31/12/14


تحمیل

الموضوع: المسالة 237 .

 تحدثنا فيما سبق عن ان المحرّم هل هو جميع افراد الطيب او خصوص الاربعة او الخمسة وقد انتهينا الى حرمة جميع افراد الطيب خلافا للسيد الماتن حيث ذهب الى تحريم الخمسة لاغير

 ونقول سواء كان المحرم جميع الافراد او خصوص الخمسة فما هو المحرّم في هذه الافراد هل هو خصوص الشم او الاكل او الاطلاء على البدن او الملابس

ذكر (قده) كغيره من الفقهاء ان المحرم جميع هذه الاستعمالات الثلاثة ولكن كيف يمكن تخريج ذالك من الروايات

 ذكر قده في المعتمد ج 4 ص 120 ماحاصله، اننا تارة نلحظ مثل صحيحة ابن ابي يعفور التي جاء فيها الطيب اربعة ...الخ واخرى نلحظ بقية الروايات من قبيل صحيحة معاوية التي جاء فيها انما يحرم من الطيب اربعة...الخ، فان لاحظنا الاول فنتمسك بالاطلاق ونقول ان مقتضى اطلاقها حرمة جميع افراد الاستعمال فتحرم الاستعمالات الثلاثة ولكن نحتاج الى ضم مقدمة فقد قالت الرواية الطيب اربعة ولم تقل يحرم الطيب على المحرم فكيف نستفيد التحريم، اجاب (قده) بانه لو لم يكن المقصود هو التحريم لكان لازم ذالك ان يكون الامام (عليه السلام) مخبرا بان الطيب له افراد اربعة و واضح ان هذا ليس مناسبا للامام (عليه السلام)، مضافا ان هذا على خلاف الواقع لان افراد الطيب ليس منحصرا بالاربعة فالمقصود هو التحريم ا ي انشاء التحريم ومعه فنتمسك بالاطلاق هذا بالنسبة الى مثل صحيحة ابن ابي يعفور

 واما الروايات الاخرى مثل صحيحة معاوية التي جاء فيها انما يحرم من الطيب اربعة فنتمسك بها لاثبات المطلوب بفكرة ان حذف المتعلق يدل على العموم فانه قد نُسب التحريم الى الاعيان ولامعنى له من قبيل حرمت عليكم امهاتكم فلابد من وجود متعلق وحيث انه محذوف فيدل حذفه على العموم، هذا توضيح ما افاده (قده)

ويرد عليه اننا نحتمل وقوع خيانة في التقرير والنقل عنه (قده) اذ لامعنى للتفصيل بين مثل صحيحة ابن ابي يعفور وبين صحيحة معاوية بان يتمسك بتلك بالاطلاق وهذه يتمسك بها بفكرة حذف المتعلق بل المناسب فيهما التمسك بفكرة حذف المتعلق

 اما فكرة الاطلاق لامعنى لها فلان الاطلاق فرع وجود مفهوم يكون صالحا للاطلاق تارة وللتقييد اخرى كما لو قيل يحرم استعمال الطيب فهنا يصح التمسك باطلاق مفهوم الاستعمال ويشمل جميع الافراد

 اما اذا لم يذكر متعلق التحريم ونسب التحريم الى العين والذات فلامعنى معه للتمسك بالاطلاق بل لابد من التمسك بفكرة حذف المتعلق

 اذا التفكيك بين الروايات لامعنى له ولاجله قلنا يحتل وقوع خيانة في التعبير

مضافا الى انه (قده) ذكر ان صحيحة ابن ابي يعفور لايراد منها الاخبار لانه ليس شأن الامام (عليه السلام) الاخبار بل يراد منها الانشاء ولكن كيف يثبت بذالك الى ان الامام (عليه السلام) ناظر الى باب الاحرام ومقصوده يحرم على المحرم الطيب ولعل مقصوده باب اخر من قبيل باب الاعتكاف فان الطيب يحرم على المعتكف والامام يريد ان يبين افراد الطيب المحرم على المعتكف ولعل المقصود احتمال اخر

 فالجزم الى ان الرواية ناظرة الى باب الاحرام شيئ مشكل حتى بعد ان قبلنا ان المقصود هو الانشاء وليس هو الاخبار

