1440/02/05


تحمیل

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

40/02/05

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- حجية خبر الواحد.

والمهم فيما ذكره هو الاحتمال الخامس وإبطاله.

ولكن يردّه[1] :-

أوّلاً:- إنه يجب التبيّن إذا كان الخبر لعادل ولكن على خلاف الشهرة ، فهذا الاحتمال لا يمكن نفيه بقاعدة الواحد لا يصدر إلا من واحد ، والوحه في ذلك هو أننا نفترض وجود جعلين لا جعلاً واحداً ، فأنت افترض أنَّ وجوب التبيّن واحد فإذا كان واحداً فصحيح أنه لا يمكن أن يصدر من اثنين ، ولكن لنقل يوجد جعلان لا جعل واحد جعل لوجوب التبيّن إذا كان المخبر فاسقاً ، وجعل ثانٍ لوجوب التبيّن إذا كان الخبر مخالفاً للمشهور.

ولو قلت:- ما هو المثبت لوجود جعل ثانٍ ؟

قلت:- نحن لا نملك مثبتاً ، ولكن في نفس الوقت نقول نحن لا نملك نافياً والمهم أن تأتي بالنافي ينفي هذا الجعل الثاني ، فلعل الله عزّ وجلّ في عالم التشريع عنده تشريعان تشريع وجوب التبيّن إذا كان المخبر فاسقاً أبرزه بهذه الآية الكريمة وتشريع آخر غاية الأمر أنه لم يبرزه ، وأصل البراءة لا يجري في مثل موردنا وإنما يجري في الوجوبات التكليفية ، فأنت تريد أن تستنتج الحجية وأنَّ خبر العادل بجميع أصنافه حجة وهذا لا يمكنك إلا أن تنفي وجود جعلٍ لوجوب التبيّن إذا كان الخبر مخالفاً للمشهور مثلاً وإن كان لعادل ، وهذا لا يمكن نفيه ، والخلاف بين الأصوليين هو هنا ، فهم يقولون إنَّ الآية الكريمة دلت على وجوب التبيّن عند مجيء الفاسق، وهذا صحيح ، ولكن لعله يوجد وجوب تبيّن لخبر العادل أيضاً ، فعليك أن تنفيه ، ولا نافي له ، ومادام لا يوجد له نافٍ ، فعلى هذا الأساس لا يمكن أن تثبت الحجية له.

ثانياً:- إنَّ قاعدة الواحد إن تمت فهي تتم في الأمور الحقيقة لا في الأمور الاعتبارية المجعولة ، فلا معنى لتطبيقها في الأمور الاعتبارية ، وهذا من الواضحات.

التقريب السادس:- وهو لعله يرجع إلى تقريب الشيخ الأعظم(قده) روحاً ولكن صياغةً فهو شيء آخر ، وهو أن يقال: إنَّ الآية الكريمة أثبتت وجوب التبيّن استناداً إلى وجود المانع ، يعني كأنها تقول يوجد مانع من الأخذ بخبر الفاسق وهو الفسق ، فهي اعتمدت واتكأت على حيثية المانع ، فيجب التبيّن لوجود المانع من الحجية وهو فسق المخبر ، والاستناد إلى المانع يدل على أنَّ المقتضي تام وموجود ، يعني أنَّ الخبرية هي مقتضٍ للحجية ولكن لوجود المانع في خبر الفاسق هو ليس بحجة ، فهي قد استندت إلى المانع فيفهم من ذلك عرفاً أنَّ الخبرية هي مقتضٍ للحجية ، إذ لو لم تكن الخبرية مقتضية للحجية لكان المناسب للآية الكريمة أن تعلل بعدم المقتضي وذلك بأن تقول ( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم مخبرٌ بنبأ فتبيّنوا ) فتفي المقتضي عن مطلق الخبر ، فتستند إلى عدم المقتضي ولا تستند إلى وجود المانع ، فاستنادها إلى وجود المانع يدل على أنّ المقتضي للحجية في خبر العادل موجود ، فيثبت بذلك المطلوب.


[1] وكلا هاتين المناقشتين للاحتمال الخامس وابطاله، وأما الاحتمالات الأخرى فلا مشكلة فيها.