37/06/12


تحمیل

الموضوع:- الولاية للجائر - مسألة ٣٦ - المكاسب المحرمة.

الاشكال الثالث:- ان يقال صحيح ان هذه الرواية معارضة للموثقة فالوثقة تقول يجوز وهذه تقول لا يجوز لانها قالت ) ادني ما يصنع الله بمن تولى لهم عملا (..... [1] فالمعارضة موجودة وهي مستقرة وهي ليست من موارد الاطلاق والتقييد والجمع العرفي - لا انها معارضة غير مستقرة - ولكن رغم هذا تقدم موثقة عمار عليها لانها اظهر ورواية زياد بمثابة الظاهر وكلما تعارض الظاهر والاظهر قدم الاظهر.

اما كيف ان موثقة عمار اظهر ؟

باعتبار انها واضحة بدرجة قوية في جواز التولي ولعلها صريحة لان الامام عليه السلام قال فيها ( سئل عن اعمال السلطان يخرج فيه الرجل قال لا الا ان لا يقدر على يأكل ولا يشرب ولا يقدر على حياة فان فعل فصار في يده شيء فليبعث بخمسه الى اهل البيت ) وهذه واضحة جدا وصريحة في الجواز ولا يوجد احتمال آخر غير الجواز ، فهذه صريحة او اظهر في الجواز.

اما رواية زياد التي قلنا بأنها ظاهرة في عدم الجواز وليست اظهر فباعتباران الامام عليه السلام وان قال في ذيل الرواية ( يا زياد ان اهون ما يصنع الله جل وعز بمن تولى لهم عملا ان يضرب عليه سراق من نار ) وهو ظاهر بل صريح بالحرمة لانه عليه السلام قال بأنهم سوف يوضعون في سرادق نار ولكن نقول لو كان الذيل وحده فهذا جيد ومقبول ولكن من قال ان مورد الحاجة والضرورة الى الدخول تحت عمل السلطان داخل تحت هذه الكبرى ؟!! وليس لك الا ان تجيب وتقول ان ذلك من باب التطبيق ، يعني في البداية فرض ان السائل هو صاحب حاجة والامام عليه السلام بين كبرى كلية وحينما يذكر كبرى كلية بقوله ( ان ادنى ما يصنع الله بمن تولى لهم عملا ) فظاهر ذكرها هو التطبيق على المورد فالمورد داخل تحت هذه الكبرى ولكن اقصى ما هناك ظهور في دخول مورد الرواية وهو الحاجة في هذه الكبرى ونحن نحتاج الى اظهرية في الحرمة واظهرية في دخول مورد المعارضة في هذا الحكم الكلي ، اما ذكر حكم كلي اظهر أو صريح في عدم الجواز من دون ان يثبت دخول مادة الاجتماع في هذا الحكم الكلي لا ينفع شيئا ، وحيث ان دخول المورد في هذه القاعدة الكلية هو من باب الظهور في التطبيق فحينئذ تكون هذه الرواية ظاهرة في عدم الجواز وليست صريحة او اظهر فيه.

وعلى هذا الأساس قد يعترض بان موثقة عمار التي هي مورد كلامنا والتي نريد من خلالها جواز التولي للسلطان في مورد الحاجة للرزق وان كان لها معارض وهي رواية زياد بن ابي سلمة ولكن تقدم موثقة عمار لانها اظهر بل صريحة في الجواز بينما رواية زياد هي ظاهرة في عدم الجوازوليست اظهر في عدم الجواز فإن فقرتها الثانية اعني الكبرى وان كانت صريحة في عدم الجواز لكن هذا وحده لا يكفي بل نحتاج الى تطبيق هذه الكبرى على المورد وكون المورد مصداقا لها وهذا ليس الا بالظهور ومادام هو بالظهور فحينئذ تكون نتيجة هذه الرواية هي الظهور في عدم الجواز وتلك صريحة في الجواز فتقدم الاولى اي موثقة عمار في مادة الاجتماع والمعارضة باعتبار انها اظهر او صريحة.

وفيه: ان موثقة عمار ايضا تحتاج الى ضم ضميمة حتى تكون دالة وظاهرة في الجواز لا ان الثانية هي التي فقط تحتاج الى ضم ضميمة ، ووجه ذلك هو ان الاولى وان كانت من حيث الجواز هي اظهر بل هي صريحة لان الامام عليه السلام قال ( لا الا ان لا يقدر على شيء فان فعل فصار في يده شيء فلبعث بخمسه الى اهل البيت ) فهذا صريح في الجواز ولكن نحتاج الى ضميمة اخرى وهي ان نفسر عدم القدرة ليس بمعنى الاضطرار كالاضطرار الى اكل الميتة اذ قد يقال ان موثقة عمار - اي الرواية الاولى - ناظرة الى ان لا يقدر على شيء يأكل ولا يشرب فهو لا يقدر ابدا ولا يتمكن فهذا مضطر كاضطرار الشخص الى اكل الميتة ونحن حينما نريد ان نثبت الجواز في الاستثناء الثالث نريد ان نثبته لا في هذه المساحة الضيقة فإنه في الاظطرار كالاضطرار الى اكل الميتة واضح ان هذا جائز وهذا لعله نادر وليس له مصداق خارجا واستثناؤه اشبه بالمعدوم لولا الحاجة اليه اذ قد يكون له مصداق خارجي ولكنه نادر ، فنحن نريد ان نثبت الجواز في مورد الحاجة الحاجة الماسة عرفا لكن لا يبلغ درجة الاضطرار والا فذاك لا كلام فيه ولا يحتمل احد الجواز فلابد وان نفترض ان محل كلامنا هو في مورد عدم القدرة العرفية ، والموثقة ليست اظهر في هذا المعنى بل هي ظاهرة في هذا التعميم باعتبار ان الاول - اي كالاضطرار الى اكل النيتة - هو فرد نادر وارادة الامام له بخصوصه شيء بعيد لانه يلزم تخصيص مورد الرواية وبالتالي الامام يثبت الجواز في مورد يكاد يكون منعدما وهذا شيء بعيد ، فلابد من التعميم الى مورد عدم القدرة عرفا من باب انه يلزم اختصاص الرواية بالفرد النادر او الذي يكاد ان يكون منعدما والتعميم المذكور ليس هناك بلحاظه صراحة او اظهرية.

