34/07/28


تحمیل
 الموضوع : لا يثبت الزنا واللواط والسحق بشهادة رجلين عدلين
 كان الكلام في المسألة 99 وقد تقدم الكلام في صدر المسألة وانتهى الكلام في قوله في هذه المسألة « ولا يثبت بشيء من ذلك بشهادة رجلين عدلين » والمقصود من «ذلك» هو الاشارة الى ماتقدم من الامور الثلاثة الزنا واللواط والسحق ، حيث تقدم انها تثبت بشهادة اربعة رجال بلا اشكال ، وخصوص الزنا يثبت بذلك ويثبت بشهادة ثلاثة رجال وامرأتين على ماتقدم سابقاً ، بل الجلد يثبت بشهادة رجلين واربع نسوة ، ولكن هذه الثلاثة لاتثبت بشهادة رجلين عدلين ، والظاهر ان هذا من الامور المسلمة ، أما اللواط والسحق فقد تقدم انحصار ثبوتها بشهادة اربعة رجال ، وأما في الزنا فقد تقدم ان غاية ماذكر في الروايات هو الاكتفاء بشهادة رجلين وارعة نسوة في خصوص الجلد ، وليس فيها مايدل على الاكتفاء بأثبات الزنا بشهادة رجلين عدلين .
 ثم يقول(قده):« وهذا بخلاف غيرها من الجنيات الموجبة للحد كالسرقة وشرب الخمر ونحوهما » والظاهر ان ثبوت غير الثلاثة مما يوجب الحد من الجنيات بشهادة عدلين مما لاخلاف فيه ولاأشكال ، ويدل على قيول البينة في غير الموارد الثلاثة السابقة هو أطلاق ما دل على اعتبار البينة ، فان مقتضى اطلاق اعتبار البينة هو شمولها لهذه الامور وانما رفعنا اليد عن هذا الاطلاق فيما تقدم باعتبار الادلة الخاصة الدالة على ان الزنا واللواط والسحق لايثبت الا بما يزيد على شهادة عدلين ،بل يدل على ذلك روايتين ذكرها الفقهاء
 الاولى: وهي مروية في الباب 49 من ابواب الشهادات ح1.
 محمد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن إسماعيل بن أبي حنيفة قال : قلت لأبي عبد الله ( عليه السلام ) : كيف صار القتل يجوز فيه شاهدان والزنا لا يجوز فيه إلا أربعة شهود والقتل أشد من الزنا ؟ فقال : لأن القتل فعل واحد والزنا فعلان ، فمن ثم لا يجوز إلا أربعة شهود : على الرجل شاهدان ، وعلى المرأة شاهدان [1]
  وهذه الرواية يمكن ان يستفاد منها ان الشيء اذا تمثل في الفعل الواحد فانه يكفي فيه شهادة عدلين وانما وجب الاربعة في الزنا وفي اللواط والسحق لانه فعلان بمقتضى التعليل الوارد في هذه الرواية وكل منهما يحتاج الى بينة فلابد من اربعة شهود بينما القتل فعل واحد يصدر من شخص واحد .
 وأقول : هذا يمكن تعميمه لكل الجنيات غير الثلاثة السابقة فشرب الخمر فعل واحد الارتداد فعل واحد وهكذا .
 وعلى كل حال مقتضى هذه الرواية ان الفعل الواحد يكفي فيه البينة الواحدة .
 الثانية: مرسلة الكليني حيث قال بعد نقله الرواية السابقة.
 قال الكليني : ورواه بعض أصحابنا عنه قال : فقال لي : ما عندكم يا أبا حنيفة ؟ فقلت : ما عندنا فيه إلا حديث عمر أن الله أخذ في الشهادة كلمتين على العباد ، قال : فقال لي : ليس كذلك يا أبا حنيفة ولكن الزنا فيه حدان ، ولا يجوز إلا أن يشهد كل اثنين على واحد ، لان الرجل والمرأة جميعا عليهما الحد والقتل إنما يقام على القاتل ، ويدفع عن المقتول. [2]
 وهذا ايضاً نفس المفاد السابق وهو ان الجناية المتمثلة بالفعل الواحد يكفي فيها البينة .
 وايضاً يدل على ذلك الاخبار الخاصة وهي واردة في موارد تدخل في الجنيات الموجبة للحد غير الثلاثة المتقدمة مثلاً توجد روايات واردة في الزندقة باعتبار انها من موجبات الحد ، وتوجد روايات واردة في السحر وهو ايضاً من موجبات الحد ، وتوجد روايات واردة في السرقة ، وهذه الروايات واردة في موارد متفرقة ودالة على قبول شهادة العدلين في هذه الموارد .
 هناك روايتان مرويتان في الباب 51 من ابواب الشهادات
 الاولى: وهي الحديث الاول في الباب.
