35/12/04


تحمیل
الموضوع: الصوم : المفطرات, السابع, الارتماس ,مسألة ,45,44
 
مسألة 44 ) : (إذا أبطل صومه بالارتماس العمدي فإن لم يكن من شهر رمضان ولا من الواجب المعين غير رمضان يصح له الغسل حال المكث في الماء أو حال الخروج ، وإن كان من شهر رمضان يشكل صحته حال المكث لوجوب الإمساك عن المفطرات فيه بعد البطلان أيضا ، بل يشكل صحته حال الخروج أيضا لمكان النهي السابق ، كالخروج من الدار الغصبية إذا دخلها عامدا ، ومن هنا يشكل صحة الغسل في الصوم الواجب المعين أيضا سواء كان في حال المكث أو حال الخروج)[1]
تقدم الكلام بأن الارتماس يُبطل الصوم بجميع انواعه , والكلام في هذه المسألة يدور حول الصائم الذي ابطل صومه بالارتماس, هل يصح منه الاغتسال الارتماسي في حال المكث في الماء او في حال الخروج؟؟
والكلام مع عدم الاخذ بنظر الاعتبار اشتراط الاحداث في الغسل وانما نفترض الاكتفاء في صحة الغسل لمن كان في الماء بتحريك بدنه, حينئذ نقول ان الكلام تارة يقع _ كما في المتن _ في الصائم صوم شهر رمضان واخرى في ما اذا كان واجبا معينا غير شهر رمضان وثالثة في ما اذا كان الصوم مستحبا او واجبا موسعا ؛ والكلام ينصب في تصحيح الغسل الارتماسي في حال المكث او في حال الخروج .
اما اذا كان الصوم لشهر رمضان وابطل صومه بالارتماس في الماء ثم اراد ان يغتسل مرتمسا في الماء _ اي بتحريك بدنه داخل الماء_ فأن السيد الماتن استشكل في صحة الغسل .
والوجه في صحة الاستشكال هو ان شهر رمضان له خصوصية وهي وجوب الامساك تأدبا عن المفطرات حتى بعد ان يفطر , والمفروض عدم الفرق بين الارتماس الذي يحرم على المكلف سواء كان حدوثا او بقاءً , اي انه يحرم عليه ان يحدث الارتماس وكذلك يحرم عليه البقاء مرتمسا بعد ان حدث ذلك , فيجب عليه الخروج من الماء تأدبا لوجوب الامساك تأدبا عن جميع المفطرات ؛ وعليه فإذا ابطل صومه كما هو المفروض بالارتماس الحدوثي فأنه حينئذ يحرم عليه الارتماس البقائي, ومعه لا يمكنه ان ينوي به الغسل بأعتبار انه منهي عنه ومبغوض للشارع ولا يمكن التقرب بالمبغوض والمبعّد , فيبطل الغسل من هذه الجهة .
ثم استشكل في صحة الغسل الارتماسي في حال الخروج ايضا ؛ والوجه في ذلك هو ان الارتماس الخروجي وان كان واجب عقلا لأنه مقدمة للتخلص من الارتماس الزائد لأنه لو لم يخرج لأرتكب ارتماسا زائدا , والكلام في المقام كما في مسألة الخروج من الارض المغصوبة عندما يتوسطها بسوء اختياره, فأنه يجب عليه الخروج عقلا لكونه مقدمة للتخلص من الغصب الزائد .
فالخروج في المقامين واجب عقلا وغير محرم شرعا لأستحالة تكليف الغاصب او المرتمس, لأنه مضطر الى الخروج وغير قادر على ترك ذلك ؛ فيستحيل ان يُخاطب خطابا شرعيا بحرمة ذلك ( الخروج) , لأن الخطاب الشرعي يوجه لمن كان قادرا على الترك.
