37/07/22


تحمیل

الموضوع: الصوم, شرطية الاسلام في التكليف.

فيقال يمكن رفع اليد عن الظهور الاولي (الترتيب في الطلب) بقرينة تقتضي حملها على المعنى الثاني (الترتيب في اتيان المطلوب) وهي قوله (ومن لم يؤمن بالله وبرسوله ولم يتبعه ولم يصدقه ويعرف حقهما فكيف يجب عليه معرفة الامام وهو لا يؤمن بالله ورسوله ويعرف حقهما ؟)[1] حيث يظهر من العبارة أن الامام عليه السلام في مقام انكار طلب معرفة الامام عليه السلام حال الكفر لعدم قدرته على ذلك.

وإما طلب معرفة الامام المقيدة (بأن تكون بعد الايمان بهما) ليس موضع استنكار لقدرته عليه.

والحاصل: أن غير المعقول إنما هو أن يطلب من الكافر معرفة الإمام عليه السلام مطلقاً, أي حتى قبل الايمان بهما, وإما أن يطلب منه حال كفره معرفة الامام بعد الايمان بهما فهو امر معقول وليس موضع انكار, وعليه يجب جعل الاستفهام الاستنكاري الوارد في كلام الامام عليه السلام قرينة على إن الامام بصدد نفي أن تكون المعرفة الواجبة غير مقيدة بالإيمان بهما لا نفي أن يكون الوجوب غير مقيد بهما.

وعليه فلا يفهم من الصحيحة نفي ثبوت الوجوب حال الكفر حتى يستدل بها في المقام بل يفهم منها نفي إن تكون المعرفة الواجبة مطلقة أي غير مقيدة بالإيمان بهما.

قد يقال أن هذا لا يثبت وجوب المعرفة قبل الايمان بهما كما هو المدعى فهو حيادي فالامام ليس بصدد بيان أن الوجوب ثابت أو ليس ثابتا قبل الايمان بهما, فكل من الأمرين معقول, فالحالات في المقام ثلاثة الاولى أن يكون الوجوب ثابتاً في حال الكفر لكن الواجب مقيد بالإيمان بهما وهو معقول والثانية أن يكون القيد في الوجوب وفي الواجب وهو معقول ايضاً والثالثة أن يكلف بالمعرفة الحاصلة قبل الايمان بهما وهو غير معقول وهو الذي ينفيه الامام عليه السلام, وبما أن الرواية ظاهرة في تأخر وجوب المعرفة عن الايمان بهما يمكن الاخذ بهذا الظهور وجعل القيد في الواجب والوجوب (الحالة الثانية) وهو لا ينافي قرينة الاستفهام الاستنكاري وبهذا يثبت مطلوبهم ويصح الاستدلال بالرواية.

لكن الرواية تعتمد على مسألة التعدي من موردها (وجوب المعرفة) إلى محل الكلام بالأولوية لأنه اذا كان الكافر لا تجب عليه معرفة الامام فمن باب اولى لا تجب عليه معرفة التكاليف الشرعية, وهذه الاولوية غير تامة لعدم الملازمة بينهما لإمكان افتراض تكليفه بالفروع فالتسلسل الطبيعي للمعرفة العقائدية يقتضي وجوب تأخر معرفة الامام عن معرفة الله والرسول صلى الله عليه واله وسلم وهذا التأخر _التسلسل_ غير موجود في التكاليف الفرعية, فامتثال التكليف لا يتوقف على الايمان .

ويؤيد الاحتمال الثاني بعض القرائن الخارجية منها ما اشار إليه المحقق الهمداني في مصباح الفقيه وحاصله أن حمل الصحيحة على الاحتمال الاول يستلزم التفريق بين وجوب معرفة الله ومعرفة رسوله من جهة وبين وجوب معرفة الامام عليه السلام من جهة اخرى اذ بناء عليه يكون وجوب معرفة الله ووجوب معرفة الرسول مطلقاً وثابتاً حتى في حال الكفر, بينما وجوب معرفة الامام مقيد بالإيمان بهما, مع أن الحاكم فيها هو العقل وموضوعه حكمه هو البالغ العاقل لا من يؤمن بالله ورسوله, فيلزم على هذا الاحتمال التفريق بين هذين الوجوبين العقليين.

ومما يؤيد الاحتمال الثاني (بل يمكن جعله دليلاً مستقلاً) أن يقال لو سلمنا دلالة الصحيحة على عدم تكليف الكفار بالفروع فيقال أن هذه الرواية لا يمكن العمل بها لمخالفتها ظاهر الكتاب بناءً على ما تقدم من ظهور الآيات بتكليف الكافر بالفروع, وحينئذ يدور الأمر بين طرح الصحيحة وبين حملها على الاحتمال الثاني, وحملها على الاحتمال الثاني اولى من طرحها.

وقد يعترض بأن النسبة بين الصحيحة والآيات الشريفة نسبة الخاص للعام, ومقتضى القاعدة تخصيص الآيات بالصحيحة وحملها على خصوص المسلمين.

ويجاب بأن المقصود بالآيات القرآنية المعارضة للصحيحة الآيات التي تنص على تكليف الكفار بالفروع, فتكون المخالفة مستقرة ولا اشكال في تقديم الدليل القرآني على الرواية فلابد من طرحها أو تأويلها.

الرواية الثانية: وهي مرسلة عن امير المؤمنين عليه السلام في حديث الزنديق الذي جاء إليه مستدلاً بأي من القرآن الكريم قد اشتبهت عليه حيث قال عليه السلام (فكان أول ما قيدهم به : الإقرار بالوحدانية والربوبية والشهادة بأن لا إله إلا الله ، فلما أقروا بذلك تلاه بالإقرار لنبيه صلى الله عليه وآله بالنبوة والشهادة له بالرسالة ، فلما انقادوا ذلك فرض عليهم الصلاة ، ثم الصوم ، ثم الحج...)[2]

وفيها دلالة على الترتيب بلحاظ الطلب.

وفيه مضافاً إلى ضعف سندها, أن ظاهرها الالتزام بعدم وجوب الايمان بالنبوة والرسالة الا بعد الايمان بالله وهذا لا يلتزم به احد , نعم معرفة النبوة مقيدة بأن تكون بعد الايمان بالله.

ويمكن تفسيرها بالاحتمال الثاني كما تقدم.