33/06/29


تحمیل
 الموضوع:-نهاية المسألة ( 329 ) ، مسألة ( 330 ) / الواجب الثالث من واجبات عمرة التمتع ( صلاة الطواف )/ واجبات الطواف / باب الطواف / مناسك الحج للسيد الخوئي(قد).
 هذا وقد يشكل على الطائفة الثانية [1] بما أفاده السيد الخوئي(قده):-وهو أن التخيير بين أن يرجع أو يستنيب لا يمكن أن يقال به لمن كان قريباً من مكة ولم يرحل عنها كثيراً وعليه فكلمة ( أو ) في قوله عليه السلام ( يرجع أو يستنيب ) لا يراد بها التخيير كما نحن فهمنا ذلك وقيدنا بذلك الطائفة الأولى وإنما المقصود منها هو أنه ان تمكن أن يقضي بنفسه ولم يشق عليه ذلك فيجب عليه وان لم يتمكن فيستنيب ، فكلمة ( أو ) جيء بها لبيان هذا المطلب نظير قولك ( إذا دخل وقت الصلاة فتوضأ أو تيمم ) فانه لا يقصد من ذلك بيان التخيير بين الوضوء والتيمم وإنما المقصود هو ان كنت قادراً على الوضوء فتوضأ وان لم تكن قادراً فتيمم ، فان كلمة ( أو ) يقصد منها افادة هذا المطلب في هذا المثال ، ونفس الشيء نقوله بالنسبة إلى صحيحة عمر بن يزيد فحينما قال عليه السلام ( ان ارتحل قليلاً رجع أو استناب ) فالمقصود ان لم يشق عليه وكان بإمكانه العود عاد وأما إذا لم يمكنه ذلك فيستنيب وبناءً على هذا سوف يثبت رأي المشهور ، وعلى هذا الأساس تكون الصحيحة متوافقة مع رأي المشهور وبالتالي لا نحصل على النتيجة التي انتهينا إليها - وهي أنه ان مضى قليلاً فهو بالخيار وان كان بعيداً فيقضي في مكانه بدون التقييد بمسألة المشقة وعدمها - إذهيبعيدةكلالبعدعنرأيالمشهور.
 وفيه:- ان ما أفاده- من حمل كلمة ( أو ) على أنها جيء بها للاختصار والمطلب الذي يراد أن يبين هو ( ان لم يشق عليه الرجوع رجع وان شق عليه استناب ) - شيء وجيه ولكن بشرط أن يثبت من الخارج بإجماعٍ أو بارتكازٍ متشرعي أو غير ذلك أن التخيير باطلٌ في حقّ من ارتحل قليلاً بين أن يرجع وبين أن يستنيب فإذا ثبت بطلان هذا التخيير فالحق معه فان نفس الدليل الخارجي على البطلان يصير قرينةً على ما ذكره(قده) ، ولكن من أين له ذلك ؟!.
 وممن وافق على الأخذ بظاهر هذه الصحيحة صاحب الحدائق [2] .
 وعلى أي حال الأخذ بظاهر الرواية شيء لا مانع منه . وهكذا أيضا ما كان على منوالها من قبيل الصحيحة الثانية لعمر بن يزيد عن أبي عبد الله عليه السلام ( من نسي أن يصلي ركعتي طواف الفريضة حتى خرج من مكة فعليـه أن يقضي أو يقضـي عنه وليّـه أو رجـل مـن المسلمين ) [3] فان ظاهرها التخيير بين أمور ثلاثة وهي اما أن يقضي هو أو الولي أو رجل من المسلمين ، فان الأخذ بظاهرها شيء لا مانع منه ومجرد الاستبعاد لا يحول دون الأخذ بظاهرها.
 وهكذا الحال بالنسبة إلى صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام ( سألته عن رجل نسي أن يصلي الركعتين ، قال:- يصلى عنه ) [4] فانه لا محذور في الأخذ بظاهرها - أي بعد التقييد السابق وهو أن يصلى عنه ان ارتحل قليلاً - فانه على ما تقدم هو بالخيار بين أن يرجع أو يصلى عنه - أي يستنيب -.
 والخلاصة:- المصير إلى ما ذكرنا من التخيير شيء وجيه ، ولكن تحفظاً من مخالفة المشهور نصير إلى الاحتياط.
 النقطة الرابعة:- ان ما تقدم كان هو حكم الناسي ويلحق به الجاهل ، فالجاهل الذي لم يصلهما جهلاً بلزومهما حكمه حكم الناسي ، وهذا الحكم يحتاج إلى دليل والّا فالقاعدة تقتضي لزوم الرجوع لأدائهما إن تمكن من الرجوع والّا فعلمه باطل لأنه لم يتحقق الجزء فلم يتحقق الكل ، ولكن الرواية قد دلت على الالحاق وهي رواية الصدوق بسنده عن جميل بن دراج عن أحدهما عليهما السلام ( ان الجاهل في ترك الركعتين عند مقام إبراهيم بمنزلة الناسي ) [5] وسندها تامٌّ ودلالتها واضحة.
 واضاف صاحب الجواهر حيث قال ( مضافاً إلى إطلاق بعض النصوص ) [6] ، أي انه يريد أن يقول ( حتى لو أن هذه الرواية كانت لا تدل على ذلك فان الروايات السابقة مطلقة ولها قابلية الشمول للجاهل ) ولم يشر إلى تلك النصوص.
 وإذا رجعنا إليها وجدنا أن غالبها قد أخذ فيه قيد ( من نسي الركعتين )، نعم في بعضها لم يأخذ قيد ( من نسي ) كروايات الطائفة الرابعة التي موردها الأبطـح ولكـن جـاء فيهـا التعبيـر بكلمـة ( ذكر ) أي أنه ترك الركعتين وذكرهما في الأبطح ، والتعبير بكلمة ( ذكر ) يتلاءم مع الناسي ، وعليه فتحصيل رواية صالحة لشمول الجاهل والناسي شيء مشكل.
 النقطة الخامسة:- لا فرق في الجاهل بين أن يكون قاصراً أو مقصراً.
 والوجه في هذا التعميم هو إطلاق صحيحة جميل بن دراج المتقدمة فانها لم تقيّد الجاهل بكونه قاصراً.
 وبهذا انتهينا من هذه المسألة ، ولكن بقي شيآن جانبيان:-
 الأول:- ان السيد الماتن(قده) في عبارة المتن قد وافق المشهور كما عرفنا - أي أن من نسي الركعتين فعليه أن يرجع ان لم يشق عليه الرجوع والّا يقضي في مكانه - ثم قال ( والأحوط الأولى أن يرجع إلى الحرم ان شق عليه الرجوع إلى نفس مكة) والسؤال هو:- ما هو مستند هذا الاحتياط والحال أن الروايات لم تشر إلى ذلك ؟لا يبعد أن يكون مستنده هو قول الشهيد(قده) فأنه في رأيه - على ما تقدم - قد نصّ على ذلك ويكفي للمصير إلى الاحتياط الاستحبابي التحفظ من مخالفة الفقيه ، ولكن إذا كان الفقيه من المتقدمين فحينئذ يكون الاحتياط وجيهاً لأنه قريب من عصر النص أما إذا كان من المتأخرين فلا داعي إلى الاحتياط ، ولعل البعض لا يقبل بذلك سواء كان من المتقدمين أو المتأخرين.
 والثاني:- ان كلامنا كان فيمن ترك صلاة الطواف جهلاً أو نسياناً وهناك حالة مقاربة هي محل الابتلاء وهي أنه يأتي بها مع اللحن وهو لا يدري أنها ملحونة وبعد أن يعود يعرف أن في قراءته لحن فهذا ما هو حكمه ؟ فهل حكمه حكم التارك للصلاة جهلاً بأن يصلي في مكانه أو أن حكمه غير ذلك ؟ ان هذا سوف تأتي الإشارة ال حكمه.
 
