37/04/14


تحمیل
الموضوع: يجب القضاء دون الكفارة في موارد.
الأمر الخامس: والكلام يقع في ما هو المراد بالمراعاة؟؟ فيحتمل أن المراد بها:-
اولاً: مطلق الفحص والتحقيق وان كان بالاستعانة بالغير.
ثانياً: الفحص والتحقيق بنفسه سواء كان بالنظر أو بغيره كالوسائل الحديثة (التلفاز والمواقيت والساعة وغير ذلك).
ثالثاً: الفحص والتحقيق بنفسه بالنظر خاصة.
مع وضوح أن كلمة المراعاة لم ترد في الروايات بل هي في كلمات الفقهاء والموجود في الروايات هو النظر, وما يرتبط في هذا البحث من الروايات صحيحة معاوية بن عمار (قال : قلت لابي عبدالله ( عليه السلام ) : آمر الجارية ( أن تنظر طلع الفجر أم لا) فتقول : لم يطلع بعد، فآكل ثم أنظر فأجد قد كان طلع حين نظرت، قال : اقضه، أما انك لو كنت أنت الذي نظرت لم يكن عليك شيء)[1]
وموثقة سماعة بن مهران (قال : سألته عن رجلأكل أو شرب بعدما طلع الفجر في شهر رمضان ؟ قال : إن كان قام فنظر فلم ير الفجر فأكل ثم عاد فرأى الفجر فليتم صومه ولا إعادة عليه، وإن كان قام فأكل وشرب ثم نظر إلى الفجر فرأى أنه قد طلع الفجر فليتم صومه ويقضي يوما آخر، لأنه بدأ بالأكل قبل النظر فعليه الاعادة)[2]
والظهور الاولي لهاتين الروايتين هو الاحتمال الثالث (الفحص والتحقيق بنفسه وبالنظر خاصة) فصحيحة معاوية بن عمار تقول (أما انك لو كنت أنت الذي نظرت) وظاهر هذا الكلام هو أن المراعاة يراد بها التحقيق والفحص بنفسه بالنظر إلى الافق لا بغيره, وكذلك موثقة سماعة حيث تقول (إن كان قام فنظر..) واذا كان هذا الكلام ثابتاً فلا يكفي لأثبات هذا الحكم (عدم وجوب القضاء وعدم الاعادة) الاعتمادُ على نظر الغير كما صرحت الصحيحة ببعض مصاديقه وهو نظر الجارية, وكذلك لا يكفي مراعاته بنفسه بغير النظر كالاستناد على شيئ آخر.
وقد يقال في المقابل أن الروايتين وان كانتا ظاهرتين في اعتبار الظهور بنفسه لكن قد يتأمل في دلالتهما على أن يكون ذلك بخصوص النظر, ومنشأ هذا التأمل هو أن النظر الذي المذكور في الروايات والذي رتب عليه الامام عليه السلام الحكم بعدم الاعادة فيما لو كان قبل الاكل إنما ذكر في الروايات لعدم الوسائل الاخرى في زمان صدور الروايات لمعرفة طلوع الفجر, وكأن ذكر النظر في الروايات لا لخصوصية فيه وإنما بأعتباره وسيلة لأحراز طلوع الفجر أو عدمه, وحينئذ قد يقال بأن نلغي خصوصية النظر كما لو راعى بمراجعة الحسابات الفلكية واكل ثم تبين الخلاف فلا تجب عليه الاعادة.
لكن الانصاف أن هذا غير مقبول بأعتبار أن هذه المراعاة اذا كانت بواسطة الخبير الفلكي أو التلفاز مثلاً فلا يخرج عن كونه مراعاة بتوسط الغير ولا فرق بينه وبين الجارية, والذي يفهم من الروايات عدم ترتب الحكم على نظر الجارية (المراعاة بتوسط الغير), نعم تكون المراعاة بنفسه اذا كان هو من اهل الخبرة الفلكية وشخص عدم طلوع الفجر بنفسه, لكن مع ذلك لا يمكن الغاء خصوصية النظر لأن الروايات لا يفهم منها تعليق الحكم بعدم وجوب الاعادة على المراعاة بنفسه وان يكون ذلك بالنظر لكي يأتي الاشكال السابق الذي يقول بألغاء النظر لعدم الخصوصية, وإنما الذي يستفاد من الروايات هو أن الحكم بعدم الاعادة يترتب على نظر الصائم بنفسه, وحينئذ كيف نلغي خصوصية النظر؟؟!! فأنه صعب وبعيد جداً.
والظاهر أن الحكم بالمسألة هو الاحتمال الثالث.
قد يقال بإمكان تفسير النظر بالمراعاة, فهل أن النظر هو المراعاة؟؟ أو هما مفهومان مختلفان وقد يلتقيان في بعض الموارد؟؟ فإذا كان النظر هو المراعاة يمكن أن يقال بأن مفاد الروايات اعتبار ترتب الحكم على المراعاة وان يكون بالنظر, لكن النظر ليس هو المراعاة, فتفسير النظر بالمراعاة صعب جداً فيكون الحكم مترتباً على أن ينظر بنفسه.