اللهم الاّ ان تنمسك بتقريب اخر وحاصله ان مقصود الامام (عليه السلام) ليس هو الانشاء المحض ولا الاخبار المحض وانما مقصوده بين ذين وذالك بان يكون المقصود ان الطيب الذي وقع متعلقا للاحكام الشرعية يراد به شرعا هذه الافراد الاربعة

 اذاً الامام (عليه السلام) ابتدا لايريد الاخبار المحض ولا الانشاء المحض وانما يقصد تفسير الطيب من الزاوية الشرعية اي كونه متعلقا للاحكام، وحيث قد ثبت في روايات اخرى او بالضرورة الفقهية او الشرعية ان الطيب حرام على المحرم فيثبت ان الطيب الذي وقع متعلقا للطيب في باب الاحرام هو عبارة عن كذا وكذا، وهذا بيان فني صناعي لاثبات شمول الرواية لباب الاحرام ولكن ذالك موقوف على استظهار ان مقصود الامام (عليه السلام) من هذا التعبير هو ما اشرنا اليه، ومعه فيتم هذا التقريب

ومع غض النظر عن كل هذا نقول كمناقشة ثالثة ان التمسك بفكرة حذف المتعلق شيئ مرفوض فان المناسب في موارد حذف المتعلق هو تقدير الاثر البارز والظاهر في مثل حرمت عليكم امهاتكم لامعنى للتمسك بفكرة حذف المتعلق والاّ كان النظر الى الام محرما ايضا وانما المقصود هو الاثر البارز وهو الزواج بها، وفي مقامنا كذالك فلو تمسكنا بفكرة حذف المتعلق يلزم حرمة اشياء اخرى غير هذه الانحاء الثلاثة من الاستعمال كبيع الطيب وما شاكله فلابد من تقدير الاثر البارز

وعليه نقول حيث ان الاثر البارز في الزعفران هو الاكل فيقدر الاكل بلحاظة، وبالنسبة للعنبر هو الشم والاطلاء فيقدر ذالك بلحاظهما

  فالمناسب تعليل شمول الروايات لهذه الانحاء الثلاثة من الاستعمال هو التعليل بما او ضحناه، فحيث نُسب التحريم الى العين وحذف المتعلق فالمناسب هو تقدير الاثر البارز وليس هو الاّ هذه الثلاثة ولعل مقصوده (قده) هو هذا

 هذا مضافا الى امكان استفادة تحريم هذه الاستعمالات الثلاثة من روايات اخري متفرقه فانه ورد في بعضها حرمة شم الرائحة الطيبة ولعله ورد في اكثر من رواية، وفي اخرى ورد النهي عن اكل الزعفران وفي ثالثة كصحيحة حماد بن عثمان ورد ان الثياب لو خالطت ثيابا اخرى اصابها التجمير في العود فلابد من وضعها في الهواء حتى تذهب الرائحة فيثبت من هذه الروايات تحريم الاستعمالات الثلاثة

 وتكفينا صحيحة معاوية بن عمار لنستفيد منها تحريم الاستعمالات الثلاثة ولاحاجة الى ضم فكرة حذف المتعلق او فكرة الاطلاق فقد ورد فيها لاتمس شيئا من الطيب ولامن الدهن في احرامك واتق الطيب في طعامك وامسك على انفك من الرائحة الطيبة...الخ فالفقرة الاخير وامسك على انفك تدل على تحريم الشم وفقرة واتق الطيب في طعامك اشارة الى تحريم اكل الزعفران والفقرة الثالثة ولاتمس شيئا من الطيب هو كناية عن الاطلاء على البدن او الملابس وليس المقصود المعنى الحقيقي وهو المس بما هو مس

بقي شيئ وهو انه لو تمسكنا بفكرة حذف المتعلق بناء على تماميتها فقد يقال ان بيع الطيب محرم ايضا ولاوجه لتخصيص الروايات بخصوص الآثار الثلاثة

 نعم النظر الى الطيب لانحتمل حرمته اما البيع فلامحذور في تحريمه فلو تمسكنا بفكرة حذف المتعلق فقد ينقض بان الازم تحريم البيع مثلا

 وقد نرقض فكرة التمسك بحذف المتعلق ونقول ان المناسب هو تقدير الاثر البارز ونقتصر على القدر المتيقن من الاثار البارزة وهو الاكل والشم ولعل الاطلاء ايضا ومازاد عليها فهو مشكوك فلايكون مقدرا