35/05/29


تحمیل
الموضوع : الصوم : النية : مسألة 22 نية القطع والقاطع
مسألة 22 : قال الماتن (لو نوى القطع أو القاطع في الصوم الواجب المعين بطل صومه، سواء نواهما من حينه أو فيما يأتي، وكذا لو تردد، نعم لو كان تردده من جهة الشك في بطلان صومه وعدمه لعروض عارض لم يبطل وإن استمر ذلك إلى أن يسأل، ولا فرق في البطلان بنية القطع أو القاطع أو التردد بين أن يرجع إلى نية الصوم قبل الزوال أم لا، وأما في غير الواجب المعين فيصح لو رجع قبل الزوال)
الكلام يقع في تشخيص المراد بالقطع والقاطع ثم يقع في كونهما متحدان في الحكم ام مختلفان .
اما بالنسبة الى نية القطع فالمعروف من كلمات بعضهم ان المراد هو رفع المكلف يده عن الصوم اي ان ينوي على انه ليس صائما , فالمعتبر فيه القصد هو الصوم فأن رفع يده عن هذا القصد فهو ليس بصائم .
واما نية القاطع ففسروها بأن ينوي الاتيان بما يكون مفطرا من دون تناوله .
الشيخ صاحب الجواهر[1] يفسر القطع بتفسير اخر _ ولعله موجود في كلمات المحقق القمي _ (بأنشاء رفع اليد عن الصوم, فكما ان الدخول في الصوم عبارة عن انشاء قصد الصوم, كذلك نية القطع عبارة عن انشاء رفع اليد عن الصوم بأعتبار ان الصوم يعتبر فيه قصد الامساك فإذا قصد رفع اليد عن ذلك يكون قد نوى القطع, اما نية القاطع فهي النية المعروفة بأن ينوي ارتكاب ما يوجب بطلان الصوم كالأكل والشرب.)
والظاهر ان نية القطع ليست هي نية ان لا يمسك عن المفطرات كما ورد في تقريرات السيد الخوئي[2] حيث فسر القطع ان لا يكون صائما وينوي ان لا يمسك عن المفطرات.
والظاهر أن هذه النية هي نية القاطع و انها (نية ان لا يكون صائما )تجتمع مع نية القاطع(كما لو قصد تناول المفطرات) ومع نية الامساك ايضا كما لو انشأ(بحسب تعبير صاحب الجواهر ) او رفع اليد عن قصد الصوم وهو قد يكون في نفس الوقت قاصدا الامساك عن المفطرات (لا بنحو قربي ) وحينئذ يكون قد نوى القطع .
والظاهر ان المقصود بها نية القاطع اي نية تناول المفطر وهو قد يتحقق الان وقد يتحقق بعد ساعتين, اما نية القطع فهي عبارة عن رفع اليد عن قصد الصوم .
اما اقوال العلماء في هذه المسألة
ففيها خلاف
والمنسوب الى الاكثر هو عدم البطلان سواء نوى القطع ام نوى القاطع, وفي قبال ذلك قول متأخري المتأخرين حيث قالوا بالبطلان مطلقا.
وهناك اقوال اخرى فيها تفصيلات
الاول: التفصيل بين نية القطع تكون مبطلة , ونية القاطع لا تكون مبطلة.
الثاني: ما يذكره العلامة بين نية الافطار فعلا وبين نية الافطار فيما بعد فالأول مفطر والثاني غير مفطر .
الثالث: ما يفهم من كلام الشيخ صاحب الجواهر وهو ان البطلان في صورة واحدة وهي نية القطع اي اذا انشأ رفع اليد عن الصوم, وما عدا هذه الحالة حكم بالصحة ( وهذا يشمل نية القاطع ونية القطع فيما يأتي )
فيبدو انه يفصل بين انشاء رفع اليد عما تلبس به من الصوم وبين رفع اليد عما يأتي.
