35/11/25


تحمیل
الموضوع: الصوم : المفطرات, السابع , الارتماس , مسألة 34,33,32,31
مسألة 31 : (لو لطخ رأسه بما يمنع من وصول الماء إليه ثم رمسه فيالماء فالأحوط بل الأقوى بطلان صومه ، نعم لو أدخل رأسه في إناء كالشيشة ونحوها ورمس الإناء في الماء فالظاهر عدم البطلان)[1]
المصنف يفصّل بين ما اذا لطخ الصائم رأسه بشيء يمنع وصول الماء الى البشرة ثم رمسه, وحكم فيه ببطلان الصوم؛ وبين ما اذا جعل الرأس بشيشة_ كما يفعل الغواصون _وحكم فيه بعدم بطلان الصوم ؛ وهذا التفصيل لعله ناظر الى ما هو المعروف من الشيخ كاشف الغطاء من انه يفصّل بين المانع المتصل بالرأس فيبطل بالارتماس وبين المانع المنفصل عن الرأس فلا يتحقق البطلان حيث قال(قد)( وأمّا سدّ المنافذ وإدخال الرأس في مانعٍ من وصول الماء إليه متّصل به فلا يرفع حكم الغمس ، وفي المنفصل يقوى رفعه .)[1]
وهذا التفصيل مبني على دعوى الصدق العرفي حيث انه يصدق رمس الرأس في الماء في الحالة الاولى , ولا يصدق رمس الرأس في الماء في الحالة الثانية وانما يصدق رمس الشيشة فيه .
وهذا الكلام اذا لم نقل بما تقدم نقله عن بعضهم من ان ملاك النهي عن الارتماس هو الاحتياط من جهة دخول الماء الى المنافذ , اما لو قلنا بأن علة النهي عن الارتماس هو التخوف من دخول الماء الى الجوف عن طريق المنافذ, فأن هذا التفصيل قد يشكك في تماميته عند فرض ان المانع المتصل كالمانع المنفصل في كونه مانعا من دخول الماء , وعلى هذا لا يحصل الفرق بينهما, وانما لابد من الالتزام بعدم المفطرية في كل منهما, لأن كل منهما لا تتحقق العلة فيه التي لأجلها اصبح الارتماس من المفطرات ؛ ولكن تقدم سابقا ان الشيخ صاحب الجواهر نبه على انه لا دليل من النصوص يمكن ان يستفاد منه ان العلة هي الاحتياط من دخول الماء الى الجوف عبر المنافذ, وعليه فتبقى المسألة منوطة بالصدق العرفي .
يذكر الشيخ صاحب الجواهر كلاما يمكن على ضوئه ان يقال بعدم البطلان في كلا الحالتين ؛ والنكتة التي يذكرها هي ان المعتبر في مفهوم رمس الرأس هو وصول الماء الى البشرة , اما اذا رمس رأسه من دون وصول الماء الى البشرة فأنه لا يتحقق مفهوم رمس الرأس , فأن الرأس اسم للبشرة فعندما يقال رمس رأسه أي انه رمس بشرته وعليه فلابد من وصول الماء الى البشرة , فعندما يوجد مانع متصل او منفصل فأنه يمنع من صدق وتحقق مفهوم رمس الرأس في الماء وبالتالي ينبغي ان لا يحكم بالبطلان في كل منهما من غير تفصيل؛ لكن الظاهر ان هذا من الصعب اثباته , فأن وصول الماء الى البشرة غير مأخوذ في صدق اسم الرمس , وانما هو يصدق سواء وصل الماء الى البشرة ام لا .
وعليه فأن المسألة تبقى منوطة بالصدق العرفي , وصدق رمس الرأس في الحالة الاولى التي مثل لها السيد الماتن واضح عرفا فيحكم فيها ببطلان الصوم , واما صدقه في الحالة الثانية فليس واضحا ويكفي التشكيك فيه لعدم الالتزام بالبطلان والمفطرية, بأعتبار انه لا يُعلم شمول الدليل لهذه الحالة , وعليه فالتفصيل الذي ذكره السيد الماتن لعله هو الاقرب.
