1440/03/06


تحمیل

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

40/03/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- مسألة ( 57 ) حكم المقبوض بالعقد الفاسد.

وبعد أن عرفنا الرواية فقد يقال:- إنَّ مورد هذه الرواية هو الغصب وكلامنا ليس في الغصب وإنما هو في المقبوض بالعقد الفاسد ، فيمكن في باب الغصب المدار يكون على قيمة يوم المخالفة الذي هو يوم الضمان لكن في المقبوض بالعقد الفاسد ربما يكون المدار على يوم التلف أو أعلى القيم مثلاً ، فعلى هذا الأساس كيف نتغلّب على هذه المشكلة ؟

قد يجاب بجوابين:-

الأوّل:- التمسك بإجماع الفقهاء على عدم الفرق من هذه الناحية ، يعني لم يبرز فقيه احتمال الفرق ، فعلى هذا الأساس يمكن أن يقال هناك على عدم التفصيل بين باب الغصب وبين باب المقبوض بالعقد الفاسد فبضم عدم الفصل الثابت عند الفقهاء نتعدى من مورد الرواية إلى موردنا.

وهذا جواب لا بأس به إن تمت الصغرى.

الثاني:- أن نقول إنه يلزم إذا كان المدار على يوم آخر أسوأية حال المقبوض بالعقد الفاسد من الغصب وهو غير محتمل ، لأنَّ الغاصب فيه حيثية الغصب فيلزم أن يكون حاله أشد لا أخف من القابض بالعقد الفاسد ، لأنَّ القبض بالعقد الفاسد لا يدري أن هذا عقد فاسد ، وفي أي حالة يلزم أن يكون حال المقبوض بالعقد الفاسد أشد من حال الغاصب ؟ فيما إذا فرض أنَّ القيمة يوم الغصب كانت أقل منها بعد ذلك فسوف يصير حال الغاصب أحسن - لأنَّ أقل القيمة هي يوم الغصب - ، فلو كان المدار في المقبوض بالعقد الفاسد على قيمة يوم التلف أو أعلى القيم أو يلزم من ذلك أن يكون حال المقبوض بالعقد الفاسد أسوأ ، وهذا غير محتمل عقلائياً وفقهياً ، وهذا يمكن أن يقال بالتعدّي من مورد الرواية إلى مورد المقبوض بالعقد الفاسد إلا إذا لم نتمكن من التغلب على هذه المشكلة تبقى الرواية غير نافعة لأنَّ موردها المقبوض بالغصب فلا تنفعنا ، فلابد من ضم هذه الضمائم ونحوها.

كيف نثبت أنَّ الرواية تدل على أنّ المدار على قيمة يوم المخالفة يعني بعبارة أخرى يوم الضمان الذي كون في العقد الفاسد هو يوم القبض فكيف نثبت إنَّ الرواية تدل على ذلك ؟

ذلك بأن نقول:- إنَّ كلمة ( يوم ) ظرف والظرف يحتاج إلى متعلق يتعلق به كالجار والمجرور وظاهر الكلام أنَّ المتعلّق هو كلمة ( القيمة ) لأنَّ الرواية عبرت هكذا ( نعم قيمة بغلٍ يوم خالفته ) فكلمة ( يوم ) متعلقة بكلمة ( قيمة ( يعني يصير المعنى هكذا ( قيمة يوم المخالفة ) وحينئذٍ تكون دالة على ذلك.

إن قلت:- إنَّ كلمة ( قيمة ) اسم ذات واسم الذات جامد لا يقبل أن يتعلق به الظرف أو الجار والمجرور

قلت:- إنَّ كلمة قيمة تستعمل احباناً بمعنى اسم ذات وأخرى تستعمل بمعنى أسم معنى يعني يرد من كلمة قيمة ما يتقوم به الشيء لأنَّه قد نسأل في بعض الأحيان عن الشيء فنقول كم هي قيمته يعني بم يتقوم ، فنقصد من قيمة ما يتقوم به الشيء فإذا أحذنا كلمة قيمة بهذا المعنى فتصير اسم معنى فتقبل أن يتعلّق بها الظرف لا مشكلة ، وبناء على هذا تكون دالة بوضوح على أنَّ المدار على قيمة يوم المخالفة أي قيمة البغل في يوم المخالفة وبعد هذا البيان لا نحتاج إلى الطريق الصعب الذي سلكه الشيخ الأعظم ، فيظهر أنَّ الشيخ فهم من كلمة قيمة اسم ذات يعني هو جامد فاضطر إلى أن يسلط طريقاً آخر وذكر في هذا المحال طرقين

[1] الطريق الأوّل:- أن نقول إنَّ المورد من تتابع الاضافات ، يعني كلمة قيمة ( نعم قيمة بغل يوم خالفت ) فكلمة بغل لا تقرأ بالتنوين بل بالضم ، أي ( قيمةُ بغلِ يومِ المخالفة ) يعني كلمة قيمة مضافة إلى كلمة بغل وكلمة بغل مضاف إلى كلمة يوم ، وبناءً على هذا سوف نستفيد أنَّ المدار على قيمة يوم المخالفة لكن من طريق تتابع الاضافات.

الطرق الثاني:- أن نقول إنَّ كلمة قيمة مضافة إلى الاثنين معاً يعني كلمة قيمة اضيفت إلى كلمة يوم واضيفت إلى كلمة بغل.

هو لم يصرح بذلك ولكن هذه نتيجة ما ذكره[2] .

ونحن قلنا إنه لا داعي إليه بعد وجود ذلك الطريق المعبّد.

