33/02/03


تحمیل
 الموضوع :-

تكملة مسألة 296 ، الشرط الثالث:- شرطية الطهارة من الخبث / اشتراط الطهارة في الطواف / شروط الطواف / باب الطواف / مناسك الحج للسيد الخوئي (قد).
 تكملة لما سبق:- ذكرنا فيما سبق أنا لو رجعنا إلى صحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله البصري فإننا نستفيد منها أن المرأة المستحاضة إذا فعلت وظيفتها التي تستحل بها الصلاة فيجوز لها أن تطوف بالبيت وهذا معناه أنها لا تأتي بشيء جديد بل ما دام قد أتت بوظيفتها الصلاتية فتكفي تلك الوظيفة لجواز أن ياتيها الزوج ولجواز أن تطوف بالبيت وواضح انه لجواز أن ياتيها الزوج من دون كراهةٍ على الخلاف في أنه هل يجوز للزوج أن يقربها قبل أن تُعمِل وظيفتها أو أنه مكروه من دون أن تفعل شيئاً جديداً . هكذا ذكرنا ، وهو جيد ولم نتراجع عنه.
  ثم قلنا:- هذا إذا لم تُحدِث بعد تلك الوظيفة التي أتت بها ، أما لو نامت كما لو اغتسلت لصلاة الصبح وصلتها ثم نامت ففي مثل هذه الحالة ما يكون عليها ؟ ذكرنا فيما سبق أنها تجدد الوظيفة قبيل الطواف ولا تحتاج إلى أن تتوضا أو تغتسل لأجل صلاة الطواف.
 والآن نريد ان نصعد اللهجة أكثر ونقول:- هذا ويمكن أن يقال:- إنها حتى لو أحدثت فلا تحتاج إلى تكرار تلك الوظيفة السابقة - يعني إذا كانت قد اغتسلت للصلاة الصبح لا تحتاج إلى ان تغتسل من جديد لأجل الطواف - بل يمكن أن نستفيد من صحيحة عبد الرحمن من أنها لو أتت بوظيفتها الصلاتية صارت كالمرأة العادية الأخرى فتصنع ما تصنعه تلك ، فتلك المرأة إذا أرادة أن تدخل في الطواف يكفيها الوضوء السابق قبيل الطواف بلا حاجة إلى غسل وبلا حاجة إلى تكرار الوضوء قبل الصلاة وبعد الطواف فان الرواية قالت ( كل شيء استحلت به الصلاة فليأتها زوجها ولتطف بالبيت ) يعني أنها متى ما فعلت تلك الوظيفة صارت كسائر النساء وكالمرأة العادية الأخرى فتلك يجوز لها أن ياتيها الزوج وهذه أيضاً كذلك ، وتلك يجوز لها أن تطوف وهذه أيضاً يجوز لها أن تطوف ولكن هذا يكون إذا لم تُحدِث ، وأما إذا أحدثت فالمرأة العادية يلزمها أن تتوضأ فهذه أيضاً يلزمها ذلك ، أما أنها تحتاج إلى غسل فلا ، فإنها بالغسل السابق وبالوظيفة السابقة أصبحت كالمرأة العادية الأخرى فما تصنعه تلك تصنعه هذه أيضاً وتلك إذا لم تحدث بالوضوء فلا حاجة إلى التكرار وتلك إذا أحدثت يلزمها الوضوء وهذه أيضاً كذلك .