مسألة 32 :( لو ارتمس في الماء بتمام بدنه إلى منافذ رأسه وكان ما فوق المنافذ من رأسه خارجا عن الماء كلا أو بعضا لم يبطل صومه على الأقوى ، وإن كان الأحوط البطلان برمس خصوص المنافذ كما مر[3](
حيث تقدم سابقا ان صاحب المدارك توقف من هذه الجهة بناءا على ما اُشير اليه من افتراض ان النهي عن الارتماس تخوفا من دخول الماء الى الجوف عن طريق المنافذ؛ فأذا رمس ما عدا المنافذ وابقى المنافذ خارجا فأنه لا يضر بالصوم لعدم تحقق علة النهي عن الارتماس, ولهذا احتاط السيد الماتن استحبابا .
 
مسألة 33 :( لا بأس بإفاضة الماء على رأسه ، وإن اشتمل على جميعه ما لم يصدق الرمس في الماء)[4]ويستدل على هذا الحكم بأمرين: الامر الاول: صحيحة محمد بن مسلم(عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : الصائم يستنقع في الماء ، ويصب على رأسه ، ويتبرد بالثوب ، وينضح بالمروحة ، وينضح البوريا تحته ، ولا يغمس رأسه في الماء)[5]
الامر الثاني: بقطع النظر عن الرواية فأن الرمس مأخوذ في مفهومه ورود الرأس على الماء والمفروض في المثال ورود الماء على الرأس.
ثم يقول الماتن
(نعم لو أدخل رأسه أو تمام بدنه في النهر المنصب من عال إلى السافل ولو على وجه التسنيم فالظاهر البطلان لصدق الرمس ، وكذا في الميزاب إذا كان كبيرا وكان الماء كثيرا كالنهر مثلا .)
وذلك في حال صدق ورود الرأس على الماء اما مع عدم تحقق هذا الامر وعدم صدق ورود الرأس على الماء بل صدق ورود الماء عليه فأنه حينئذ يستشكل على هذا الحكم في حالة الميزاب.
مسألة 34 : (في ذي الرأسين إذا تميز الأصلي منهما فالمدار عليه ،ومع عدم التميز يجب عليه الاجتناب عن رمس كل منهما ، لكنلا يحكم ببطلان الصوم إلا برمسهما ولو متعاقبا)[6]
والكلام تارة يقع في الحكم التكليفي واخرى في الحكم الوضعي وقد حكم الماتن بحرمة رمس كل منهما تكليفا, وهو واضح لوجود العلم الاجمالي المنجز للحكم في كلا الطرفين فيجب الاحتياط .
اما بالنسبة للحكم الوضعي وبطلان الصوم فهل يتوقف الحكم ببطلان الصوم على رمسهما معا ولو متعاقبا ؟ لتحقق الجزم برمس الرأس الاصلي في الماء , او انه يكفي في الحكم بالبطلان رمس احدهما ؟
فالكلام في المقام محل خلاف كبير بين الفقهاء
وقد ذهب السيد الماتن وجماعة الى عدم البطلان وذهب اخرون الى القول بالبطلان , ونحن نذكر اولا ادلة عدم البطلان الذي ذهب اليه السيد الماتن وجماعة من الفقهاء .
وقد اُستدل عليه
اولا : بعدم احراز تحقق موضوع الحكم بالبطلان حيث قالوا بأن موضوع الحكم بالبطلان هو رمس الرأس الاصلي في الماء , او قل بعبارة اخرى الاتيان بما اعتبره الشارع مفطرا وهو رمس الرأس الاصلي في الماء , وهذا لا يحرز في رمس احد الرأسين في الماء , ومن ثَمَ لا يتحقق الموضوع فلا يثبت الحكم بالبطلان ووجوب القضاء .
وهذا نظير ما يقال في باب الملاقي لأحد اطراف الشبهة , كما لو لاقى الثوب احد الانائين المشتبهين فأنه لا يحكم بنجاسته , لأن موضوع النجاسة ملاقاة النجس وهو لا يُحرز عند ملاقاة احد المشتبهين .
وكذلك في محل الكلام لا يحكم بالبطلان لأن موضوع الحكم بالبطلان هو الاتيان بالمفطر وهو غير محرز عند رمس احد الرأسين .