37/05/08


تحمیل

الموضوع: يجب القضاء دون الكفارة في موارد

قال الماتن

(ولو شهد عدل واحد بذلك) بطلوع الفجر( فكذلك) أي يجب عليه القضاء والكفارة وان لم يتبين له احد الامرين ( على الأحوط.)

ووجه الاحتياط ما يذكره في المسألة الاتية من أنه متردد في أن خبر العدل الواحد هل هو حجة في الموضوعات أو لا؟؟

فأذا كان حجة يكون كالبينة حيث يحكم بوجوب القضاء والكفارة كما حكم بهما في حال البينة حتى لو لم يتبين طلوع الفجر.

قال الماتن

(مسألة 2 ) : يجوز له فعل المفطر ولو قبل الفحص ما لم يعلم طلوع الفجر ولم يشهد به البينة ولا يجوز له ذلك إذا شك في الغروب عملا بالاستصحاب في الطرفين ولو شهد عدل واحد بالطلوع أو الغروب فالأحوط ترك المفطر عملا بالاحتياط للإشكال في حجية خبر العدل الواحد وعدم حجيته إلا أن الاحتياط في الغروب إلزامي وفي الطلوع استحبابي نظرا للاستصحاب) [1]

وهذه المسألة مختصة بحكم الاكل أو التناول من الناحية التكليفية في حالة الشك أو قيام البينة أو في حالة اخبار العدل الواحد.

قال (يجوز له فعل المفطر ولو قبل الفحص ما لم يعلم طلوع الفجر ولم يشهد به البينة)

الكلام من جهة طلوع الفجر وذكر بأنه يجوز استعمال المفطر في حالة الشك ما لم يعلم بطلوع الفجر أو شهدت البينة بذلك لأنه مع شهادة البينة لا يجوز له استعمال المفطر تكليفاً وذلك لقيام الحجة على طلوع الفجر .

وقد ذكروا عدة ادلة لأثبات جواز استعمال المفطر في حالة الشك في طلوع الفجر, وهذا في قبال من يقول بعدم جواز الاستعمال لأنه مكلف بالصوم فلأجل احراز الامتثال لابد أن يترك الاكل في حالة الشك.

ومن ادلة الجواز _حيث أن بعضها روايات وبعضها يرجع إلى الاصول العملية_ :-

اولاً: استصحاب بقاء الليل وعدم طلوع الفجر ومقتضى ذلك يكون اكله اكلاً في الليل فيجوز له في حالة الشك.

ومعظم الذين تكلموا عن هذه المسألة ذكروا دليل الاستصحاب فيها, وهناك اشكال معروف يطرحه الشيخ الانصاري في الرسائل في استصحاب بقاء النهار أو بقاء الليل, وهو ذكر ذلك في استصحاب بقاء النهار _لكن لا فرق بينهما_ حيث قال أن هذا الاستصحاب لا يجري لأنه يكون اصلاً مثبتاً وعندما استشكل فيه قال يمكن تعويض هذا الاستصحاب الموضوعي بالاستصحاب الحكمي من قبيل استصحاب جواز الاكل الثابت سابقاً حيث أنه عندما يشك في طلوع الفجر وعدمه يشك في جواز الاكل وعدمه فيستصحب بقاء هذا الحكم وهو جواز الاكل أو عدم وجوب الامساك مثلاً حيث أنه كان متيقناً سابقاً .

ووجه الاشكال في استصحاب بقاء النهار (أو بقاء الليل) هو أن هذا الاستصحاب استصحاب بنحو مفاد كان التامة لا بنحو مفاد كان الناقصة فالنهار كان موجوداً والان كما كان, والليل كان موجوداً والان كما كان, وهذا هو مفاد كان التامة, بينما الاثر الشرعي لا يترتب على مفاد كان التامة وإنما يترتب على مفاد كان الناقصة, ومن هنا يكون الاستصحاب الذي هو بنحو مفاد كان التامة لا يستطيع اثبات الاثر الشرعي, والاستصحاب الذي يكون بنحو مفاد كان التامة لا يثبت مفاد كان الناقصة الا بالملامة العقلية ومن هنا يكون الاصل مثبتاً وهذا واضح جداً في مثال الكر ( المثال التقليدي لهذه المسألة) كما لو افترضنا اننا نستصحب وجود كر في الحوض فهذا الحوض مثلاً اُخذ منه مقدار جعلني اشك في أنه نقص عن الكرية أو لا زال كراً فإذا كان المستصحب هو وجود كر في الحوض حيث كنت على يقين سابق من وجوده ( وهذا مفاد كان التامة) وهذا الاستصحاب يثبت أن هناك كراً في الحوض لكن لا يثبت كرية الماء الموجود في الحوض الا بالملازمة العقلية, والأثر الشرعي غير مترتب على وجود كر وإنما مترتب على كرية الماء الذي تغسل به المتنجس أي كرية هذا الماء الموجود في الحوض ( وهذا مفاد كان الناقصة), والشيخ الانصاري يقول أن ما نحن فيه من هذا القبيل فالأثر الشرعي الذي هو عبارة عن جواز الاكل وعدم وجوب الامساك هو من اثار كون الوقت من الليل لا من نهار شهر رمضان أي يترتب الاثر على كون الوقت الخاص ليلاً ووجوب الامساك يترتب على كون الوقت الخاص نهاراً لشهر رمضان, واستصحاب بقاء الليل لا يثبت أن هذا الوقت المشكوك ليلاً أي لا يثبت ليلية الوقت الخاص المشكوك, كما أن استصحاب وجود كر في الحوض لا يثبت كرية الماء الموجود الا بناءً على القول بالأصل المثبت كذلك في المقام, فالملازمة العقلية بينهما موجودة لكن الاستصحاب يعجز عن اثباتها فلو كنا نعلم بالوجدان وجود كر في الحوض فأن ذلك يكفي لأثبات الاثر لأن اللازم يثبت لأن العلم وجداني لكن في المقام ليس عندنا علم وجداني بل يثبت بقاء الكر في هذا الحوض بالتعبد, وهو يعجز عن اثبات اللازم والاثار الشرعية المترتبة على ذلك اللازم.

