35/07/12


تحمیل
الموضوع: الصوم : المفطرات, الجماع, مسألة 12 ,13
مسألة 12 قال الماتن : (إذا جامع نسيانا أو من غير اختيار ثم تذكر أو ارتفع الجبر وجب الإخراج فورا فإن تراخى بطل صومه .)
وهذا الحكم واضح بأعتبار كونه عامدا في مرحلة البقاء وهو كاف في شمول الادلة له ولا موجب لتخصيص الادلة بمرحلة الحدوث .
مسألة 13 قال الماتن : (إذا شك في الدخول أو شك في بلوغ مقدار الحشفة لم يبطل صومه)
بناءا على كون الادخال يتحقق بمقدار معين, ويستدل على ذلك بالاستصحاب ( اصالة عدم الدخول واصالة عدم بلوغ مقدار الحشفة ) فأن هذين الاصلين يجريان في المقام ويكون الصوم صحيحا, ولا موجب للألتزام بفساده , نعم هناك كلام ذكروه في مقام التعليق على هذه المسألة وذلك ان تصويرها صعب بأعتبار ان الشاك في الدخول او في بلوغ مقدار الحشفة هو لا يخلو اما ان يكون قاصدا الادخال والجماع او لا يكون كذلك فأن كان قاصدا بطل صومه حتى مع احراز عدم الدخول فضلا عن الشك , واذا لم يكن قاصدا الجماع والادخال صح صومه حتى وان احرزنا الدخول فضلا عن الشك في ذلك , و حينئذ لا يترتب اثر على الشك في وصول مقدار الحشفة بحيث نحتاج الرجوع الى الاصل لنفيه , نعم يستثنى من ذلك حالة واحدة وهي فيما لو شك في الدخول وكان قاصدا الادخال فيمكن الرجوع الى الاصل لنفي الكفارة , وذلك بأعتبار ان الكفارة تترتب على الدخول نفسة مع القصد وليس على قصد الدخول فقط وهذا هو الفرق بين القضاء والكفارة فهي لا تترتب الا على نفس الدخول مع قصده, واما القضاء فهو يترتب على قصد الدخول وان لم يحصل الدخول, حينئذ يكون هذا الاشكال على نفس المسألة التي ذكرها المصنف فأن الشاك في الدخول يكون قاصدا يبطل صومه على كل حال وان لم يكن قاصدا لا يبطل صومه .
لكن يمكن فرض الثمرة ولا شك في جريان هذا الاصل وذلك بأن نفترض ان البطلان في بعض الموارد يترتب على نفس الدخول ولا يترتب على قصده .
ويمكن تصور هذا الفرض في حالتين:-
الحالة الاولى :وهي حالة الشك بعد الاتيان بالمفطر (الفعل) لكن مع الجهل بكونه مفطرا ثم بعد ذلك علم بأنه مفطر وشك بالدخول كما لو فرضنا انه وطأ في الدبر جاهلا بكونه مفطرا ثم بعد فترة علم بأن هذا من المفطرات وشك في الدخول وعدمه ( هل انه ادخل ام لم يدخل ) ففي هذه الحالة لا يترتب البطلان على قصد الدخول بأعتبار انه جاهل بمفطريته فحينئذ لا يصدق عليه انه قاصد المفطر وان كان قاصدا للدخول, فيترتب البطلان في المقام على نفس الدخول فإذا شك فيه يمكن اجراء اصالة واستصحاب عدم الدخول لنفي البطلان بأعتبار ان البطلان من آثار الدخول فتظهر الثمرة في هذا المورد فالبطلان في المقام ليس من آثار قصد الدخول, فمع فرض قصد الدخول لا يكون ذلك موجبا للإفطار .
الحالة الثانية: يذكرها[1] السيد الخوئي (قد) وهو ما اذا جامع مع عدم مراعاة طلوع الفجر ثم ظهر بعد ذلك ان الفجر كان طالعا, فقد حكموا في هذه الحالة ببطلان الصوم ووجوب القضاء وهنا ايضا قالوا ان بطلان الصوم يترتب على نفس الدخول لا على قصده , فإذا شك في الدخول وعدمه فأنه لا يجب عليه القضاء ولا يبطل صومه لأن القضاء في هذا المورد يترتب على الدخول نفسه عند حصوله من دون مراعاة, اما قصد الدخول اذا حصل من دون مراعاة فأنه لا يترتب عليه البطلان والقضاء, وفي محل كلامنا اذا شك في حصول الدخول وتبين ان ما جاء به كان بعد طلوع الفجر فإمكانه اجراء اصالة عدم الدخول لنفي البطلان .
ولعل السيد الماتن يريد ان يتكلم في هذا المسألة على هذه الاثار اي على البطلان الذي يترتب على نفس الدخول , فأنه من الواضح جدا ظهور الثمرة العملية على اجراء الاستصحاب في هذه الموارد .