هذا وفي المقابل ذهب غير واحد من الأعلام منهم صاحب الجواهر(قده)[3] إلى أنَّ كلمة ( يوم ) متعلّقة بكلمة يلزمك المقدَّرة أو بكلمة ( نعم ) ، فهو قال متعلّقة بـ( نعم ) وكلّمة ( نعم ) هي بديل عن كلمة ( يلزمك ) حيث قال الامام عليه السلام ( نعم ) وهي بديل عن كلمة ( يلزمك ) ، يعني ( نعم يلزمك قيمة بغل يوم الخالفة ) ، أما متى نلاحظ قيمة البغل فهو شيء مسكوت عنه.

والفارق بين هذا وبين ما سبق حسب النتيجة:- هو أنه فيما سبق المدار في قيمة البغل هو قيمة بغل يوم المخالفة يعني نلاحظ يوم الغصب قيمة هذا البغل كم هي ، أما على هذا الاحتمال فإنه تنشغل ذمتك يوم المخالفة بقية البغل لكن قيمة البغل نلاحظها أي يوم فهل نلاحظها يوم المخالفة أو يوم التلف ؟ إنَّ هذا مسكوت عنه ، فعلى تفسير صاحب الجواهر(قده) أقصى ما تدل عليه الرواية هو أنه يثبت في الذمة القيمة يوم المخالفة أما قيمة ماذا فهو مسكوت عنه بخلاف ما ذكرناه.

وهذا يمكن أن يرد بوجهين:-

الأوّل:- ما أشار إليه الشيخ الاعظم(قده)[4] ، من أنَّ هذا كان شيئاً واضحاً لأبي ولّاد أنه حينما خالف تنشغل ذمته أما الذي كان لا يعرفه هو أنه تنشغل ذمته بقيمة البغل في أي يوم ، فالمناسب للإمام عليه السلام أن يرشد أبا ولّاد إلى قضية لا يعرفها أما القضية التي يعرفها فلا معنى أن يذكر الامام تلك القضية.

ثانياً:- يمكن أن يضاف إلى ذلك أنه بماء على هذا سوف تنشغل الذمّة قبل أن يتلف البغل لأنه بمجرد المخالفة انشغلت ذمته بقيمة البغل ، ولكن في يوم المخالفة البغل موجود بعدُ فلماذا تنشغل ذمته بالقيمة قبل أن يتلف ؟!! إنه لا يحتمل انشغال الذمة بالقيمة للشيء الذي هو بعدُ موجود فهذا الاحتمال بعيد من هه الناحية التي أشرنا إليها.

والخلاصة من كل هذا:- إنَّ هذه الصحيحة يمكن أن يقال إنها تدل على أنَّ المدار في القيمي المضمون هو على قيمة يوم المخالفة لا على قيمة يوم التلف ، وإذا لاحظنا بعض الفقهاء يفتي بهذا فيقول قيمة يوم الغصب والمستند هو صيحة أبي ولاد.

بيد أنه توجد عبارتان في هذه الصحيحة توحيان بأنَّ المدار ليس على قيمة يوم المخالفة بل على قيمة يوم آخر:-

العبارة الأولى:- هي قول الامام عليه السلام ( أو يأتي صاحب البغل بشهود يشهدون أن قيمة البغل حين اكتري كذا وكذا فيلزمك ) يعني قيمة البغل يوم الاكتراء فتلك العبارة تدل على أنَّ المدار على قيمة البغل يوم المخالفة ، بينما هذه تدل على أنَّ المدار يوم الاكتراء فيحصل نحو تهافت في هذه الرواية فكيف العلاج ؟

ويمكن أن يجاب ويقال:- لعل التعبير بذلك أحذ بنحو المرآتية والطريقية لا بنحو الموضوعية حتى يحصل تنافي بين الضابطين ، بمعنى أنَّ الفترة بين يوم الاكتراء ويوم المخالفة هي أقل من يوم لأنَّ يوم المخالفة هو في نفس اليوم الذي خرج فيه هو خالف فمن البعيد أن يحصل تفاوت في القيمة خصوصاً في تلك الفترة الزمنية فإنه ليس عملة صعبة حتى نقول العملة الفلانية صعت أو نزلت بسبب بعض الأمور السياسية أو غير السياسية ، فالاختلاف بعيد.

ولو قلت:- صحيح أنَّ الاختلاف بعيد ولكن لماذا غير الامام التعبير وجعل المدار على يوم الاكتراء فلماذا لم يبقه على يوم المخالفة فما الداعي إلى هذا التغيير ؟

قلت:- يمكن أن تكون النكتة هي أنَّ يوم الاكتراء هو يوم يحظر فيه الناس فإنه في مكان الاكتراء المكارون موجون والناس موجودون فالقيمة تكون أوضح لو لاحظنا يوم الاكتراء أما لو لاحظنا يوم المخالفة فالقيمة ربما لا تكون وعروفة نتيجة عدم حضور أشخاص أما يوم الاكتراء القيمة واضحة والاشخاص موجودون والتغير بين القيمتين شيء بعيد فلعل الامام من هذه الناحية جعل الدار على يوم الاكتراء وهذا وجه وجيه لا بأس به ، وبذلك يندفع هذا الاشكال.


[1] وقد قلنا لابد أن تقرأ كلمة ( يوم ) لا بنحو التنوين بينما على الطريق الذي ذكرناه نقرأها بنحو التنوين.
[2] كتاب المكاسب، الأنصاري، ج2، ص247.
[3] جواهر الكلام، الجواهري النجفي، ج37، ص102.
[4] كتاب المكاسب، الأنصاري، ج2، ص248.