36/07/06


تحمیل
الموضوع: الصوم , المفطرات, فصل يكره للصائم امور .....)
قال الماتن
(الخامس : السعوط مع عدم العلم بوصوله إلى الحلق، وإلا فلا يجوز على الأقوى (.
عُرف السعوط بما يصل إلى الدماغ من الانف.
ويقع الكلام تارة في حال علم الصائم بوصول السعوط إلى الحلق, واخرى مع عدم علمه بذلك.
أما الكلام في حال عدم العلم فيدل على كراهة السعوط للصائم روايتان:
الاولى: موثقة ابي بصير ليث المرادي (قال: سألت أبا عبدالله ( عليه السلام ) عن الصائم يحتجم ويصب في اذنه الدهن، قال : لا بأس إلا السعوط فانه يكره)[1]
وهي موثقة بأعتبار أن فيها احمد بن الحسن بن فضال عن ابيه.
الثانية: موثقة غياث بن إبراهيم ( عن جعفر، عن أبيه، عن علي ( عليهم السلام )، أنه كره السعوط للصائم)[2]
وهي موثقة بأعتبار غياث بن ابراهيم فهو منصوص على وثاقته وان كان ليس منا, وهناك رواية ثالثة لغياث بن ابراهيم ايضاً ولعلها نفس الرواية الثانية لكن في سندها براق الاصفهاني وهو مجهول الحال.
وهي غياث بن إبراهيم (عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي ( عليهم السلام ) قال : لا بأس بالكحل للصائم، وكره السعوط للصائم)[3]
وجميع هذه ا لروايات وردت بعنوان (كره) والظاهر منها أنه لا يمكن الاستدلال بها على اكثر من الكراهة الاصطلاحية أي لا يمكن الاستدلال بها على التحريم, وان كنا نقول بأن لفظ الكراهة في الاصل اعم من ا لتحريم والكراهة الاصطلاحية لكن عندما لا تقوم قرينة على ارادة الحرمة يكون القدر المتيقن منها الكراهة الاصطلاحية فالمرتبة الشديدة من الحزازة التي تساوق التحريم تحتاج إلى قرينة.
ولذا لا يصح الاستدلال بهذه الروايات على الحرمة في محل الكلام, ومنه يظهر أن الصحيح هو ما نسب إلى الاكثر وهو الكراهة, بل سيأتي أن مقتضى اطلاق عبائر الفقهاء الذين ذهبوا إلى القول بالكراهة هو الكراهة حتى في الصورة الثانية (صورة العلم بدخول شيء في الحلق).
نعم في قبال هؤلاء حكي عن المفيد في المقنعة وعن سلار الديلمي في المراسم العلوية الحرمة وبطلان الصوم ووجوب القضاء والكفارة, وفي المقابل حكي عن الاسكافي الجواز بلا كراهة وفي الجواهر عن السيد المرتضى أنه نسب القول بالحرمة والبطلان إلى بعض اصحابنا ولعله يقصد الشيخ المفيد في المقنعة.
اقول تبين مما تقدم أن الصحيح هو ما نسب إلى الاكثر (الكراهة في الصورة الاولى على الاقل) ولا وجه للالتزام بالتحريم, وكذلك لا وجه للالتزام بما ذهب إليه الاسكافي من الجواز بلا كراهة, لأن الروايات صريحة في المبغوضية والحزازة لكنها لا تصل إلى تلك المرتبة الشديدة المساوقة للتحريم.
وأما اذا علم بوصول السعوط إلى الحلق _ وقد عبر الفقهاء كما في الشرائع بما اذا لم يتعدى الحلق أي يكون مكروه اذا كان كذلك ويكون حراماً و مبطلاً للصوم اذا تعدى الحلق _ وقد فسّر صاحب الجواهر عبارة الشرائع (بوصوله إلى ما يحصل معها الافطار).
والمعروف وظاهر اكثر الفقهاء في المقام هو اطلاق القول بالكراهة ولم يخصها بالصورة الاولى, نعم ابن الصلاح الحلبي والقاضي ابن البراج والعلامة في المختلف ذهبوا إلى الافطار والحرمة, هذا هو ملخص ما ذكره الفقهاء في المقام.
اقول لا يخفى أنه تارة نقيد عنوان المسألة بما ذكره صاحب الجواهر (علم بوصوله إلى ما يحصل معها الافطار) وهنا يحكم بالبطلان ويحكم بالحرمة, وهذا المطلب وان كان صحيحا ً الا إنه اشبه بالمصادرة فأن كلامنا في فرض ما لو علم بوصول ما استنشق من السعوط إلى الحلق ثم نزوله إلى الجوف هل يوجب الافطار؟؟ أو لا؟؟
والظاهر أنه لا دليل على وجوبه الافطار, لأن ما ذكر في كلماتهم كدليل على وجوب الافطار والحرمة هو احد شيئين:
الاول: الاستدلال بالنصوص السابقة, وقد تقدم عدم الاستفادة منها ذلك, فنحن وان كنا نقول بعدم ظهورها بالكراهة لكن نلتزم بذلك من باب الاقتصار على القدر المتيقن, والروايات ليس فيها تفصيل بل مطلقة تشمل الصورة الاولى والثانية فتثبت الكراهة لكلتا الصورتين , فتكون دليلاً على عدم الحرمة في الصورة الثانية ايضاً, هذا بناءً على اطلاق الروايات.