 
 مسألة ( 330 ):- إذا نسي صلاة الطواف حتى مات وجب على الولي قضاؤها.
 ..........................................................................................................
 الأنسب فنيّاً حذف هذه المسألة لندرة الابتلاء بها فعادةً إذا نسيالإنسانفانه سوف يبقى ناسياً إلى أن يموت ولا يتوجه إلى ذلك هو كما لا يتوجه غيره إلى ذلك أيضاً وإذا التفت فهو يأتي بها . نعم يمكن أن نتصورها في حق الإنسان الذي نسي ولم يدر أن وظيفته هي الاتيان بها في مكانه فتركها بتصور أنه يلزمه أن يأتي بها في مقام إبراهيم فتركها ومات وعرفولده بعد ذلك أنه كان من واجب الوالد أن يقضيها في مكانه فهنا يقال ان الولي يلزمه القضاء.
 والمقصود من الولي هو الأولى بالميت - أي من يجب عليه قضاء الصلاة والصوم وهو الأولى بميراثه وأعني بذلك الولد الأكبر - والمسألة ربما تكون اتفاقية ولا خلاف فيها على ما ذكر الشيخ النراقي(قده) حيث قال ( من غير خلاف بينهم يعرف ) [7] . ولكن لا يوجد نصّ واضح صريح في هذا المورد فكيف تخريج هذه الفتوى ؟
 استدل صاحب المدارك [8] بصحيحة عمر بن يزيد المتقدمة ( من نسي أن يصلي ركعتي طواف الفريضة حتى خرج من مكة فعليه أن يقضي أو يقضي عنه وليّه أو رجل من المسلمين ) [9] فانها بإطلاقها تشمل الميت ولا تختص بالحيّ، بل ربما يقال:- لا نحتاج إلى الإطلاق إذ المقصود هكذا ( فعليه أن يقضي إذا كان حيّاً ، أو يقضي عنه وليّه إذا كان ميتاً وكان له ولي ، أو رجل من المسلمين إذا لم يكن له وليّ ) فتفسَّر الرواية هكذا ، وعليه فتكون دالة على المطلوب.


[1] التي دلت على أن من ارتحل ومضى قليلاً فعليه أن يرجع أو يستنيب ، وأعني بذلك صحيحة عمر بن يزيد.
[2] الحدائق 16 146.
[3] الوسائل 13 430 74 من أبواب الطواف ح13.
[4] المصدر السابقح4.
[5] المصدر السابق ح3.
[6] الجواهر 19 307.
[7] المستند 12 151.
[8] المدارك 8 137.
[9] الوسائل 13 430 74 من أبواب الطواف ح13.