هذه خلاصة الاشكال, وبالتالي لا يجري استصحاب بقاء الليل في محل الكلام لترتيب هذا الاثر الشرعي وهو جواز التناول في حالة الشك.

ويجاب عن هذا الاشكال بأجوبة منها:-

الاول: محاولة بيان أن موضوع الاثر الشرعي في محل الكلام ليس هو مفاد كان الناقصة الذي يرجع إلى شيء من التوصيف والتقييد, أي يكون هذا (الان) المشكوك موصوفاً بأنه ليل أو مقيداً بأنه ليل, وإنما القضية مأخوذة بنحو الانضمام والتركيب لا التوصيف والتقييد بمعنى أن الواجب في المقام ليس هو الامساك في وقت متصف بأنه ليل أو في وقت مقيد بأنه ليل وإنما الواجب عبارة عن جزأين حصل بينمها انضمام وتقارن, ولا يوجد عنوان انتزاعي يكون مقيداً للواجب, بل الواجب على المكلف الامساك المقارن للنهار فجواز الافطار موضوعه عبارة عن شيئين وهو (الاكل المقارن لليل) ووجوب الامساك موضوعه الامساك المقارن للنهار إذن يوجد امران دخيلان في الحكم وهما متعلق الحكم لكن لم يؤخذا بنحو التقييد _ وهذه المسألة مذكورة و يحل بها جملة من الاشكالات عن هذا الطريق _ والنتيجة حينئذ صحة جريان الاستصحاب لأننا لا نريد أن نثبت التقييد أو التوصيف لكي يقال أن هذا اصل مثبت لا يثبت الا بأعتبار الملازمة العقلية وإنما نريد أن نثبت اصل وجود(بقاء) الليل أو اصل وجود (بقاء) النهار وبقاء النهار يقترن بالإمساك وحينئذ يكون هذا موضوع الوجوب, فالإمساك المقترن بالنهار واجب , وهذا امساك مقترن بالنهار بمقتضى الاستصحاب ونفس الكلام يقال في طرف الليل فيقال بأن هذا اكلٌ مقترن بالليل, اكلٌ بالوجدان يقترن بالليل الثابت بالاستصحاب لأن الاستصحاب يقول بأن الليل باقٍ, فالموضوع يتألف من هذين الجزأين فإذا احرز المكلف احدهما بالوجدان والاخر بالتعبد يثبت الحكم ويترتب الاثر الشرعي.

ثانياً: عبارة عن روايات وهي عديدة منها:-

الرواية الاولى: موثقة اسحاق بن عمار (قال : قلت لابي عبدالله ( عليه السلام ) : آكل في شهر رمضان بالليل حتى أشك ؟ قال : كل حتى لا تشك)[2] والرواية تامة سنداً, وقد استدل بها على جواز الاكل في حال الشك في طلوع الفجر _ محل الكلام_ بتقريب أن السائل يسأل عن جواز الاكل في الليل إلى حين الشك بمعنى أن هذا جواز الاكل الذي يحرزه في الليل هل ينتهي إلى حصول الشك؟ فأجابه الامام عليه السلام (قال : كل حتى لا تشك) أي يجوز لك الاكل وينتهي هذا الجواز بيقينك بطلوع الفجر, وبناءً على التفسير تكون الرواية ظاهرة في جواز الاكل في حالة الشك, أي تدل على جواز الاكل في المقام.

وهذا الاستدلال بالرواية يمكن التأمل فيه وذلك بأن نفسر الرواية تفسيراً آخر يجعلها أما اجنبية عن محل الكلام أو دالة على عكس المقصود أي على لزوم الامتناع عن الاكل في حالة الشك, وذلك بأن نفسرها بهذا الشكل نقول بأن السائل يسأل عن جواز الاكل إلى حين الشك في طلوع الفجر والامام عليه السلام كأنه ينهاه عن الاكل وان جواز الاكل ثابت ما دمت لا تشك بالمخالفة, لكنك اذا شككت بالمخالفة _وهذا الشك ينشأ بطبيعة الحال من الشك بطلوع الفجر وعدمه_ لا يجوز لك الاكل فقوله كل حتى لا تشك أي لا تشك بالمخالفة.

فالكلام في أن الرواية هل هي ظاهرة في المعنى الاول أو ظاهرة في المعنى الثاني, فالإمام عليه السلام لم يقل له (لا) بل قال كل حتى لا تشك , وهذا القول إما أن نفسره بأنه يجوز لك الاكل إلى أن تتيقن بطلوع الفجر والاستدلال مبني على هذا التفسير , وإما أن نفسره بأنك يجوز لك الاكل ما دمت لا تشك في مخالفة التكليف يعني يجوز لك الاكل ما دمت متيقناً بأن هذا ليل أما اذا شككت في أن الفجر طلع أو لا فلا يجوز لك الاكل فتكون دالة على عدم جواز الاكل, فإذا قلنا بأن هذا الاحتمال الثاني احتمال معتد به فأن الرواية تكون مجملة ولا يمكن الاستدلال بها في محل الكلام واذا قلنا بأن الاحتمال الاول هو الاظهر فأنه يمكن البناء على الاستدلال بها.