38/06/14


تحمیل

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

38/06/14

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- مسألة ( 32 ) حكم الرشوة – المكاسب المحرمة.

وفيه:- إنَّ ما أفاده في أصل الكبرى شيء تام ، وقصدي من أصل الكبرى هو أنه إذا كان محطّ الأثر هو العدم النعتي - يعني الاتصاف بالعدم - فباستصحاب السلب المحمولي - العدم المحمولي - لا يثبت العدم النعتي ، ففي موردنا لو كان الأثر أي الضمان مترتباً على السلب النعتي يعني يدٌ على مال الغير متّصفة بعدم التسليط المجاني فصحيحٌ أنه باستصحاب العدم المحمولي لا يثبت العدم النعتي ، إنما الكلام في الصغرى ، فالقضية التي تستحق أن يقع فيها النزاع هي أنه بعد أن يأتي المخصّص ويقول إنَّ اليد على مال الغير وحده لا يكفي للضمان إذ لو كان المالك يرضى بالتسليط المجاني فيقول المال مالي ولك أن تتصرّف فيه مجاناً كيفما تحبّ لا يثبت ضمان حينئذٍ ، فالمخصّص أخرج حالة التسليط المجاني من موجب الضمان الذي هو اليد على مال الغير ، وبعد أن أخرج حالة التسليط المجاني ماذا يبقى تحت العام وبماذا يتعنون العام - وصحيح أن هذه صغرى ولكنه أشبه بقصية كبروية - ؟ فإذا قلنا أنه بعد إخراج هذه الحصّة بالمخصّص فالباقي تحت العام يتعنون بالاتّصاف بالعدم ، يعني يدٌ على مال الغير متّصفة بعدم التسليط المجاني ، فإذا قلنا إنَّ الباقي تحت العام هو هذا فالحق معك ، يعني أنَّ الاستصحاب لا يجري ، لأنَّ الاستصحاب الذي يجري هو استصحاب العدم المحمولي وإثبات العدم النعتي باستصحاب العدم المحمولي من أوضح أنحاء الأصل المثبت ، أما إذا فرض أنَّ الباقي تحت العام بعد إخراج حالة التسليط المجاني هو العام يعني ( يدٌ على مال الغير زائداً عدم التسليط المجاني ) لا الاتصاف بالعدم يعني بنحو العدم المحمولي فاستصحاب العدم المحمولي يجري ويثبت بذلك الضمان ، ولكن يظهر من عبارة الحاج ميرزا علي الايرواني(قده) أنه يبني على الاحتمال الأوّل ، فتعالوا ننقل النزاع إلى هنا وهو أنه بعد الاخراج بالمخصّص هل العام يتعنون بعنوان الاتّصاف بالعدم أو بعدم الاتصاف ؟ فالمهم هو أنه توجد يدٌ على مال الغير زائداً عدم الاتّصاف ، فأيهما الصحيح ؟

وقد يقول قائل:- إنَّ الموضوع الباقي بعد التخصيص هو الاتصاف بالعدم ، فلنسلّم ما يقوله ونجري الاستصحاب في الاتّصاف بالعدم ؟

والجواب:- نحن نقبل بذلك لوكان يوجد زمانٍ يمكنك أن تشير إليه وتقول إنَّ اليد كانت فيه متّصفة بالعدم ، وهل يوجد عندك هكذا زمان تستطيع أن تقول إنه كانت فيه يدٌ على مال الغير وهي متّصفة بعدم التسليط المجاني ؟ فإن كان عندك هكذا زمان فاقتراحك مقبول ، ولكن لا يوجد عندنا هكذا زمان ، فإذن استصحاب العدم النعتي لا يمكن أن يجري لأنه عادةً ليست له حالة سابقة ، وقلت ( عادةً ) لأنه في بعض الموارد توجد له حالة سابقة ولكن في موردنا ليست له حالة سابقة ، فإذا لم تكن له حالة سابقة فلا يمكن إجراء الاستصحاب في العدم النعتي ، واجراؤه في العدم المحمولي بلا اثبات العدم النعتي لا يسمن ولا يغني من جوع لأنه ليس محل الأثر حسب الفرض ، ولإثبات العدم النعتي فهو أصل مثبت.

فإذن سوف يصير النزاع في أنه بعد إخراج هذا العنوان الخاص فالباقي تحت العام ماذا يكون ؟ وهذا بحث سيّال في كلّ عام ورد عليه مخصّص ، مثل ( كلّ مرأة تتحيّض إلى خمسين ) وجاء المخصص وقال ( القرشية تتحيض إلى الستين ) فالباقي تحت العام بعد التخصيص ما هو ؟ هل هو المرأة المتّصفة بعدم القرشية ، أو هو القرشية والباقي امرأة زائداً عدم الاتّصاف بالقرشية ؟ فليس الاتّصاف بالعدم بل عدم الاتّصاف ، فنزاعنا لابد أن يكون هنا.

