34/08/07


تحمیل
 
 كان كلامنا في الشروط , وقد ذكرنا ان مرجع هذه الشروط ليس الى تعليق العقد عليها, فان تعليق الانشاء وكذلك تعليق المنشأ بوجوده الانشائي غير معقول في نفسه , واما تعليق المنشأ بوجوده الفعلي فهو امر معقول ولكن في مقام الاثبات بحاجة الى دليل كما في باب الوصية او باب الصرف والسلم وما شاكل ذلك , واما الشروط في العقود فيمكن تقسيمها الى ثلاثة اقسام :
 القسم الاول : ما اذا فرضنا ان المشتري يشتري فرساً من البائع ويشترط عليه شروطاً واوصافاً له , او يشتري عبداً ويشترط عليه ان يكون كاتباً او عالماً او ثقة او ما شاكل ذلك , فمثل هذه الشروط مرجعه الى جعل الخيار , فلا يمكن ان يكون التزام المشتري بالوفاء بالعقد منوطاً بالتزام البائع بهذه الاوصاف لانها خارجة عن تحت قدرة البائع , فلهذا مرجع هذا الاشتراط الى جعل الخيار فاذا لم يكن المبيع واجداً لهذه الصفات ثبت الخيار للمشتري , واما مرجع هذا الاشتراط الى تعليق الملكية الفعلية فهذا وان كان ممكناً الاّ انه بحاجة الى دليل ولا يستفاد من هذه الشروط .
 القسم الثاني : ما اذا اشترط البائع على المشتري او المشتري على البائع فعلاً , كما اذا اشترط البائع في ضمن العقد خياطة الثوب او الكتابة او ما شاكل ذلك , او ان المشتري يشترط على البائع ذلك , ومرجع هذا الشرط الى ان التزام البائع بالوفاء بهذا العقد مشروط بالتزام المشتري بهذا العمل اي بالكتابة او الخياطة فاذا قام بهذا العمل فالبائع ملتزم بالوفاء بهذا العقد , واما اذا لم يعمل بهذا الشرط ثبت للبائع خيار تخلف الشرط فله ان يفسخ المعاملة وله ان يمضيها .
 القسم الثالث : معنى الشرط الالتزام في ضمن الالتزام العقدي - اي في العقود التي لا تقبل الخيار كما في النكاح او الطلاق او ما شاكلهما - فان النكاح لا يقبل الخيار وانما ثبت الخيار للزوج في العيوب الخاصة بالمرأة كما ثبت الخيار للمرأة في العيوب الخاصة بالرجل , واما الخيار المطلق فلا يدخل في النكاح كخيار تخلف الشرط او ما شاكل ذلك , او يشترط الخيار في ضمن العقد نصاً فلا يجوز في النكاح والطلاق والخيار انما هو ثابت بالعيوب الخاصة , ففي مثل ذلك اذا اشترط الزوج على زوجته ان تشتغل في البيت للتنظيف او الطبخ وما شاكل ذلك فليس معناه ان الزوج ملتزم بالوفاء بعقد النكاح شريطة ان تكون المرأة ملتزمة بهذه الاعمال لان كلاهما الزوج والزوجة ملتزمان بالوفاء بهذا العقد سواء تحقق هذا الشرط او لم يتحقق , فالعقد لازم على كليهما سواء اشترط الزوج على الزوجة او بالعكس , بل معنى هذا الشرط هو الوفاء بهذا الشرط بدليل الشرط وهو [المؤمنون عند شروطهم ] فان الزوج اذا اشترط على الزوجة يجب على الزوجة العمل بالشرط بمقتضى ادلة الشروط واما اذا لم تعمل بالشروط فلا أثر له غير العصيان فلا يترتب عليه اي أثر , وكذلك الحال اذا اشترطت الزوجة على الزوج فانه اذا لم يعمل الزوج ولم يأت بالشرط فهو آثم فقط ولا يترتب عليه اي أثر آخر . وهل يجوز تعليق الزوجية على هذا الشرط او لا يجوز ؟ ذكر السيد الاستاذ (قده) على ما في تقرير بحثه ان تعليق الزوجية يجوز بالشرط اذا كان حاصلاً فعلاً وموجوداً فعلاً , كما اذا فرضنا انه علق الزوجية على ان يكون هذا اليوم يوم الجمعة وقال [ انكحتك هذه المرأة ان كان هذا اليوم يوم الجمعة ] هذا التعليق صحيح , ولكن في الحقيقة هذا ليس تعليقاً بل مجرد لقلة لسان وان الزوجية ليست معلقة على كون هذا اليوم يوم الجمعة , واما اذا كان الشرط متأخراً فلا يجوز التعليق عليه , ولكن ذكرنا انه لا مانع من التعليق ثبوتاً بان تكون الزوجية الفعلية معلقة على امر مستقبل ولكنه بحاجة الى دليل في مقام الاثبات طالما لم يكن دليل فلا يمكن الأخذ به . هذا في الشروط الموجودة في العقود وهذه الشروط حقوق يجوز اسقاطها . واما الشرط في المقام الذي هو بين العبد وربه في اعتكافه فالظاهر انه لا يجوز اسقاطه ولا يسقط بالاسقاط لانه لم يثبت كونه حقاً , ولا دليل على سقوطه بالاسقاط .
 المسألة (41) : كما يجوز اشتراط الرجوع في الاعتكاف حين عقد نيته كذلك يجوز اشتراطه في نذره كأن يقول لله عليّ ان اعتكف بشرط ان يكون لي الرجوع عند عروض كذا او مطلقاً , وحينئذ فيجوز له الرجوع .
 ما ذكره الماتن (قده) هو المشهور بين الاصحاب بل ادعي عليه الاجماع ايضاً , ولكن اتمامه بالدليل مشكل ولا دليل عليه فان الشرط المشروع انما هو شرط الرجوع في الاعتكاف واما في النذر ولو كان متعلقه الاعتكاف بحاجة الى دليل , فان متعلق النذر قد يكون اعتكافاً وقد يكون غيره ولا دليل عليه .
 وبعبارة اخرى الاعتكاف على قسمين : الاعتكاف المطلق , والاعتكاف المشروط الرجوع فيه , وكلاهما مشروع , والنذر اذا تعلق بالاعتكاف المطلق فلا يجوز اشتراط الرجوع فيه , وهو بحاجة الى دليل , بل هو من الشروط التي تكون محللة للحرام فلا تكون صحيحة ونافذة , وحينئذ فان اشترط الرجوع بنذر الاعتكاف المطلق فهو غير مشروع , وان اشترط الرجوع في الاعتكاف المشروط فهو لغو فان النذر لم يتعلق بالاعتكاف المشروط فيه الرجوع وانما تعلق بالاعتكاف المطلق , فمن اجل ذلك ظاهر عبارة الماتن (قده) تعلق النذر بالاعتكاف المطلق , وصحة اشتراط الرجوع في النذر - اي جواز الرجوع في المنذور وفسخه ونقضه - مثل الاشتراط في العقد . فما ذكره الماتن (قده) لا يمكن المساعدة عليه . ومن هنا حمل السيد الاستاذ (قده) على ما في تقرير بحثه ان مراد الماتن (قده) تعلق النذر بالاعتكاف المشروط لا بالاعتكاف المطلق . ولكن هذا الحمل بعيد جداً فان ظاهر عبارته ان الشرط انما هو في نذر الاعتكاف , وان النذر تعلق بالاعتكاف والشرط انما هو في هذا النذر - ومعنى الشرط في نذر الاعتكاف هو جواز فسخ المنذور وجواز رفع اليد عن المنذور- فحمل كلام الماتن (قده) على ما ذكره السيد الاستاذ (قده) بعيد , بان يكون مراد الماتن (قده) نذر الاعتكاف المشروط بعيد جداً .
 فالنتيجة ان ما ذكره الماتن (قده) بظاهره لا يمكن المساعدة عليه الاّ ان يحمل على ما ذكره السيد الاستاذ (قده)