لكن مع ذلك فأن هذا لا ينافي ان يكون مبغوضا للشارع بأعتبار ان الارتماس حصل بسوء اختياره , فهو وان اصبح بعد ذلك مضطرا وغير قادر على الترك الا ان هذا الاضطرار حصل بسوء الاختيار ؛ والاضطرار بسوء الاختيار لا ينافي الاختيار _ كما يقولون _ وقد يكون منافيا للأختيار خطابا _ كما قالوا _ الا انه من حيث المبغوضية لا ينافي الاختيار ؛ كما لو رمى الشخص نفسه من اعلى شاهق ,فأنه بعد ان رمى نفسه اصبح مضطرا الى السقوط , فلا معنى للخطاب له في هذا الحال بأن يقال له لا تقتل نفسك لأنه غير قادر على ترك ذلك , ولكن هذا لا ينافي ان يكون السقوط وقتل النفس مبغوضا للشارع بأعتبار انه حصل بسببٍ اختياري.
وعليه فإذا كان هذا الخروج والارتماس الحاصل اثناء الخروج مبغوضا للشارع فحينئذ لا يمكن التقرب به ولا يمكن ان ننوي به الغسل الارتماسي .
هذا الكلام بالنسبة الى الاشكال في صحة الغسل حال الخروج , اما الاشكال في صحته حال المكث فأنه اوضح منه حال الخروج, لأنه يمكن ان تأتي فيه احتمالات كون الخروج واجبا لأنه مقدمة للتخلص من الحرام فلا يكون مبغوضا ؛ وهذه الاحتمالات لا تأتي في حال المكث ؛ وبعبارة اكثر وضوحا ان الحكم في الغسل الارتماسي حال الخروج كحكم الصلاة في حال الخروج من الارض المغصوبة , وهذه المسألة فيها اراء مختلفة , فمن اختار صحة الصلاة هناك فأنه يحكم بصحة الغسل هنا وكذلك من اختار البطلان هناك يختاره في المقام .
والظاهر ان المبغوضية تبقى على حالها ولا ترتفع ولا موجب لأرتفاعها لأن الدخول حصل بسوء الاختيار , وحينئذ يشكل الالتزام بصحة الغسل.
نعم طُرحت مسألة عند بعض الاعلام[2] وهي مسألة الالتزام بتصحيح الغسل على تقدير التوبة , كما لو افترضنا انه دخل الماء عاصيا ثم تاب مما صدر منه وهو في الماء؛ فهل ان حاله يكون كمن رمُس في الماء قهرا ؟ فيكون الخروج غير مبغوض للشارع ويمكن التقرب به حينئذ بالإتيان بالغسل ؟
وبعبارة اوضح ان بطلان الاغتسال كان مبنيا على النهي عن الارتماس , فيكون هذا النهي قد اثَّر في محل الكلام ؛ فإذا تاب وكان كمن ولدته امه فهل يمكن التعامل معه بأنه اضطر الى الخروج وهو كمن اُلقي قهرا في الماء؟؟
هذا الكلام بالنسبة الى الصائم عندما يكون الصوم في شهر رمضان واما اذا كان الصوم واجبا معينا في غير شهر رمضان وابطل صومه بالارتماس العمدي , فهنا ايضا استشكل المصنف في صحة الغسل في حالة المكث والخروج كما هو الحال في صوم شهر رمضان ؛ ولعل الوجه في اشكاله هنا هو الحاقه للواجب المعين بصوم شهر رمضان من حيث وجوب الامساك تأدبا بعد ابطال الصوم ,وحينئذ يحرم عليه الارتماس البقائي , فإذا نوى فيه الغسل فأنه لا يصح , بل حتى في اثناء الخروج كما تقدم الكلام سابقا , فأن هذا الارتماس يكون مبغوضا للشارع ايضا لأن سببه كان اختياريا .
وقد تقدم ان الالتزام بهذا الالحاق صعب جدا فأن جميع الادلة التي تدل على وجوب الامساك تأدبا بعد بطلان الصوم مختصة بشهر رمضان, وبناءً على عدم الالحاق حينئذ لا اشكالفي صحة الغسل لأنه ابطل الصوم ولا يحرم عليه الارتماس البقائي بعد بطلان الصوم فيجوز ان ينوي الغسل فيه لأنه ليس منهيا عنه .