 إذن سوف نخالف ما ذكره السيد الخوئي(قده) من جهتين بهذا الشكل:-
 أولاً:- إذا أتت بوظيفتها السابقة من دون حدث بعد ذلك فيكفيها تلك الوظيفة بلا حاجة إلى فعل شيء آخر.
 وثانياً:- إذا فرض أنها أحدثت فيلزمها تكرار الوظيفة ولكن ليست الوظيفة السابقة للمستحاضة بل وظيفة المرأة العادية وهي عبارة عن الوضوء وتكتفي به قبل الطواف ، وأما قبيل الصلاة وبعد الطواف فلا تحتاج إلى تكرار شيء .
 وهذا شيء ظريف ينبغي التوجه إليه وكله قد استفدناه من تلك العبارة السابقة . هذا شيء
 وهناك سؤال:- وهو أن المرأة المستحاضة إذا أرادت أن تؤدي الطواف فهل يلزمها تبديل الخرقة أو القطنة فيما إذا كانت ملوثة بالدم ؟
 يمكن ان يقال:- لا يلزمها ذلك ، فان ما دل على لزومه هو صحيحة عبد الرحمن البصري السابقة فان صاحب الوسائل(قده) لم ينقلها في كتاب الحج بالكامل وإنما نقلها كاملةً في كتاب الطهارة ونصها ( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المستحاضة أيطؤها زوجها ، وهل تطوف بالبيت ؟ قال:- تقعد قرأها الذي كانت تحيض فيه فان كان قرؤها مستقيماً فلتأخذ به وان كان فيه خلاف [1] فلتحتط بيوم أو يومين [2] ولتغتسل [3] ولتستدخل كرسفاً فان ظهر عن الكرسف فلتغتسل ثم تضع كرسفاً آخر ثم تصلي فإذا كان دماً سائلاً فلتؤخر الصلاة إلى الصلاة [4] ثم تصلي صلاتين بغسل واحد وكل شيء استحلت به الصلاة فليأتها زوجها ولتطف بالبيت) [5] وهي قد دلت على لزوم تبديل الكرسف في المستحاضة المتوسطة التي تغتسل غسلاً واحداً وواضح انه يتعدى إلى الكثيرة بالأولوية.
 ولكن هذه الصحيحة كما ترى - والتي هي المستند لتبديل الكرسف - خاصة بما بعد الاغتسال ، أي عندما تغتسل تبدل الكرسف وهذا شيء طبيعي أي لابد وأن تبدله بعد الاغتسال إذ هي قد طهَّرَت بدنها فلا معنى لأن تضع تلك القطنة الملوثة ، وهذا ليس بمهم .
 ولكن المهم الذي أريد أن أقوله هو أنها ناظرة إلى ما بعد الاغتسال ، أما إنها لابد وأن تبدل الكرسف حين الصلاة فلّا بل يكفيها ذلك السابق ، وعلى هذا الأساس لو عملت المستحاضة بوظيفتها - أي اغتسلت صباحاً وأبدلت الكرسف - فلا تحتاج إلى تبديله من جديد لأجل الطواف أو الصلاة فانه لا دليل على ذلك فيجري أصل البراءة .
 ولعل الفقهاء قد سكتوا عن مسالة تبديل الكرسف من هذه الناحية ولم يُشَر إليه في كلماتهم فلعل النكتة في ذلك هو ما أشرنا إليه . وبهذا ننهي مسألتنا.
 
