36/08/05


تحمیل
الموضوع: الصوم , المفطرات, فصل المفطرات المذكورة كما أنها موجبة للقضاء كذلك توجب الكفارة.... مسألة 1)
قال الماتن
( مسألة 1 ) : تجب الكفارة في أربعة أقسام من الصوم :
الأول : صوم شهر رمضان وكفارته مخيرة بين العتق وصيام شهرين متتابعين وإطعام ستين مسكينا على الأقوى، وإن كان الأحوط الترتيب فيختار العتق مع الإمكان ومع العجز عنه فالصيام، ومع العجز عنه فالإطعام، ويجب الجمع بين الخصال إن كان الإفطار على محرم كأكل المغصوب وشرب الخمر والجماع المحرم ونحو ذلك) [1]
والكلام يقع في أن الكفارة معينة أو مخيرة أو مرتبة؟
والكلام في حال الافطار على حلال, والمنسوب إلى المشهور هو الكفارة المخيرة ( عتق رقبه أو صوم شهرين متتابعين أو اطعام ستين مسكيناً), بل ادعي ما يشبه الاجماع في أن الكفارة مخيرة, لكن نسب إلى السيد المرتضى وابن ابي عقيل من المتقدمين القول بأنها مرتبة.
وبلحاظ الاخبار ذكروا بأنها على طوائف متعددة:
الطائفة الاولى: والظاهر منها التخيير وهي تتمثل:
بصحيحة عبدالله بن سنان (عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) في رجل أفطر من شهر رمضان متعمدا يوما واحدا من غير عذر، قال : يعتق نسمة، أو يصوم شهرين متتابعين، أو يطعم ستين مسكينا، فان لم يقدر تصدق بما يطيق)[2].
وموثقة سماعة (قال : سألته عن رجل أتى أهله في شهر رمضان متعمدا ؟ قال : عليه عتق رقبة، أو إطعام ستين مسكينا، أو صوم شهرين متتابعين، وقضاء ذلك اليوم، ومن أين له مثل ذلك اليوم .)[3]
وموثقة سماعة بن مهران (عن أبي عبدالله ( عليه السلام )قال : سألته عن معتكف واقع أهله ؟ قال : عليه ما على الذي أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا : عتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكينا)[4]
الطائفة الثانية: وفيها ما يدل على الترتيب وهي عبارة عن:
رواية عبد المؤمن بن الهيثم الانصاري (عن أبي جعفر ( عليه السلام ) أن رجلا أتى النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقال : هلكت وأهلكت ! فقال : وما أهلكك ؟ قال : أتيت امرأتي في شهر رمضان وأنا صائم، فقال له النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) اعتق رقبة، قال : لا أجد، قال فصمشهرين متتابعين، قال : لا اطيق، قال، تصدق على ستين مسكينا ...... الحديث)[5]
ورواية علي بن جعفر في كتابه (عن أخيه موسى بن جعفر ( عليهما السلام ) قال : سألته عن رجل نكح امرأته وهو صائم في رمضان، ما عليه ؟ قال : عليه القضاء وعتق رقبة، فان لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فان لم يستطع فإطعام ستين مسكينا، فان لم يجد فليستغفر الله)[6]
الطائفة الثالثة: ما ظاهره تعيين واحدة من الخصال وهي ويدخل فيها:
موثقة سماعة (قال : سألته عن رجل لزق بأهله فأنزل ؟ قال : عليه إطعام ستين مسكينا، مد لكل مسكين)[7]
فهي ظاهرة في تعيين الاطعام.
ومعتبرة المشرقي (عن أبي الحسن ( عليه السلام ) قال : سألته عن رجل أفطر من شهر رمضان أياما متعمدا ما عليه من الكفارة ؟ فكتب : من أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا فعليه عتق رقبة مؤمنة ويصوم يوما بدل يوم.)[8]
وهي تعين العتق.