ذكر السيد الخوئي مطلبا حاصله _ان التفصيلان المتقدمان ( الاول والثاني حيث انه ذكرهما ايضا ) غير تفصيل الشيخ صاحب الجواهر, وان كان هو نسب اليه احد التفصيلين السابقين, بينما ظاهر كلامه عدم التفصيل بين نية القطع والقاطع كما تقدم _ (ان هذان التفصيلان نشئا من الخلط بين عنوان الصوم المقابل للإفطار وبين الصوم الصحيح القربي, فتارة نفترض ان محل الكلام هو عنوان الصوم وتحققه ونبحث هل ان نية القطع او القاطع تنافي عنوان الصوم ؟ او لا؟
واخرى نتكلم عن صحة الصوم وفساده فنقول هل ان نية القطع او القاطع تنافي الصوم الصحيح وتوجب فساده ؟ او لا ؟
فأذا كان الكلام في المقام الاول ( تحقق معنى الصوم ) قد تصح هذه التفصيلات بأعتبار ان نية القطع ممكن القول بأنها تنافي الصوم, بينما اذا نوى القاطع فلا ينافي مفهوم الصوم الذي فيه الكلام , وليس الصوم الشرعي ومن هنا قد يقال بالتفصيل الاول, وكذلك التفصيل الثاني ذكره بأن له وجه.

واما اذا كان الكلام ليس في هذا المقام وانما في المقام الثاني اي في صحة الصوم وفساده اي ان الكلام يكون في الصوم الشرعي المعتبر, فحينئذ يكون كل من النيتين ( القطع والقاطع ) مبطلة للصوم, لأنه يعتبر في الصوم ان يكون المكلف قاصدا للصوم وناويا الامساك على وجه قربي من طلوع الفجر الى الغروب, ونية القطع ونية القاطع بل سيأتي ان التردد في ذلك يكون منافيا للصوم الشرعي المعتبر فلا وجه لهذه التفاصيل.)
فأن التفصيل مبني على تخيل ان النزاع انما هو في الصوم بعنوانه ومفهومه العرفي اللغوي , وانه هل يتحقق عند نية القطع والقاطع ؟او لا ؟
ويبدو ان ما ذهب اليه السيد الخوئي من ان التفصيل مبني على هذا الخلط صحيح.
واُستدل على القول بالصحة وهو القول المنسوب الى المشهور(وقيل بأن قدماء الاصحاب يذهبون الى الصحة بنية القطع او بنية القاطع ) بأدلة :-
الدليل الاول : استصحاب الصحة حيث قالوا بعد نية القطع او نية القاطع نشك بأن هذا الصوم باطل او صحيح , فنستصحب الصحة المتيقنة قبل نية القطع او القاطع .
ويرد عليه :
اولا: انه لا تصل النوبة اليه الا بعد بطلان الادلة على البطلان.
ثانيا: يبدو ان اركان الاستصحاب غير متوفرة فيه, لأن المكلف بعد نية القطع والقاطع ليس على يقين بصحة الصوم قبل النية , فلا يوجد عنده يقين فعلي بصحة الاجزاء السابقة من الصوم قبل نية القطع والقاطع , لإحتمال ان نية القطع او القاطع توجب بطلان الصوم اساسا , وبعبارة اكثر وضوحا ان هذا اشبه بالشك الساري, بمعنى ان حدوث نية القطع او القاطع توجب الشك في المتيقن السابق, فلا يجري الاستصحاب لعدم توفر اركانه .
نعم هناك صحة تقديرية وهي ان الاجزاء السابقة لو ضُم اليها ما يعتبر بصحة الصوم لكان صحيحا, وهذا لا شك فيه , لكن الصحة هنا تقديرية ولا تنفعنا في الصحة الفعلية.
الدليل الثاني : التمسك بالروايات الواردة بعنوان انه لا يضر الصائم شيئا اذا اجتنب خصال (كالأكل والشرب والجماع ) وليس من هذه الخصال نية القطع او نية القاطع, فلقائل ان يقول ان مقتضى عموم الحصر هو ان نية القطع ونية القاطع لا تضر الصائم فأن الذي يضر الصائم هو هذه الخصال المذكورة وما عداها لا يضر ومنها نية القطع ونية القاطع.
