34/08/06


تحمیل
 الموضوع: ثبوت الاموال بشاهد ويمين
 قال (قده): مسألة 102 تثبت الأموال من الديون والأعيان بشاهد ويمين ، وأمّا ثبوت غيرها
 من الحقوق بهما فمحلّ إشكال وإن كان الأقرب الثبوت كما تقدّم في القضاء ، وكذلك
 تثبت الديون بشهادة امرأتين ويمين.
 قد تقدم في القضاء ان السيد الماتن (قده) انتهى الى ان الشاهد واليمين كما تثبت بها الاموال كذلك تثبت بها سائر حقوق الناس ، وقد انتهينا في بحث المسالة 37 الى ان شهادة الشاهد واليمين تثبت في مطلق الاموال من الديون او من الاعيان لكنها لاتثبت بها حقوق الناس خلافاً للسيد الماتن ، وقد تقدم بحث هذا مفصلاً فلا داعي للتكرار .
 وعليه فالصحيح ان الاقرب عدم ثبوت حقوق الناس بشاهد ويمين ما عدا الاموال اعم من كونها ديناً او عيناً فانها تثبت بشاهد ويمين .
 واما الديون فقال :انها تثبت بشهادة امراتين ويمين كما تثبت بشهادة شاهد ويمين واما مطلق الاموال فاستشكل بثبوتها بشهادة امراتين ويمين ، وعدم الثبوت اقرب .
 ولاخلاف عندهم بان الديون تثبت بشهادة رجلين عادلين وكذلك تثبت بشهادة رجل وامراتين كما في قوله تعالى ((فرجل وامرتان ممن ترضون من الشهداء)) [1] وبشهادة رجل ويمين المدعي ، وانما الكلام في ثبوتها بشهادة امراتين ويمين المدعي ، والظاهر ان ثبوتها محل اتفاق بشهادة امراتين ويمين المدعي ، ويدل على ذلك صحيحة الحلبي في وعن علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ): أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أجاز شهادة النساء مع يمين الطالب في الدين ، يحلف بالله أن حقه لحق [2] .
 أي يحلف بالله ان دينه لحق ،وهذا من موارد استعمال الحق وارادة الدين ، والرواية صريحة في قبول شهادة النساء ويمين المدعي لاثبات الدين ، والسيد الماتن علق على الرواية بقوله ان المقصود من شهادة النساء شهادة امراتين ، وهو الصحيح في المقام . نعم هناك صحيحة اخرى للحلبي ،عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : إن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أجاز شهادة النساء في الدين وليس معهن رجل [3] .
 وقد يوتهم انها مطلقة ومقتضى اطلاقها عدم الحاجة الى اليمين .
 ولكن هذا الاطلاق كما هو واضح لابد من رفع اليد عنه وتقييده بالصحيحة الاولى الصريحة في حاجة شهادة النساء في الدين الى يمين الطالب حتى تكون مقبولة .
 ثم قال (قده) : وأمّا ثبوت مطلق الأموال بهما فمحلّ إشكال ، وعدم الثبوت أقرب .
 هذا الذي ذهب اليه السيد الماتن هو خلاف المشهور على ماقالوا من ان المشهور يرى ثبوت مطلق الاموال لاخصوص الديون بشهادة امراتين ويمين المدعي واستدل لقول المشهور برواية منصور بن حازم قال : حدثني الثقة عن أبي الحسن ( عليه السلام ) قال : إذا شهد لصاحب الحق امرأتان ويمينه ، فهو جائز [4] .
 والاستدلال بها مبني على ان يكون المراد من الحق اعم من الديون فتشمل مطلق الاموال فغير الديون من الاموال التي يطالب بها يطلق عليه انه صاحب حق ، واذا شهد لصاحب الحق امراتان ويمينه تقبل هذه الشهادة بحسب ظاهر الرواية ويثبت بها هذا الحق اعم من ان يكون دينا او يكون عيناً .
 وقد تقدم ان السيد الماتن اشكل على هذه الرواية سنداً لانها وان رواها المشياخ الثلاثة على ماقلناه ، ولكن في جميع الطرق مشكلة ، ففي طريق الصدوق محمد بن علي ماجلويه وهو لم يوثق ، وفي طريق الشيخ ابن بطة وابو المفضل الشيباني والاول لم تثبت وثاقته والثاني نص على ضعفه ، والكليني رواها مرسلة ، ولكن نحن قلنا بامكان تصحيح الرواية بطريق الصدوق باعتبار ان ماجلويه وان لم يرد في حقه توثيق ولكن لم يرد في حقه تضعيف ويمكن الاعتماد عليه باعتبار اكثار الصدوق الرواية عنه في الفقيه وغيره مترحما ومترضياً عليه لاسيما اذا ضممنا اليه ماذكره الصدوق في بداية الفقيه من انه لايروي فيه الا مايكون حجة بينه وبين ربه ، فهذا يساعد على امكان الاعتماد على هذا الرجل ، فيمكن الالتزام بصحة هذه الرواية سنداً .