ورواية سليمان بن جعفر المروزي (عن الفقيه ( عليه السلام ) قال : إذا أجنب الرجل في شهر رمضان بليل ولا يغتسل حتى يصبح فعليه صوم شهرين متتابعين مع صوم ذلك اليوم، ولا يدرك فضل يومه)[9]
وهي تعين صوم شهرين متتابعين.
وقد يقال بإمكان الخدشة في سند روايتي الطائفة الثانية (الدالة على الترتيب) وحينئذ ينبغي عزلها وعدم اخذها بنظر الاعتبار عند الجمع بين هذه الاخبار.
والطائفة الاولى فيها ما هو تام سنداً حتماً بل كل الروايات التي ذكرناها تامة سنداً.
نعم موثقة سماعة (قال : سألته عن رجل أتى أهله في شهر رمضان متعمدا ؟ قال : عليه عتق رقبة، أو إطعام ستين مسكينا، أو صوم شهرين متتابعين، وقضاء ذلك اليوم، ومن أين له مثل ذلك اليوم .) [10]
ينقلها صاحب الوسائل عن نوادر احمد بن محمد بن عيسى وهو من الكتب المعتبرة وصاحب الوسائل يملك طريقاً صحيحاً إليه, فتكون الرواية معتبرة كما قلنا, لكن المشكلة هي أن صاحب الوسائل ينقل رواية عن التهذيب[11] وهي نفس هذه الرواية وهي ايضاً عن عثمان بن عيسى عن سماعة (قال : سألته عن رجل أتى أهله في رمضان متعمداً ؟ فقال : عليه عتق رقبة، وإطعام ستين مسكينا، وصيام شهرين متتابعين، وقضاء ذلك اليوم، وأنى له مثل ذلك اليوم )[12]
وظاهرها الجمع للعطف ب(الواو)وليس التخيير بين الخصال, بينما رواية سماعة الاولى ظاهرها التخيير للعطف ب (أو).
ومن هنا وقع الكلام في كيفية التعامل مع هذه الرواية, وصاحب الوسائل ذكر في ذيل الرواية الاولى (التي فيها (أو)) قال ورواه الشيخ عن الحسين بن سعيد عن عثمان بن عيسى.
والظاهر _والله العالم_ أن فيها اشتباه فأن الشيخ في التهذيب لم يروي الرواية الاولى وإنما روى الثانية(التي فيها العطف ب(أو)), ومن يخرّج لما ذكره صاحب الوسائل يذكر نفس الصفحة التي ذكرنا فيها رواية التهذيب التي هي الثانية وليس الاولى.
فالشيخ الطوسي لم يذكر الرواية الاولى وإنما نقلها صاحب الوسائل عن النوادر, والشيخ الطوسي ذكر الرواية الثانية وقال بعد ذكرها (فيحتمل أن يكون المراد بالواو في الخير التخيير دون الجمع لأنها قد تستعمل في ذلك قال الله تعالى : ( فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع ) إنما أراد مثنى أو ثلاث أو رباع ولم يرد الجمع ويحتمل أيضا أن يكون هذا الحكم مخصوصا بمن اتى أهله في حال يحرم الوطء فيها مثل الوطء في الحيض أو في حال الظهار قبل الكفارة فإنه متى فعل ذلك لزمه الجمع بين الكفارات الثلاث لأنه قد وطئ محرما في شهر رمضان).
والذي يمكن أن يقال في المقام أن الرواية تارة نفترضها واحدة واخرى متعددة, واحتمال وحدتهما وارد جداً لأتحادهما في كل خصوصياتهما ما عدا مسألة الاختلاف في حرف العطف (و _ أو ).
فيمكن أن يكون احمد بن محمد بن عيسى نقلها في نوادره ب(أو) والشيخ الطوسي نقلها عن سماعة ب(الواو), وحينئذ يكون الحاصل نقلين مختلفين لرواية واحدة ونحن نعلم بأنها في الواقع أما أن تكون بالواو أو تكون ب (أو), ولا يمكن الالتزام بكل منهما, ومن هنا يقع التعارض بين النقلين لتكذيب كل منهما الاخر, وحينئذ اذا امكن تقديم الرواية التي فيها (أو) على تلك الرواية ولو بضميمة اصالة عدم الزيادة الذي يثبت بأن الهمزة في (او) موجودة فلا اشكال وننتهي إلى التخيير.
