1441/04/25


تحمیل

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

41/04/25

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الديات

(مسألة 208): إذا هرب القاتل فيما يشبه العمد فلم يقدر عليه أو مات، أُخذت الدية من ماله، فإن لم يكن له مال فالدية على الأقرب فالأقرب إليه(2)

2- قلنا انه يستدل لهذا الحكم بصحيحة ابي بصير وصحيحة البزنطي وقلنا بان الظاهر ان موضوع الحكم فيهما واحد وهو القاتل الهارب الذي لا يقدر عليه ولا دخل لقيد (حتى مات) في موضوع الحكم وهذا هو مقتضى ثبوت نفس الحكم المذكور في صحيحة البزنطي في صحيحة ابي بصير

ويعترض عليه بان هذا الكلام صحيح لو احرزنا عدم الزيادة في رواية ابي بصير، ولكن يحتمل وجود الزيادة في صحيحة ابي بصير لان الشيخ الصدوق قد رواها وفيها هذه الزيادة، فلا يمكن جعلها شاهداً على ان الموضوع هو مطلق القاتل الهارب

وحينئذ يقع التعارض بين اصالة عدم الزيادة في ما يشتمل على الزيادة لاثبات وجود الزيادة وبين اصالة عدم النقيصة في ما لا يشتمل على الزيادة لغرض اثبات عدم وجود الزيادة، والمقصود باصالة عدم الزيادة ان هذه الزيادة موجودة في الاصل وليست زائدة، واصالة عدم النقيصة يقصد بها ان الراوي لم يسقط من الرواية شيئاً

وذهب المشهور الى تقديم اصالة عدم الزيادة على اصالة عدم النقيصة واستدل له بادلة نذكر بعضها

منها: ان الذي يشتمل على الزيادة صريح في وجود الزيادة بينما الذي لا يشتمل على الزيادة هو ظاهر في عدم الزيادة فان مقتضى اطلاقه المقامي السكوتي عدم وجود الزيادة والصريح مقدم على الظاهر

ومنها: ان سبب الزيادة اما ان يكون الغفلة او الكذب والاول منفي باصالة عدم الغفلة والثاني منفي بادلة حجية خبر الثقة واما النقيصة فلها مناشيء كثيرة غير هذين: منها اقتصار الراوي في النقل على الموارد التي هو بحاجة الى بيانها، ومنها ان المتكلم قد لا يكون في مقام بيان من هذه الجهة لعدم تعلق غرضه بها، ومنها توهم الناقل عدم مدخلية العبارة في المعنى فيحذفها، ومن هنا يكون احتمال وقوع النقيصة اقوى من احتمال وقوع الزيادة فيبنى على تقديم اصالة عدم الزيادة

ومنها: ان الغفلة تكون عادة سبباً لحذف شيء موجود ولا تكون سبباً لاضافة شيء غير موجود وعلى هذا يكون احتمال الغفلة في زيادة شيء غير موجود ابعد من احتمال الغفلة في النقيصة بان يحذف ما هو موجود

وقد ناقشنا في هذه الادلة في مبحث قاعدة لا ضرر ورفضنا الجميع وانتهينا الى عدم وجود اصل كلي يقتضي تقديم اصالة عدم الزيادة على اصالة عدم النقيصة

وحينئذ لا بد من تطبيق القواعد العامة لباب التعارض في المقام فان وجد مرجح والا يتساقطان فلا تثبت الزيادة

ويمكن ذكر مرجحات في مقامنا على ترجيح اصالة عدم النقيصة على اصالة عدم الزيادة

الاول: اضبطية الشيخ الكليني من الشيخ الصدوق فانه يوجد كلام في ان الشيخ الصدوق ليس دقيقاً في النقل ويتصرف في الروايات اجتهاداً

الثاني: ان الزيادة وردت في رواية الشيخ الصدوق فقط بينما عدم الزيادة وارد في روايتي الكليني والطوسي فكل منهما روى الرواية بسند مستقل

الثالث: ان وقوع الاشتباه في زيادة (حتى مات) في محل الكلام ليس مستبعداً باعتبار وجود الزيادة في رواية البزنطي التي هي مشابهة لرواية ابي بصير فيحتمل ان يكون الاشتباه في هذه الزيادة منشأه ملاحظة صحيحة البزنطي

وهذه القرائن اذا اوجبت الوثوق بترجيح رواية الشيخ الكليني على رواية الشيخ الصدوق فيمكن التعويل على ذلك والبناء على عدم وجود الزيادة، وهذا هو الصحيح خصوصاً اضبطية الشيخ الكليني (قده) واعتضاده بنقل الشيخ الطوسي (قده)

والى هنا ننتهي الى ان موضوع الحكم هو القاتل الهارب الذي لا يقدر عليه

واما الحكم فان الرواية الاولى تعرضت الى فرض ما اذا لم يكن للقاتل قرابة دون الثانية وهذا لا يوجب التنافي بين الروايتين فلا مانع من اخذ الحكم باداء الامام للدية في حالة عدم وجود القرابة من صحيحة ابي بصير، ويمكن اخذ الاحكام الاخرى من كلتا الصحيحتين

واما الاستدلال بهاتين الروايتين في محل الكلام وهو القتل الخطـأ شبه العمد مع انهما واردتان في القتل العمدي

فقد تمسك السيد الماتن للاستدلال بالروايتين في محل الكلام بعموم بتعليل الحكم الوارد في صحيحة ابي بصير (فانه لا يبطل دم امريء مسلم) فان عدم بطلان دم امريء مسلم هو الذي اوجب هذه الاحكام فيمكن تطبيقه في محل الكلام، ومقتضى ذلك ان يضيف السيد الماتن (وان لم يكن له قرابة اداه الامام) ولعله تركه لانه فرض نادر

واشار الشيخ صاحب الجواهر (قده) الى ان التعليل مختص بالحكم الاخير الوارد في الرواية وهو اداء الامام للدية من بيت المال، وقالوا بان التعليل ب(لا يبطل دم امريء مسلم) لا يقتضي ثبوت الدية في تركة الهارب لانها ملك للوارث او ثبوتها على القرابة