36/04/28


تحمیل
الموضوع: الصوم , المفطرات, المفطر العاشر : تعمد القيء, مسألة,74, 75
الجهة الثانية : ان يكون الكلام والاشكال من جهة احتمال رجوع ما خرج بالتجشؤ الى داخل الجوف, وحينئذ قد يصدق عليه الاكل.
أما بالنسبة الى الحكم التكليفي فالظاهر جواز التجشؤ, حتى في صورة العلم بخروج شيء من الطعام معه, وذلك بأعتبار أن المفروض في المسألة أن رجوع شيء من الطعام إلى الجوف قهري, وإلا فلو كان أختيارياً فلا أشكال في كونه مبطلاً وضعاً وغير جائز تكليفاً.
لا يقال أن الاكل يصدق على الرجوع القهري, لأنه غير واضح بل ممنوع, والدليل على ذلك صحيحة عبدالله بن سنان (قال : سئل أبو عبدالله ( عليه السلام ) عن الرجل الصائم يقلس فيخرج منه الشيء من الطعام، أيفطره ذلك ؟ قال : لا، قلت : فان ازدرده بعد أن صار على لسانه، قال : لا يفطره ذلك)[1] ولعل ظاهر الرواية أن الازدراد لا بأس به حتى لو كان اختيارياً, وحينئذ تدل على أن الازدراد القهري ليس أكلاً.
ومن هنا يظهر أن لا مانع من التجشؤ تكليفاً, كما لا مانع من الالتزام بصحة الصوم, ومنه يظهر أن نتيجة المسألة واحدة على كل التقادير, وهي جواز التجشؤ تكليفاً وصحة الصوم وضعاً, من دون فرق بين صورة احتمال خروج شيء من الطعام مع التجشؤ وبين صورة العلم بذلك, خلافاً لفتوى السيد الماتن حيث فرق بين الصورتين, بالالتزام بالبطلان في صورة العلم, وعدمه في صورة العدم.

قال الماتن
مسألة 75 ) : (إذا ابتلع شيئا سهوا فتذكر قبل أن يصل إلى الحلق وجب إخراجه وصح صومه، وأما إن تذكر بعد الوصول إليه فلا يجب بل لا يجوز إذا صدق عليه القيء، وإن شك في ذلك فالظاهر وجوب إخراجه أيضا مع إمكانه عملا بأصالة عدم الدخول في الحلق.)[2]
الظاهر أن المقصود من (الحلق) _ كما فسره بعض المعلقين_ منتهى الحلق, وهو الذي يلازم وصوله الوصول إلى الجوف, وسيظهر أن المناط في المقام هو صدق الاكل وعدمه على الابتلاع, فإذا صدق الاكل عليه ثبتت الحرمة التكليفية والوضعية, وأن لم يصدق فلا حرمة وضعية ولا حرمة تكليفية.
نعم وقع الكلام في صدق الاكل وعدمه, فعبارة السيد الماتن أن الميزان في صدق الاكل وعدمه, هو الوصول إلى الحلق _التي فسرت بمنتهى الحلق_ فإذا لم يصل إلى الحلق يصدق الاكل عند ابتلاعه, واذا وصل إلى الحلق لا يصدق الاكل.
ومن هنا يظهر عدم الاشكال في أن وصول ما ابتلعه سهواً الى منتهى الحلق (الجوف) لا يبطل الصوم, لأن ما وصل إلى الجوف وصل اليه سهواً, فهو وأن تحقق به الاكل, الا انه لا يبطل به الصوم من جهة كونه وقع سهواً, أما ابتلاعه بعدما وصل الى الجوف فأنه لا يصدق عليه الاكل.
وأما اذا لم يصل الى الحلق _ أي ما زال في فضاء الفم_ فأنه لا اشكال في وجوب اخراجه, لأنه بإبتلاعه يصدق الاكل متعمداً.
وأما مسألة الشك التي طرحها السيد الماتن واصبحت موضع اثارة وكلام من قبل المعلقين, وكأنه يتكلم على خلاف القاعدة, والكلام فيها يقع في ما لو شك في وصول الطعام إلى الحد الذي لا يجب عليه اخراجه, أو لم يصل إلى ذلك الحد ويجب عليه اخراجه فعلاً, وما هو الحكم حينئذ؟
السيد الماتن ذكر الظاهر وجوب الاخراج وعدم جواز الابتلاع, وتمسك لأثبات وجوب اخراجه عند الشك بأصالة عدم الدخول في الحلق, بأعتبار ان وصول الطعام إلى الحلق امر مشكوك, وحيث أنه أمر حادث مسبوق بالعدم فتجري فيه اصالة عدم الوصول إلى الحلق, وحينئذ يجب عليه اخراجه, فوجوب الاخراج إنما يسقط بوصوله إلى الحلق, وقد ثبّت لنا هذا الاصل عدم الوصول, فيجب عليه اخراجه.
وقد اصبح هذا الكلام موضع استغراب لأن الغرض من اجراء الاصل هو اثبات وجوب الاخراج وعدم جواز الابتلاع كحكم تكليفي, وفساد الصوم عند الابتلاع كحكم وضعي, وموضوع هذين الحكمين هو الاكل (دخول الطعام إلى الجوف عن طريق الفم), واستصحاب عدم الوصول إلى الحلق لا يثبت كون ابتلاع الطعام اكلاً الا بناء على القول بحجية الاصل المثبت, لأن لازم عدم وصول هذا الطعام إلى الجوف هو أن ابتلاعه يصدق عليه أنه اكل.
وحينئذ لا يمكن الالتزام بذلك لأن الاصل المثبت ليس حجة.
بل يمكن ان يقال أن الاصل في المقام على العكس, لأننا نشك في تحقق موضوع هذه الاحكام الشرعية والاصل عدم تحققه.