33/04/06


تحمیل
 الموضوع :- الزيادة في الطواف / واجبات الطواف / باب الطواف / مناسك الحج للسيد الخوئي(قد).
  وقد يقال:- إن البزنطي هو من أحد الثلاثة الذين قيل عنهم أنهم لا يروون إلا عن ثقة وعليه فلا مشكلة حتى على التقدير الآخر لإمكان توثيق الناقل من خلال نقل البزنطي عنه.
 والجواب:- هذا وجيه - كما قلنا أكثر من مرة - إذا فرض أن البزنطي صرَّح باسم ذلك الشخص أما إذا لم يصرح باسمه فلعله من أحد الأشخاص الذين ضُعِّفوا من قبل غيره ، فان البزنطي وان وثّق جميع من يروي عنهم ولكن بالتالي يوجد شخص أو شخصان أو ثلاثة قد ضُعِّفوا من قبل الغير فيحتمل آنذاك أن يكون هذا الشخص هو من هؤلاء الذين قد ضُعِّفوا ، وهذا بخلاف ما لو صرَّح باسمه فانه إذا راجعنا وثبت لدينا أنه لم يُضَعَّف فنأخذ بالتوثيق العام من ناحية البزنطي ، وهذه قضية علمية أحببنا الإشارة إليها.
 يبقى الكلام من حيث الدلالة:- فلو فرضنا إمكان تجاوز السند ولو باستظهار أن البزنطي كان حاضراً لكن يبقى الكلام من حيث الدلالة ، وهذا سوف يأتينا عندما نتحدث عن مسألة القِران ، ولكن ظاهر الرواية بادئ ذي بدءٍ هو عدم الجواز لأن الإمام عليه السلام قال ( لا إلا أسبوع وركعتان ).
 الرواية الثانية:- صحيحة زرارة ( قال أبو عبد الله عليه السلام:- إنما يكره أن يجمع الرجل بين الأسبوعين والطوافين في الفريضة فأما في النافلة فلا بأس ) [1] ، وعلى منوالها صحيحة عمر بن يزيد [2] .
 وسند الرواية تامٌ ، ولكن هل دلالتها تامة ؟ إن هذا ما سيجيء الكلام عنه إنشاء الله تعالى.
 الرواية الثالثة:- صحيحة زرارة الأخرى ( طفت مع أبي جعفر عليه السلام ثلاثة عشر أسبوعاً قرنها جميعاً وهو آخذ بيدي ثم خرج فتنحى ناحيةً فصلى ستاً وعشرين ركعة وصليت معه ) [3] ، وبمضمونها روايته الأخرى [4] ، وهذه الرواية يستفاد منها أن القران جائز في الجملة - أي ولو في المستحب -.
 الرواية الرابعة:- رواية علي بن أبي حمزة ( سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يطوف ويقرن بين أسبوعين ، فقال:- إن شئت رويت لك عن أهل مكة ، قال:- فقلت لا والله ما لي في ذلك من حاجة جعلت فداك ولكن اروِ لي ما أدين الله عز وجل به ، فقال:- لا تقرن بين أسبوعين فكلما طفت أسبوعاً فصلِّ ركعتين وأما أنا فربما قرنت الثلاثة والأربعة ، فنظرت إليه فقال:- إني مع هؤلاء ) [5] ، ولكن ورد في السند سهل والمفروض أنها مروية عن ابن أبي حمزة فالمشكلة فيها سنداً من ناحيتين وكلٌ يتبع مبناه.
 الرواية الخامسة:- ما رواه صاحب الوسائل عن الحميري في قرب الإسناد عن علي بن جعفر عن أخيه عليه السلام ( وسألته عن الرجل هل يصلح له أن يطوف الطوافين والثلاثة ولا يفرّق بينهما بالصلاة حتى [6] يصلي لها جميعاً ؟ قال:- لا بأس غير أنه يسلّم في كل ركعتين [7] ) [8] . وربما توجد روايات أخرى تحت هذا العنوان ولكن المهم ما اشرنا إليه.
 وبعد عرض الروايات نقول:- الكلام تارة يقع في مسألة الزيادة وأخرى في مسألة القران:-
 أما الزيادة:- فالكلام فيها تارة يكون في إثبات الحرمة في الجملة - أي بقطع النظر عن مقدار الزيادة - وأخرى عن أن الحرمة على تقدير ثبوتها هل تعم الأقل من شوط كالخطوة والخطوتين مثلاً أو لا ؟
 أما بالنسبة إلى الحرمة في الجملة:- فقد نقل صاحب المدارك(قده) ( إن حرمة الزيادة هي المعروف بين الأصحاب ) [9] وإنما عبَّر بقوله ( هي المعروف ) دون أن يعبِّر بكونها مجمعاً عليها باعتبار مخالفة شيخه وأستاذه ملا أحمد الأردبيلي فان صاحب الحدائق(قده) [10] نقل عنه أنه جوَّز الزيادة العمديَّة في الطواف ، ويظهر من نفس صاحب المدارك ميله إلى ذلك ، وإنما قيَّدنا بالعمديَّة لأن كلامنا فيها وأما السهوية فقلنا إن السيد الماتن(قده) سوف يبحثها في مسألة مستقلة تالية.
 وعلى أي حال الدليل المهم على حرمة الزيادة العمديَّة هو الروايتان السابقتان ، أعني صحيحة عبد الله بن محمد عن أبي الحسن عليه السلام ( الطواف المفروض إذا زدت عليه مثل الصلاة المفروضة إذا زدت عليها فعليك الإعادة وكذلك السعي ) ، ولكن لم يرتضها صاحب المدارك(قده) حيث قال ( لاشتراك عبد الله بن محمد ).
