34/08/05


تحمیل
 
 المسألة (39) : قد عرفت ان الاعتكاف اما واجب معين او واجب موسع واما مندوب , فالاول يجب بمجرد الشروع بل قبله ولا يجوز الرجوع عنه , واما الاخيران فالاقوى فيهما جواز الرجوع قبل اكمال اليومين واما بعده فيجب اليوم الثالث. لكن الاحوط فيهما ايضا وجوب الاتمام بالشروع خصوصا الاول منهما .
 الاعتكاف ان كان واجبا مضيقا فيجب الشروع فيه ولا يجوز الرجوع عنه , واما اذا كان موسعا فيجوز الرجوع في اليومين الاولين , نعم لا يجوز له الرجوع في اليوم الثالث لان الاعتكاف في هذا اليوم واجب عليه , وكذلك الحال اذا كان الاعتكاف مندوبا فيجوز له رفع اليد عن الاعتكاف في اليومين الاولين ولكن لا يجوز له ذلك اذا بدأ اليوم الثالث , فيجب عليه اتمامه , فحال الاعتكاف المندوب كحال الواجب الموسع فلا فرق بينهما فيجوز الرجوع في اليومين الاولين ولا يجوز في اليوم الثالث
 المسألة (40) : يجوز له ان يشترط حين النية الرجوع متى شاء حتى في اليوم الثالث , سواء علق الرجوع على عروض عارض او لا , بل يشترط الرجوع متى شاء حتى بلا سبب عارض .
 اما اصل جواز الاشتراط فلا شبهة فيه وانه يجوز اشتراط الرجوع في الاعتكاف , وانما الكلام في موردين :
 المورد الاول : هل يجوز هذا الاشتراط في اليوم الثالث الذي هو واجب ؟
 ذهب بعضهم الى عدم الجواز بدعوى انه لا يجوز اشتراط ترك الواجب , فرفع اليد عن الواجب لا يجوز, فلا يجوز الاشتراط في اليوم الثالث لانه واجب , واما في اليومين الاولين فلا مانع منه وان كان لا فائدة من الاشتراط فيهما , فانه في نفسه يجوز الرجوع فيهما ورفع اليد عن الاعتكاف والاشتراط فيهما يكون تأكيد لذلك ولا فائدة له . ولكن الصحيح جواز الاشتراط حتى في اليوم الثالث بمقتضى صحيحة محمد بن مسلم عن ابي جعفر (ع) قال : اذا اعتكف يوما ولم يكن اشترط فله ان يخرج ويفسخ الاعتكاف , وان اقام يومين ولم يكن اشترط فليس له ان يفسخ اعتكافه حتى تمضي ثلاثة ايام. [1] فالمراد من هذا الشرط شرط الاستمرار , وهي تدل بمفهوم الشرط على انه يجوز له مع الشرط , فان مضى يومين ولم يشترط فليس له رفع اليد عن الاعتكاف في اليوم الثالث حتى تمضي ثلاثة ايام , واما اذا اشترط الرجوع فيجوز له الرجوع في اليوم الثالث عن الاعتكاف ولا يجب عليه اتمام ثلاثة ايام . فهذه الصحيحة واضحة الدلالة على جواز فسخ الاعتكاف حتى في اليوم الثالث اذا اشترط الرجوع حين نية الاعتكاف متى شاء .
 المورد الثاني : هل يعتبر في صحة هذا الاشتراط ان يكون لسبب عارض كما هو الحال في الاحرام ؟ فان اشتراط التحليل في الاحرام انما هو لعروض عارض كالحبس وما شاكل ذلك , فيشترط التحليل من الاحرام والخروج منه . فهل يعتبر ذلك في الاعتكاف ايضا اشتراط الرجوع عن الاعتكاف منوط بعروض عارض او حاجة - ؟