فاذن كلتا الروايتين صريحتان في اصل الحكم ، يعني ان رواية زياد بن ابي سلمة صريحة في عدم الجواز ولكن شمولها لمورد كلامنا وهو مورد عدم القدرة عرفا والحاجة والحاجة عرفا ليس فيه اظهرية او صراحة بل يوجد فيها ظهور باعتبار انه مورد الحديث ، وموثقة عمار فهي وان كانت صريحة في الجواز لان الامام عليه السلام قال له ( لا الا .....) يعني يجوز فهي صريحة في الجواز الا ان التعميم لمورد كلامنا هو بالظهور ومورد كلامنا هو مورد عدم القدرة العرفية ، فعلى هذا الاساس كلتا الروايتين هي من زاوية صريحة ومن الزاوية الاخرى ظاهرة فالنتيجة في كلتيهما تتبع اخس المقدمتين فصار بينهما تساو فلا توجد في الاولى اظهرية بلحاظ الثانية فهذه الاعتراضات الثلاثة التي اوردت على رواية زياد بن ابي سلمة لتبقى موثقة عمار سالمة اتضح انها ليست واردة وبالتالي سوف تكون رواية زياد صالحة لمعارضة موثقة عمار.

والاجدر ان يقال في دفع رواية زياد بن ابي سلمة ان يقال: ان المفروض في موثقة عمار هو عدم القدرة حيث قال ( سئل عن اعمال السلطان يخرج فيه الرجل قال لا الا ان لا يقدر على شيء يأكل ولا يشرب ولا يقدر على حلية ) ان التعبير الوارد هو قوله ( لا يقدر ) وقد ورد مرتين ولو اردنا ان نتعامل بدقة فقد يفسر بانه لا يتمكن ابدا - يعني بالمضطر او فوق المضطر - ولكن حيث ان هذا بعيد لانه يلزم الاختصاص والنظر الى الفرد النادر فنعمم عدم القدرة الى عدم القدرة العرفية فنقول ان المقصود من عدم القدرة هنا هو عدم القدرة عرفا فمتى ما صدق على الشخص انه لا يقدر بالنظرالعرفي ان يعيش الا ان يعمل عمل السلطان فالرواية تشمله.

اذن موثقة عمار حينما قالت ( لا الا ان لا يقدر ) ناظرة الى عدم القدرة العرفية ، بينما رواية زياد الوارد فيها هو ( قلت انا رجل لي مروء وعلي عيال وليس وراء ظهري شيء ) وهذا التعبير ظاهر في الحاجة العرفية . اذن في مورد الحاجة العرفية الامام عليه السلام منع ولكن لا يصدق انه ليس بقادر عرفا وانما يصدق عليه انه محتاج عرفا فرواية زياد حينما منعت هي ناطرة الى مورد الحاجة العرفية ، فتريد ان تقول ان مجرد الحاجة العرفية لا تجوز الدخول في الولاية ، بيننا موثقة عمار ناظرة الى مرتبة اعلى من الحاجة العرفية يعني الى مورد عدم القدرة العرفية فعلى هذا الاساس ترتفع المعارضة بينهما ، فمورد موثقة عمار يغاير مورد رواية زياد ، فموثقة عمار حينما حكمت بالجواز فهي ناظرة الى مورد عدم القدرة عرفا فقالت يجوز ذلك ، اما مورد رواية زياد هو الحاجة العرفية التي هي ادنى مرتبة من عدم القدرة عرفا ، فلم تجوز . اذن المعاضة بينهما مرتفعة من الاساس باعتبار ان كل واحدة تنظر الى غير مورد الاخرى.

فاذن لا معارضة فتبقى موثقة عمار سالمة ولا اشكال عليها باعتبار ان رواية زياد موردها غير مورد موثقة عمار.

هذا كله بناء على تمامية سند رواية زياد.

اما اذا قلنا بأن زياد لم تثبت وثاقته فتبقى موثقة عمار على حالها من دون معارض ، ولكن قلنا حينما ذكرنا رواية زياد ان زياد ينقل في اول وآخر الرواية المذكورة شيئا ضده ونقل الضد لا يبعد ان يورث الاطمئنان بحقانية الصدور والا لا يحتمل ان احدا ينقل شيئا ضد نفسه ، وهذا من احد الموارد التي لا بأس وان نجعله ضابطا لحصول الاطمنان فإن من موجبات حصول الاطمئنان ان ينقل الراوي شيئا ضده ، فهذه الرواية لا يبعد ان يقال بحجيتها سندا من هذه الناحية.