36/06/11


تحمیل
الموضوع: الصوم , المفطرات, فصل (المفطرات المذكورة ما عدا البقاء على الجنابة الذي مر الكلام فيه تفصيلا إنما توجب بطلان الصوم.....) مسألة 4,3,2
التفصيل الثاني: وهو بين ما اذا كانت التقية تقتضي اداء العمل_ موافقة لهم_ فيحكم بالصحة, وبين ما اذا كانت التقية تقتضي ترك العمل _موافقة لهم _ فيحكم بالفساد, ومثال الاول ما لو ارتكب المفطر كالارتماس مع أنه لم ينوِ ترك الصوم رأساً, ومثال الثاني ما لو ترك العمل(الصوم رأساً).
والوجه في هذا التفصيل هو أن يقال أن الظاهر من الروايات كفاية العمل الناقص الذي يؤتى به موافقة لهم, وهذا يختص بالعمل الذي يؤتى به ناقصاً على وجه التقية, كما في الصوم مع الارتماس والصوم مع الاكل, ولا يستفاد من الادلة تنزيل ترك العمل تقية منزلة الاتيان بالعمل كما هو الحال في المقام ا لثاني_ ترك الصوم رأساً_ وحينئذ لابد من الحكم بفساده.
وهذا التفصيل مقبول بناءً على تمامية الادلة على الصحة, فأن الروايات في مقام تصحيح العمل الناقص, ولكنه سواء فهمنا ذلك من الروايات أم لم نفهمه, فأن الصحيح هو أن الروايات المتقدمة كلها ليس فيها دلالة على صحة العمل المتقى به, وعليه فلا وجه لهذه التفصيلات, والصحيح هو أن يحكم بفساد العمل, هذا هو الظاهر والله العالم.

مسألة 3 (إذا كانت اللقمة في فمه وأراد بلعها لنسيان الصوم فتذكر وجب إخراجها، وإن بلعها مع إمكان إلقائها بطل صومه، بل يجب الكفارة أيضا، وكذا لو كان مشغولا بالأكل فتبين طلوع الفجر )[1]
أي يجب عليه اخراجها, وان بلعها متعمداً يترتب عليه فساد الصوم والكفارة لتعمد استعمال المفطر, وهذه المسألة واضحة جداً من خلال عرض المسائل السابقة, ولكن السيد الماتن ذكرها لدفع توهم _ كما قيل_ وهو أن الاكل المفطر مركب من امرين احدهما وضع الاكل في الفم, والاخر بلعه, والمفروض في هذه المسألة أن الجزء الاول المقوم لحقيقة الاكل(وضع اللقمة في الفم) صدر نسياناً, وحينئذ قد يقال لا مانع من بلعها بعد ذلك حتى وان تذكر, وذلك لأن المجموع المركب الذي يمثل حقيقة الاكل لم يكن صادراً عن عمدٍ لأن جزء منه صدر لا عن عمد, فلا يكون مبطلاً للصوم.
فالسيد الماتن كأنه يريد دفع هذا التوهم لأنه توهم محض, وذلك لوضوح أن وضع اللقمة في الفم ليس دخيلاً في حقيقة الاكل ولا مقوماً لها, فأن الاكل هو عبارة عن ادخال شيء في الجوف وان لم يكن عن طريق الفم, فأن الاكل يصدق على ابتلاع الشيء فأن ابتلعه بعد التذكر فأنه يصدق عليه الاكل العمدي ويكون موجباً لفساد الصوم وتترتب عليه الكفارة, ولعل السيد الماتن غرضه التنبيه إلى هذا التوهم.

مسألة 4 (إذا دخل الذباب أو البق أو الدخان الغليظ أو الغبار في حلقه من غير اختياره لم يبطل صومه، وإن أمكن إخراجه وجب ولو وصل إلى مخرج الخاء)[2]

