38/12/25


تحمیل

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

38/12/25

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- مسألة ( 39 ) حكم جوائز الظالم – المكاسب المحرّمة.

وربما يخطر إلى الذهن في الاعتراض على ما أفاده العلمان:- بوجود احتمال ثالث يعني أنَّ الأمر لا يدور بين أن تكون هذه المسبحة إما ملك للظالم والمفروض أنه لا يرضى أو هي مغصوبة والمفروض أيضاً أنه لا يجوز التصرف في المغصوب كلا بل يوجد شق ثالث يمكن أن يستعان به وتجري قاعدة اليد بلحاظه وهو مثلاً أن يكون من المباحات العامة كما إذا غزا هذا الظالم قوماً من دون إِذن الامام ومن المعلوم أنَّ الغنائم الغزو بغير إذن الامام هي للإمام عليه السلام وحيث ( إنَّ ما كان لنا فهو لشيعتنا ) فيشمل مثل هذا فنقول حينئذٍ هذا من المباحات العامة فإذن الأمر لا يدور بين احتمالين بل هناك احتمال ثالث ، فعلى هذا الأساس لماذا لا تجري قاعدة اليد فيما هو تحت يد الظالم بعد فرض وجود هذا الاحتمال الثالث ؟

وجوابه:- إنه بناءً على هذا الاحتمال الثالث أيضاً لا نحتاج إلى قاعدة اليد بل هو من المباحات العامة بلا قاعدة اليد.

إذن قاعدة اليد لا أثر لها على جميع هذه الاحتمالات الثلاثة ، فعلى الاحتمال الأوّل هو ملك الجائر وهو لا يرضى ، وعلى الاحتمال الثاني هي غصب ولا يجوز التصرف فيها ، وعلى الثالث فهي مباحات عامة فلا تحتاج إلى قاعدة اليد ، فإذن تطبيق قاعدة اليد على ما تحت يد الجائر لا أثر له فتجري قاعدة اليد في الجائزة اليتي أخذها المهدى إليه من دون معارضة ، هكذا ذكر العلمان.

والمناسب في المناقشة أن يقال:- إنه يوجد أثر لتطبيق قاعدة اليد على الموجود بيد الجائر حيث لو طبقت قاعدة اليد فسوف تجوز الشهادة بأنه ملكه ، فإنَّ الشيء إذا كان تحت يد إنسان يجوز الاستناد إلى قاعدة اليد وأداء الشهادة بأنه له كما دلت عليه الرواية ، أو إذا لم يكن هناك نزاع يجوز الإخبار بأنه ملكه ولا يكون كذباً ، وهذا أثر من آثار تطبيق قاعدة اليد على ما هو موجود تحت يد الجائر.

إذن تطبيق قاعدة اليد له أثر بلحاظ كلا الطرفين ، فبلحاظ ما أهدي أثره هو أنَّ هذا هو ملك الجائر فعلى هذا الأساس أهداه لي فيجوز التصرّف ، وتطبيقها فيما بقي تحت يده له أثر أيضاً حيث يثبت أنه ملكه وبالتالي يجوز الشهادة أو لا أقل الإِخبار بأنه ملكه.

فإذن لتطبيق قاعدة اليد في كلا الطرفين يوجد له أثر شرعي ، ونحن نعلم أن أحد الأثرين باطل جزماً لأنَّ أحد التطبيقين هو باطل ، إما التطبيق الأوّل باطل يعني التطبيق على الجائزة باطل وذلك بأن تكون مغصوبة أو أنَّ التطبيق الثاني باطلاً وذلك بأن يكون الثاني هو المغصوب فلا تجوز الشهادة ولا الإِخبار .

إذن الأثر يمكن أن نتصوّره في كلا الجانبين ولا ينحصر الأثر بما ذكره العلمان من أنه إما أن تكون للجائر والمفروض أنه لا يرضى أو تكون للغير وهي مغصوبة والمفروض أنه لا يجوز التصرّف في الغصب ، بل نقول يوجد أثر ثالث وهو ما ذكرناه.

إذن تطبيق قاعدة اليد في كلا الموردين له أثر شرعي ، وأحد التطبيقين باطل حتماً ، فلا يمكن تطبيق قاعدة اليد حينئذٍ لأجل المعارضة المذكورة ، وهذه نكتة ظريفة جداً يجدر الالتفات إليها.

إذن لا يمكن أن نقول إنَّ قاعدة اليد غير قابلة للجريان كما أراده العلمان كلا بل هي قابلة للجريان لوجود أثر شرعي بالنحو الذي أشرنا إليه.

والخلاصة من كل ما ذكرنا:- إنَّ تطبيق قاعدة اليد في الجائزة التي أخذها المهدى إليه في الصورة التي أشرنا إليها وهي صورة ما إذا كانت الشبهة محصورة وكلا الطرفين محلاً للابتلاء بالشكل الذي أوضحناه ، والوجه في عدم جريان قاعدة اليد إما على تقدير أنَّ اليد لم تكن يداً في القضايا الشخصية المرتبطة بالجائر كما إذا كانت الهدية من خزائنه الموجودة في أمكانٍ بعيدٍ عنه وتحت سلطنته فإن كانت من تلك الخزائن فلا تجري بلحاظها قاعدة اليد لما أشرنا إليه من أنَّ مدرك القاعدة هو السيرة والقدر المتيقن هو ما كان من الشؤون الخاصّة بالشخص لا مثل الشيء الموجود في خزائن أخرى خصوصاً إذا جاء توّاً ، وإذا فرض أنه كان الشيء من الأمور الخاصّة بالسلطان كالمسبحة ، فلا تجري قاعدة اليد لأجل المعارضة بالشكل الذي اوضحناه خلافاً لما أفاده الأعلام.

الثالثة:- لو فرض أنَّ الجائر مثلاً فتح خزينته الخاصة وقال لي خذ منها ما تحبّه وأنا أعلم أنَّ بعض المال الموجود مغصوب والشبهة محصورة فهنا الجميع تحت محل لابتلاء ففي مثل هذه الحالة هل يجوز الأخذ ؟

والفارق بين هذه الحالة وبين سابقتها هي أنه فيما سبق فرضنا أن الجئر أعطاني أحد المسبحتين وترك الثانية عنده ونهاني عن التصرف فيها وأنا أردت ان أتصرف فيها رغم عدم رضاه وهي تحت محل ابتلائي ، أما هنا فهو يقلو لي خذ ما بدا لك ولكني أعلم أنَّ البعض مغصوب ، فهل يجوز لي أن آخذ شيئاً أو لا ؟

والجواب:- تعرّض صاحب الشرائع(قده) إلى هذه القضية وذكر أنه يجوز الأخذ مادام لا يعلم بأنَّ المأخوذ بعينه هو من المحرمات ، وعلّق الشهيد الثني وقال ( وذلك للنص ) ولم يذكر مقصوده من النص ، فقد قال في مقام العليق على عبارة المحقّق فإن المحقق(قده) قال:- ( السادسة:- جوائز الجائر إن علمت حراماً بعينها فهي حرام وإلا فهي حلال ) ، وعلّق الشهيد الثاني(قده) على ذلك بقوله:- ( التقييد بالعين اشارة إلى جواز أخذها وإن علم أن في ماله مظالم كما هو مقتضى حال الظالم ولا يكون حكمه حكم المال المختلط في وجوب اجتناب الجميع للنص على ذلك )[1] .

والسؤال:- ما هو المقصود من النص ؟