الرابع قال الماتن : (من المفطرات الاستمناء، أي إنزال المني متعمدا بملامسة أو قبلة أو تفخيذ أو نظر أو تصوير صورة الواقعة أو تخيل صورة امرأة أو نحو ذلك من الأفعال التي يقصد بها حصوله، فإنه مبطل للصوم بجميع أفراده، وأما لو لم يكن قاصدا للإنزال وسبقه المني من دون إيجاد شيء مما يقتضيه لم يكن عليه شيء)
عرفوا الاستمناء بأنه طلب خروج المني بفعل ما يوجب ذلك.
والكلام في مبطلية الاستمناء يقع في جهات :-
الجهة الاولى : في الدليل على كونه مبطلا للصوم والظاهر انه لا اشكال في كونه مبطلا وتدل على ذلك الروايات المتقدمة منها :-
الاولى :عبد الرحمن بن الحجاج قال :( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يعبث بأهله في شهر رمضان حتى يمني ؟ قال : عليه من الكفارة مثل ما على الذي يجامع)[2]
الثانية :حفص بن سوقه عمن ذكره (عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يلاعب أهله أو جاريته وهو في قضاء شهر رمضان فيسبقه الماء فينزل، قال : عليه من الكفارة مثل ما على الذي جامع في شهر رمضان)[3]
قد يقال ان هذه الرواية ليست ناظرة الى الاستمناء لأن فيها قول (سبقه المني) وسيأتي البحث مفصلا عن ذلك .
الثالثة: عبد الرحمن بن الحجاج ( عن أبي عبد الله عليه السلام قال : سألته عن رجل يعبث بامرأته حتى يمني وهو محرم من غير جماع أو يفعل ذلك في شهر رمضان، فقال عليه السلام : عليهما جميعا الكفارة مثل ما على الذي يجامع .)[4]
الرابعة: سماعة (قال : سألته عن رجل لزق بأهله فأنزل، قال : عليه اطعام ستين مسكينا مد لكل مسكين)[5]
الخامسة: أبي بصير( قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل وضع يده على شيء من جسد امرأته فأدفق، فقال : كفارته أن يصوم شهرين متتابعين، أو يطعم ستين مسكينا، أو يعتق رقبه)[6]
وهذه الروايات المتيقن منها ما اذا كان طالبا لذلك, وانما الكلام يقع في شمولها لغيره , وقد يستشكل في دلالة هذه الروايات على الفساد في انها خالية من المبطلية والفساد, وانما تقول بوجوب الكفارة وقد تقدمت الاشارة الى هذا الاشكال والجواب عنه هو ان هناك ملازمة عرفية بين الكفارة والفساد فهي لا تجب على العمل الصحيح , ومن هنا يكون الدليل الدال على الكفارة يكون دالا على بطلان الصوم, هذا من جهة ومن جهة اخرى هناك بعض الروايات ناظرة الى بطلان الصوم وليس الى الكفارة كصحيحة الحلبي (عن أبي عبد الله عليه السلام أنه سئل عن رجل يمس من المرأة شيئا أيفسد ذلك صومه أو ينقضه ؟ فقال : إن ذلك ليكره للرجل الشاب مخافة أن يسبقه المني )[7]
والسؤال فيها ليس من قبيل الروايات السابقة فالسؤال فيها عن المبطلية وفساد الصوم فيجيبه عليه السلام ان ذلك ليكره للرجل الشاب مخافة ان يسبقه المني وهذا يدل على ان سبق المني يكون موجبا لفساد الصوم .
الجهة الثانية: التي يقع فيها الكلام هي هل ان الاستمناء يقع مفطرا مطلقا اي سواء قصد الانزال؟ او لم يقصد ؟
المشهور ذهب الى ان المبطلية مطلقة ولا تختص بما اذا كان قاصدا الانزال, وذهب صاحب المدارك الى اختصاص المبطلية بما اذا كان قاصدا الانزال .
وقبل الدخول في هذا البحث لابد من التنبيه على هذا الامر وهو كأن معنى الاستمناء العرفي يأبى هذا التقسيم لأن الاستمناء عرفا هو طلب المني بفعل ما يوجبه وهذا يعني انه قاصد الانزال فتحقق مفهوم الاستمناء مع عدم قصده صعب جدا .
ولفظ الاستمناء لم يرد في الروايات والذي ورد فيها هو الافعال التي يترتب عليها خروج المني عادة وهذه الامور يمكن تقسيم الكلام فيها الى قسمين تارة مع قصد الانزال واخرى بدونه, ولعلهم عبروا بالاستمناء ومرادهم هذا الامر بمعنى ان من يفعل فعلا فيه قابلية ان يترتب عليه خروج المني هل هو مبطل للصوم ؟او لا ؟ وهذا يمكن تقسيمه الى قسمين فيقال انه تارة يقصد الانزال واخرى لا يقصده .
ومن هنا يظهر ان المقصود هو هذا الامر اي ان الشخص الذي يفعل ما يترتب عليه الانزال عادة فأنه تارة يكون مع قصد الانزال ( وهو الاستمناء حقيقة ) واخرى بدونه والكلام يقع في كل منهما .