وإذا كان النزاع هنا فحينئذٍ نقول:- نحن قرأنا في الكفاية أنَّ صاحب الكفاية(قده) يقول إنَّ الباقي تحت العام ليس هو الاتصاف بالعدم بل يكفي عدم الاتصاف.

وهذا الموضوع لا أريد الدخول فيه بشكلٍ مفصلّ وإنما أشير إليه إشارة فقط لأنه بحث أصولي فأقول:- إنَّ الحقّ مع صاحب الكفاية(قده)، والوجه في ذلك:- هو أنَّ الخاص ماذا يقول ؟ فالخاص الذي هو ( القرشية تتحيّض إلى ستين ) أقصى ما يقوله هو أنَّ عنوان القرشية يوجب التحيّض إلى ستّين وحينئذٍ سوف يخرج هذا العنوان من العام ، أما ماذا يبقى تحت العام ؟ كلّ شيء باقٍ تحته ووظيفة الخاص هو أنه يخرج القرشية فقط.

وبكلمة أخرى:- إنَّ العام كان كم له من أفراد ؟ يدخل عليه كلّ مرأة من المرأة العربية والفارسية والطويلة والقصيرة والسوداء والبيضاء .... وهكذا وعنوان الخاص يأتي ويخرج القرشية ، فكلّ ما سوى القرشية يكون باقياً تحت العام ، ومن جملة الأفراد الباقية تحت العام التي كانت موجودة تحت العام هي امرأة زائداً عدم القرشية فإنَّ هذا من أحد الأفراد والعناوين التي كانت تحت العام وثابتة تحته ، وإذا كان ثابتاً تحت العام فحينئذٍ يكفينا هذا العنوان للحكم عليها بالتحيّض إلى خمسين والمفروض أنها مرأة بالوجدان وعدم الاتصاف بالقرشية ثابت بالاستصحاب - أي باستصحاب العدم الأزلي مثلاً في مثال القرشية أي عدم المحمولي الأزلي - فيثبت بذلك هذا العنوان الذي هو باقٍ تحت العام.

يعني بعبارة أخرى:- إنَّ هذا المطلب الذي بينته يتضمن نكتتين:-

الأولى:- إنَّ العام يوجد تحته كلّ العناوين لأنَّ المرأة مرّة عنوانها قصير أو طويلة قرشية وغير قرشية وهكذا والخاص يأتي ويخرج القرشية فقط.

الثانية:- إنَّ من جملة الأفراد والعناوين الباقية تحت العام فيه كانت موجودة قبل التخصيص هي المرأة زائداً عدم الاتّصاف بالقرشية ، فحينئذٍ هذا المقدار وهو كون وجود مرأة زائداً عدم الاتّصاف يكفي لتحيّضها إلى خمسين ، وحينئذٍ يجري استصحاب العدم الأزلي بلا مانع.

وقد أشار إليه صاحب الكفاية(قده) إلى هذا المطلب بقوله:- ( ايقاظ:- لا يخفى أنَّ الباقي تحت العام بعد تخصيصه - بالمنفصل أو كالاستثناء من المتصل - لما كان غير معنونٍ بعنوانٍ خاص بل بكلّ عنوانٍ لم يكن ذلك بعنوانٍ خاص كان احراز المشتبه من بالأصل الموضوعي ... )[1] .

فالمقصود أنَّ الحاج ميرزا علي الايرواني(قده) يظهر أنَّ رأيه هو أنَّ العام بعد التخصيص يتعنون بعنوان الاتّصاف بالعدم ، وممّن اختار ذلك الشيخ النائيني(قده) ، ولذلك الشيخ النائيني(قده) لا يبني على حجية الاستصحاب في الأعدام الأزلية لأنه يقول إنَّ العام يتعنون بالاتّصاف بالعدم واستصحاب عدم الاتّصاف لإثبات الاتصاف بالعدم هو أصلٌ مثبت ، وقد بيّنا كلامه.

والخلاصة:- إنَّ ما أفاده الحاج ميرزا علي الايرواني(قده)مبني على أنَّ الباقي بعد التخصيص هو الاتّصاف بالعدم ، ولكن قلنا كما يقول صاحب الكفاية(قده) هو أنَّ وظيفة المخصّص هي إخراج عنوان الخاص فقط أما الباقي تحت العام فهو جميع الأفراد التي منها أنه يدٌ على مال الغير زائداً عدم التسليط المجاني فإنَّ هذا المقدار يكفي.