1440/08/18


تحمیل

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

40/08/18

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- استصحاب البراءة - أصل البراءة- مبحث الأصول العملية.

الاعتراض التاسع:- وحاصله إنه إذا كان الاستصحاب يجري لإثبات عدم المنع من التدخين مثلاً - قبل الاسلام أو في بداية الشريعة أو قبل البلوغ - أو من وجوب الدعاء عند رؤية الهلال مثلاً فيترتب على ذلك محذوران:-

المحذور الأول:- إنه إذا جرى استصحاب عدم المنع فحيث إنَّ المجعول في الاستصحاب هو العلمية فيصير المكلف عالماً بعدم المنع ، يعني يرتفع شكه ، فشكه في المنع وعدم المنع سوف يرتفع ، وإذا ارتفع فالبراءة حينئذٍ لا تجري ، ففقدنا البراءة ، فإذاً جريان الاستصحاب يوجب فقدان البراءة وزوالها.

المحذور الثاني:- إذا جرى الاستصحاب وأثبت عدم المنع فما الحاجة إلى تشريع البراءة بعد هذا أوليس ذلك لغواً وعبثاً ؟!! ، فإنه حينما ثبتت البراءة بالاستصحاب فإثبات البراءة بأدلة أخرى يكون بلا فائدة حينئذٍ ، إذ قد ثبتت البراءة من خلال الاستصحاب.

فإذاً هذا الاعتراض ينحل إلى اعتراضين.ويرد عليه:-

إما الاعتراض الأول:- فيرد عليه:-

أولاً:- إنَّ هذا مبني على كون المجعول في الاستصحاب هو العلمية وهذا ليس شيئاً اتفاقيا وإنما هو مبنى البعض ، أما البعض الآخر فيقول إنَّ الاستصحاب قد عبّدنا به الشارع ليس من باب العلمية وإنما هو حكم تعبّدي ، فمتى ما كانت عندك حالة سابقة متيقنة ابنِ على بقائها لا من باب جعل العلمية ولا يهم أن ذلك من أيّ باب فإنَّ هذا تدخل في شأن المشرع ، فهو حكم تعبّدي من قبل الشارع ، كما أنه قبل أن يكون حكماً شرعياً هو حكم عقلائي ، فإنَّ العقلاء أيضاً يبنون على ذلك ، لا أنه من باب جعل العلمية وأنت تصير عالماً ، فإذاً هذا الاعتراض مبنائي.

ثانياً:- إنَّ هذا الاعتراض يتم في حق من وصل إليه الاستصحاب وأنه مجعول بنحو العلمية ويمكن من خلاله اثبات عدم المنع ، فمن وصل إلى ذلك فيلزم ما ذكر من أنَّ البراءة لا يمكن أن تجري في حقه ، لأنَّ الاستصحاب يجعل العلمية فيرفع الشك فلا تجري البراءة ، ولكن من لم يصله ذلك غفلةً عن الاستصحاب وأنه يمكن به اثبات البراءة من خلاله فحينئذٍ تبقى البراءة صالحة للجريان في حق هذا الشخص.

فإذاً هذا الاشكال لا يلزم في المساحة الوسيعة وإنما يلزم في المساحة الضيقة.

ثالثاً:- أن يقال: إنَّ البراءة المقصودة هي نتيجة البراءة ، فنحن نريد نتيجة البراءة ، ونتيجة البراءة هي رفع المنع عن التدخين أو رفع وجوب الدعاء عند رؤية الهلال مثلاً ، فإذا كان هذا هو المطلوب وليس اسم البراءة وإنما نتيجتها فنقول إنَّ هذه النتيجة نقول هي قد ثبتت باستصحاب عدم المنع وبالتالي أصير عالماً بعدم المنع ، فحصلت لي البراءة ، ولا تقل لي ليس عندك براءة ، فأقول أنا أريد من البراءة أن تجعل التدخين جائزاً لي ، أي أنا أريد نتيجة البراءة أما أسم البراءة فلا يهمّني ، والنتيجة ثابتة حينئذٍ ولا أريد أكثر من هذا ، وعلى هذا الأساس لا يلزم من ذلك أنه بجريان الاستصحاب لا تثبت البراءة حينئذٍ ، بل نتيجة البراءة ثابتة وهي المقصودة ، وبعد ثبوت النتيجة لا نريد شيئاً أكثر من ذلك.