38/04/17


تحمیل

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

38/04/17

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: زكاة الفطرة.

الى هنا قد تبين ان عمدة الدليل على عدم وجوب زكاة الفطرة على العبد وهو ما ذكرناه من انه لا يتمكن من امتثال ذلك فليس بإمكانه دفع زكاة الفطرة لا من ماله ولا من مال مالكه ، فاذا لم يتمكن من امتثال هذا الواجب فبطبيعة الحال يكون جعله لغوا لان جعل الاحكام الشرعية التكليفية بداعي الامتثال وبداعي كونه محركا للمكلف في مرحلة الفعلية واما اذا الم يكن محركا وداعيا فيكون جعله لغوا ولا يمكن صدور اللغو من المولى الحكيم ، وليس عمدة الدليل على ذلك الاجماع كما ذكره السيد الاستاذ + وكذلك غيره.

ولكن بقي الكلام في العبد المكاتب ففيه خلاف فلو فرضنا ان زكاة الفطرة غير واجبة سائر اقسام العبيد فهل تجب على العبد المكاتب او لا تجب؟ المشهور ان زكاة الفطرة غير واجبة على العبد المكاتب سواء اكان مشروطا ام مطلقا اذا لم يؤدي من مال كتابته هذا هو المعروف والمشهور ، وخالف الصدوق & في ذلك وتبعه جماعة من الفقهاء من القدماء والمتأخرين.

ولكن الظاهر ان هذا القول هو الصحيح وان العبد المكاتب تجب عليه زكاة الفطرة فان صحيحة علي ابن جعفر تدل على ذلك بوضوح فقال: (عليه زكاة الفطرة ولا يجوز شهادته) فهاتان الجملتان قد وردتا في الصحيحة وهما (تجب على العبد المكاتب زكاة الفطرة) و(لا تجوز شهادته).

وذكرنا ان الجملة الثانية معارضة بالروايات التي تدل على جواز شهادته ولكن بالتعارض تسقطان معا ، ولا يمكن حمل عدم الجواز على التقية لان حملها على التقية منوط بكونها موافقة لمذهب العامة مع ان المسالة مختلف فيها بين العامة ولهذا لا وجه للحمل على التقية ، اذن تسقطان من جهة المعارضة والمرجع هو صالة عدم قبول شهادته وعدم ترتيب الاثر عليها.

واما الجملة الاولى فلا معارض لها ولكن ذكر صاحب الجواهر + ان هذه الصحيحة وان كانت صحيحة سندا إلا أنها لا تصلح ان تكون مـقِـيدة لاطلاق الروايات النافية لزكاة الفطرة عن العبيد ، مضافا الى انها معارضة بروايات اخرى.

ويرد عليه:

اولاً: انه لا يوجد رواية نافية لزكاة الفطرة على العبد فمثل هذه الروايات غير موجودة ولا وجود لها حتى يقال انه هذه الصحيحة تصلح ان تكون مقيدة لاطلاقها فان هذه الروايات غير موجودة اصلاً.

ثانياً: على تقدير وجودها وفرض انها موجودة فلا شبهة في ان هذه الصحيحة تصلح ان تكون مقيدة لاطلاقها فان حمل المطلق على المقيد من أحد موارد الجمع الدلالي العرفي ، فكيف لا تصلح هذه الصحيحة لتقييد اطلاق تلك الروايات؟ وهذا غريب من صاحب الجواهر + ، فان كان مثل هذه الروايات موجودة فهي مطلقة وبإطلاقها تشمل العبد المكاتب ونسبة هذه الصحيحة الى تلك الروايات نسبة المقيد الى المطلق فلابد من تقييد اطلاقها بغير العبد المكاتب فان العبد المكاتب تجب عليه زكاة الفطرة فما ذكره صاحب الجواهر + غير تام.

ثالثاً: وأما ما ذكره + من ان هذه الصحيحة معارضة وفي مقابل هذه الصحيحة روايتان فنعم وهذه الرويتان هي.

الرواية الاولى: رواية محمّد بن أحمد ، رفعه ، عن أبي عبد الله (عليه ‌السلام) قال : يؤدّي الرجل زكاة الفطرة عن مكاتبه ورقيق امرأته ، وعبده النصراني والمجوسي ، وما أغلق عليه بابه)[1] .

فان هذه الرواية تدل على ان زكاة المكاتب على المولى لا انها واجبة عليه ، اذن هذه الرواية معارضة لتلك الصحيحة فان صحيحة علي ابن جعفر تدل على وجوب زكاة الفطرة على العبد المكاتب وهذه الرواية تدل على ان زكاة العبد المكاتب على المولى لا على نفسه.

ولكن هذه الرواية لا يمكن الاستدلال بها.

اولاً: انها ضعيفة من ناحية السند فان هذه الرواية مرفوعة وليس مسندة فمن اجل ذلك لا يمكن الاستدلال بها لأنه ضعيفة من ناحية السند.

واما على طريق الشيخ + وان كانت مسندة الا ان في سندها من يكون ضعيفا ، اذن الرواية على كلا التقديرين ضعيفة من ناحية السند ولا يمكن الاعتماد عليها.

ثانياً: وهي ضعيفة من ناحية الدلالة ايضا فان ظاهر هذه الرواية ان زكاة العبد المكاتب على المولى والظاهر ان زكاته من جهة العيلولة وهذا لا ينافي وجوب الزكاة عليه اذا لم يكن عيالا لمولاه فلا مانع من وجوب زكاة الفطرة عليه , فظاهر هذه الرواية ان زكاة البعد المكاتب على المولى من جهة عيلولته كما هو الحال في رقيق المرأة فانه ليس عبدا للمولى مع ذلك زكاته على المولى وهذا ليس الا من جهة عيلولته والقرينة على ذلك قوله × (وما اغلق عليه بابه) فان هذا معناه انه من عائلته فهذا قرينة على ان زكاته من جهة العيلولة وهذا لا ينفي وجوب الزكاة عليه اذا لم يكن عيالا لمولاه ويكون مستقلا ، اذن هذه الرواية ضعيفة من ناحية السند وضعيفة من ناحية الدلالة ايضا فلا تصلح ان تكون معارضة لصحيحة علي ابن جعفر.

الرواية الثانية: رواية حمّاد بن عيسى ، عن أبي عبد الله (عليه ‌السلام) قال : يؤدّي الرجل زكاة الفطرة عن مكاريه ، ورقيق امرأته ، وعبده النصراني والمجوسي وما أغلق عليه بابه)[2] .

ولكن هذه الرواية ايضا ضعيفة من ناحية السند فان في سندها علي ابن الحسين وهو لم تثبت وثاقته في كتب الرجال بل هو مجهول الحال فمن اجل ذلك الرواية ضعيفة من ناحية السند ولا يمكن الاعتماد عليها.

ومع الاغماض عن سندها فهي ضعيفة من ناحية الدلالة ايضا فان ظاهرا هذه الرواية ان وجوب زكاة المكاتب على المولى من جهة عيلولته بقرينة قوله × (ما اغلق عليه الباب) فان كل من اغلق عليه الباب فهو عائلته كرقيق امراته فليس هو رقيقا له ومع ذلك عليه زكاته وهو من جهة عيلولته وهذا لا ينفي وجوب زكاة الفطر عليه اذا لم يكن عيالا ، بقي هنا شيء في المسالة نتكلم فيه ان شاء الله.