واذا لم نتمكن من ذلك واستشكلنا في التمسك بأصالة عدم الزيادة ولو في هذا المقام يقع التعارض بين النقلين ولا يمكن تقديم احدهما على الاخر فيتساقطان, ولا مشكلة في ذلك لمن قال بالتخيير لسقوط رواية واحدة من الروايات الدالة عليه, فتبقى الروايات الاخرى كافية للتمسك بها في الدلالة على التخيير.
وعلى القول بأن الرواية متعددة _ وان كان احتمالاً بعيداً_ فأن رواية الشيخ الطوسي لا تعارض رواية احمد بن محمد بن عيسى فحسب وإنما تعارض جميع روايات التخيير, لأن روايات التخيير تقول من اتى اهله في شهر رمضان يتخير وهذه تقول يجمع, بل تعارض روايات الترتيب ايضاً لأنها تعني عدم الجمع بين الخصال, وحينئذ اذا قدمنا تلك الروايات باعتبار كثرتها وموافقتها للإجماع على رواية الشيخ الطوسي فهو.
والا تسقط كل الروايات عن الاعتبار وننتهي إلى الاصل العملي ومقتضاه التخيير, لأن من اتى بالعتق يشك بأنه يجب عليه شيء آخر أو لا؟ والاصل عدمه.
فالنتيجة على كل حال هي التخيير وهذه الرواية لا تكون مؤثرة فيها.

والطائفة الثالثة فيها ما هو معتبر سنداً كموثقة سماعة ومعتبرة المشرقي, والرواية الثالثة غير تامة سنداً.
وروايتي الطائفة الثانية غير تامة سنداً بأعتبار أن رواية علي بن جعفر لا ينقلها صاحب الوسائل عن كتاب علي بن جعفر بواسطة الشيخ الطوسي مثلاً وإنما ينقلها عن كتاب علي بن جعفر مباشرة.
وقد ذكرنا في محله أن طريق صاحب الوسائل لكتاب علي بن جعفر ليس تاماً, بل اكثر من ذلك حيث قلنا بأن طريق صاحب الوسائل إلى كتاب علي بن جعفر أما ضعيف اذا كان هو نفس طريق العلامة المجلسي صاحب البحار لأنه ضعيف بلا اشكال وأما مجهول, ومن هنا نستشكل بالروايات التي يرويها صاحب الوسائل عن كتاب علي بن جعفر مباشرة, وقد ذكر صاحب المستند (والثاني : بعدم ثبوت كون الرواية من كتاب علي، وإنما نقلها صاحب الوسائل، وتواتر الكتاب عنده أو ثبوته بالقطع غير معلوم، بل غايته الظن)[13]
نعم ما ينقله عنه بواسطة الشيخ الطوسي لا اشكال فيه لأن طريقه إلى الشيخ الطوسي معتبر وطريق الشيخ الطوسي إلى كتاب علي بن جعفر معتبر ايضاً.
أما رواية عبد المؤمن فأن سندها فيه كلام, فقد رواها الشيخ الصدوق في ثلاثة من كتبه والظاهر أنه انفرد بروايتها, وقد رواها في الفقيه[14] بسند, ورواها في معاني الاخبار بسند, واشار فيه إلى سند ثالث ورواها في المقنع مرسلاً.
أما بالنسبة للفقيه فقد بدأ السند بعبد المؤمن بن الهيثم أو القاسم الانصاري وطريقه له في المشيخة هو( وما كان فيه عن عبد المؤمن بن القاسم الأنصاري الكوفي فقد رويته عن أبي رحمه الله عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحكم بن مسكين، عن أبي كهمس، عن عبد المؤمن بن القاسم الأنصاري الكوفي عربي، وهو أخو أبي مريم عبد الغفار بن القاسم الأنصاري)[15]
وهو ضعيف بأبي كهمس الذي هو الهيثم بن عبدالله من اصحاب الامام الصادق عليه السلام وهو مجهول.
