1441/05/01


تحمیل

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الأصول

41/05/01

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: اخبار الطرح

يقع الكلام في الطائفة الثالثة من اخبار الطرح وفي انه هل يستفاد منها عدم حجية الخبر الذي لا يوافق الكتاب ولا يخالفه ام لا؟

اذ لدينا خبر موافق للكتاب وخبر مخالف للكتاب والقسم الثالث هو الخبر الذي لا يوافق الكتاب ولا يخالفه وأكثر الأحاديث الواصلة الينا هي من هذا القبيل،

الجواب ان استفادة عدم حجية هذا القسم الثالث مبني على تفسير المخالفة في قوله (عليه السلام) ((وما خالف كتاب الله فدعوه)) بعدم الموافقة، وبحسب الفرض يكون القسم الثالث مخالفاً للكتاب فيستفاد من هذه الطائفة عدم حجية الخبر الذي لا يوافق الكتاب وان كان لا يخالفه لان المراد بالمخالفة عدم الموافقة، ومقتضى ذلك ان نلتزم بعدم حجية كثير من الاحاديث الواصلة الينا، لان اكثرها من هذا القسم الثالث، وبهذا تكون الطائفة الثالثة من قبيل الطائفة الثانية المتقدمة، وحيث انه يصعب الالتزام بطرح كل هذه الاخبار التي هي من قبيل القسم الثالث فان الالتزام بهذا يساوق عرفاً عدم حجية خبر الثقة مطلقاً لأنه لا معنى لان تجعل الحجية لخبر الثقة اذا كان عليه شاهد من الكتاب او يكون موافقاً للكتاب فان الحجية انما تجعل لغرض اثبات ما لا دليل عليه من الكتاب والسنة واما اذا كان مضمونه موجوداً في الكتاب فيلغو جعل الحجية له، فلا يمكن الالتزام بهذا التفسير، وان اصررنا عليه فلا بد من التصرف في هذه الطائفة بحملها على أصول الدين فيكون ما لا شاهد عليه من الاخبار الواردة في العقائد ليس بحجة، وقد حملها بعضهم على التقية

واما إذا التزمنا بان المراد بالمخالفة هي المخالفة كما ان المراد بالموافقة هي الموافقة، واما ما لا يخالف ولا يوافق فهذه الطائفة ساكتة عنه ولم تتعرض له، فلا يمكن استفادة عدم حجية الخبر الذي لا يوافق ولا يخالف من هذه الطائفة لأنها ساكتة عنه

وكذلك اذا فسرنا الموافقة بعدم المخالفة -وهو الأقرب- فسوف لا نستفيد عدم حجية القسم الثالث من هذه الطائفة، فان الحديث يقسم الاخبار الى قسمين مخالف وغير مخالف وحكم بترك المخالف والاخذ بغير المخالف، فالميزان في رد الخبر هو كونه مخالف للكتاب، فيستفاد من هذه الطائفة حجية القسم الثالث، مع الالتفات الى ان المقصود بالحجية هو ما تقدم سابقاً من ان الامر بأخذ الموافق ارشاد الى عدم وجود المانع كما ان الامر برد المخالف ارشاد الى وجود المانع وهي المخالفة، والمقصود ان غير المخالف حجة من هذه الجهة أي عدم وجود المانع فاذا كان مقتضي الحجية غير موجود فلا يؤخذ به لان هذه الطائفة ليست بصدد جعل المقتضي للحجية لهذه الاخبار غير المخالفة للكتاب بل هي تريد ان تقول ان المانع غير موجود

ومن هنا يتبين انه على الاحتمالين الأخيرين لا يمكن ان نستفيد من هذه الطائفة عدم حجية القسم الثالث بل على الاحتمال الثالث نستفيد حجية القسم الثالث بالمعنى الذي ذكرناه، ويبدو ان الاحتمال الثالث هو الأقرب وهو الانسب الى ما قلناه من ان الامر بأخذ ما يوافق الكتاب ارشاد الى عدم المانع كما ان الامر بطرح ما خالف الكتاب ارشاد الى وجود المانع

واما قوله (عليه السلام) في صدر الروايتين ((ان لكل حق حقيقة وعلى كل صواب نورا)) فقلنا بان المستفاد منها مرجعية الكتاب وجعله ميزاناً لقبول الخبر ورده، وهذا لا ينافي التفسير الذي ذكرناه، بمعنى ان هذا المعنى يصح سواء جعلنا المقياس في قبول الخبر ورده الموافقة للكتاب وعدمها -كما في القول الأول- او جعلناها عدم المخالفة والمخالفة فان رد الخبر لكونه مخالفاً للكتاب وقبوله لكونه غير مخالف للكتاب ينسجم مع مرجعية القران وكونه نوراً كاشفاً عن صواب الخبر وعدم صوابه

وعلى هذا فالظاهر ان الصحيح هو الاحتمال الثالث وهو تفسير الموافقة بعدم المخالفة

ثم انه بناءً على شمول المخالفة في هذه الاخبار للخبر المخالف للكتاب بنحو العموم والخصوص من وجه فهل يستفاد منها سقوط الخبر المخالف كذلك بالمرة فلا يصلح لإثبات شيء او يستفاد منها سقوطه عن الحجية في خصوص مادة الاجتماع دون مادة افتراقه عن الكتاب

ويبدو ان الصحيح هو الثاني اذ لا مبرر لسقوطه عن الحجية راساً وانما يسقط عن الحجية في مورد التعارض والمخالفة وهو يعارض الكتاب في مادة الاجتماع دون مادة افتراقه التي لا يشملها الكتاب، فالخبر المخالف للكتاب بنحو العموم من وجه لا يسقط سنده عن الاعتبار والحجية، والسر في ذلك ان المعارضة تكون بين اطلاق الكتاب واطلاق الخبر الذي يقتضي الشمول لمادة الاجتماع، فالمنافي للكتاب هو اطلاق الخبر لا اصل الخبر فنرفع اليد عن اطلاق الخبر ونلتزم بعدم شموله لمادة الاجتماع فتبقى مشمولة للإطلاق القرآني، فلا يسقط الخبر عن الحجية راساً وبالمرة، بل حتى الطائفة الأولى من الاخبار التي تقتضي سقوط الخبر المخالف عن الحجية سنداً يمكن ان يقال بانها لا تقتضي سقوط الخبر المخالف بنحو العموم والخصوص من وجه عن الاعتبار مطلقاً، والسر فيه ان الذي يفهم من التعبير عن الخبر المخالف بانه زخرف وباطل ان المخالف الذي يلزم من الاخذ به طرح الكتاب الذي هو قطعي يكون زخرفاً وباطلاً واما الخبر المخالف الذي لا يلزم من الاخذ بأصله طرح الكتاب فهذا لا يكون مشمولًا لهذه الاخبار، وفي المقام انما يلزم طرح الكتاب لو التزمنا بحجية الخبر في مادة الاجتماع دون ما اذا التزمنا بحجيته في مورد افتراقه عن الكتاب