35/11/24


تحمیل
الموضوع: الصوم : المفطرات, السابع , الارتماس , مسألة 30
قال الماتن
(من غير فرق بين أن يكون رمسه دفعة أو تدريجا على وجه يكون تمامه تحت الماء زمانا ، وأما لو غمسه على التعاقب لا على هذا الوجه فلا بأس به وإن استغرقه )[1]
 
اما قوله ( لا فرق بين ان يكون رمسه دفعة او تدريجا )
تارة تطلق الدفعة فيما يقابل الرمس التدريجي وهو أن يدخل رأسه في الماء شيئا فشيئا الى يصير تمام الرأس تحت الماء , اما الدفعة فتكون مرة واحدة .
والمعنى الاخر للدفعة هو ما يقابل التعاقب والمراد بالتعاقب بأن يدخل جزءاً من رأسه في الماء ثم يخرج هذا الجزء فيدخل الجزء الاخر وهكذا الى ان يتم ادخال تمام الاجزاء في الماء بالتعاقب , اي لا يكون تمام الرأس تحت الماء في زمن واحد .
اما الدفعة في مقابل الرمس التدريجي فلا ينبغي ان يكون هناك اشكال بعدم اعتبارها , ولا اشكال في ان المبطلية تثبت سواء ارتمس دفعة واحدة او على نحو التدريج , لأن الذي يستفاد من الادلة هو ان يكون تمام الرأس تحت الماء في زمان واحد سواء ادخله دفعة واحدة او تدريجاً , وهذا ينبغي ان يكون واضحا وخارجا عن محل الكلام , ولا اعتقد بأن صاحب المسالك وصاحب المدارك ناظران الى هذا المعنى من الدفعة .
اما الدفعة بالمعنى الثاني اي ما يقابل التعاقب فيمكن اعتبارها والالتزام بأن ادخال الرأس بنحو التعاقب لا يكون مضرا بالصوم , والسبب في ذلك هو ان رمس الرأس لا يصدق عند ادخاله في الماء على نحو التعاقب _ وهذا هو الذي يفهم من الدليل _ فأن رمس الرأس يتحقق اذا كان تمامه تحت الماء في زمان واحد وهو الذي يكون مبطلا للصوم , وعليه فما ذكره السيد الماتن هو الصحيح.
ثم قال
(والمراد بالرأس ما فوق الرقبة بتمامه ، فلا يكفي غمس خصوص المنافذ في البطلان ، وإن كان هو الأحوط ) الاحتياط هنا استحبابي
وهذا هو الظاهر عرفا ولغة , فأن لفظ الرأس موضوع للرأس بتمامه ,ولا يكفي ان يرمس بعضه لتحقق البطلان ,فلا يكفي غمس خصوص المنافذ في البطلان , لأن الدليل الدال على اعتبار رمس الرأس في المبطلية دل على ما يشمل تمام الرأس , لكن بالرغم من ذلك فأن صاحب المدارك مال الى القول بكفاية غمس خصوص المنافذ وان بقيت منابت الشعر خارج الماء , حيث قال(والمراد بالرأس هنا ما فوق الرقبة ، ولا يبعد تعلق التحريم بغمس المنافذ كلها دفعة وإن كانت منابت الشعر خارجة من الماء .)[2]ولعل ذلك مبني على ما تقدم كما قاله البعض ان علة نهي الصائم عن الارتماس هو الخوف من دخول الماء الى جوفه عن طريق المنافذ, واذا كانت هذه هي علة الحكم فلا داعي لإدخال منابت الشعر في البين , فأن رمس المنافذ في الماء يحقق علة الحكم سواء رمس منابت الشعر او لا .
لكن كما قال صاحب الجواهر بأنه ليس في النصوص ما يشير الى ان علة الحكم هو الخوف من دخول الماء الى الجوف عن طريق المنافذ , ولذا لا يمكن الالتزام بهذا الحكم الذي مال اليه صاحب المدارك , وانما نحن نتعامل مع الدليل وهو قول (لا يرمس رأسه في الماء) وامثاله والمراد بالرأس هو تمام ما فوق الرقبة كما قال السيد الماتن بما فيها منابت الشعر ولو ابقى منابت الشعر خارج الماء لا يصدق عليه الارتماس للرأس فلا يكون موجبا للبطلان والمفطرية .
ثم قال
( وخروج الشعر لا ينافي صدق الغمس(.
وذلك لأن الشعر ليس من الرأس وهذا هو الصحيح.
 
قال الماتن
مسألة 30 : لا بأس برمس الرأس أو تمام البدن في غير الماء من سائر المايعات ، بل ولا رمسه في الماء المضاف وإن كان الأحوط الاجتناب خصوصا في الماء المضاف .[1]
ومقتضى كلامه ان ظاهر الادلة هو رمس الرأس في الماء , والماء اذا ذكر يراد به الماء المطلق ظاهرا , فلا يشمل الماء المضاف فضلا عن سائر المائعات الاخرى , وعليه فإذا رمس الصائم رأسه في الماء المضاف لا يكون مبطلا للصوم فضلا عن المائعات لعدم كون ذلك مشمولا للدليل , ومع ذلك احتاط المصنف في اجتناب ذلك خصوصا في الماء المضاف .
لكن في المسالك قال (وفي حكم الماء مطلق المائع وإن كان مضافا كما نبه عليه بعض أهل اللغة والفقهاء)[4]
وهذا المطلب يحتاج الى دليل , والا فأن الادلة المتقدمة تصرح بأن رمس الرأس المفطر هو ما كان في الماء ؛ والماء ظاهر في الماء المطلق فلا يشمل الماء المضاف فضلا عن سائر المائعات كما ذكرنا .
قد يقال بأن ما ذهب اليه صاحب المسالك من التعدي الى الماء المضاف بأعتبار الغاء خصوصية الماء المطلق بدعوى عدم دخالة ذلك في المفطرية , اي ان القول بأن الماء عندما يكون مطلقا يوجب المفطرية وعندما نظيف اليه شيئا يخرجه عن الاطلاق لا يوجب المفطرية عند غمس الرأس فيه غيرُ محتمل .
وهذا الكلام _ على فرض تمامه _ يقع في تعدي الحكم من الماء المطلق الى الماء المضاف .
اما التعدي منه الى سائر المائعات فأنه قالوا لعله ناشئ من دعوى الخوف من دخول الشيء الى الجوف عن طريق المنافذ ,و الماء وان كان قد ذُكر في الروايات الا انه ذُكر من باب المثال , بأعتبار كونه الحالة الشائعة التي يبتلي بها الصائم خصوصا عند رمس الرأس فيه , والا فلا خصوصية للماء في قبال الماء المضاف ولا في قبال سائر المائعات , فالمناط هو ان لا يدخل الجوف عن طريق ا لمنافذ شيء من هذا القبيل .
وهذان الامران لا يمكن اثباتهما الا عند الوصول الى حالة الجزم او استظهار عدم الخصوصية للماء المطلق ,والظاهر انه من الصعب جدا اثبات اي منهما في المقام , فهناك اعتبارات شرعية يلاحظها الشارع لا يمكن العلم بها, فلعل الماء المطلق له خصوصية في المقام, خصوصا اننا نلاحظ ان الشارع جعل بعض الاحكام مختصة بالماء المطلق كالتطهير وغيره .