  يرويها الكليني عن عدة من اصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن الحسن بن شمون عن عبد الله بن عبد الرحمن ، عن مسمع بن عبد الملك ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) ، أن أمير المؤمنين( عليه السلام ) كان يحكم في زنديق إذا شهد عليه رجلان عدلان مرضيان وشهد له ألف بالبراءة يجيز شهادة الرجلين ويبطل شهادة الألف ، لأنه دين مكتوم . [3]
  وهي ضعيفة السند كما هو واضح إذ فيها سهل وهو محل كلام بين الاصحاب ومحمد بن الحسن بن شمون فان الظاهر عدم ثبوت وثاقته ، ولكن الرواية فيها دلالة على كفاية شهادة العدلين المرضين لاثبات الزندقة التي هي موجبة للحد .
 الثانية: وهي الحديث الثاني في الباب.
 ويرويها الشيخ في التهذيب باسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى ،عن أبي الجوزاء ، عن الحسين بن علوان ، عن عمرو بن خالد ، عن زيد بن علي ، عن أبيه ، عن آبائه ( عليهم السلام ) قال : سئل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عن الساحر ، فقال : إذا جاء رجلان عدلان فيشهدان عليه فقد حل دمه.
  وسندها لابأس به ظاهراً وذلك لان الراوي المباشر هو عمرو بن خالد وهو ينصرف الى عمرو بن خالد أبي خالد الواسطي بقرينة روايته الكثيرة وفي موارد عديدة عن زيد بن علي وقد نص السيد الماتن على ذلك في المعجم وهو المنصوص على وثاقته بالرغم من كونه زيدياً ، وأما ابو الجوزاء الذي يروي عنه محمد بن عيسى فقد ورد في اسانيد روايات كثيرة جداً لعلها معظمها او كلها يرويها عن الحسين بن علوان ،واسم ابي الجوزاء منبّه بن عبد الله التميمي ، وقد قال عنه النجاشي انه صحيح الحديث ،والسيد الماتن أستفاد من هذه العبارة وثاقته ، بل من المحتمل ان العلامة حينما وثقه مع عدم وجود مستند متداول بالتوثيق الصريح أستفاد ذلك من عبارة النجاشي المتقدمة .
 وهذه العبارة يوجد فيها كلام في امكانية استفادة التوثيق منها أو لا وانما فيها دلالة فقط على ان احاديثه التي يرويها صحيحة ومطابقة للموازين .
 هذا ولكن الظاهر ان الثمرة العملية غير واضحة لان هذا الحديث ثبت بدليل معتبر انه رواه وبالتالي فهو استناداً الى عبارة النجاشي المتقمة صحيح وقد ذكرنا مراراً استبعاد ان يكون الحكم بالصحة مستنداً الى اصالة العدالة ، بل الظاهر ان الحكم بصحة احاديث شخص او راوي مبني على كونه ثقة ،هذا ما نستفيده في جملة من الموارد ،والظاهر كما يقول السيد الماتن ان الرجل يمكن الاعتماد على رواياته ،واما باقي السند فليس فيه من يخدش فيه لان الرواية يرويها الشيخ عن احمد بنمحمد بن عيسى وسنده اليه معتبر وهو رجل معتبر أيضاً عن ابي الجوزاء وقد عرفت حاله عن الحسين بن علوان والظاهر انه ثقة وقد ذكرنا البحث عن وثاقته في المباحث السابقة ،فالرواية معتبرة نوزيد ابن علي راوي من الروايات وهو يروي عن الامام السجاد (ع) ، ودلالتها واضحة في أنه يكفي لاثبات السحر الموجب للحد شهادة رجلان عدلان يشهدان به .
 وعلى كل حال هناك روايات متفرقة يمكن العثور عليها فيها دلالة على ان الجنيات الموجبة للحد غير الثلاثة السابقة يكفي فيها شهادة رجلين عدلين .
 ثم بعد ذلك قال (ولايثبت شيء من ذلك بشهادة عدل وامراتين ولابشاهد ويمين ولا بشهادة النساء منفردات ) ومقصوده من ذلك هو الجنايات الموجدة للحدود غير الثلاثة السابقة لاتثبت يغير العدلين .
 واستدل على ذلك بالاصل حيث قالوا ان مقتضى الاصل هو عدم ثبوت تلك الجناية لان الثبوت يحتاج الى دليل وحيث لانملك دليل على ثبوت هذه الجنايات فمقتضى الاصل هو عدم الثبوت بهذه الامور الثلاثة المذكورة .نعم قام الدليل على حجية الشاهد واليمين وحجية الشاهد العدل الواحد وامراتين وقبول شهادة النساء منفردات ولكن كل ذلك في موارد خاصة كما سيأتي قريباً ، ولكن مانحن فيه لم يقم عليه دليل حيث اننا نتكلم عن الجنايات الموجبة للحدود غير الثلاثة السابقة ، ويضاف الى ذلك بعض الادلة السابقة ، لكن في خصوص شهادة النساء منفردات ، حيث يمكن استفادة عدم قبول شهادتهن منفردات في الجنايات في الحدود من بعض الادلة الخاصة .وهذه الروايات مرويات في الباب 24 من ابواب الشهادات :
 الاولى: رواية السكوني وهي ح 42.
