38/12/14


تحمیل

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

38/12/14

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- مسألة ( 39 ) حكم جوائز لظالم – المكاسب المحرّمة.

جوائز الظالم حلال وإن علم اجمالاً أن في ماله حراماً . وكذا كل ما كان في يده يجوز أخذه منه وتملكه والتصرف فيه بإذنه إلا أن يعلم أنه غصب فلو أخذ منه حينئذٍ وجب ردّه إلى مالكه إذا عرف بعينه فإن جهل وتردد بين جماعة محصورة فإن أمكن استرضاؤهم وجب وإلا رجع في تعيين مالكه إلى القرعة . وإن تردد بين جماعة غير محصورة تصدق به عن مالكه مع الاذن من الحاكم الشرعي على الحوط إن كان يائساً عن معرفته وإلا وجب الفحص عنه وإيصاله إليه.

..........................................................................................................

تقدّم في مسألة ( 37 ) الفارق بين تلك المسألة وبين هذه المسألة ولا نكرر وقلنا من المناسب أن تأتي تلك المسألة إلى جنب هذه المسألة من دون فاصل.

والمسألة قد عقدها(قده) بعنوان جوائز الظالم ، وهكذا أخذ عنوان الجوائز ، فإذن هو أخذ عنوانين وخصوصيتين في التعبير وهما الظالم والجائزة.

والذي أريد بيانه:- هو أن الأحكام التي ستذكر لا تختص بذلك ، فليس المدار على عنوان الظالم بل حتى لو فرضنا أنه يوجد انسان ليس بظالم ولكن نعلم بوجود أموال تحت يده بعضها حرام وهو غافل عن ذلك أو أنه ليس بغافل ولكن هل كلّ شخص ارتكب قليلاً من الحرام يصدق عليه أنه ظالم ؟ كلا فإنَّ لفظة ( الظالم ) ظاهرة في السلطان ، فإذن المسألة لا تختص بالظالم بل تعم كلّ من تحت يده أموالاً محرمّة وإن لم يصدق عليه عنوان الظالم ، وهكذا عنوان ( الجائزة ) لا مدخلية له بل ما يؤخذ منه أعم من كونه بنحو الجائزة أو لا فهاتان الخصوصيتان كان ينبغي غضّ النظر عنهما ولا أقل المناسب التعميم بعد ذلك ، نعم الروايات إذا كانت هي المستند في الحكم بالجواز فهي قد أخذت عنوان السلطان أو الحاكم فربما يقال حينئذٍ لهذا العنوان مدخلية ولا يثبت الحكم الحكم بجواز الأخذ من كل إنسان إلا إذا كان سلطاناً ظالماً إنه ربما يقال ذلك لأنَّ الروايات قد أخذت عنوان السلطان أو الظالم وهكذا عنوان الجائزة والهدية قد أخذته ، فإذن إذا كان المستند هو الروايات فيكون أخذ هاتين الخصوصيتين في محلّه ، أما إذا فرض أن المستند كان أعم من ذلك كما سوف نلاحظ لأنه يذكر أكثر من مستند لذلك والمهم أني أردت التنبيه إلى ذلك لا أكثر وأنت كن على التفات من هذه الناحية لا أكثر أما بعد ذلك ننتهي إلى أنه توجد خصوصية أو لا فهذه مسألة ثانية.

وشقوق المسألة أربعة ألا أنَّ الذي أشار إليه السيد الماتن في العبارة هو ثلاثة شقوق وهي كما يلي:-

الأوّل:- إذا أعطى الظالم لي شيئاً كقلم الحبر أو كتاب فمرّة لا أعلم وجود شيء حراماً في أمواله ، وفي هذا الشق الحكم يكون جائزاً.

الثاني:- أن نفترض أنه يوجد في خزينته حرام ولكن هذا الذي دفعه لي لا أعلم بوجود الحرام فيه ففي هذا الشيء المدفوع شبهة بدوية ولا يوجد علم تفصيلي ولا اجمالي بوجود الحرام فيه ، وهذا الحكم من ناحيته هو الحلّ أيضاً.

