37/08/21


تحمیل

الموضوع: الصوم, شرائط صحة الصوم: الثالث : عدم الإصباح جنبا أو على حدث الحيض والنفاس.

قال الماتن

(الثالث : عدم الإصباح جنبا أو على حدث الحيض والنفاس بعد النقاء من الدم على التفصيل المتقدم)[1]

فيبطل الصوم مع تعمد البقاء على الجنابة أو على حدث الحيض أو حدث النفاس وقد تقدم الكلام في ذلك تفصيلاً.

قال الماتن

(الرابع : الخلو من الحيض والنفاس في مجموع النهار فلا يصح من الحائض والنفساء إذا فاجأهما الدم ولو قبل الغروب بلحظة أو انقطع عنهما بعد الفجر بلحظة)

والظاهر عدم الاشكال في ذلك بل قالوا أنه ثابت بالإجماع المحقق والمحكي مستفيضاً, وقد دلت عليه الروايات المستفيضة بل قيل انها متواترة كما في الباب (25) والباب (26) من ابواب من يصح منه الصوم وغير ذلك من الابواب ومن الروايات الواردة في الحائض:-

صحيحة الحلبي (عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : سألته عن امرأة أصبحت صائمة فلما ارتفع النهار أو كان العشي حاضت ، أتفطر ؟ قال : نعم ، وإن كان وقت المغرب فلتفطر ، قال : وسألته عن امرأة رأت الطهر في أول النهار في شهر رمضان فتغتسل ولم تطعم ، فما تصنع في ذلك اليوم ؟ قال : تفطر ذلك اليوم ، فإنّما فطرها من الدم)[2]

وصحيحة عيص بن القاسم (قال : سألت أبا عبدالله ( عليه السلام ) عن امرأة تطمث في شهر رمضان قبل أن تغيب الشمس ؟ قال : تفطر حين تطمث)[3]

ورواية محمد بن مسلم (قال : سألت أبا جعفر ( عليه السلام ) عن المرأة ترى الدم غدوة أو ارتفاع النهار أو عند الزوال ؟ قال : تفطر . . الحديث)[4]

ورواية منصور بن حازم (عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : أي ساعة رأت الدم فهي تفطر الصائمة إذا طمثت ، وإذا رأت الطهر في ساعة من النهار قضت صلاة اليوم والليل مثل ذلك)[5]

ورواية أبي بصير (قال : سألت أبا عبدالله ( عليه السلام ) عن امرأة أصبحت صائمة في رمضان ، فلما ارتفع النهار حاضت ؟ قال : تفطر ، قال : وسألته عن امرأة رأت الطهر أول النهار ؟ قال : تصلي وتتم صومها وتقضي)[6]

ومن الروايات الواردة في النفساء:-

صحيحة عبدالرحمن بن الحجاج (قال : سألت أبا الحسن ( عليه السلام ) عن المرأة تلد بعد العصر ، أتتم ذلك اليوم ام تفطر ؟ قال : تفطر وتقضي ذلك اليوم)[7]

ولا يبعد أن هذه الروايات مستفيضة أما اثبات تواترها فمشكل.

وفي قبال هذه الروايات توجد رواية واحدة وهي موثقة أبي بصير (عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : إن عرض للمرأة الطمث في شهر رمضان قبل الزوال فهي في سعة أن تأكل وتشرب ، وإن عرض لها بعد زوال الشمس فلتغتسل ولتعتد بصوم ذلك اليوم ما لم تأكل وتشرب)[8]

وفي سندها يعقوب بن سالم الاحمر وهو وان لم ينص على وثاقته في كتب الرجال لكن الشيخ المفيد ذكره في رسالته العددية من الاعلام الذين يؤخذ منهم الحلال والحرام... الخ

وفي متن الحديث مشكلة وهي أنه ظاهر في أن الاعتداد بالصوم مشروط بما لم تأكل وتشرب ويفهم من ذلك انها مخيرة بين الصوم والافطار, فكأنها مخيرة بين الاكل والشرب وبين تركهما, فتعتد بصوم ذلك اليوم اذا لم تأكل ولم تشرب ولا تعتد به اذا كلت أو شربت.

وهذا لا ينسجم مع صدر الرواية (إن عرض للمرأة الطمث في شهر رمضان قبل الزوال فهي في سعة أن تأكل وتشرب) ومقتضى قاعدة (أن التفصيل قاطع للشركة) أن السعة في الاكل والشرب لا يكون في ذيل الرواية بل يختص بصدرها فيفهم منه أنه اذا عرض لها الطمث بعد الزوال فهي ليست في سعة.

لكن يحتمل أن تكون الرواية ناظرة إلى تناول الاكل والشرب وان كانا غير جائزين شرعاً والرواية تشترط في الاعتداد والصوم عدم هذا الاكل والشرب فلا يدل الاشتراط حينئذ على جواز الاكل والشرب فلا يدل على التخيير بين الافطار والصوم ولعل الوجه في هذا تخيل الجواز بعروض الحيض بعد الزوال.

ويضاف إلى ذلك (الاشكال) أنه كيف يكون المكلف مخيراً بين الصوم والافطار؟!

وهذا ما جعل الفقهاء يتوقفون في هذه الرواية ومفادها فالشيخ الطوسي بعد أن ذكرها في التهذيب حملها على انها وهم من الراوي و السيد الخوئي (قد) يقول لعل الوهم الذي يقصده الشيخ الطوسي أن الراوي حول (لا تعتد) إلى ( ولتعتد).

