1440/05/05


تحمیل

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الأصول

40/05/05

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : تنبيهات الاستصحاب/ التنبيه الثامن: جريان الاستصحاب في الموضوعات المركبة / حالات توارد الحالتين .

كان الكلام في المقام الاول في مسالة توارد الحالتين وهو في ما اذا كانت احدى الحالتين معلومة التاريخ والاخرى مجهولة، وقلنا بانه لا ينبغي ان يقع الاشكال في جريان الاستصحاب في معلوم التاريخ لتوفر اركان الاستصحاب فيه وانما الكلام في جريانه في مجهول التاريخ وعلى تقدير جريانه فيه يكون معارضا للاستصحاب الجاري في معلوم التاريخ، الا انه قد يمنع من جريانه في مجهول التاريخ بوجوه ذكرنا الوجه الاول والجواب عنه،

واما الوجه الثاني: فهو ان يقال باننا في محل الكلام لا نعلم بان رفع اليد عن الحالة السابقة نقض لليقين بالشك بل يحتمل ان يكون نقضا لليقين باليقين فمثلا اذا كان زمان الطهارة هو الزوال فالنجاسة مرددة بين ان تكون قبل الزوال او بعده فعلى تقدير ان النجاسة حدثت قبل الزوال فقد انتقضت يقينا بالطهارة ، نعم اذا كانت حادثة بعد الزوال فلا يقين بانتقاضها فيكون رفع اليد عنها نقضا لليقين بالشك ، فعلى احد التقديرين يكون النقض نقضا لليقين باليقين ، وحيث ان زمان النجاسة مردد فلا نحرز ان النقض في المقام من باب نقض اليقين بالشك ،

والجواب عنه هو انه لا يكفي في انتقاض الحالة السابقة مجرد تعلق اليقين بنقيض الحالة السابقة ، بل لكي يتحقق العلم بالانتقاض لا بد من فرض تعلق اليقين الثاني بنفس ما تعلق به اليقين الاول وبنفس العنوان الذي تعلق به ، فقد يتيقن الانسان بحالة ويتيقن بنقيضها ولكن كل منهما يتعلق بعنوان غير عنوان الاخر كما لو قطع الانسان بنجاسة الثوب عند الزوال وقطع بطهارته عند نزول المطر فلو فرضنا ان واقع نزول المطر هو نفس واقع الزوال الا ان هذا الانسان لا يعلم بالتطابق بينهما وحينئذ يجتمع كلا اليقينين فلا تتحقق حالة الانتقاض في هذه الحالة بينما لو علم المكلف بطهارة ثوبه قبل الزوال وعلم بنجاسته عند الزوال لانتقض اليقين الاول بوضوح .

وفي محل الكلام فان المراد استصحابه هو النجاسة المتيقنة الحصول مع تردد تاريخها وهذا انما ينتقض لو كان حاصلا قبل الزوال ولا ينتقض لو كان حاصلا بعد الزوال، وحيث اننا لا نعلم بزمان حصول النجاسة فلا يقين بانتقاضها، ثم انه بالوجدان يشعر الانسان بانه شاك بانتقاض النجاسة ، وهذا يعني ان رفع اليد عن الحالة السابقة لا يكون نقضا لليقين باليقين وانما نحرز انه نقض لليقين بالشك .

المقام الثاني : اذا كان كل من الحادثين مجهول التاريخ فلا يعلم المتقدم منهما والمتاخر ، والراي الاول انه لا مانع من جريان الاستصحاب في كل منهما ، فاننا وان كنا نعلم بتحقق كل منهما الا انه لا علم لنا بارتفاع كل حالة بتحقق ما يناقضها في وقت متاخر عنها للتردد بالمتقدم والمتاخر ، ومن هنا يظهر انه لا مانع من جريان الاستصحاب في كل منهما لتوفر اركان الاستصحاب فيه ويكون هذا موجبا للتعارض بين الاستصحابين ، نعم بناءا على ما ذكره صاحب الكفاية من شبهة عدم احراز اتصال زمان الشك بزمان اليقين يقال بعدم جريان الاستصحابين في المقام لاننا نعلم اجمالا بنجاسة الثوب اما قبل زمان طهارته او بعده ، فعلى تقدير ان تكون الطهارة متقدمة والنجاسة متاخرة فلا يمكن اجراء استصحاب الطهارة لعدم اتصال زمان اليقين بالطهارة بزمان الشك بها لانفصال الزمانين بزمان النجاسة ، ونفس الكلام يقال في استصحاب النجاسة فانها معلومة بالاجمال فعلى تقدير ان يكون حصولها في الساعة الاولى وحصول الطهارة في الساعة الثانية فسوف يفصل بين زمان اليقين بالنجاسة وزمان الشك بها فاصل وهو زمان الطهارة المتيقنة

وقد تقدم جوابه سابقا : فان هذا علم اجمالي وهو يقف على الجامع ولا يسري الى الفرد ، فالمكلف دائما شاك في بقاء الطهارة المتيقنة والنجاسة المتيقنة ، نعم على احد التقديرين يوجد انتقاض ولكن لا انتقاض على التقدير الاخر

بل حتى على تقدير القول بتعلق العلم الاجمالي بالواقع الا ان هذا لا ينافي الشك، وعلى تقدير كون النجاسة بعد طهارة الثوب فالطهارة منتقضة واقعا ولكن المكلف يبقى شاكا وهذا المقدار من الشك يكفي لجريان الاستصحاب ، ويضاف الى ذلك ما قلناه من اننا بالوجدان نشعر بوجود الشك ببقاء الطهارة التي كنا على يقين منها كما نشك ببقاء النجاسة التي كنا على يقين منها والى هنا يتبين انه لا مانع من جريان الاستصحاب في كلا المقامين في مجهولي التاريخ وكذا في مجهول التاريخ في مقابل معلومه .