38/03/20
تحمیل
آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض
بحث الفقه
38/03/20
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع: خــتــام.
ينبغي التنبيه على امور.
الامر الاول:- ما هو الفرق بين الواجب التكليفي والواجب المالي ، فان الماتن وغيره قال ان الكفارة واجب مالي والنذر واجب مالي ، ولكن ذهب جماعة من المحققين ان الكفارة واجب تكليفي وليست واجبا ماليا وكذا النذر.
الجواب:- ان الميزان في الواجب المالي هو إما ان يكون متعلقا بماله كالزكاة فانها متعلقة بمال المالك إما بنحو الاشاعة او بنحو الكلي في المعين او ان زكاته جنس اخر غير النصاب كما في زكاة الابل وزكاة البقر ، او يكون تعلق المال في ذمة الشخص فتكون ذمته مشغولة بالمال كما في الدين العرفي والمظالم الذي هو دين شرعي او ان الزكاة انتقلت الى ذمته او ان الخمس انتقل الى ذمته ، هذا هو الواجب المالي.
أما اذا توقف الواجب على صرف المال فهو ليس بواجب مالي بل هو واجب تكليفي كالحج فان الحج واجب تكليفي ولكن امتثاله واتيانه يتوقف على بذل المال في سبيل امتثاله ولكن ليست ذمته مشغولة بهذا المال بل ذمته مشغولة بالحج الذي هو عبارة عن النسك وهو فعل اختياري له وليست ذمته مشغولة بالمال ولكن امتثال هذا النسك والاتيان به يتوقف على بذل المال ، وكذا الكفارة فان امتثال الكفارة يتوقف على المال وأما المال فليس في ذمته فذمته غير مشغولة بالمال وليست الكفارة متعلقة بماله ولا ذمته مشغولة بالمال ، فمن أجل ذلك وجوب الكفارة وجوب تكليفي غاية الامر امتثاله يتوقف على المال ولا يمكن بدون بذل المال ، وكذا الحال في النذر فان الظاهر ان النذر اوضح من ذلك ، فان النذر مفاده وجوب الوفاء وجوب تكليفي وكلمة (لله) المراد منه ان الواجب على المكلف الاتيان به لله أي قصد القربى وليس معناه ان الصلاة ملك لله تعالى.
وكذا الملكية الاعتبارية بالنسبة الى ذاته تعالى وتقدس غير متصورة فان الله تعالى مالك العالم بكافة شرائحه تكوينا ، فان الملكية الاعتبارية لله تعالى غير متصورة بل هي بين الناس بالبيع والشراء والهبة وما شاكل ذلك من اقسام المعاملات فلا معنى لان يكون المنذور ملك لله تعالى بملكية اعتبارية ، وهذا هو الفارق بين الواجبات المالية والواجبات التكليفية.
الامر الثاني:- ذكرنا ان الحج واجب تكليفي كوجوب الصلاة ووجوب الصوم وما شاكلهما ولكن مع ذلك قد ورد في الروايات ان من عليه حجة الاسلام اذا مات فيخرج الحج من اصل تركته قبل الارث كالدين ، اذن حجة الاسلام كالدين يخرج جميع مصارفه من تركته وهذا ثابت بالنص وعلى القاعدة حاله حال الصلاة والصوم ، ولكن الكلام في تقديم الحج على سائر الديون فالمعروف والمشهور ان الحج في عرض سائر الديون ولا يكون مقدما عليها ولكن هنا روايتان صحيحتان تدلان على تقديم الحج على سائر الحقوق التي في ذمة الميت وهي صحيحة ابي بصير المتقدمة وصحيحة معاوية ابن عمار وهي ايضا تدل على ان الحج مقدم على سائر الحقوق وان كانت تخرج من اصل التركة ولكن لابد من اخراج الحج اولا ثم يقسم التركة بين سائر الحقوق وهذا ثابت بالنص.