 
 الثالث من الأمور المعتبرة في الطواف:- الطهارة من الخبث فلا يصح الطواف مع نجاسة البدن أو اللباس . والنجاسة المعفو عنها في الصلاة كالدم الأقل من الدرهم لا يكون معفواً عنها في الطواف على الأحوط.

 ..........................................................................................................
 تشتمل المسألة المذكورة على نقطتين:-
 النقطة الأولى :- ان الشرط الثالث من الشرائط المعتبرة في الطواف هو طهارة البدن واللباس ، وهذا الشرط قد وقع محلاً للخلاف بين الفقهاء ، فقد قال في الجواهر ( ان هذا هو ما عليه الأكثر) [6] يعني اشتراط الطهارة ، وفي المدارك ( نقل عن ابن الجنيد وابن حمزة إنها ذهبا إلى الكراهة ) [7] ويظهر من نفس صاحب المدارك الميل إلى ذلك - أي إلى كراهة الطواف مع نجاسة البدن أو اللباس - باعتبار أن مستند الشرطية ضعيف كما سوف نرى ، وما يمكن أن يستدل به على ذلك أمران :-
 الأول:- الحديث المشهور ( الطواف بالبيت صلاة ) بدعوى أن هذا الحديث يُنزِّل الطواف منزلة الصلاة ومقتضى إطلاق التنزيل بعد فرض عدم تخصيصه بجهة معينة هو ثبوت جميع آثار الصلاة للطواف الا ما خرج بالدليل ، إذن يستفاد من هذه الرواية هذا العموم وهو أن جميع آثار الصلاة تنسحب إلى الطواف الا إذا دل دليل من الخارج فيكون مخصصاً لهذا العموم ومن أحد الأحكام الثابتة للصلاة هي اشتراط طهارة اللباس والبدن فيثبت ذلك بالنسبة إلى الطواف أيضاً.
 ويمكن مناقشته دلالة وسنداً:-
 أما دلالةً:- فلا يبعد أن يكون المقصود من التنزيل المذكور هو النظر إلى مسالة الثواب ، يعني أن من طاف بالبيت فكأنه قد صلى فكما أن في الصلاة ثواباً عظيماً وهي خير موضوع فمن شاء استقل ومن شاء استكثر كذلك الحال بالنسبة إلى الطواف فالمنظور فيه هو الثواب.
 أو قل:- أنها تشير إلى أن من دخل المسجد الحرام كفاه الطواف بلا حاجة إلى صلاة فانه بمثابة الصلاة ، ان من الوجيه أن يكون المنظور هو هذا ومعه تكون استفادة العموم أو الإطلاق شيئاً مشكلاً ، وواضح انه لابد وأن ندَّعي إما الانصراف وأن الانصراف هو التنزيل من تلك الزاوية ، أو ندَّعي الإجمال أي يقال ان العبارة من هذه الناحية ذات احتمالين ولا ظهور لأحدهما فيحصل الإجمال ، أو أن نتمسك بتلك القاعدة التي أشرنا إليها في باب الإطلاق وهي أنه إنما يصح التمسك بالإطلاق فيما إذا كان الإطلاق مستهجناً على تقدير كون مراد المتكلم واقعاً هو المقيد وهنا لا يستهجن الإطلاق باعتبار أن الإمام عليه السلام اعتمد على وضوح المطلب وأنه يتكلم مع أناس يعرفون أساليب البلاغة وأن مثل اللسان المذكور يقصد منه بيان الأهمّية لا بيان أن آثار هذا تنطبق بأجمعها على ذاك .
 وعلى أي حال لابد وأن ندعي أحد هذه الأمور الثلاثة وإلا لكان الإطلاق هو المُحَّكم إذن من أراد أن يمنع الإطلاق فلابد وأن يصير إلى أحد هذه الأمور الثلاثة ، أما إذا لم يُبنَ عليها فيكون المُحَّكم هو الإطلاق وتبقى القضية مرهونة بوجدان الفقيه من هذه الناحية فمن قبل أحد هذه الأمور الثلاثة فلا يمكن التمسك بالإطلاق آنذاك وإلا جاز.
 وأما من حيث السند:- فهي لم ترد من طرقنا بطريق صحيح وإنما وردت في سنن الدارمي [8] وعوالي اللآلي [9] ، وعلى أي حال فالسند ضعيف فانه مرسل ومعه فالتمسك به أمر مشكل الا أن يدعى وجود الانجبار وهو أول الكلام إذا لعل المستند للفقهاء شيء آخر كما سوف نوضح.


[1] أي عادتها مضطربة وليست مستقرة عدداً.
[2] وهي إنها تترك الصلاة والعبادة فيها وهي أيام الاستظهار.
[3] أي بعد أيام الاستظهار.
[4] أي تجمع بينهما.
[5] الوسائل 2 375 1 من ابواب المستحاضة ح8.
[6] الجواهر 19 271.
[7] المدارك 8 116.
[8] سنن الدارمي 2 44.
[9] عوالي اللآلي 2 167.