04-11-1434


تحمیل

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

34/11/04

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضـوع:- مسألة ( 385 ) / حج التمتع / مناسك الحج للسيد الخوئي(قد).
 ملاحظة:- هناك تساؤلات في هذا المجال:-
 السؤال الاول:- ذكرنا فيما سبق أن الرواية الثانية - أعني صحيحة معاوية - قد رويت بشكلين فرواها الشيخ الكليني(قده) مع زيادةٍ ورواها الشيخ الطوسي(قده) من دون تلك الزيادة وقلنا حيث أنا لا نعرف الصادر فتكون هذه الرواية حسب نقل الشيخ الطوسي معارضة للرواية الثالثة فتتساقطان فنرجع الى الرواية الاولى - أعني صحيحة علي بن جعفر - بلا معارضٍ وهي دالة على عدم الاجزاء وبذلك يثبت رأي الأكثر . والسؤال الذي نرد طرحه هو:- لماذا لا نرجّح نقل الشيخ الكليني باعتبار أنه أضبط حسب ما هو المعروف ولعله يساعده الاعتبار إذ أن كثرة أشغال وأعمال الشيخ الطوسي تمنع من التدقيق الزائد ؟ إذن المناسب أن يقال بتقديم نقل الشيخ الكليني باعتبار أنه أضبط وبذلك يرتفع احتمال المعارضة.
 والسؤال الثاني:- لماذا لا نرجّح نقل الشيخ الكليني لا باعتبار الأضبطيّة بل باعتبار أصالة عدم الزيادة فإن الشيخ الكليني قد نقل عبارة اضافيّة ونشك أن هذه الاضافة هل هي زيادة صدرت عفواً وخطأً أو أنها ليست بزيادة بل هي واقعة في موقعها المناسب فنجري أصالة عدم الزيادة بمعنى أنها وقعت في موقعها المناسب فإنه عند دوران أمر العبارة أو اللفظ بين الزيادة أو النقيصة فقد يدعى وجود سيرة عقلائية على ترجيح عدم الزيادة على النقيصة يعني أن ما ذكر اضافةً هو ليس زيادة ، والنتيجة هي في صالح نقل الشـيخ الكلينــي وبذلك يرتفع التعـارض أيضاً ؟
 والسؤال الثالث:- لماذا لا نقول إنه في المقام يوجد نقلان نقلٌ للشيخ الكليني والآخر للشيخ الطوسي فإذا كان هناك مرجّح للشيخ الكليني إما باعتبار أنه اضبط أو باعتبار أصالة عدم الزيادة فذلك هو المطلوب ، وإذا رفضنا هذين المرجّحين فيحصل تعارض ما بين النقلين ويحصل التساقط والنتيجة هي أنه تصير آنذاك صحيحة الحلبي - يعني الثالثة - مقيّدة للصحيحة الاولى - أي صحيحة علي بن جعفر - وتصير النتيجة على هذا على عكس ما ذهب إليه الأكثر.
 والجواب:- إن كل ما ذكر وجيه لو فرض أن الشيخ الكليني كان ينقل عن كتابٍ أو عن شخصٍ والشيخ الطوسي ينقل أيضاً عن ذلك الكتاب أو ذلك الشخص ولكن بشكل آخر فإنه في مثل هذا الفرض - أي كانا معاً ينقلان عن واحدٍ مع الاختلاف في كفيفة النقل - يتم هذا الكلام فيقال أو الشيخ الكليني أضبط أو غير ذلك بيد أن المفروض في المقام هو أن الشيخ الطوسي لا ينقل عن غير الكافي بل هناك كتاب واحد وهو الكافي ولكن لا ندري ماذا أثبت الشيخ الكليني في هذا الكتاب فهل أن هذه الزيادة أثبتها أو لم يثبتها ؟ فَنُسَخ الكافي إذن مختلفةٌ فهناك نسخة - وهي المطبوعة الآن - تشتمل على هذه الزيادة وهناك نسخة أخرى عثر عليها الشيخ الطوسي من كتاب الكافي ينقلها فيها من دون هذه الزيادة . إذن المورد من موارد اختلاف النسخة لا اختلاف النقل ، كلا وإنما الكلام هو أنه ماذا نقل الكليني أو ماذا أثبت الكليني في كتابه ؟ وهنا لا معنى لأن نطبق أضبطية الشيخ الكليني إذ لا يوجد اختلاف بينه وبين الشيخ الطوسي وإنما الكلام هو في النسخة التي أثبت الكليني فيها الرواية كيف أثبت فيها الرواية فهل أثبتها مع هذه الزيادة أو من دونها ؟
 إذن تطبيق فكرة الأضبطية أو أصالة عدم الزيادة أو تعارض النقلين لا مجال لها مادام الاختلاف اختلافاً في النسخة وليس في النقل عن الشخص الواحد . إذن ما ذكر إن كان له مجال فهو يتم فيما إذا كان الاختلاف اختلافاً في النقل عن الشخص الواحد وليس اختلافاً في النسخة وهذا مطلب ظريف يجدر الالتفات اليه.
 