 ولكن الكلام في دلالتها على ماذهب اليه المشهور من ان مطلق الاموال تثبت بشهادة امراتين ويمين المدعي ،باعتبار ان الحق لايفهم منه اكثر من الدين كما تقدم في الرواية السابقة ،وكثيراً مايطلق الحق على الدين وهذا يمنعنا من التمسك باطلاق الحق وشموله لغير الدين من الاموال ويضاف الى ذلك مادل على عدم قبول شهادة النساء مطلقاً الا في موارد معينة وهو باطلاقه يشمل محل الكلام ،فالاستدلال بالرواية على ماذهب اليه المشهور لايخلو من شيء .
 وعليه فماذكره السيد الماتن صحيح بمعنى ان الديون تثبت بشهادة امراتين ويمين المدعي وان غير الديون من الاموال لاتثبت بشهادة امراتين ويمين المدعي نعم الاموال غير الديون تثبت بشاهد ويمين مطلقاً وان لم تكن من الديون .
 هذا تمام الكلام في هذه المسالة
 قال (قده) مسالة 103 : تثبت العذرة وعيوب النساء الباطنة وكلّ ما لا يجوز للرجال النظر إليه والرضاع بشهادة أربع نسوة منفردات.
 ثبوت هذه الاربعة بشهادة النسوة منفردات الظاهر انه لاخلاف فيه .
 وفي العذرة: تدل على ذلك اكثر من رواية على ماتقدم سابقاً من قبيل صحيحة العلاء عن العلاء ، عن أحدهما ( عليهما السلام ) قال : لا تجوز شهادة النساء في الهلال ، وسألته هل تجوز شهادتهن وحدهن ؟ قال : نعم في العذر والنفساء [5] .
 والرواية صريحة في جواز شهادة النساء وحدهن في العذرة .
 وكذلك صحيحة محمد بن مسلم ،قال : سألته تجوز شهادة النساء وحدهن ؟ قال : نعم في العذرة والنفساء [6] .
 ويكفينا هاتان الصحيحتان لاثبات قبول شهادة النساء منفردات في العذرة .
 واما عيوب النساء الباطنة: فهناك معتبرة لعبد الله بن بكير ويرويها الكليني عن علي بن ابراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس ، عن ( عبد الله بن بكير ) ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : تجوز شهادة النساء في العذرة ، وكل عيب لا يراه الرجل [7] .
 ويقصد بكل عيب لايراه الرجل العيوب الباطنة للنساء في مقابل العيوب الظاهرة كالعرج ونحوه فانه لاتقبل فيه شهادة النساء وحدهن ، ولكن العيوب الباطنة تثبت بشهادة النساء منفردات .
 ويمكن الاستدلال لذلك بروايات اخرى من قبيل صحيحة عبد الله بن سنان: قال : سمعت أبا عبد الله ( عليه السلام ) يقول : لا تجوز شهادة النساء في رؤيةالهلال ، ولا يجوز في الرجم شهادة رجلين وأربع نسوة ، ويجوز في ذلك ثلاثة رجال وامرأتان ، وقال : تجوز شهادة النساء وحدهن بلا رجال في كل ما لا يجوز للرجال النظر إليه ، وتجوز شهادة القابلة وحدها في المنفوس [8] .
 حيث ان العيوب الباطنة لايجوز للرجال النظر اليها وبالتالي يجوز شهادة النساء فيها منفردات وهكذا معتبرة السكوني: ، عن جعفر ، عن أبيه عن علي ( عليهم السلام ) أنه كان يقول : شهادة النساء لا تجوز في طلاق ولا نكاح ولا في حدود ، إلا في الديون وما لا يستطيع الرجال النظر إليه [9] .
 وهي دالة باطلاقها على جواز شهادة النساء في العذرة والعيوب الباطنة باعتبار انها مما لايمكن للرجال النظر اليها .
 هذه الروايات تكفي لاثبات هذه العناوين وان لم ترد في كل عنوان روايات خاصة .
 واما الرضاع :فيمكن ادراجه في صحيحة عبد الله بن سنان باعتبار انها تدل على اعتبار شهادة النساء وحدهن بلا رجال في كل ما لايجوز للرجال النظر اليه وهكذا معتبرة السكوني لان الوارد فيها النظر والرجل يحرم عليه النظر الى جسم المرأة ليرى انها هل ارضعت او لا ؟ وحينئذٍ تقبل في الرضاع شهادة النساء منفردات .
 هذا هو الدليل على قبول شهادة النساء منفردات في هذه الامور .
 ولكن هناك كلام في انه هل تثبت هذه الامور الاربعة بشهادة النساء منضمات الى الرجل او لاتثبت ؟ من قبيل شهادة شاهد واحد وامراتين .
