1441/03/12


تحمیل

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الأصول

41/03/12

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الأصل الثانوي في الدليلين المتعارضين

كان الكلام في تقديم المطلق الشمولي على المطلق البدلي وقلنا بانه استدل على ذلك بوجوه وتقدم الوجه الأول وذكرنا الجواب الأول للسيد الخوئي (قده) بان هذا مجرد استحسان لا يوجب اظهرية الاطلاق الشمولي بالنسبة للإطلاق البدلي

وقلنا بانه يمكن ذكر وجه فني لهذا الوجه الأول وكان حاصله دعوى ان الشمولية والبدلية ليستا من شؤون الاطلاق وانما تستفادان من قرينة خارجية، وإذا ضممنا الى ذلك ان التنافي هو بين الشمولية في المطلق الشمولي والاطلاق في المطلق البدلي، وهذه تعتمد على دعوى ان افتراض تعلق الحكم بالطبيعة من دون قيد في المطلق البدلي ينافي الشمولية في المطلق الشمولي لان مقتضى الشمولية هو ثبوت النهي في مادة الاجتماع، فالعمدة في التنافي هو بين الشمولية في المطلق الشمولي وبين الاطلاق البدلي

والنتيجة انه لابد من تقديم المطلق الشمولي لان الاطلاق في المطلق البدلي يتوقف على الاطلاق ومقدمات الحكمة، والدليل الخارجي الذي يثبت الشمولية في المطلق الشمولي يصلح ان يكون قرينة على الخلاف فلا تنعقد مقدمات الحكمة في المطلق البدلي

ويلاحظ عليه: ان دعوى التنافي بين الشمولية في المطلق الشمولي والاطلاق البدلي ليست واضحة بل الظاهر ان التنافي بين الاطلاقين، واذا تمت هذه الدعوى فان هذا الوجه لا يتم؛ فكما يمكن ان يكون المطلق الشمولي قرينة على التصرف في المطلق البدلي يمكن العكس أيضاً لان كلاً منهما اطلاق يتوقف على مقدمات الحكمة وعدم القرينة على الخلاف، فصحيح ان الاطلاق البدلي معناه تعلق الحكم بالطبيعة غير المقيدة الا ان مقتضاه هو سعة دائرة الحكم وشموله لمادة الاجتماع، وهذا يتنافى مع المطلق الشمولي، فالتنافي بين الاطلاقين.

نعم لو كانت سعة دائرة الحكم في المطلق البدلي تستفاد من دليل خارجي فحينئذ لا يقع التنافي بين الاطلاقين، ولكن الصحيح ان سعة دائرة الحكم في المطلق البدلي لا تستفاد من الخارج ولا تتوقف على الدليل الخارجي، ومع التنافي بين الاطلاقين لا موجب لترجيح احدهما على الاخر

الجواب الثاني للسيد الخوئي (قده): ان الاطلاق البدلي يشتمل أيضاً على اطلاق شمولي وهو عبارة عن ترخيص العبد في تطبيق الطبيعة على جميع افرادها، وهذه الترخيصات احكام شرعية صادرة من المولى، فكما ان تقديم المطلق البدلي على المطلق الشمولي يقتضي رفع اليد عن حكم شرعي في بعض الافراد كذلك تقديم المطلق الشمولي على المطلق البدلي يقتضي رفع اليد عن حكم شرعي ترخيصي وهو الترخيص في تطبيق الطبيعة على مادة الاجتماع، فلا وجه لتقديم الاطلاق الشمولي بدعوى ان تقديم الاطلاق البدلي يلزم منه رفع اليد عن حكم شرعي فان كلاً منهما يلزم منه رفع اليد عن حكم شرعي غاية الامر ان الحكم الذي نرفع اليد عنه في تقديم المطلق البدلي حكم الزامي بينما الحكم الذي نرفع اليد عنه في تقديم المطلق الشمولي هو حكم ترخيصي

ويلاحظ عليه: ان دلالة المطلق البدلي على هذه الترخيصات دلالة عقلية فليس في المطلق البدلي الا حكم واحد يتعلق بالطبيعة غير المقيدة ولازم ذلك وجود ترخيصات بعدد افراد الطبيعة الا ان دلالة المطلق البدلي على هذه الترخيصات دلالة عقلية ولا تشكل ظهوراً في الكلام بعكس دلالة المطلق الشمولي على وجود احكام الزامية بعدد افراد الطبيعة فهي دلالة لفظية تشكل ظهوراً في الكلام، وحينئذ نستطيع ان نقول بان تقديم المطلق الشمولي لا يلزم منه التصرف في مدلول الخطاب بينما تقديم المطلق البدلي يلزم منه التصرف في بعض مدلول الخطاب؛ لان مدلول الخطاب الشمولي هو الانحلالية وتعدد الاحكام بينما الترخيصات المتعددة لا تشكل مدلولاً للمطلق البدلي انما هي لازم عقلي له، ومن هذا يظهر انه لا يصح ان يقال ان تقديم المطلق الشمولي على البدلي يلزم منه رفع اليد عن حكم شرعي لان الترخيص ليس حكماً شرعياً بل هو حكم عقلي انتزاعي

الوجه الثاني لتقديم المطلق الشمولي على البدلي: ان الاطلاق الشمولي لا يتوقف على ازيد من ورود الحكم على الطبيعة غير المقيدة بينما يتوقف الاطلاق البدلي بالإضافة الى ذلك على احراز تساوي افراد الطبيعة في الوفاء بالغرض ولا مجال لإحراز التساوي مع وجود المطلق الشمولي فلا اقل من انه يوجب احتمال ان مادة الاجتماع ليست بمنزلة واحدة مع الافراد الأخرى في الوفاء بالغرض

ويلاحظ عليه: ان افتراض توقف الاطلاق البدلي على احراز تساوي الافراد في الوفاء بالغرض بدليل خارجي مجرد دعوى اذ لا نحتاج الى دليل خارجي لإحراز ذلك بل ان نفس الاطلاق البدلي يحرز تساوي الافراد من هذه الجهة لان معنى الاطلاق البدلي هو تعلق الحكم بالطبيعة غير المقيدة ومعنى تعلق الحكم بها كذلك هو تساوي جميع الافراد في الوفاء بالغرض والا لما انصب الحكم على الطبيعة غير المقيدة

وبعبارة أخرى: ان كلاً من المطلق الشمولي والمطلق البدلي يكفي فيهما ورود الحكم على الطبيعة غير المقيدة ومقتضى ذلك هو تساوي الافراد في الوفاء بالغرض وهذا نحرزه بنفس الاطلاق وورود الحكم على الطبيعة غير المقيدة، مضافاً الى ان الامر ليس كذلك في الواقع الخارجي ففي غير مورد المعارضة لا أحد يلتزم بتوقف التمسك بالإطلاق البدلي على احراز تساوي الافراد في الوفاء بالغرض بدليل خارجي