أما اذا ناقشنا في ذلك كما لو قيل بأنها ناظرة ومسوقة لبيان كراهة السعوط من حيث هو, والامور الجانية غير مأخوذة بنظر الاعتبار, فهي ساكتة عن مسألة وصول السعوط إلى الحلق ثم النزول إلى الجوف, فهي تقول بأن السعوط جائز ومكروه في حد نفسه ولا تثبت الجواز إلى ما لو وصل الحلق ثم نزل إلى الجوف.
وحينئذ نقول وأن كانت الروايات كذلك (غير ناظرة إلى هذه المسألة) لكنها ليست فيها دلالة على التحريم اطلاقاً.
وحينئذ لا يمكن الاستدلال بها على التحريم في محل الكلام.
الثاني: وهو ما اشار إليه السيد الحكيم (قد) في المستمسك (لما دل على عدم جواز الأكل والشرب، الصادقين مع الوصول إلى الحلق)[4]
ويلاحظ على هذا الكلام:
اولاً: أن مسألة الوصول الحلق _التي قيد الكلام بها تبعاً للسيد الماتن _ ليست تامة لأن مجرد الوصول إلى الحلق لا يثبت التحريم ولا يوجب صدق الاكل والشرب خصوصاً مع اطلاقه الشامل لأوله واوسطه واخره, وإنما الذي يوجبهما هو الوصول إلى الجوف.
وحينئذ لا يمكن الالتزام بأن مجرد العلم بوصول ما استنشقه إلى الحلق يكون موجباً لصدق الاكل والشرب, هذا من جهة, ومن جهة اخرى لو سلمنا أن مقصود السيد الحكيم هو الوصول إلى الجوف بعد الحلق فيصدق الاكل أو الشرب, فنقول بأن ذلك ممنوع ايضاً والسر في ذلك واضح وهو أن السعوط عن طريق الاستنشاق وان قلنا بأنه يصل إلى الجوف ولكنه يصل إلى الرئة وليس إلى المعدة وهذا لا يصدق عليه الاكل والشرب, اللهم الا اذا التزمنا بما تقدم من أن ا لمفطر هو كل ما يصل إلى الجوف وان لم يصل إلى العدة لكن ذلك تقدم مناقشته وعدم الرضا به, فلا توجد قاعدة تقول بأن كل ما يصل إلى الجوف وان لم يصل إلى المعدة يصدق عليه الاكل والشرب, نعم تعدينا إلى بعض الموارد الخاصة _كالمغذي_ بتنقيح المناط.
وعلى فرض العلم بوصول هذه المادة بالاستنشاق إلى المعدة_ مع أن ذلك غير واضح_ يمكن التشكيك في كونه مفطراً, وذلك لما تقدم سابقاً من أن الذي يظهر من الاخبار انه ليس كل ما يصل إلى المعدة ولو كان بمقادير صغيرة جداً يكون مفطراً.
ومن هنا يظهر أن ما نقل عن المشهور من اطلاق القول بالكراهة هو الصحيح.
قال ا لماتن
(السادس : شم الرياحين خصوصا النرجس، والمراد بها كل نبت طيب الريح)
اشار السيد الماتن في ذيل العبارة إلى ما هو المقصود بالرياحين, وهناك احتمال أن المراد به نبت خاص ولعله ما يسمى بالريحان في هذا الزمان, وفي كلمات اللغويين _لسان العرب ومجمع البحرين[5]_ هو كل نبت طيب الرائحة, وفي بعض كلمات اللغويين أن هذا احد معانيه, ويظهر منه أن هناك معنى آخر له وهو النبت المخصوص, ويبدو أنه لا ثمرة عملية لهذا النزاع, وعلى كل حال فالأخبار الواردة في شم الرياحين عديدة ويمكن تقسيمها إلى طوائف:
الطائفة الاولى: وهي التي تنهى عنه مع التعليل وهي عبارة عن:
رواية الحسن بن راشد ـ في حديث ـ قال : قلت لابي عبدالله ( عليه السلام ) : الصائم، يشم الريحان ؟ قال : لا، لأنه لذة ويكره له أن يتلذذ )[6]
ومرسلة الشيخ الصدوق قال الصدوق (وكان الصادق ( عليه السلام ) إذا صام لا يشم الريحان، فسئل عن ذلك ؟ فقال : إني أكره أن أخلط صومي بلذة)[7]
ومفادها تقريباً نفس مفاد الرواية السابقة واستعملت فيهما كلمة الكراهة كلاهما.
وبناءً على الرأي المعروف لا تأخذ الرواية الثانية لأنها مرسلة, وان كانت بعنوان قال الصادق أو كان الصادق, لكن الشيخ الصدوق رواها بالعلل بهذا السند (محمد بن موسى بن المتوكل عن السعد ابادي عن احمد بن ابي عبدالله البرقي عن عبدالله بن الفضل النوفلي عن الحسن بن راشد قال كان ابو عبد الله عليه السلام وذكر مثله أي مثل الرواية الموجودة مرسلة في الفقيه)
ومرسلة الشيخ الكليني(وروي أنه لا يشم الريحان لانه يكره له أن يتلذذ به)[8]
وهي نفس مضمون الروايتين ولعلها تشير إلى احداهما.




[5] والريحان : كل نبت طيب الرائحة، وعند العامة نبات مخصوص، وأصله ريوحان بياء ساكنة ثم واو مفتوحة لكن أدغم ثم خفف، بدليل رويحين بالتصغير.. ونقل في المصباح عن جماعة أنه من بنات الياء كشيطان بدليل جمعه على رياحين. وفي الحديث الحسن والحسين ريحانتان يعني أشمهما وأقبلهما لأن الأولاد يشمون ويقبلون، فكأنهم من جملة الرياحين