الامر الثالث:- ان الشخص اذا مات فهل تنتقل حقوق الغرماء من ذمته الى تركته وان تركته تكون متعلقة بهذه الحقوق أي للدين العرفي والدين الشرعي وفرضنا ان الزكاة في ذمته والخمس في ذمته كسائر الديون فاذا مات فهل تنتقل من ذمته الى تركته وتركته تكون متعلقة بهذه الحقوق كحق الغرماء في مال المفلس فانها متعلقة بنفس الاعيان فهل ما نحن فيه كذلك او لا؟
الجواب:- المعروف والمشهور هو الانتقال ، وعمدة دليلهم هو الاجماع ولكن قد ذكرنا غير مرة ان الاجماع غير تام ولا يمكن التمسك به ولا سيما اذا كان بين المتاخرين فان الاجماع عبارة عن قول الفقهاء وهو في نفسه لا يكون حجة فحجية الاجماع انما هو بوصوله من زمن الائمة عليهم السلام الينا ولا طريق لنا الى ذلك ، فمن اجل ذلك قلنا ان الاجماع لا يكون حجة ولا يمكن الاستلال به.
ولأجل هذه الناحية أعرض عن هاتين الصحيحتين بدعوى ان اعراض المشهور عنهما يوجب سقوطهما عن الاعتبار فهاتان الصحيحتان تدلان على تقديم الحج على سائر الحقوق وهاتان الصحيحتان قد سقطتا من جهة اعراض الاصحاب عنهما ، ولكن ذكرنا في بحث الشهرة ان الشهرة في نفسها لا تكون حجة فكيف تكون موجبة لسقوط الروايات الصحيحة التي هي حجة ومشمولة لدليل الحجية فلاجل ذلك اعراض الاصحاب لا اثر.
وقد يستدل على القول بالانتقال يقوله تعالى: ﴿مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾[1] ، بتقريب ان الدين مقدم على الارث كما ان تعلق الارث بالتركة متأخر عن تعلق الدين بالتركة والمستفاد من الآية ان الدين متعلق بالتركة وهو متقدم على تعلق الارث بالتركة.
ولكن الظاهر ان الآية لا تدل على ذلك فانها ليست في مقام ذلك فان الآية في مقام ان انتقال التركة من ملك الميت الى ملك الوراث متأخر عن اداء الدين وعلى الوصي ان يؤدي الدين اولا ثم تنتقل التركة الى ملك الوارث كما هو الحال في الوصية فان المال الموصى به لم ينتقل الى الموصى له بل بقي الثلث في ملك الميت وعلى الوصي ان يصرفه فيما اوصاه وعينه من المصارف في الوصية.
النتيجة ان الآية لا تدل على ذلك والصحيح ان الديون تبقى في ذمة الميت ولا تنتقل من ذمة الميت الى تركته والتركة باقية في ملك الميت وذمة الميت مشغولة بهذه الديون ، ولكن هذه التركة ليست متعلقة للحق ومورد للحق ولا يجوز التصرف فيه ، حينئذ لا بد من توزيع هذه التركة بين الديون لان نسبة الديون الى ما بقي من التركة نسبة واحدة ولا يمكن دفع الزكاة من التركة مقدما على دفع الخمس او الدين فان نسبة الزكاة الى التركة كنسبة الخمسة اليه وكنسبة الدين اليه اذن لا يكون هنا تخيير بل توزيع وهذا التوزيع لا يدل على الديون تنتقل من الذمة الى الاعيان الخارجية بل التوزيع من جهة ان نسبة تلك الديون الى ما تركه الميت نسبة واحدة ولا يجوز ترجيح احدها على الاخر فالصحيح ان ما تركه الميت بمقدار دينه يبقى في ملك الميت وما في ذمته تبقى في ذمته لان الميت مالك وله ذمة كالجهات المعنوية الاخرى مثل المسجد والفقراء وغيرها.
ثم ذكر السيد الماتن (قدس الله سره): الثانية والثلاثون: الظاهر أنه لا مانع من إعطاء الزكاة للسائل بكفه ، وكذا في الفطرة، ومن منع من ذلك كالمجلسي في زاد المعاد في باب زكاة الفطرة لعل نظره إلى حرمة السؤال واشتراط العدالة في الفقير وإلا فلا دليل عليه بالخصوص بل قال المحقق القمي لم أر من استثناه فيما رأيته من كلمات العلماء سوى المجلسي في زاد المعاد، قال: ولعله سهو منه، وكأنه كان يريد الاحتياط فسها وذكره بعنوان الفتوى)[2] .