واما اذا كان الصوم مستحبا او واجبا موسعا فأن السيد الماتن حكم بصحة الغسل في حالة المكث والخروج وهذا واضح ,لأنه حينئذ لا حرمة للأرتماس ويجوز للمكلف ابطال صومه بالأكل او الشرب او الارتماس , فإذا ابطله فلا اشكال في ان ينوي الغسل في هذا الارتماس .
 
مسألة 45 (لو ارتمس الصائم في الماء المغصوب فإن كان ناسيا للصوم وللغصب صح صومه وغسله وإن كان عالما بهما بطلا معا ، وكذا إن كان متذكرا للصوم ناسيا للغصب وإن كان عالما بالغصب ناسيا للصوم صح الصوم دون الغسل)[1]
فهنا اربع حالات :
الاولى : اذا كان ناسيا للصوم والغصب فأرتمس في الماء المغصوب فأنه يصح صومه لأن بطلان الصوم يتوقف على الارتماس العمدي والمفروض ان هذا الارتماس مع نسيان الصوم ؛ ويصح غسله ايضا لأن بطلان الغسل بالماء المغصوب انما هو من جهة التصرف الحرام في مال الغير والنهي عن التصرف الغصبي, والنهي في العبادة يقتضي الفساد ؛ وهذه الجهة التي تقتضي بطلان الغسل غير متحققة في حال النسيان وانما تكون متحققة في حال التذكر , لأن النسيان يمنع عقلا من تعلق التحريم في المنسي ويمنع عقلا من توجيه الخطاب الى الناسي , وهذا يعني ان التكليف بحرمة الغصب لا تشمل الناسي , وحينئذ لا نهي في المقام ليكون موجبا لفساد العبادة ( الغسل) , فيكون تصرفه في المغصوب حلالا ولا اشكال فيه .
هذا اذا كان المقصود من كلام السيد الماتن بالنسيان هو النسيان بالمعنى الخاص ( السهو والغفلة ) , اما اذا كان المقصود به في كلامه ما يعم الجهل , كما قد يستظهر ذلك من عبارته بقرينة مقابلته بالعالم , لأنه ذكر الناسي ثم قال وان كان عالما , وقرينة المقابلة تعطي احتمالا في ان المقصود بالناسي ما يعم الجاهل ؛ فأذا كان المراد بالنسيان بالمعنى الخاص فالكلام هو ما تقدم ؛ واما اذا كان المراد بالنسيان ما يعم الجهل فأن الحكم بصحة الغسل حينئذ يكون محل كلام في حالة الجهل ؛ فأن المعروف تصحيح الغسل حتى في حالة الجهل بأعتبار ان المانع من صحة الغسل هو حرمة الغصب, لكنها تمنع من صحة الغسل لعدم امكان التقرب بالمبعد , وانما يكون ذلك عندما تكون الحرمة منجزة , لوضوح ان الحرمة بوجودها الواقعي لا تقتضي فساد الغسل, لأنها لا تمنع من قصد القربة , لعدم العلم بالغصبية .
اذن يختص الموجب لبطلان الغسل بما اذا كانت الحرمة منجزة, وفي حالة النسيان لا تكون منجزة وكذلك الكلام في حالة الجهل فأنها لا تكون منجزة ايضا , فأن المعروف ان الجهل كالنسيان في الحكم بصحة الغسل , لأن الجاهل وان كانت الحرمة ثابتة عليه واقعا , لكن الحرمة بوجودها الواقعي لا تقتضي البطلان , وانما تقتضي البطلان بوجودها الواصل .
هذا هو الرأي المعروف وفي المقابل يذكر السيد الخوئي (قد) ان الغسل في حالة الجهل بالغصبية يُشكل في صحته .