 ذهب جماعة الى انه لابد له من ذلك , وهذا الاشتراط انما يصح لعروض سبب او عارض , كما هو الحال في الاشتراط الاحرامي , ولكن مقتضى صحيحة محمد بن مسلم جواز هذا الاشتراط بلا اي سبب كان فان الوارد فيها ( اذا اعتكف يوما ولم يكن اشترط ) فالاشتراط مطلق وهو اشتراط الاستمرار سواء اكان هناك سبب ام لم يكن , ولم يكن اشترط الاستمرار فيجوز له الرجوع وفسخ الاعتكاف والخروج , وان اقام يومين ولم يكن اشترط فليس له ان يفسخ اعتكافه حتى تمضي ثلاثة ايام , مقتضى اطلاق الصحيحة جواز اشتراط الرجوع بلا اي سبب كان كما هو مقتضى فتوى السيد الماتن (قده) , ولكن هناك روايتان قد يستفاد منهما ان الاشتراط لابد ان يكون لسبب او من اجل عروض عارض :
 الرواية الاولى : صحيحة ابي بصير عن ابي عبد الله (ع) في حديث قال : ينبغي للمعتكف اذا اعتكف ان يشترط كما يشترط الذي يحرم [2] . اشتراط الاحرام لابد ان يكون بسبب , فاشتراط التحليل منوط بعروض عارض و سبب عارض عليه, فتشبيه اشتراط الرجوع من الاعتكاف بالتحليل من الاحرام يدل على ان الاشتراط في الاعتكاف كالاشتراط في الاحرام ولا فرق بينهما .
 الرواية الثانية : صحيحة عمر بن يزيد عن ابي عبد الله (ع) في حديث قال : واشترط على ربك في اعتكافك كما تشترط في احرامك ان يحلك من اعتكافك عند عارض ان عرض لك من علة تنزل بك من امر الله تعالى [3] . فان هذه الصحيحة اوضح من الصحيحة الاولى فانها تدل على ان تشترط في اعتكافك كما تشترط في احرامك الذي يحللك عند عروض عارض او عند وجود سبب , فهي تدل على ان الاشتراط لابد ان يكون بسبب , فالحاق الاشتراط في الاعتكاف بالاشتراط في الاحرام يدل على انه لابد ان يكون بسبب , فلا يصح هذا الاشتراط بلا سبب وبدون عروض عارض .
 فهاتان الصحيحتان تدلان على جواز الاشتراط , بل استحباب الاشتراط فان قوله (ينبغي لك ) يدل على الاستحباب , وكذا الصحيحة الاخرى تدل على استحباب الاشتراط , واما صحيحة محمد بن مسلم فلا تنافي استحباب هذا الشرط وتدل على الجواز وهو ينسجم مع استحباب هذا الشرط .
 وانما الكلام في انه هل يعتبر في صحة هذا الشرط ان يكون معلقا على عروض سببه ؟ كما اذا عرضت عليه حاجة وليست ضرورية فهل يرفع اليد عن هذا الاعتكاف ويفسخه ويخرج من المسجد ؟ او ان هاتين الصحيحتين لا تدلان على ذلك ؟
 الظاهر ان الصحيحة الثانية لا باس بدلالتها على ذلك , فانها تدل على انه لابد من احراز ذلك , تشترط في اعتكافك الرجوع كما تشترط في احرامك ان يحللك عند عروض عارض , فان مقتضى سياق هذه الصحيحة ان هذا السبب معتبر في صحة اشتراط الرجوع في الاعتكاف ايضاً , واما بدون عروض عارض وبدون التعليق فيشكل الحكم بصحة اشتراط الرجوع من هذا الاعتكاف بلا اي سبب وعارض عرض عليه.


[1] الوسائل : ج 10: ص 543: الباب 4 : ح 1 .
[2] الوسائل :ج 10 : ص 552 : الباب 9 :ح 1 .
[3] الوسائل : ج 10 : ص 553 : الباب 9 : ح 2 .