 ويرويها الشيخ في التهذيب باسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى ، عن بنان بن محمد ، عن أبيه عن ابن المغيرة ، عن السكوني ، عن جعفر ، عن أبيه عن علي ( عليهم السلام ) أنه كان يقول : شهادة النساء لا تجوز في طلاق ولا نكاح ولا في حدود ، إلا في الديون وما لا يستطيع الرجال النظر إليه . [4]
  وهذا الاستثناء فيه قرينة على شمول المستثنى منه الى محل الكلام او قل فيه قرينة على عموم المستثنى منه لانه لم يستثني منه الا اثنين الديون وما لايستطيع الرجال النظر اليه ، فشهادة النساء لاتكون مقبولة فيما عدا هذين الامرين .
 وهذه الرواية السيد الماتن عبر عنها بالمعتبرة مع ان فيها بنان بن محمد وهو عبد الله بن محمد بن عيسى الذي هو اخو احمد بن محمد بن عيسى وهذا الرجل لم يوثق فهو مجهول ولا اعرف لماذا عبر عنها السيد الماتن بالموثقة ومتردد من وجوده في اسانيد كامل الزيارات او لا .
 وعلى كل حال فحتى لو وجد في اسانيد كامل الزيارة فالظاهر ان بن قولويه لايروي عنه مباشرة كما هو واضح من الطبقة ، والسيد الماتن (قده) بعد رجوعه انه لايرى وثاقة كل من ورد اسمه في اسانيد كامل الزيارة ، نعم هناك وجه لايؤمن به السيد الماتن يمكن ان يستفاد منه في المقام لاثبات وثاقته وهو مبني على مسألة من وقع في كتاب نوادر الحكمة لمحمد بن احمد بن يحيى ولم يستثنه بن الوليد فهو ثقة ، فانه بناءاً على هذا يمكن ان نقول في المقام ان محمد بن احمد بن يحيى الذي هو صاحب نوادر الحكمة يروي عن بنان بن محمد فإذا لم يستثنه بن الوليد فقد يقال ان هذا دليل على وثاقته .
 هذه الرواية الاولى .
 الثانية: وهي صحيحة العلاء المروية في الباب 24 من ابواب الشهادات ح18.
 ويرويها الشيخ في التهذيب باسناده عن الحسين بن سعيد عن صفوان ، وفضالة ، عن العلاء ، عن أحدهما ( عليهما السلام ) قال : لا تجوز شهادة النساء في الهلال ،وسألته هل تجوز شهادتهن وحدهن ؟ قال : نعم في العذرة والنفساء. [5]
  والرواية معتبرة سنداً ، والرواية واضحة في ان ماعدا هذين الامرين لاتجوز شهادتهن وحدهن ، فيمكن الاستدلال بها على عدم جواز شهادتهن منفردات في محل الكلام .
 الثالثة: صحيحة محمد بن مسلم المروية في نفس الباب ح 19.
 وعنه عن حماد ، عن حريز ، عن محمد بن مسلم قال : سألته تجوز شهادة النساء وحدهن ؟ قال : نعم في العذرة والنفساء . [6]
 والرواية معتبرة سنداً .
 الرابعة: صحيحة محمد بن مسلم المروية في نفس الباب ح 8
 وعن علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن أبي أيوب الخزاز ، عن محمد بن مسلم قال : قال : لا تجوز شهادة النساء في الهلال ولا في الطلاق وقال : سألته عن النساء تجوز شهادتهن ؟ قال : نعم في العذرة والنفساء. [7]
 فهذه الروايات مضمونها واضح وظاهرها عدم قبول شهادة النساء منفردات في غير العذرة والنفساء
 الخامسة: صحيحة جميل ومحمد بن حمران المروية في نفس الباب ح 1.
 محمد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير عن جميل بن دراج ، ومحمد بن حمران ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : قلنا : أتجوز شهادة النساء في الحدود ؟ فقال : في القتل وحده ، إن عليا ( عليه السلام ) كان يقول : لا يبطل دم امرئ مسلم. [8]
  وظاهر الرواية قبول شهادة النساء في القتل فقط واما في غيره فلا تقبل ، وقتضى اطلاق هذه الرواية هو عدم قبول شهادتهن لامنفردات ولا منضمات ، نعم لابد من رفع اليد عن هذا الاطلاق فيما اذا دل دليل على قبول شهادتهن منضمات كما في الزنا كما تقدم الاكتفاء بشهادة ثلاثة رجال وامراتين وبشهادة رجلين واربع نسوة .


[1] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج27، ص408، أبواب الشهادات، ب49، ح1، ط آل البيت.
[2] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج27، ص409، أبواب الشهادات، ب49، ح2، ط آل البيت.
[3] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج27، ص410، أبواب الشهادات، ب51، ح1، ط آل البيت.
[4] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج27، ص363، أبواب الشهادات، ب24، ح42، ط آل البيت.
[5] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج27، ص356، أبواب الشهادات، ب24، ح18، ط آل البيت.
[6] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج27، ص356، أبواب الشهادات، ب24، ح19، ط آل البيت.
[7] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج27، ص353، أبواب الشهادات، ب24، ح8، ط آل البيت.
[8] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج27، ص350، أبواب الشهادات، ب24، ح1، ط آل البيت.