 ويبدو ان هذا محل كلام فيما بينهم .
 قد يدعى ثبوت هذه الامور بشهادة رجل وامراتين
 بتقريب: ان الظاهر من الروايات المتقدمة هو ان قبول شهادة النساء منفردات في هذه الامور المتقدمة انما هو من باب الطريقية والتسهيل والتخفيف بلحاظ ان الادلة المعتبرة للبينة في باب القضاء يصعب الالتزام بها واقامة شهادة عادلين في هذه الامور ومن باب التخفيف اكتفي بشهادة النساء منفردات ، اذا فهمنا هذا من الادلة حينئذٍ يقال انه لاخصوصية لشهادة النساء منفردات ، فكما تثبت هذه الامور بشهادة النساء منفردات تثبت ايضاً بشهادة النساء منضمات لانه من باب التخفيف اعتبر شهادة اربع نساء منفردات وانما الغرض اثبات اصل المطلب ، وحينئذٍ يمكن الغاء الخصوصية والتعدي الى شهادة رجل واحد وامراتين .
 واما اذا ناقشنا في هذا الفهم وقلنا ان الذي يظهر من الروايات هو تعين شهادة النساء منفردات لاثبات هذه الامور ولو باعتبار عدم جواز نظر الرجال الى هذه الامور الذي يستلزم جواز النظر الى مايحرم عليه النظر اليه او باعتبار عدم اطلاع الرجال بحسب العادة والغالب الى هذه الامور ،فحينئذٍ التعدي الى شهادة النساء منضمات يكون مشكلاً لان المفهوم من الادلة حينئذ تعين ان يكون الشاهد من النساء لان المراة بامكانها الاطلاع والرجل يصعب عليه ذلك فلا تقبل شهادة الرجل في هذه الموارد.
 وهذا الفرع لم يتعرض له السيد الماتن في كلامه .
 قال (قده): ( مسألة 104 ) : المرأة تُصدّق في دعواها أنّها خليّة وأنّ عدّتها قد انقضت ،ولكنّها إذا ادّعت ذلك وكانت دعواها مخالفة للعادة الجارية بين النساء ، كما إذا ادّعت أنّها حاضت في شهر واحد ثلاث مرّات ، فإنّها لا تصدّق ، ولكن إذا شهدت النساء من بطانتها بأنّ عادتها كذلك قبلت .
 
 هذه المسالة بحكميها اللذين ذكرا فيها هي في الحقيقة مستفادة من الروايات فهناك روايتان يفهم منهما ماذكر ومرويتان في الباب 47 من كتاب الطهارة من ابواب الحيض .
 الاولى : صحيحة زرارة ويرويها الكليني عن علي بن ابراهيم محمد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل ، عن زرارة ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : العدة والحيض للنساء إذا ادعت صدقت [10] .
 وهكذا في روايات اخرى ان العدة والحيض للنساء فاذا ادعت المرأة ما يرتبط بالحيض او العدة صدقت ومنه ادعاء انقضاء العدة لان المقصود من انها تصدق في العدة انها تصدق في كل ما يرتبط بالعدة بقاءً واستمراراً .
 الثانية : معتبرة إسماعيل بن أبي زياد(السكوني) عن جعفر ، عن أبيه ( عليهما السلام ) أن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قال في امرأة ادعت أنها حاضت في شهر واحد ثلاث حيض ، فقال كلفوا نسوة من بطانتها ان حيضها كان فيما مضى على ما ادعت ؟ فإن شهدن صدقت وإلا فهي كاذبة [11] .
 وهذا يعني ان شرط قبول شهادة المرأة فيما يرتبط في العدة هو ان لاتكون متهمة أي لاتدعي شيئاً خلاف العادة الجارية بين النساء ،فالحكم واضح وليس فيه مزيد كلام .
 
 


[1] البقرة 282
[2] الوسائل(آل البيت) ج27 الباب 15 من ابواب كيفية القضاء ،ص 271 ،الحديث 3
[3] الوسائل(آل البيت) ج27 ، باب 24 ،ص356 ،ح20
[4] الوسائل(آل البيت) ج27، باب 15 ،ص271،ح 4
[5] الوسائل(آل البيت) ج27،باب 24،ص 356 ،ح18
[6] الوسائل(آل البيت) ج27،باب24،ص356،ح19
[7] الوسائل(آل البيت) ج27،باب24،ص353 ،ح9
[8] الوسائل(آل البيت) ج27،باب24،ص353 ،ح10
[9] الوسائل(آل البيت) ج27،باب24،ص362 ،ح42
[10] الوسائل(آل البيت) ج2،باب47 من ابواب الحيض،ص358 ،ح1
[11] الوسائل(آل البيت) ج2،باب47 من ابواب الحيض،ص358 ،ح3