39/04/28


تحمیل

الأستاذ السید عبدالمنعم الحکیم

بحث الفقه

39/04/28

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: معاودة النوم بعد إنتباهتين حتى يطلع الفجر.

ومعاودة النوم بعد إنتباهتين حتى يطلع الفجر[1] (1)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أقول: يمكن ان نتصور لنوم الجنب في شهر رمضان ليلًا صورا خمس:

الأولى: ان ينام مع العلم بعدم الاستيقاظ قبل الفجر.

الثانية: ان ينام عازماً على ترك الغسل، سواء علم بالاستيقاظ، او احتماله فقط.

الثالثة: ان ينام متردداً في الغسل.

الرابعة: ان ينام غافلًا عن الغسل.

الخامسة: ان ينام بانياً على الغسل لو استيقظ.

اما الصورة الأولى: فلا اشكال في المفطرية اذ مع العلم بعدم الاستيقاظ والالتفات لجنابته يكون الاقدام على النوم اقدام على البقاء على الجنابة متعمّداً. فيلحقه حكمه.

واما الصورة الثانية: فالظاهر عدم الخلاف في المفطرية فيها ايضاً، فعن المعتبر والمنتهى: نسبتها الى علمائنا، وعن الرياض دعوى الاتفاق عليها،

والظاهر ان اتفاقهم كان لفهمهم صدق البقاء على الجنابة متعمداً في هذه الصورة.

لكن قد يستشكل في صدق البقاء على الجنابة متعمداً في المقام وذلك لأن "نصوص المفطرية مع النوم مطلقاً معارضة بمثلها...فصحيح محمد بن مسلم عن أحدهما (عليهما السلام) قال: "سألته عن الرجل تصيبه الجنابة في شهر رمضان ثم ينام قبل أن يغتسل؟ قال يتم صومه ويقضى ذلك اليوم إلا أن يستيقظ قبل أن يطلع الفجر فان انتظر ماء يسخن أو يستقى فطلع الفجر فلا يقضى يومه"[2] .وغيره المتضمن للأمر بالقضاء، يعارضه صحيح ابي سعيد القماط: "أنه سئل أبو عبدالله ع عمن أجنب في شهر رمضان في أول الليل، فنام حتى أصبح. قال: لا شيء عليه. وذلك أن جنابته كانت في وقت حلال"[3] . وغيره المتضمن لعدم القضاء.

ومن هنا لابد من الجمع بين الطائفتين...بالتفصيل بين العمد وغيره بقرينة نصوص تعمد النوم، فيكون المعيار على ما يظهر من نصوص تعمد النوم التي تكون شاهد جمع، لا على نصوص الطائفتين المتعارضتين.

وأما دليل مفطرية تعمد النوم فهو صحيح الحلبي عن ابى عبد الله عليه السلام "انه قال في رجل احتلم أول الليل أو أصاب من أهله ثم نام متعمدا في شهر رمضان حتى أصبح؟ قال يتم صومه ذلك ثم يقضيه إذا أفطر من شهر رمضان ويستغفر ربه"[4] .

وصحيح البزنطي عن أبى الحسن عليه السلام قال "سألته عن رجل أصاب من أهله في شهر رمضان أو أصابته جنابة ثم ينام حتى يصبح متعمدا؟ قال يتم ذلك اليوم وعليه قضاؤه"[5] .

وظاهر الأول وإن كان هو كفاية تعمد المكلف النوم وإن لم يقصد استمراره حتى يصبح، إلا أنه لا يصلـح حينئذٍ لأن يكون شاهد جمع بين نصوص مطلق النوم، حيث لا مجال لحمل النصوص المتعددة الدالة على عدم مفطريته على خصوص من غلبه النوم من دون قصد له، لندرة ذلك واحتياجه للتنبيه.

ومن ثم يتعين حمله على ما هو ظاهر الثاني أو المتيقن منه من قصد النوم المستمر للصباح، في مقابل ما إذا قصد النوم من دون قصد لاستمراره، أو مع القصد لعدم استمراره. وبذلك يكون الصحيحان شاهدي جمع بين نصوص مطلق النوم.

ويكون المتحصل من مجموع النصوص الحكم ببطلان الصوم من الجنب مع النوم بقصد استمراره للصباح، وعدم المفطرية مع النوم الغالب من دون قصد، أو مع القصد له من دون قصد للاستمرار فيه، أو مع القصد لعدم الاستمرار.

أقول: يبدو لي ان دعوى الظهور في اعتبار قصد النوم المستمر للصباح في الرواية الثانية هي تأخير لفظة "متعمدا" في قوله ع " ثم ينام حتى يصبح متعمدا" ومن الظاهر انها راجعة الى "ينام" كالرواية السابقة لان استمرار النوم الى الصباح ليس اختياريا كي يتعمد انما الذي يتعمد هو النوم لا غير. وبالتالي تكون كلا الروايتين ظاهرتين في كفاية تعمد المكلف النوم في المفطرية وإن لم يقصد استمراره حتى يصبح.

وحيث عرفت هذا فالنوم عازما على عدم الغسل عبارة أخرى عن البقاء على الجنابة. ولا يضر فيه كونه عند الفجر غير قاصد له لنومه.

وان شئت قلت: بعد فرض العزم على ترك الغسل لا فرق في صدق تعمد البقاء على الجنابة بين كونه عند الفجر نائما أو مستيقظا

والمتحصل انه يكون من البقاء على الجنابة فيترتب عليه حكم البقاء