39/06/21


تحمیل

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

39/06/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- تتمة مسألة ( 48 ) هل يجوز استعمال ألفاظ البيع في الشراء وبالعكس أو لا ، مسألة ( 49 ) - المكاسب المحرّمة.

إذا كان الشخص ولياً أو كيلاً عن طرفين فهل يحتاج إلى ايجاب وقبول أو يكفي الوكيل أو الولي الواحد عن الطرفين بأن يجري ايجاباً بلا حاجة إلى قبول ؟

ذكر السيد اليزدي(قده) في عبارته السابقة:- أنه لا يحتاج إلى قبول ، بل يكفي الايجاب.

بيد أنَّ السيد الخوئي(قده) ذهب إلى اعتبار ذلك في كليهما:-

أما بالنسبة إلى الوكيل:- فباعتبار ان الموكّل لع التزامه الخاص ، فهو عاقل بالغ فالتزامه ببيع الكتاب مقال الثمن معتبر ، وهو صاحب الالتزام ، والمشتري أيضاً له التزامه ، فكلٍّ منهما صاحب التزام وله التزامه الخاص ولابد من ابراز هذين الالتزامين معاً ، والابراز بواحد لا يكفي.

إذن هو(قده) ربط هذه المسألة بمسألة استعمال اللفظ الواحد في أكثر من معنى ، وهناك قال إنه حتى لو فرض أنه ممكن ولكنه ليس عرفي وهو خلاف الظاهر ، فإنَّ الظاهر عرفاً من كلّ لفظ ارادة معنىً واحد لا أكثر فإنَّ استعماله في أكثر معنى مستهجن عرفاً وخلاف السيرة ، فهو طبّق هذا هنا فقال ( حيث إنه لابد من التزام البائع ولابد من التزام المشتري فلابد من ابراز هذين الالتزامين وحيث إنه لا يمكن بلفظ واحد ابراز معنيين والتزامين ولا أقل هو مخالف للسيرة العقلائية العرفية فإذن لا يصح الابراز الواحد عن كلا الالتزامين ، فلابد من ابراز الالتزام الثاني عن المشتري بجملة قَبِلتُ)[1] .

أما بالنسبة إلى الولي:- فالأمر كذلك ، فإنَّ المولّى عليه يعتبر التزامه - وإن كان صغيراً - غايته إنشاؤه ليس بمعتبر أما أصل التزامه فهو ثابت له ، بيد أنَّ ابراز هذا الالتزام بالألفاظ وبالإنشاء ليس بكافٍ وليس له قيمة شرعاً ، وإنما القيمة للإبراز الذي يصدر من الولي.

فهو الآن فرّق بين الابراز وبين ثبوت الالتزام ، فالشارع جعل التزامه معتبراً وإنَّ كان المولّى عليه صغيراً غايته ابرازه ليس بمعتبر فيلزم حينئذٍ أن لا يكفي ايجاب الولي فقط وإنما لابد من القبول ، فيقول الولي ( زوجت بنت اني الأوّل من أبن ابني الثاني ) ثم بعد ذلك يلزم أن يقول ( قبلت ) ، لأنَّ أصل التزام المولّى عليه معتبر غايته يكون ابرازه لهذا الالتزام ليس بمعتبر ، ونصّ عبارته:- ( إذ الالتزام في الحقيقة قائم بالمولّى عليهما والعقد بينهما غاية الأمر إنه حيث لا عبرة بإنشائهما مباشرة يقوم الولي مقامهما في الابراز والانشاء فالولي إنما يلتزم من قبل المولّى عليه في حين أنَّ السيد إنما يلتزم من قبل نفسه لا من قبل العبد والأمة ) ، يعني يريد أو يقول هناك فرق فلا تقس هذا على مسألة العبد والأمة ، فالعبد والأمة أصلاً ليس لهم سلطنة والتزام ﴿ ضرب الله مثلاً عبد مملوك لا يقدر على شيء ﴾ بل كل ما هو ثابت هو للمولى ، أما هنا فالتزام الموّلى عليه معتبر.