 وصحيحة أبي بصير ( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل طاف بالبيت ثمانية أشواط المفروض ، قال:- يعيد حتى يثبته ) وهذه الرواية قد تأمل فيها صاحب المدارك أيضاً باعتبار أن أبا بصير مردد بين متعدِّد وهذا كلام معروف في أبي بصير فانه إذا ورد في السند فهل يمكن أن نقول هو ليث بن البختري أو أنه هو يحيى بن القاسم وكلاهما ثقة أو يحتمل انطباقه على الثالث الذي لم تثبت وثاقته ، وهذه مسألة وقعت محلاً للكلام وربما ألّفَت فيها بعض الرسائل.
 وهناك رد معروف:- وهو أنه يوجد شخصان تحت هذا العنوان - والذي له كتاب - وهما ليث بن البختري ويحيى بن القاسم وأما غيرهما فليس له كتاب ، ومعه نضم هنا قضية أخرى وهي أنه متى ما أطلق الاسم ولم يقيّد فينصرف إلى المعروف إذ أن إطلاق الناقل لابد وأن يكون اعتماداً على المعروفيَّة ولو كان يقصد شخصاً آخر غير المعروف فالمناسب له البيان وذكر القرينة ، وعليه يثبت أنه هو أحد هذين المعروفين وعليه فلا مشكلة ، فإذا قبلت بهذا الكلام فبها وإلا فلابد من التفكير في الخلاص من هذه المشكلة.
 إذن إن لم تتم الرواية الثانية تكفينا الرواية الأولى - على ما ذكرنا سابقاً - وبناءً على هذا سوف تثبت حرمة الزيادة بالروايتين المذكورتين أو بالرواية الأولى على الأقل ، وإنما قلت ( أو بالرواية الأولى على الأقل ) لأن الثانية تختص بزيادة شوطٍ كاملٍ بخلاف الرواية الأولى.
 هذا وقد يستدل وقد يستدل على حرمة الزيادة بالوجوه التالية:-
 الوجه الأوَّل:- إن العبادة هي من الأمور التوقيفية والشرع قد حُدِّد الطواف بسبعة أشواط والنبي صلى الله عليه وآله قد فعل ذلك ، وعليه فسوف تكون الزيادة خروجاً عن التحديد الذي ثبت من قبل الشارع فلا يكون جائزاً ولا تفرغ به الذمة كما هو الحال فيمن زاد في صلاته ركعة فهل يحتمل أحد جواز ذلك ؟! كلا ، وليس ذلك إلا زيادة في الحدِّ المقرَّر شرعاً وكذلك الحال في المقام.
 وفيه:- إن الشرع تارةً يوجب سبعة أشواط بشرط لا - أي بشرط عدم الزيادة - وهنا نسلم أنه لا تجوز الزيادة لأنه هو الذي قيَّد بذلك ، وأخرى يفترض أنه لم يقيد بذلك بل أطلق وقال ( الواجبُ سبعٌ ) وأما الزيادة فلم يقيّد بعدمها وهذا هو محل الكلام ، وهنا من قال أنه لا تجوز الزيادة ؟ إذ لعلّ اقتصار الشارع على السبع من باب أنه هو المقدار الواجب وأن الزيادة على ذلك مرجوحة لا أنها محرمة ومفسِدة ، إن هذا الاحتمال موجود كما أن ذلك موجود أيضاً ومعه نرجع إلى أصل البراءة من مانعية الزيادة ونقول إن الذمة مشغولة بأصل الطواف وأما التقييد بأن لا يكون أزيد من سبع أي الاشتغال بالتقييد - فيشك في اشتغال الذمة به لأنه كلفة زائدة فينفى بالبراءة ككل تقييد نشك باشتغال الذمة به.
 ان قلت:- لو جئت بالسبع من دون زيادة فأتيقن بفراغ الذمة ، وأما لو جئت بها مع الزيادة فلا أتيقن بفراغ الذمة ، ومعه يكون اللازم هو الإتيان بما أتيقن فراغ الذمة به وهو السبع من دون زيادة.
 قلت:- الواجب على المكلف أن يتيقن بفراغ ذمته مما يتيقن اشتغال ذمته به والذي يتيقن باشتغال ذمته به هو الطواف في الجملة دون الطواف المقيد بالزيادة وهو قد تحقق لو أتى به مع الزيادة ، نعم أنا معك في أن الأحسن والأرجح الإتيان بالسبع من دون زيادةٍ ولكن هذا ليس هو اللازم بمقتضى الصناعة وإنما هو أحسن وأولى وألا فالصناعة تقتضي بأنه لو زاد فلا مانع من ذلك.
 وأما القياس على الصلاة فانه مع الفارق فهناك قد دلت بعض الروايات على أخذ الصلاة بشرط عدم الزيادة كما أن الإجماع قد قام على ذلك فيكون ذلك هو الفارق بين المقامين.


[1] الوسائل 13 371 36 من أبواب الطواف ح1.
[2] المصدر السابق ح4.
[3] المصدر السابق ح5.
[4] المصدر السابق ح2.
[5] المصدر السابق ح3.
[6] جاء في هامش الوسائل أن الموجود في المصدر ( ثم يصلي ) بدل ( حتى يصلي ) وبناءً على هذه النسخة تكون العبارة جيدة.
[7] يعني لا انه يأتي بالركعتين متصلتين بالركعتين الأخريين ، كلا بل يلزم أن يكون هناك فاصل بالسلام.
[8] المصدر السابق ح9.
[9] المدارك 8 138.
[10] الحدائق 16 188.