32/04/03


تحمیل

الموضوع: المسألة ٢٥٧

 كنا نتحدث عن مسالة تدهين المحرم حالة احرامه وقلنا انه لايجوز وتمسكنا لذالك بصحيحة الحلبي وقلنا هي تدل على عدم الجواز علي كلا النحوين الاخيرين اي التدهين بما فيه رائحة طيبة والتدهين بما ليس فيه ذالك

 وقلنا على منوالها صحيحة معاوية ولكنها تواجه مشكلتين تعرضنا لهما مع الدفع والمناقشة

ثم قلنا اذا الدليل هو هاتان الروايتان اي صحيحة الحلبي وصحيحة معاوية بن عمار

ولكن قد يستدل بما ورد ان الحاج اشعث اغبر

وفيه ان ذالك ليس بتام السند فانه لم يرد من طرقنا على انه ضعيف الدلالة فانه لايدل على الالزام اذ التعبير فيه ان الحاج اشعث اغبر وهذا لايدل على ان ذالك شيئ لازم بل هو يلتام مع اللزوم والرجحان الاستحبابي

 وربما يقال انه حتى لو دل على اللزوم فهو يدل على ان الحاج يلزمه ان لايدهن شعر رأسه بدهن فيه طيب لان التفل على ما ورد هو من لم يتطيب وهكذا الاشعث هو من لم يدهن راسه وعادتا مايدهن به الراس يكون مشتملا على رائحة طيبة

 وحينئذ لايستفاد ان كل طيب لايجوز وان لم تكن فيه رائحة طيبة

 بل يحتمل ان نقول ان لشعر الراس احتمال الخصوصية باعتباره نحو من الزينة وهذا بخلافه اذا اراد ان يدهن بدنه خصوصا المواضع الداخلية فان عنوان التزيين ربما لايصدق والجزم بعدم الخصوصية مشكل

وعلى اي حال يكفينا ضعف السند

 اذاً عرفنا ان الدليل على عدم جواز التدهين هو الصحيحتان المتقدمتان وليس الحديث المذكور اعني ان الحاج اشعث

 ويبقى ان تسأل عن دليل الرأي المقابل اي مااختاره الشيخ المفيد حيث نسب اليه على ماتقدم عدم الحرمة حيث قلنا خلافا لصريح المفيد ...الخ

 فما دليل هؤلاء الاعلام بعد ظهور الصحيحتين في حرمة التدهين

 وقد استدل لهما بما جاء في المدارك ج7 ص 349 والحدائق ج15 ص503 والجواهرج18ص 376

بالوجهين التاليين

الاول: التمسك بالاصل بان يقال اذا شككننا ان التدهين حرام ام لا فالاصل البرائة

الثاني: صحيحة محمد بن مسلم عن احدهما (عليهما السلام) سالته عن محرم تشققت يداه قال يدهنهما بزيت او سمن او اهالة - اي الشحم المذاب كما في مجمع البحرين - وسائل الشيعة ج12 ص462 الباب 31 من تروك الاحرام الحديث 2

 وهي تدل على جواز تدهين المحرم بدنه

والجواب

اما عن الاصل فلانه بعد وجود الصحيحتين المتقدمتين لاتصل النوبة الى الاصل كما هو واضح

واما بالنسبة الى صحيحة محمد بن مسلم فهي وان دلت على الجواز لكنها ناظرة الى حالة الضرورة ولايمكن ان يستفاد منها الجواز في غير حالة الضرورة

 هذا بالنسبة الى دليل هؤلاء الاعلام وبذالك ننهي حديثنا عن النقطة الاولى

 والخلاصة ان التدهين حرام للمحرم للصحيحتين

النقطة الثانية: ان المحرم اذا احتاج الى التدهين لعلاج او نحوه فيجوز له آنذالك

والوجه فيه

اما اولا: فللصحيحة المتقدمة اعني صحيحة محمد بن مسلم فانها دلت بوضوح على ان من تشققت يداه يجوز له التدهين

واما ثانيا: فانه حتى لو لم تكن لدينا الصحيحة المذكورة فتكفينا العمومات المجوزة في حالة الضرورة من قبيل رفع عن امتي او لا ضرر

 اذا لاينبغي التشكيك في جواز التدهين في حالة الضرورة

 نعم هل ترتفع الكفارة ايضا او ان المرتقع هو الحرمة فقط وهذا سيأتي في المسألة البعدية وهو ان الكفارة باقية ولاترتفع

 فقد تقدم سابقا ان محرمات الاحرام اذا ارتكبها المحرم عن جهل او نسيان او اضطرار فلاكفارة الاّ في موارد اربعة او خمسة، وكان احد هذه الموارد هو التدهين

وهناك شيئ جانبي وهو

 ان المحرم قبل ان يحرم هل يجوز له ان يدهن بدنه بعد فرض ان الدهن يبقى اثره الى مابعد حالة الاحرام وهذه قضية لم يتعرض اليها السيد الماتن وكان من المناسب ان يعقد لها مسالة او يذكرها في ذيل المسالة

بان يقال:

تارة يفترض ان التدهين قبل الاحرام يكون بدهن ذي رائحة طيبة وهذا لايجوز

وبين ما اذا لم تكن له رائحة طيبة فان هذا يجوز حتى وان بقي اثره الى حالة الاحرام

 ومستنده صحيحة الحلبي المتقدمة فانها دلت بوضوح على ذالك، فقد ورد فيها لاتدهن حين تريد ان تحرم بدهن فيه مسك ولاعنبر من اجل ان رائحته تبقى في رأسك بعدما تحرم والى هنا دلت بوضوح الى ان ما فيه رائحة طيبة لايجوز التدهين به