وأما طريقه في معاني الاخبار (حدثنا أبي - رحمه الله - قال : حدثنا سعد بن عبد الله، عن موسى بن الحسن، عن محمد بن عبد الحميد، عن سيف بن عميرة، عن منصور بن حازم، قال : حدثني عبد المؤمن ابن القاسم الأنصاري)[16]
وهذا السند فيه ابوه وهو واضح وفيه سعد بن عبد الله وهو الاشعري الثقة الجليل وهو واضح ايضاً وفيه موسى بن الحسن وهو
بن عامر بن عمران الاشعري القمي الجليل ويعبر عنه ب(عين) و محمد بن عبد الحميد وقد تكلمنا عنه مفصلاً وقد انتهينا إلى توثيقه, وسيف بن عميرة وهو ثقة بلا اشكال وكذلك لا اشكال في وثاقة منصور بن حازم ويبقى الكلام في عبد المؤمن بن الهيثم أو ابن القاسم الانصاري والظاهر أن ذكر الهيثم اشتباه وان المقصود هو ابن القاسم الانصاري والسر في ذلك هو:
اولاً: أن نفس الشيخ الصدوق صرح بأنه ابن القاسم في معاني الاخبار في نفس الرواية.
وثانياً: أن الشيخ الصدوق ذكر طريقه في المشيخة إلى عبد المؤمن بن القاسم الانصاري ولم يذكر له الا هذه الرواية _ كما يذكر السيد الخوئي (قد) _ وهذه قرينة واضحة على أن هذا الطريق الذي ذكره هو لأجل هذه الرواية _التي ذكر فيها الهيثم.
وثالثاً: أن هذا العنوان (عبد المؤمن بن الهيثم) ليس له وجود لا في كتب الاخبار ولا في اسانيد الروايات.
فالرجل المعروف هو عبد المؤمن بن القاسم الانصاري وهو ثقة وقد نص النجاشي على ذلك حيث صرح بتوثيقه مع اخيه عبد الغفار الذي يكنى بأبي مريم حيث قال النجاشي(عبد المؤمن بن القاسم بن قيس بن قيس بن قهد الأنصاري روى عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام، ثقة، هو وأخوه، وهو أخو أبي مريم عبد الغفار بن القاسم) والغريب أن السيد الخوئي (قد) قال في المستند لم تثبت وثاقته ورد الرواية من هذه الجهة مع أنه في المعجم وثقه وذكر بأن الهيثم اشتباه وان الصحيح هو عبد المؤمن بن القاسم الانصاري, واكتفى برواية علي بن جعفر من اخبار الطائفة الثانية لأنه يرى صاحب الوسائل يملك طريقاً معتبراً إلى الشيخ الطوسي والشيخ الطوسي يملك طريقاً معتبراً إلى كتاب علي بن جعفر وهو وجملة من تلامذته يرون بأن هذا كافٍ.
فهو (قد) صحح رواية علي بن جعفر واستشكل في رواية عبد المؤمن مع أن الاولى هو العكس, لأن رواية عبد المؤمن معتبرة في معاني الاخبار, نعم لا يمكن الاعتماد عليها في المقنع لأن الارسال يسقطها سنداً.
وقد نقل الشيخ الصدوق في معاني الاخبار بعد ذكر السند الذي نقلناه طريقاً آخر وهو (قال سيف بن عميرة : وحدثني عمرو بن شمر، قال : أخبرني جابر بن يزيد الجعفي عن أبي جعفر عليه السلام مثله)[17]
وهذا الطريق ضعيف بعمرو بن شمر فأنهم نصوا على ضعفه وكونه لا يعتمد عليه والنتيجة هي أن الرواية تامة بحسب الطريق الموجود في معاني الاخبار.