لا اشكال في صدر المسألة وهو واضح على ما تقدم, الا أن ذيلها (وإن أمكن إخراجه وجب ولو وصل إلى مخرج الخاء) قد يقال بأنه ينافي ما تقدم منه في (مسألة 75 ) : (إذا ابتلع شيئا سهوا فتذكر قبل أن يصل إلى الحلق وجب إخراجه وصح صومه، وأما إن تذكر بعد الوصول إليه فلا يجب بل لا يجوز إذا صدق عليه القيء، وإن شك في ذلك فالظاهر وجوب إخراجه أيضا مع إمكانه عملا بأصالة عدم الدخول في الحلق.) فأن قوله في ذيل هذه المسألة ينافي قوله (وأما إن تذكر بعد الوصول إليه فلا يجب) في مسألة 75.
وقد علق السيد الحكيم (قد) في المستمسك على هذه المسألة تعليقة مختصرة قد نفهم منها بعض الاشياء فأنه قال (لحرمة اكله في نفسه)[3] ولعله يفهم من هذا العبارة _بما أنه يريد أن يرفع التهافت ما بين المسألتين_ أنه يريد أن يقول أن المفروض في محل الكلام هو أن الداخل محرم الاكل في حد نفسه كالذباب والغبار, فإذا امكن اخراجه يجب عليه ذلك وان وصل إلى مخرج الخاء, فهو لم ينظر إلى مبطلية الداخل للصوم وإنما ناظر إلى مسألة أن هذا محرم في حد نفسه, ومهما امكنه أن لا يبتلع الحرام يجب عليه اخراجه, هذا في محل الكلام, أما في مسألة 75 فأن المفروض أن الذي ابتلعه سهواً محلل الاكل فلا يجب عليه اخراجه اذا وصل إلى الحلق, لأنه ليس مضراً بالصوم لعدم صدق الاكل عليه لوصوله إلى الحلق, وليس فيه حرمة نفسية توجب اخراجه كما هو الحال في هذه المسألة, هذا ما يفهم من كلام المستمسك.
ويلاحظ عليه:
أولاً: ليس كل المذكورات في هذه المسألة محرمات في حد نفسها, فأن الدخان الغليظ مثلاً لا احد يقول بحرمته, وكذلك الغبار لم تكن حرمته واضحة تماماً.
ثانياً: أن التفريق بين الحرمة والمبطلية غير واضح, لأن الموضوع لكليهما واحد وهو الاكل, فنحن بين امرين إما أن نقول بأن ابتلاع هذا الشيء ليس اكلاً, وحينئذ لابد من الالتزام بعدم الحرمة وعدم الفساد, وإما أن نقول بأن هذا الابتلاع يصدق عليه الاكل, وحينئذ لابد من الالتزام بكلا الحكمين (الحرمة والفساد).
فالصحيح في محل الكلام هو ما تقدم في مسألة 75 وهو أن ا لمناط في وجوب الاخراج في كل من المسألتين هو وصول الشيء إلى موضع يصدق على ابتلاعه الاكل, فيكون حراماً ومفطراً كما لو وصل إلى فضاء الفم وتذكر فأن ابتلاعه بعد ذلك يكون اكلاً بلا اشكال, فيكون مفطراً وكذلك يكون حراماً إما في حد نفسه, وإما من جهة كونه مفطراً اذا كان الصوم واجباً معيناً او قضاء بعد الزوال, وأما اذا لم يصدق على الابتلاع الاكل, فلابد من الالتزام بعدم المفطرية وعدم الحرمة, الا اذا قلنا أن الذباب له خصوصية _كالضرر مثلاً_ تقتضي حرمة ايصاله وان لم يصدق على الايصال عنوان الاكل وهذه مسألة اخرى غير ما نحن فيه.
فالصحيح أن الميزان هو أنه هل يصدق على الابتلاع بعد وصوله إلى ذلك الموضع الاكل أو لا يصدق؟؟
وهل أن هناك تنافياً بين هذه المسألة ومسألة 75 ؟؟
الصحيح أن السيد الماتن ذكر في مسألة 75 عدم وجوب اخراج الشيء الذي يصل إلى الحلق, وذكر في هذه المسألة وجوب الاخراج إن امكن وان وصل إلى مخرج الخاء.
ومن هنا يتبين أن الكلام محصور بين امرين :
الاول: أن نلتزم بأن مراد السيد الماتن في مسألة 75 من الحلق ما يعم اول الحلق ووسطه ومنتهاه ونغض النظر عن التفسير الذي ذكرناه هناك تبعاً لبعض المعلقين _من أن المراد بالحلق هو منتهى الحلق_ وحينئذ يلزم التهافت بين المسألتين 75 ومسألة4 , لأن مخرج الخاء الذي اوجب اخراج الشيء منه إن وصل إليه مع الامكان هو جزء من الحلق الذي قال بعدم وجوب الاخراج منه إن وصل الشيء إليه.
الثاني: أن نلتزم بالتفسير الذي ذكرناه في مسألة 75 على أن المراد بالحلق هو منتهى الحلق وحينئذ لا تهافت بين المسألتين لأن الحكم بعدم الوجوب_ مسألة 75 _ يكون عند وصول الشيء إلى منتهى الحلق (مخرج الحاء) ووجوب الاخراج _مسألة 4_ يكون عند وصول الشيء إلى وسط الحلق (مخرج الخاء).