لكن هذا لا ينسجم مع (فلتغتسل) و (ما لم تأكل وتشرب) فهذا الوهم بعيد جداً.

والشيخ الطوسي قال ( فهذا الخبر وهم من الراوي لأنه إذا كان رؤية الدم هو المفطر فلا يجوز لها أن تعتد بذلك اليوم ، وإنما يستحب لها أن تمسك بقية النهار تأديبا إذا رأت الدم بعد الزوال) فحملها على الامساك التأدبي ثم استدل على ذلك فقال (فالذي يدل على ذلك . ما رواه علي بن الحسن بن علي بن فضال عن علي بن أسباط عن محمد بن حمران عن محمد بن مسلم قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن المرأة ترى الدم غدوة أو ارتفاع النهار أو عند الزوال قال : تفطر وإذا كان ذلك بعد العصر أو بعد الزوال فلتمض على صومها ولتقض ذلك اليوم)[9]

وحملها الشيخ صاحب الوسائل على احتساب الثواب لذلك اليوم وان وجب عليها القضاء, وعلى كل حال سواء امكن حملها على هذه المحامل أم لا فالظاهر أن العمل بها مشكل وحينئذ لابد من طرحها أو تأويلها بأحد التأويلات المتقدمة.

 

قال الماتن

(ويصح من المستحاضة إذا أتت بما عليها من الأغسال النهارية)

تقدم هذا البحث مفصلاً في مسألة 49 من ابحاث المفطرات.

قال الماتن

(الخامس : أن لا يكون مسافرا سفرا يوجب قصر الصلاة مع العلم بالحكم في الصوم الواجب إلا في ثلاثة مواضع ..) [10]

الظاهر عدم الاشكال وعدم الخلاف في عدم صحة الصوم من المسافر في الجملة فالقضية مسلمة بل لعلها من ضروريات المذهب وقد دل على ذلك الكتاب والسنة أما الكتاب فقوله تعالى{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ....}البقرة185فالاية ظاهرة في تعين الصوم على المريض والمسافر في ايام أُخر في قبال من شهد الشهر ولم يكن مسافراً فأنه يجب عليه الصوم.

أما من السنة فالروايات كثيرة واُدعي تواترها ولا يبعد ذلك فيها بمعنى من معاني التواتر كالتواتر الاجمالي, وأما الاجماع فالظاهر عدم الاشكال في تحققه في محل الكلام اذ لم ينقل الخلاف أن الصوم لا يصح من المسافر (في الجملة) وإنما الخلاف في تفاصيل انواع واقسام الصوم .

فالكلام يقع في اقسام الصوم:-

القسم الاول: صوم شهر رمضان.

القسم الثاني: الصوم الواجب غير شهر رمضان.

القسم الثالث: الصوم المندوب.

القسم الاول: صوم شهر رمضان.

ويمكن الاستدلال على عدم صحة صومه في السفر بعدة امور:-

الاول: الآية الشريفة

الثاني: الروايات وهي على طائفتين:-

الطائفة الاولى: الواردة في خصوص شهر رمضان.

الطائفة الثانية: المطلقة الشاملة لشهر رمضان بالإطلاق.

أما روايات الطائفة الاولى فمنها:-

رواية يحيى بن أبي العلاء (عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : الصائم في السفر في شهر رمضان كالمفطر فيه في الحضر ، ثم قال : إن رجلا أتى النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقال : يا رسول الله أصوم شهر رمضان في السفر ؟ فقال : لا ، فقال : يا رسول الله ، إنه علي يسير ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : إن الله عزّ وجل تصدق على مرضى امتي ومسافريها بالإفطار في شهر رمضان أيعجب أحدكم لو تصدق بصدقة أن ترد عليه)[11]

ورواية عيص بن القاسم (عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : إذا خرج الرجل في شهر رمضان مسافرا أفطر ، وقال : إن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) خرج من المدينة إلى مكة في شهر رمضان ومعه الناس وفيهم المشاة فلما انتهى إلى كراع الغميم دعا بقدح من ماء فيما بين الظهر والعصر فشربه وأفطر ، ثم أفطر الناس معه ، وتم ناس على صومهم فسماهم العصاة : وإنما يؤخذ بآخر أمر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم )[12]

رواية عبيد بن زرارة (قال : قلت لابي عبدالله ( عليه السلام ) : قوله عز وجل ( فمن شهد منكم الشهر فليصمه ) ؟ قال ما أبينها ؟ ! من شهد فليصمه ، ومن سافر فلا يصمه)[13]

رواية صفوان بن يحيى (عن أبي الحسن ( عليه السلام ) أنه سئل عن الرجل يسافر في شهر رمضان ، فيصوم ؟ قال : ليس من البر الصوم في السفر)[14]

وهكذا (ب11 ح4 ) و (ب2 ح1, ح2 ,ح6)

أما روايات الطائفة الثانية فمنها:-

رواية محمد بن حكيم (قال : سمعت أبا عبدالله ( عليه السلام ) يقول : لو أن رجلا مات صائما في السفر ما صليت عليه)[15]

فلم ترد في خصوص شهر رمضان بل في مطلق الصوم.

ورواية السكوني(عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ( عليهما السلام ) قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : إن الله عز وجل أهدى إلي وإلى امتي هدية لم يهدها إلى أحد من الامم كرامة من الله لنا ، قالوا : وما ذلك يا رسول الله ؟ قال : الافطار في السفر ، والتقصير في الصلاة ، فمن لم يفعل ذلك فقد رد على الله عز وجل هديته .)[16]