 ثم تعرضت بعد ذالك الى التدهين بما ليس فيه رائحة طيبة وحكمت بالجواز وقالت ودهن بما شئت من الدهن حين تريد ان تحرم فاذا احرمت فقد حرم عليك الدهن حتى تحل

وهناك قضية اخرى جانبية ايضا

 انه ينبغي الالتفات الى وجود فارق بين ما يؤكل وما يدهن به

 فالذي يحرم اكله على المحرم هو نفس الطيب كالزعفران والورد والمسك اكلا او مسا أو دلكا

 وامام بالنسبة الى التدهين فان حرمته لاتختص بالطيب بل حتى اذا لم يكن طيبا ولم يكن ذا رائحة طيبة فانه مع ذالك محرم فلا تختص حرمة التدهين بما كانت له رائحة طيبة بينما حرمة الاكل تختص بنفس الطيب

 اذا كان الشيئ له رائحة طيبة ولم يكن طيبا فيجوز اكله ايضا

 فهذل فارق بين الاكل وبين التدهين وهو شيئ واضح ولكن اردنا تسليط الاضواء عليه

مسالة ٢٥٨

كفارة الادهان شاة اذا كان عن علم وعمد واذا كان عن جهل فاطعام فقير على الاحوط في كليهما

 من الواضح ان القاعدة لولا الروايات الخاصة تقتضي ان من تدهن عن جهل او لضرورة فلا شيئ عليه

 اما اذا كان عن جهل فلبعض الروايات المتقدمة الدالة على ان جميع كفارات الاحرام تختص بالعالم العامد ولاتعم الجاهل الناسي ماعدا كفارة الصيد وبعض آخر من موارد مخصوصة

 وهكذا لاكفارة في حالة الضرورة الاّ في موارد خاصة دل عليها الدليل كالتظليل فالكفارة حتى على المضطر ومنه موردنا فان الكفارة ثابتة حتى للجاهل والمضطر

 وشيئ آخر انه ورد في العبارة كفارة الادهان شاة اذا كان عن علم وعمد والمقصود من العلم والعمد ما يعم حالة الضرورة فان من يتدهن للضرورة فهو عالم وعامد غايته عن عذر وكان من المناسب تسليط الاضواء على ذالك في العبارة

 وقد عرفنا ذالك من المستندات التي سنذكرها فهي تدل على ذالك بلا خلاف

 وذكر في الجواهر ثلاثة ادلة لهذا التفصيل وهو ان العالم المتعمد يجب علية شاة والجاهل يجب عليه اطعام الفقير فذكر ثلاثة وجوه وهي كالتالي في ج18 ص 377

الاول: صحيحة معاوية في محرم كانت به قرحة فداواها بدهن بنفسج قال ان كان فعله جهالة فعليه طعام مسكين وان كان تعمد فعليه دم شاة يهريقه وسائل الشيعة ج13 ص 151 الباب 4 من ابواب بقية كفارت الحرام الحديث 5

 وقد تمسك بهذا الحديث غير واحد من الفقهاء ويظهر من الجواهر الاستناد اليه

 ولكن قد يشكل عليه من حيث السند باعتبار ان معاوية لم ينسب ذالك الى الامام (عليه السلام) كما انه لم يذكر ضميرا بمثل (سألته او قلت له) حتى تصير مضمرة ويشملها الدليل العام الدال على حجية جميع المضمرات فانا ذكرنا في ابحاث سابقة انه قد يقال بحجية جميع المضمرات او قد يقال بالتفصيل بين الاجلاء كزرارة ومعاوية بن عمار وبين غيره

 ولكن هنا الرواية ليست مضمرة حتى يأتي فيها هذا

ان قلت هي مضمرة لانه بعد ذالك وردت كلمة قال، قال ان كان فعله فالضمير المستتر في قال يرجع الى المعهود وهو الامام (عليه السلام) فبالتالي ذكر ضمير الاّ انه مستتر وليس بارزا

قلت هذا وجيه لوجزمنا ان الضمير لايرجع الى معاوية ولعله يرجع الى نفس معاوية والمعنى ان معاوية قد سُئل عن محرم كانت فيه قرحه فداواها بدهن بنفسج قال اي معاوية

 فالرواية لايمكن ان نقول هي مضمرة بل هي ما يصطلح عليه مقطوعة وهي ان لايذكر فيها الامام ظاهرا ولابالضنمير مثل هذه الرواية،اذ الرواية تقول في محرم كانت به قرحة فداواها قال ان كان... اذا ليس فيها ذكر للامام حتى بنحو الارجاع في الضمير بل هي مقطوعة

اللهم الا ان يقال بان معاوية من اصحاب الامام الصادق (عليه السلام) وهو خريت باب الحج وعنده روايات كثيرة في هذا المجال فيطمئن ان مانقله هو عن الامام (عليه السلام) وهذا شيئ له درجة من الوجاهة

 ولكن حجيته لاتثبت الاّ اذا حصل الاطمئنان بذالك فلابد ان يصل الى مثل درجة خمسة وتسعين بالمائة

 واحتمال انه اجاب على طبق ما يستفيد هو من الروايات فهذا الاحتمال موجود ولو بدرجة ضعيفة فالجزم به لعله مشكل فالمناسب الانتقال من الفتوى الى الاحتياط الوجوبي

 مضافا الى ان من يلاحظ الرواية قد يجد فيها اشكالا فان السؤال عن من به قرحة وداواها بدهن البنفسج والجواب ان تعمد فعليه دم شاة، وهذا ربما لايكون مناسبا فانه لامعنى للتعمد بعد فرض الضرورة