38/04/23


تحمیل

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

38/04/23

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- زكاة الفطرة.

يوجد هنا أمور:-

الامر الاول:- ان المستفاد من مجموع هذه الروايات الكثيرة الواردة في المسالة الواردة بالسنة مختلفة لأنها تارة بلسان المحتاج واخرى بلسان من لا يجد مالا يتصدق به وثالثة بلسان من لا يملك قوة سنته فان المستفاد من مجموع هذه الروايات هو الجمع العرفي بين هذه الروايات بحمل المطلق على المقيد فان المحتاج مطلق لأنه عرفا المحتاج يصدق على من لا يكون عنده مؤونة شهر او شهرين او اقل من ذلك وكذا من لا يجد مالا يتصدق به كما اذا فرضنا انه يملك مئتي درهم ولا يكفي الا لشهرين او اكثر او اقل ، فتكون النتيجة ان موضوع عدم وجوب زكاة الفطرة هو من لا يملك قوة سنته له ولعائلته ولو كان مالكا احدى عشر شهر او احدى عشر شهرا وعشرين يوما من الشهر الثاني عشر مع ذلك هو لا يملك قوة سنته تماما فيجوز له اخذ زكاة الفطرة.

اذن لا بد من هذا الجمع العرفي بين هذه الروايات فانه لا مفهوم لهذه الروايات التي وردت بلسان المحتاج او بلسان من لا يجد مالا يتصدق به لان القضية التي تدل على المفهوم اما ان تكون فيها أداة الشرط او تكون فيها أداة الحصر او تكون القضية قضية غائية والا فكل قضية لا تدل على المفهوم ، ومن هنا المعروف والمشهور ان القضية الوصفية لا تدل على المفهوم ، اذن لا مفهوم لهذه القضايا لكي يقع التنافي بينها فلابد من الجمع العرفي ونتيجته هي ان موضوع عدم وجوب زكاة الفطرة على من لا يملك قوة سنته.

الامر الثاني:- قد ورد في بعض الروايات كصحيحة زرارة (تجب زكاة الفطرة على من يأخذ زكاة المال) أي من اخذ زكاة المال فعليه زكاة الفطرة ومن اخذ زكاة الفطرة فليس عليه فطرة فقد فصل بين زكاة الفطرة وبين زكاة المال ، ونسبة هذه الروايات الى مجموعتين من الروايات نسبة المقيد الى المطلق.

منها:- صحيحة زرارة قال : قلت : الفقير الذي يتصدق عليه ، هل عليه صدقة الفطرة ؟ فقال : نعم ، يعطي مما يتصدق به عليه)[1] .

فان هذه الصحيحة مطلقة فان الذي يتصدق عليه هو يتصدق عليه بزكاة المال او يتصدق عليه بزكاة الفطرة فيشمل كليهما معا فنسبة هذه الروايات التي تدل على التفصيل بين زكاة المال وزكاة الفطرة الى هذه الصحيحة نسبة الخاص الى العام والمقيد الى المطلق.

وهنا روايات اخرى

منها:- صحيحة الفضيل ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : قلت له : لمن تحل الفطرة ؟ قال : لمن لا يجد ، ومن حلت له لم تحل عليه ، ومن حلت عليه لم تحل له)[2] .

فان هذه الصحيحة ايضا مطلقة وتدل على ان من حلت عليه زكاة فلا فطرة عليه بلا فرق بين ان تكون زكاة الفطرة او زكاة المال ايضا نسبة هذه الروايات الى هاتين الروايتين نسبة المقيد الى المطلق.

اما اولاً فان الظاهر من الرواية الاولى ان من يتصدق عليه هو زكاة المال فان الصدقة اذا ذكرت مطلقا فهي ظاهرة في زكاة المال واما زكاة الفطرة بحاجة الى التقييد مثل الماء المطلق والماء المضاف فكلاهما ماء ولكن اذا اطلق الماء فان المتبادر هو الماء المطلق واما الماء المضاف فهو بحاجة الى التقييد والى القرينة وفي المقام اذا اطلق الزكاة فهو ظاهر في زكاة المال او اذا اطلق الصدقة فهو ظاهر في زكاة المال ، واما زكاة الفطرة فبحاجة الى التقييد والى قرينة.

اذن لا تعارض بينهما بالاطلاق والتقييد فان هذه الروايات ايضا ظاهرة في ان المارد من الزكاة زكاة المال والمراد من الصدقة زكاة المال ، فحينئذ تكون هذه الروايات موافقة لتلك الروايات التي فصلت بين زكاة الفطرة وزكاة المال فمن اخذ زكاة المال فعلية فطرة ومن اخذ زكاة الفطرة فليست عليه فطرة اذن ليست النسبة نسبة المقيد الى المطلق.

مضافا الى انه لا قائل بهذا التفصيل بين من اخذ زكاة الفطرة فلا تجب عليه الفطرة ومن اخذ زكاة المال فتجب عليه الفطرة لا قائل بهذا التفصيل.

كذا مضافا الى ان هذه الروايات معارضة بالروايات التي تدل على ان المناط في وجوب الزكاة من كان عنده مؤونة السنة فتجب عليه زكاة الفطرة وان لم يكن عنده مؤونة السنة فلا تجب عليه زكاة الفطرة.

اذن لا يمكن الاخذ بهذه الروايات التي تفصيل بين زكاة الفطرة وزكاة المال.

الامر الثالث:- ان هذه الروايات ذكرنا انها معارضة بروايات اخرى عمدتها روايتان فهما تدلان على ان من اخذ زكاة المال او زكاة الفطرة فعليه زكاة الفطرة فهاتان الروايتان معارضتان لتلك الروايات ولكن ذكرنا انه يمكن الجمع الدلالي العرفي بينهما فان الروايات الاولى ناصة في نفي الوجوب وهذه ظاهرة في الوجوب فان كلمة (عليه زكاة الفطر) ظاهرة في الوجوب ، اذن نرفع اليد عن ظهورها ونحمله على الاستحباب بقرينة نص تلك الروايات فان حمل الظاهر على النص او حمل الظاهر على الاظهر من احد موارد الجمع الدلالي العرفي وما نحن فيه كذلك.

الامر الرابع:- ان هذه الروايات هل تدل على ما ذكره الماتن (قدس الله نفسه) فان الماتن ذكر ان الغني هو من يملك قوة سنته له ولعائلته ويملك ما يفي بديونه بالفعل او بالقوة وهذه الروايات تدل على ذلك او لا تدل؟

الجواب:- هذه الروايات لا تدل على ما ذكره الماتن ، اذن يقع الكلام في ان الغني المعتبر في الغني من يملك قوة سنته له ولعائلته وان لم يكن مالكا لما يفي بديونه فهل هو غني اولا يكون غنيا؟

قد اختار السيد الاستاذ (قدس الله نفسه) على ما في تقرير بحثه انه غني ولا يعبر في صدق الغني ان يكون مالكا لما يفي بديونه فعلا او قوة فان من يملك قوة سنته تماما يصدق عليه انه غني وان كان مديونا غاية الامر اذا ادى دينه صار فقيرا فاذا صار فقيرا جاز له اخذ الزكاة او اخذ الفطرة او اخذ سائر الحقوق اذا كانت للفقراء ولا يعتبر في اطلاق الغني ان يكون مالكا لما يفي بديونه. ونتكلم فيه ان شاء الله تعالى.