37/06/27


تحمیل

الموضوع: فصل في شرائط صحة الصوم الاول الاسلام والايمان.

أما بالنسبة إلى الاستدلال بقوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِم مِّلْءُ الأرْضِ ذَهَباً وَلَوِ افْتَدَى بِهِ . الخ)

 

فـأن الاستدلال بها مبني على تمامية امرين:

الاول: أن المستفاد من قوله ولو افتدى به تعميم عدم القبول للإنفاق في دار الدنيا.

الثاني: أن المراد بعدم القبولِ البطلانُ.

إما بأعتبار أن عدم القبول يدل على البطلان, وإما بأعتبار أن القبول يعني ترتيب اثار العمل ومنه الاجزاء, وعدم القبول يعني عدم الاجزاء.

فيقال بأن الآية الشريفة تدل على أن نفقة الكافر _في الحياة الدنيا_ باطلة واذا كان كذلك فمن باب اولى تكون عبادته غير صحيحة.

ويلاحظ أن الآية ناظرة إلى الفدية يوم القيامة حيث تقول(ولو افتدى به) فتكون اجنبية عن المقام.

ويجاب عنه أن ذلك يتم لو لم تكن (الواو) في الآية الكريمة, لكن وجودها يجعل الآية شاملة لشيء آخر غير الفدية وهو النفقة في الحياة الدنيا, فيتم الاستدلال.

وقد ذكر بعض المفسرين معانٍ آخر للواو غير المعنى الذي اعتمد عليه الاستدلال, فالبيضاوي ذكر أن الآية تريد أن تقول أن الكفار لن يقبل منهم فدية يوم القيامة حتى لو جاءوا بملء الارض ذهباً, وذكر الرازي أن الواو تفيد التفصيل بعد الاجمال, فقوله تعالى (فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا) مجمل ويشمل كل الوجوه المحتملة, وارتفع الاجمال بالتفصيل في قوله تعالى (ولو افتدى به) ولا يصح الاستدلال بالآية على هذين التفسيرين, وبغض النظر عن تفسير معنى الواو فالظاهر أنها ناظرة إلى مرحلة ما بعد الموت ويتضح ذلك من الآية التي قبلها (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْراً لَّن تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الضَّآلُّونَ{90}

وكذلك ذيل الآية حيث يقول(أُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ)

ويلاحظ على الأمر الثاني ( تفسير عدم القبول بالبطلان) أن المعروف والمرتكز مرتبتان الاولى مرتبة الصحة والثانية مرتبة القبول, والاولى تعني مطابقة المأتي به للمأمور به ولازم ذلك الاجزاء, وهذه المرتبة لا تتوقف على قبول العمل, والثانية تعني كون العمل مرضياً عند الله تعالى ويترتب عليه الثواب.

ويمكن افتراض صحة العمل وعدم قبوله والعكس, فقد ورد (عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : ثلاثة لا تقبل لهم صلاة : عبد آبق من مواليه حتى يضع يده في أيديهم ، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط ، ورجل أم قوما وهم له كارهون)[1]

ولا اشكال في صحة صلاة هؤلاء واجزائها لكنها غير مقبولة ولا يترتب عليها الثواب, ومن جهة اخرى قد يكون العمل مقبولاً ويترتب عليه الثواب مع عدم مطابقته للمأمور به, فالقبول الالهي للعمل منوط بالحسن الفاعلي لا الفعلي, كما في موارد وجوب القضاء دون الكفارة مثل ما لو نسي غسل الجنابة ليوم أو ايام فأنه يجب عليه القضاء لكنه يمكن أن يترتب الثواب على عمله.

ومن هنا يظهر عدم وضوح تفسير عدم القبول بالبطلان.

نعم يمكن أن يراد به البطلان في بعض الموارد ويكون بقرائن خاصة, كما في (لا تقبل الصلاة الا بطهور).

أما قوله تعالى ({وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُوراً }الفرقان23)

فظاهر الآية انها ناظرة إلى يوم القيامة والمراد بها عدم قبول عمل الكافر وعدم ترتب الثواب عليه, بل ذكر الفقهاء رواية سليمان بن خالد (قال : سألت أبا عبد الله ( عليه السلام ) عن قول الله عز وجل : " وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا " قال : أما والله إن كانت أعمالهم أشد بياضا من القباطي ولكن كانوا إذا عرض لهم الحرام لم يدعوه)[2]

والرواية معتبرة سنداً ومفادها صحة عمل الكافر فتدل على عكس المطلوب (أي تدل على أن الاسلام ليس من شرائط الصحة).

وقد تبين أن الآيات يمكن التأمل في دلالها على أن الاسلام من شرائط الصحة.