الثالث:- أن نفترض أنه نعلم بوجود الحرام وأنَّ المدفوع لي هو من الحرام جزماً بنحو العلم التفصيلي ، وحكمه هو أنه إذا عرف المالك يلزم تسليمه إليه وأما إذا فرض أنه كان مردّداً بين أشخاص فتارةً تكون الشبهة محصورة وأخرى غير محصورة ، فإن كانت محصورة وأمكن استرضاؤهم جميعاً وجب ذلك وأما إذا لم يمكن استرضاؤهم ففي مثل هذه الحالة الحكم هو القرعة لأنها لكلّ أمر مشكل ولا يمكن غيرها مادام لا يمكن تشخيص المالك ولا يمكن الاسترضاء ، وأما إذا فرض أنَّ الشبهة غير محصورة فالحكم في مثل هذه الحالة حكم مجهول المالك وهو التصدّق به غايته الاحتياط الوجوبي باستئذان الحاكم الشرعي ولكن هذا بشرط حصول اليأس من العثور على المالك أما إذا فرض أنَّ اليأس لم يحصل فلابد من الفحص عنه إلى أن يحصل اليأس فإذا حصل اليأس فالحكم هو التصدق.

هذه هي الشقوق الثلاثة التي تشتمل عليها المسألة ولم يشر إلى الشق الرابع.

الرابع:- والكلام فيه مختصر ، وحكمه كلّه على طبق القاعدة ، وهو أن يكون المأخوذ من السلطان يعلم فيه الحرام بنحو العلم الاجمالي لا بنحو العلم التفصيلي ، كما لو أعطاني قلماً ودفتراً وأنا أعلم أنَّ الحرم هو إما القلم أو الدفتر ، ففي مثل هذه الحالة ما هو الحكم على طبق القاعدة ؟ إنه يوجد علم اجمالي فتارةً نفترض أنَّ العلم بوجود الحرام كان بنحو المشاع والشركة وأخرى يفترض لا بنحو الشركة والاشاعة ، ومثال لا بنحو الشركة والاشاعة هو مثل القلم والدفتر فإنَّ أحدهما متميّز عن الآخر ، أما مثال بنحو الشركة والاشاعة كأن أعطاني كيساً من الرز ولكني أعلم أنَّ جزءاً من الرز هو ملك الغير فهذا سوف يصير بنحو الاشاعة والشركة أو كالزيت أو الحليب والماء أو ما شاكل ذلك ، فإن كان بنحو الاشاعة ففي مثل هذه الحالة تارةً يفترض أنَّ القدر والمالك كانا معلومين فأنا أعلم أن نصف هذا الرز هو ملك للغير والغير هو زيد بن رقم ، ومرّة يفترض أنَّ كلاهما مجهول ، وثالثة يفترض أنَّ أحدهما مجهول والآخر معلوم ، وعليه سوف تصير الصور أربعة ، أما إذا فرض أنَّ القدر والمالك كان معلومين معاً فيجب ردّ مقدار ماله إليه ، وأما إذا كانا مجهولين معاً فالحكم هو ما قرأناه في باب الخمس فأنَّ المال الحلال المخلوط بالحرام إذا لم يعرف مقداره يحلّ بدفع خمسه ، وأما إذا كان المقدار مجهولاً والمالك كان معلوماً فالحكم هو المصالحة والمراضاة ، وأما إذا كان القدر معلوماً والمالك مجهولاً فالحكم هو حكم مجهول المالك فيفحص عن مالكه إلى حين اليأس فإن حصل اليأس فالحكم هو التصدّق فإذن الحاكم الشرعي على الأحوط.

وأما إذا كان الاختلاط لا بنحو الاشاعة - كمثال القلم والدفتر - فالحكم هو أنه لابد من القرعة أو المصالحة بشكلٍ من الاشكال ولو ببيعهما معاً وتوزيع الثمن أو بشكلٍ آخر ، فالمهم أنه تحصل المراضاة بيننا كيفما نتفق عليها.

والكلام يقع في الصورة الأولى:- المعروف على ما ذكر جماعة ومنهم الشيخ الأعظم(قده) في الكاسب أنه يحكم بأنه حلال لوجوه ثلاثة الاجماع والأصل والأخبار الخاصة بجوائز الظالم.