ويرد اولا :عليه ان هذا الدليل في واقعه يرجع الى التمسك بعموم الحصر, بأعتبار ان الدليل يدل على ان المضر بالصائم هو هذه الامور, ومفهوم الحصر معناه ان ما عداها ليس مضرا, وهذا بأطلاقه يشمل نية القطع ونية القاطع فهو بواقعه تمسك بعموم هذا الدليل لإثبات ان ما لم يدخل في الخصال الخمسة (مثلا) لا يضر الصائم ولا يوجب بطلان الصوم .
وهذا لا يصح التمسك به لأن العموم كما نعلم انما يجوز التمسك به عند الشك في التخصيص الزائد, وفي المقام لا يوجد شك في التخصيص الزائد وانما الشبهة شبهة مصداقية, وقد اتفقوا على عدم جواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية .
توضيح المطلب
ان الروايات وان اقتصرت على بعض الخصال وليس منها نية القطع او نية القاطع الا اننا نعلم يقينا بأن ترك قصد الصوم وقصد القربة مضر بالصوم بلا اشكال .
وبعبارة اخرى ان المعتبر في الصوم ليس ترك هذه الخصال فقط, وانما يعتبر فيه بالإضافة الى ذلك قصد الصوم القربي, وهذا معناه ان هناك شيء خرج عن الدليل وصار مضرا بالصوم قطعا فهو خارج بالتخصيص, كما ان الاكل خارج بالتخصيص اي ان الصائم لا يضره شيء الا اذا اكل او الا اذا شرب وهكذا في باقي المفطرات ومحل كلامنا هو هل ان نية القطع مخلة بقصد الصوم ؟او لا ؟
وعلى هذا يتضح ان الشبهة مصداقية لأن العام يقول لا يضر الصائم شيئا الا موارد خرجت بالتخصيص , منها الاخلال بالنية , حينئذ نقول هل ان نية القطع يصدق عليها الاخلال بالنية او لا ؟
فتكون الشبهة مصداقية وعليه لا يجوز التمسك بالعام, فلا يجوز التمسك بالدليل في المقام اي بعموم الحصر لأثبات ان نية القطع ونية القاطع لا تكون مضرة بالصوم .
ثانيا: ان الدليل الدال على الحصر ناظر الى ما يكون مضر بالصوم مع فرض تحققه, وليس له نظر الى ما يضر بالصوم بأعتبار عدم تحقق الصوم اساسا كما في محل الكلام اي ليس ناظرا الى ما يكون منافيا لنية الصوم حيث لا صوم اصلا, فيكون فائدة الحصر هو نفي المفطرية عن اشياء من هذا القبيل كألارتماس اذا شُك في كونه مفطرا؟ او لا؟ وهو ليس مذكورا من ضمن المفطرات الخمس يمكن التمسك بعموم الحصر لأثبات انه ليس من المفطرات .

الدليل الثالث :ان نية الصوم المعتبرة في الصوم تجتمع مع النوم ومع الغفلة مع ان النائم والغافل لا نية له اصلا, ومن هذا نفهم ان نية الصوم المعتبرة بنحو تكون متحققة مع الغفلة والنوم فمن باب اولى ان تجتمع نية الصوم مع نية القطع والقاطع, لأنه نية الصوم وان اُخل بها في بعض الجزئيات الا انها موجودة, بخلاف النائم والغافل, وهذا مبني على ما قلناه في مناقشة الدليل الثاني من ان نقطة البحث, هي ان نية القطع او القاطع هل تنافي قصد الصوم؟ او لا ؟
فنقول ان النوم والغفلة لا ينافي قصد الصوم فنية القطع والقاطع من باب اولى لا تكون منافية لقصد الصوم.