39/04/25


تحمیل

الأستاذ السید عبدالمنعم الحکیم

بحث الفقه

39/04/25

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الإصباح جنباً في قضاء رمضان لا عن عمّد.

ب - الإصباح جنباً في قضاء رمضان لا عن عمّد، والظاهر البطلان.

"كما نسب الى الشيخ، والفاضلين، والمحقق الثاني وغيرهم، بل عن الأخير: نسبته إلى الشيخ والأصحاب"[1] كذا في المستمسك.

ويشهد به النصوص:

كصحيح عبد اللّه بن سنان: "أنه سأل أبا عبد اللّه (ع) عن الرجل يقضي شهر رمضان، فيجنب من أول الليل، ولا يغتسل حتى يجيء آخر الليل وهو يرى أن الفجر قد طلع. قال (ع): لا يصوم ذلك اليوم، ويصوم غيره"[2] .

وهو بإطلاقه شامل لصورتي العمد وعدمه، بل لا يبعد ان قول السائل "وهو يرى أن الفجر قد طلع" فيه عنصر المفاجأة، فينصرف الى عدم التعمد.

وصحيحه الآخر: "كتب أبي إلى أبي عبد اللّه (ع) ـ وكان يقضي شهر رمضان ـ وقال: إني أصبحت بالغسل وأصابتني جنابة، فلم أغتسل حتى طلع الفجر. فأجابه (ع): لا تصم هذا اليوم، وصم غداً"[3] .

وهذه الصحيحة حيث كانت تحكي واقعة خارجية فلو لم يكن الحكم في العمد وعدمه واحد للزم الاستفصال، وحيث لم يستفصل الامام ع، دل ذلك على ان عدم العمد كالعمد موجب للبطلان كما عرفت.

واما احتمال الانصراف الى عدم العمد بتقريب "أن السؤال فيه عن قضية خارجية، والتفات السائل للمسألة مع اهتمامه بصحة صومه لا يناسب تعمده ترك الغسل مع احتمال بطلان صومه معه"[4] .

فهو ـ لو سلم[5] ـ لا يخلو من اشكال لاحتمال التنبه والشك في مفطرية البقاء بعد ذلك.

واما دعوى ان الأصل في نسبة الفعل إلى الفاعل صدوره عن عمّد واختيار، فقول السائل في الصحيحين "...ولا يغتسل.." و"...فلم اغتسل..." ظاهر في تعمد الاصباح جنبا، فالصحيحان اجنبيان عن المقام.

فيدفعها: ان النسبة المذكورة لو كان فيها شيء فغاية ما يمكن ان يقال: ان فيها اشعار بذلك فلا يصل حد الظهور.

ان قلت: الصحيحان يعارضهما ما تضمن عدم بطلان الصوم بالنوم جنبا، كصحيح علي بن رئاب المتقدم: "سئل أبو عبد اللّه (ع)- وأنا حاضر- عن الرجل يجنب بالليل في شهر رمضان، فينام ولا يغتسل حتى يصبح. قال (ع):لا بأس، يغتسل ويصلي ويصوم"[6] .

قلت: هو مختص بصوم شهر رمضان، فلا ينافي مفاد الصحيحين الواردين في القضاء كي يقع التعارض البدوي فضلا عن التعارض المسقر.

نعم الاستدلال بموثقة سَماعة المتقدمة لا مجال له وهو: "سألته عن رجل أصابته جنابة في جوف الليل في رمضان فنام وقد علم بها ولم يستيقظ حتى يدركه الفجر؟ فقال عليه أن يتم صومه ويقضى يوما آخر. فقلت إذا كان ذلك من الرجل وهو يقضى رمضان؟ قال فليأكل يومه ذلك وليقض فإنه لا يشبه رمضان شي‌ء من الشهور"[7] .

وذلك لأنك عرفت ان المستفاد مما في الصدر ـ من كون النوم في جوف الليل مع التأكيد على انه علم بالجنابة ـ مناسب للعمد جدا، خصوصا ان الحديث عن رمضان الذي عرفت مبطلية تعمد الاصباح جنبا فيه وقد حكم فيه بالمبطلية فيتعين حمله على العمد، فيتبعه الذيل فيكون واردا في العمد، واجنبيا عما نحن فيه، فلا تصلح الرواية للتدليل على مقامنا.

والنتيجة: مانعية الاصباح جنبا لصوم قضاء شهر رمضان.

وهل تختص المانعية بالقضاء او تعم مطلق الوجب غير المعين. حكي عن القواعد انه عمم البطلان لكل صوم غير معين، وفي جامع المقاصد قال: "للرواية الصحيحة في قضاء رمضان. وألحق الشيخ والأصحاب به غيره مما لم يتعين"[8] .

ومن الظاهر ان استفادة التعميم من الرواية يبتني على الغاء خصوصية موردها، بدعوى ان المفهوم منها كون الموضوع هو الصوم الواجب غير المعين لا لخصوصية القضاء.

وهو في غاية الاشكال لان الغاء خصوصية المورد موقوف على القطع بذلك وهو كما ترى! فالمتعين الاخذ بعموم الحصر في غيره الوارد في صحيح محمد بن مسلم مافا الى اصالة البراءة.

ومن هنا تعرف الوجه في عدم المانعية في الواجب المعين فان الامر فيه أوضح لعدم احتمال التعدي من نصوص القضاء اليه.


[5] يشكل التسليم بذلك في بعض الحالات من برد او شغل او غلبت نعاس ونحوها خصوصا والمورد قضاء رمضان فلا يترتب عليه مخالفة شرعية اذ غاية ما يكن ان يلزم هو إعادة القضاء.