 
 مسألة(386 ):- ما ذكرناه من شروط الهدي إنما هو في فرض التمكن منه فإن لم يتمكن من الواجد للشرائط أجزأ الفاقد وما تيسر له من الهدي.
 ..........................................................................................................
 مضمون المسألة واضح وحاصله:- إنا عرفنا أنه يشترط في الهدي شرائط معينة منها أن لا يكون معيباً فلو فرضنا أنه لم يكن حيوان يقبل الاهداء إلا المعيب - كأن كان جميع الحيوانات التي جلبوها في هذه السنة معيبة - ففي مثل هذه الحالة هل يجزي هذا المعيب أو نقول بعدم اجزائه بل الوظيفة آنذاك الانتقال الى الصوم - وواضح أن هذا فيما إذا لم يتمكن من الاتصال بالنجف مثلاً فيرسلوا له هدياً سالماً - فهل يجزي الناقص أو لا ؟
 والجواب:- المسألة ذات قولين على ما ذكر صاحب المدارك(قده) [1] وعلى منواله في الحدائق(قده) [2] ومثل ذلك في مستند النراقي(قده) [3] فإنه ذُكِر أن الشهيدين جَزَما بالاجزاء بينما المحقق الكركي(قده) ذهب الى أنه لا يجزي باعتبار أن المطلوب هو الكامل وهذا ليس بكاملٍ بل هو ناقص فلا يجزي ، ثم تردّد صاحب المدارك في المسألة وهكذا صاحب الحدائق وختموا المسألة بذلك.
 هذا والمناسب أن يقال بكفاية المعيب:- والوجه في ذلك قوله تعالى:- ( فإذا أمنتم فمن تمتع بالعمرة الى الحج فما استيسر من الهدي ) [4] . إذن الآية تقول ( ما استيسر ) والمتيسّر لنا الآن هو هذا المعيب فمقتضى إطلاق الآية هو الاجزاء وكفاية هذا الناقص.
 نعم ربما يقول شخص:- أنها ناظرة الى الأفراد الواجدة للشرائط كأن كان هناك هدي من الإبل موجود واجدٌ للشرائط أو من البقر واجدٌ للشرائط أو من الأغنام واجدٌ للشرائط فهنا تأتي الآية الكريمة وتقول مادام الجميع واجداً للشرائط فما استيسر منه أما أنه إذا كان البعض فاقداً للشرائط فهنا لا يمكن تطبيق فكرة ( فما استيسر من الهدي ).
 وجوابه:- إن هذا مجرد دعوى لا شاهد لها ، ولكن إذا أردنا أن نسلّم ونتنزل فنقول:- إذا تعذر التمسك بالآية الكريمة - ولو لأجل الاجمال من هذه الناحية - بإمكاننا التمسك بصحيحة معاوية بن عمار:- ( قال أبو عبد الله عليه السلام:- اشتر فحلاً سميناً للمتعة فإن لم تجد فموجأ فإن لم تجد فمن فحولة المعز فإن لم تجد فنعجة فإن لم تجد فما استيسر من الهدي ) [5] إن استشهاد الامام عليه في ذيل الحديث بقوله ( فما استيسر من الهدي ) يمكن أن نستفيد منه أنه مع تعذّر تلك المرتبة الاولى أو الثانية فعليك ببقيّة المراتب والتي منها فاقد الشرائط . وعلى هذا الاساس تكون دلالة هذه الصحيحة لا بأس بها.
 وقد يتمسك أيضاً بصحيحة عبد الرحمن بن الحجاج المتقدمة وهي:- ( سألت أبا إبراهيم عليه السلام في الرجل يشتري الهدي فلما ذبحه فإذا هو خصي مجبوب ولم يكن يعلم أن الخصي لا يجزي في الهدي هل يجزيه أم يعيده ؟ قال:-لا يجزيه إلا أن يكون لا قوّة به عليه ) [6] ، وممن أشار الى التمسك بها صاحب الحدائق(قده) [7] ، وممن تمسك بها أيضاً السيد الخوئي(قده) في المعتمد.
 ولكن صحيحة معاوية أحسن حالاً من هذه الصحيحة فإن هذه يمكن أن يشكل عليها بأنها ناظرة الى من ذبح الحيوان - يعني أنه انكشف أنه ناقص بعد أن ذبحه - فالإمام عليه السلام علل وقال مادام لا قوّة له على غيره فيكفيه هذا لأنه ذبح وخسر فقد نتعامل بالتخفيف معه ونقول له هذا يكفي لا أنه يلزمك أن تنتقل الى الصوم وهذا بخلاف ما لو فرض أنه من البداية كان ملتفتاً الى ذلك وإلغاء الخصوصيّة من هذه الناحية قد يكون صعباً فلذلك الأجدر التمسك بصحيحة معاوية بن عمار إذا فرض أن الآية الكريمة كانت قاصرة من هذه الناحة . والغريب في الباب أن مثل الشهيدين(قده) لم يتمسكا بما أشرنا إليه ووقعا في حالة تردّد ولا أقل كان من المناسب لهما الاشارة الى الآية الكريمة ثم ذِكر الاشكال عليها وكذلك صحيحة معاوية أما أنهما يذكران وجهان ويترددان من دون الاشارة الى المستندات فهذا غريب ولكن كما تعلم أن العلوم يكمّل بعضها بعضاً فباب تدرج العلوم هو هكذا.


[1] مدارك الاحكام، الموسوي العاملي، ج8، ص35.
[2] الحدائق الناظرة، البحراني، ج17، ص105.
[3] مستند الشيعة، النراقي، ج12، ص317.
[4] البقرة، الاية196.
[5] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج14، ص107، ب12 من ابواب الذبح، ح7، آل البيت.
[6] المصدر ح3.
[7] الحدائق الناظرة، البحراني، ج17، ص105.