هي من الجهات التعليلية او من الجهات التقييدية؟.

اما اذا كانت من الجهات التعليلية فالموضوع بعد انتفاء هذه الخصوصية باقٍ فيشك في بقاء الحكم فلا مانع من استصحاب بقاء الوجوب ، كما اذا فرضنا وجوب اكرام العالم فان خصوصية التلبس بالمبدأ اذا كانت من الجهات التعليلية فاذا انتفت هذه الخصوصية وانقضى عنها المبدأ وفرضنا ان هذه الخصوصية بمناسبة الحكم والموضوع من الجهات التعليلية وبانتفائها لا ينتفي الموضوع فالموضوع هو ذات المتلبسة الجامع بين المتلبس بالمبدأ والمنقضي عنه المبدأ فلا مانع من استصحاب بقاء وجوب الاكرام.

وما نحن فيه ايضا كذلك فان خصوصية التمكن التكويني بمناسبة الحكم والموضوع الارتكازية من الجهات التعليلية فبانتفائها لا ينتفي الموضوع فالموضوع هو الجامع بين التمكن التكويني والتمكن التشريعي فحينئذ اذا شك في بقاء وجوب الزكاة فلا مانع من الاستصحاب.

واما اذا كانت تلك الجهة التقييدية فبانتفائها ينتفي الموضوع فلا مجال للاستصحاب.

هذا مخلص ما ذكرناه وتفصيل ذلك بنحو موسع في مبحث المشتق ذكرناه هناك مفصلا.

وعلى كل حال فما ذكره السيد الاستاذ (قدس سره) من ان الاستصحاب لا يجري في المقام لا يمكن المساعدة عليه مطلقا بل لابد من التفصيل.