1439/10/17


تحمیل

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الأصول

39/10/17

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : الاستصحاب التعليقي / تنبيهات الاستصحاب

تقدم الاعتراض الأول على ما ذكره السيد الشهيد ( قد ) من التفصيل في جريان الاستصحاب التعليقي وكان حاصله : ان الاختلاف في اخذ القيدين على نحو الطولية او العرضية انما هو اختلاف في التعبير والصياغة ويبقى الامر بلحاظ المباديء واحد لا يفرق فيه بين النحوين فالنتيجة اننا نعلم بان الشارع حرم العصير العنبي المغلي ومناط هذا الحكم هو مجموع الامرين من العنبية والغليان ، وعلى هذا يتم ما ذكره المحقق النائيني ( قد ) من ان هذه الحرمة لا تكون فعلية الا بتحقق كلا الامرين .

ولكن من الواضح ان السيد الشهيد ( قد ) لا يريد ان يدعي ان الاختلاف في الصياغة والتعبير فقط اذ من الواضح ان هذا لا يغير من الواقع شيئا الا اذا كانت الصياغتان لا تعبران عن اختلاف في مقام الثبوت ، فاختلاف الصياغة يكشف عن وجود نحوين من الحكم يمكن تصورهما في مقام الثبوت :

الأول : حرمة منوطة بكل من الامرين في عرض واحد

النحو الثاني : حرمة ثابتة للعنب منوطة بالغليان بحيث تكون اناطتها بالعنب في طول اناطتها بالغليان ، وهذا النحو الثاني يمكن فرضه وتصوره ، نعم المناسب في مقام الصياغة ان يعبر عن النحو الأول بنحو قوله : العنب المغلي حرام ، وفي النحو الثاني بان يأتي بتعبير يدل على هذه الطولية كان يقول : العنب اذا غلا حرم او ان يقول العنب المغلي منه حرام ،

وبعبارة أخرى : ان ما يدخل في عهدة المكلف يمكن افتراض انه حرمة منوطة بكلا الامرين في عرض واحد ، وأخرى نفترض ان ما يدخل في عهدة المكلف هو حرمة منوطة بالغليان ثابتة للعنب ، وفي الحقيقة فان هذا الاختلاف بينهما يستوجب ما ذكره من ان الاستصحاب لا يجري في الفرض الأول دون الثاني فيمكن ان نشير الى العنب الخارجي ونقول هذا اذا غلا حرم فيتحقق اليقين بالحرمة حدوثا لان موضوعها هو العنب لا العنب المغلي وبهذا يمكن اجراء الاستصحاب ، فليس الفرق في الصياغة فقط .

ويمكن ان يضاف الى هذا بان هذا الاعتراض يمكن تصوره في الاحكام التكليفية التي يكون ملاكها الحب والبغض ، ولكن لا مجال لحديث الإرادة والحب والبغض في الاحكام الوضعية فعلى تقدير تمامية هذا الاشكال يكون مختصا بالاحكام التكليفية ، مع امكان جريان الاستصحاب التعليقي في الاحكام الوضعية كما في صحة المعاملة التي تتوفر فيها كل قيود الصحة سابقا باستثناء قيد واحد ثم يتحقق هذا القيد مقارنا لزوال حالة من الحالات المحتملة الدخل في الحكم الوضعي .

الاعتراض الثاني : وهو ما أشار اليه السيد الشهيد ( قد ) وهو يرد على كل تقريب يدفع الاشكال باستصحاب القضية الشرطية التعليقية ، وحاصله : ان ما يثبت بهذا الاستصحاب بعد افتراض جريانه هو الحكم المشروط لا الحكم الفعلي ، واثبات الاحكام المشروطة لا يكفي لاثبات التنجيز لانه انما يترتب على الحكم الفعلي ، وهذا الحكم المشروط انما يتحول الى حكم فعلي اذا تحقق شرطه وهو الغليان في المثال وهذا التحول عقلي لا شرعي فيكون الاستصحاب الجاري في الحكم المشروط لاثبات الحكم الفعلي أصلا مثبتا ، لان ترتب الحكم الفعلي على استصحاب الحكم المشروط ترتب عقلي ، كما هو الحال في ترتب فعلية الجزاء على فعلية الشرط ،

فان كان المقصود من هذا الاستصحاب هو اثبات القضية التعليقية فقط فلا يترتب عليها التنجيز ، وان كان المقصود استصحاب القضية الشرطية لاثبات القضية التنجيزية فالترتب بينهما عقلي لا شرعي .

وهذا الاعتراض قد يندفع بما ذكره السيد الشهيد ( قد ) من ان هذا الاعتراض لا يتم على جميع المباني فهو لا يتم على مسلك جعل الحكم المماثل لان معنى ان مفاد دليل الاستصحاب هو جعل الحكم المماثل هو ان دليل الاستصحاب يجعل حكم ظاهري مماثل للحكم المستصحب وفي محل الكلام فان المستصحب هو الحرمة المنوطة بالغليان فيكون الثابت بالاستصحاب حكما ظاهريا مماثلا له وهذا وان كان تحوله الى الفعلية عند تحقق الغليان اثر عقلي لكنه من اثار نفس الاستصحاب لا المستصحب ، واللازم العقلي لنفس الاستصحاب لا اشكال في الالتزام به لان دليل الاستصحاب امارة ومثبتاتها حجة ، والاصل المثبت انما يلتزم بعدم جريانه اذا كان اللازم لازما للمستصحب ،