وفيه:-

أوّلاً:- فبالنسبة إلى الولي يمكن أن يقال إن المولّى عليه ليس له التزام ولا اعتبار لالتزامه خصوصاً إذا كان طفلاً في القماط ، لكننا نريد أن نقطع النظر عن هذا ، فنحن أوّلاً نريد أن نقول إنَّ التزامه ليس بمعتبر ، ولكن الذي نريد أن نقول له هو أنه لو تنزلنا وسلّمنا بأنَّ الموّلى عليه له التزام وسلطنة ولكن مع ذلك لا حاجة إلى ايجابٍ وقبول ، وذلك باعتبار أنه يمكن أن يقال بأنَّ الشريعة جعلت الحقّ للاثنين معاً - أي المولّى عليه والولي - فالولي له سلطنة في عرض السلطنة والالتزام الثابت للمولّى عليه ، وتدل على ذلك بعض الروايات:-

من قبيل:- صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام:- ( في الصبي يتزوّج الصبية يتوارثان ؟ فقال: إذا كان ابوهما اللذان زوجاهما فنعم ، قلت: فهل يجوز طلاق الأب ؟ قال: لا )[2] ، فهي دلت على أنَّ الأب له ولاية على الطفل في التزويج ، ونحن في كلامنا الأوّل قلنا إنَّ الموّلى عليه ليست له ولاية والتزام وسلطنة ، ولكن لو تنزلنا مع السيد الخوئي(قده) وقلنا إنَّ له ولاية ولكن الأب والجد له الولاية أيضاً في عرض تلك الولاية ، ومادامت لهما والولاية في تزويج الصغيرين فما الحاجة بعد إعمال ولايته إلى أن يقبل ؟!! إذ هو يقبل عمّن ؟ فهل يقبل عن الطفل ؟ قد قلنا إنَّ الولي هو صاحب الولاية فهل يقبل هو فعل نفسه فإنَّ هذا لا معنى له.

فإذن لا نحتاج إلى قبول ، إنما نحتاج القبول فيما إذا فرض وجود ولايتين ولاية على هذا الجانب وولاية على ذاك الجانب ، أما إذا كانت الولاية واحدة على كلا الجانبين فلا يحتاج إلى قبول.

ثانياً:- يمكن أن نصعّد اللهجة ونقول: إنه حتى في الوكيل عن الطرفين لا نحتاج إلى قبول ، والوجه في ذلك هو أننا نسلّم أنَّ لهذا الموكّل ولاية ولذاك الموكّل ولاية على نفسه ولكن المفروض أنَّ كلا الطرفين قالا للوكيل سلطناك أو قبلنا أو وكّلناك على نقل الكتاب من هذا إلى ذاك بدينار ، ففي مثل هذه الحالة صار بسبب توكيلهما مسلّطاً على نقل الكتاب بدينار والدينار مقابل الكتاب ، وهو قد أعمل هذه السلطنة الواحدة ، فهما قد جعلا له سلطنة واحدة ففي مثل هذه الحالة لا حاجة إلى القبول ، إنما نحتاج إلى القبول فيما لو فرض أنَّ الأوّل لم يسلّطه إلا على نقل الكتاب وذاك لم يسلّطه إلا بلحاظ الثمن ، فبعد فرض وجود سلطنتين والتزامين يحتاج إلى ايجاب عن ذاك وقبول عن هذا ، أما إذا فرض أنَّ كليهما قالا سلّطناك على هذه العملية بأجمعها فهنا توجد سلطنة واحدة وهو قد أعملها فالقبول فما الحاجة إلى القبول بعد فرض أنه لا يوجد التزامان وسلطنتان مستقلتان ؟!! ، إذن في كلا الموردين يكتفى بالإيجاب من قبل الولي والوكيل بلا حاجة إلى قبول.

ولعل ما ذكرناه هو نفس ما أشار اليه السيد الحكيم(قده) في المستمسك حيث قال:- ( فإنه لما كان له سلطان على الايجاب والقبول كان ايجابه مغنياً عن القبول لأنَّ في نفوذ ايجابه لا ينتظر قبول قابل )[3] .


[1] تراث اسيد الخوئي، الخوئي، تسلسل33، ص99، كتاب النكاح.
[2] وسائل الشيعة، العاملي، ج20، ص292، أبواب عقد النكاح، ب12، ح1، ط آل البيت.
[3] المستمسك في شرح العروة الوثقى، السيد الحكيم، ج14، ص346.