34/08/21


تحمیل
 الموضوع : مسألة 111
 قال(قده) :( مسألة 111 ) : تقبل الشهادة على الشهادة في حقوق الناس ، كالقصاص والطلاق والنسب والعتق والمعاملة والمال وما شابه ذلك ولا تُقبل في الحدود ، سواء أكانت لله محضاً أم كانت مشتركة ، كحدّ القذف والسرقة ونحوهما
 الشهادة على الشهادة هي التي تسمى بشهادة الفرع ، وقبول الشهادة على الشهادة في حقوق الناس -كما عبر السيد الماتن- كالقصاص والطلاق والنسب والعتق والمال مورد أتفاق وادعي عدم الخلاف والاجماع في كلمات جماعة عليه .
 والظاهر هو عدم الفرق فيما تقبل فيه الشهادة على الشهادة في حقوق الناس بين ان يكون عقوبة كالقصاص وان يكون غير عقوبة كالطلاق والنسب والنكاح ومن دون فرق بين ان يكون من المال كالقرض والمضاربة وبين سائر المعاوضات ، وبين ان يكون مما يطلع عليه سائر الرجال وبين مالايطلع عليه الرجال كالولادة والاستهلال وعيوب النساء ،ففي كل هذه الحالات ظاهر كلامهم ان الشهادة على الشهادة تكون مقبولة ومسموعة .
 ويستدل على قبول الشهادة على الشهادة في حقوق الناس :
 أولاً : إطلاق أدلة قبول الشهادة ، فكل دليل يدل على قبول الشهادة واعتبارها كما يشمل نفس الواقعة المشهود بها كذلك يشمل الشهادة ،كما لو جاء عادلان وشهدا على نفس الواقعة تكون شهادتهما مقبولة فكذلك إذا جاء عادلان وشهدا على شهادة شخص على تلك الواقعة تكون مقبولة ايضاً ، فان الاصل الذي شاهد الواقعة قد لايتمكن من الحضور امام الحاكم ، فيأتي شاهدان عادلان يشهدان بشهادته فيثبت عند الحاكم شهادة الاصل ، فإذا شهد نفس العادلين او غيرهما بشهادة شخص اخر أمام الحاكم فحينئذٍ تثبت البينة على الواقعة عند الحاكم ، هذا هو مقتضى إطلاق أدلة قبول الشهادة وهوعدم الفرق بين ان يشهد بنفس الواقعة او يشهد على الشهادة بان فلان شهد بالواقعة ، فالشهادة بالواقعة ايضاً تثبت بالبينة ، أي تثبت بشهادة الفرع ، فلا داعي لتقييد أدلة اعتبار البينة بخصوص الشهادة بنفس الواقعة.
 الثاني والثالث : هما عبارة عن موثقتين أستدل بهما على ذلك ، وهما موجدتان في الباب 44 من ابواب الشهادة :
 الاولى: موثقة طلحة بن زيد عن أبي عبد الله ، عن علي ( عليهم السلام ) أنه كان لا يجيز شهادة رجل على رجل إلا شهادة رجلين على رجل [1] .
 وجميع رجال السند لابأس بهم ،ولكن حيث ان طلحة بن زيد ليس من أصحابنا سميت الرواية بالموثقة .
 وهي ظاهرة الدلالة في ان شهادة رجل واحد لاتثبت بها شهادة الاصل ، بل شهادة رجلين تثبت بها شهادة الاصل .
 الثانية: موثقة غياث بن ابراهيم عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ( عليهما السلام ) ، أن عليا ( عليه السلام ) كان لا يجيز شهادة رجل على شهادة رجل إلا شهادة رجلين على شهادة رجل [2] .
 ويرويها الشيخ بسند معتبر الى غياث بن ابراهيم وهو عامي موثق .
 هذه هي الادلة على قبول الشهادة على الشهادة في هذه الموارد . نعم، هناك موثقة لنفس غياث بن ابراهيم قد تخالف ما تقدم وهي الحديث الثالث في نفس الباب عن جعفر ، عن أبيه ، أن عليا ( عليه السلام ) قال : لا أقبل شهادة رجل على رجل حي وإن كان باليمن (وفي نسخة اخرى وان كان باليمين) [3] .
 وقد تفسر كلمة الرجل في الموثقة بانها للجنس أي لاتقبل شهادة رجل على رجل ، وحينئذٍ تكون منافية لما تقدم من قبول شهادة الرجل كجنس على شهادة الاصل .
 ولكن يمكن حمل الرواية على ان المقصود بالرجل فيها الرجل الواحد أي الرجل الواحد لاتقبل به شهادة الاصل وانما القضية تحتاج الى شهادة رجلين ، وهذا هو نفس مضمون الروايات السابقة من ان علي(ع) كان لايجيز شهادة رجل على رجل الا شهادة رجلين على رجل .
 ولذا لاحاجة لحملها على التقية كما فعله الشيخ ، بل لايبعد ان ظاهرها هو عدم قبول شهادة الرجل الواحد على شهادة الاصل بل لابد من رجلين .
 وعلى كل حال مقتضى اطلاق هذه الادلة هو قبول شهادة الفرع من دون فرق بين الموارد ، وهذا الاطلاق ينفعنا في كل مورد نشك فيه في قبول شهادة الفرع على شهادة الاصل فنرجع الة هذه المطلقات لاثبات قبول هذه الشهادة .نعم، إذا دل دليل على عدم قبول شهادة الفرع في مورد خاص فلابد من الالتزام به ونقيد تلك المطلقات بهذا الدليل الخاص .
 والظاهر ان هناك دليل على عدم قبول شهادة الفرع في الحدود ولذا استثناها السيد الماتن .
 والحدود قسمت كما هو المعروف الى قسمين : ما كان من حقوق الله محضاً من قبيل حد الزنا واللواط والسحق وشرب الخمر وامثالها مما لاترتبط بأشخاص أخرين ، وما كان مشتركاً بين الله وبين الناس من قبيل حد السرقة وحد القذف وأمثالهما .
 والظاهر عدم قبول الشهادة على الشهادة في موارد القسم الاول ، وأستدلوا على عدم القبول في هذا القسم بموثقتين لنفس الراويين المتقدمين ،طلحة بن زيد وغياث بن ابراهيم ، وهما مرويتان في الباب 45 من ابواب الشهادات .
 الاولى: موثقة طلحة بن زيد عن أبي عبد الله ، عن أبيه ، عن علي ( عليه السلام ) أنه كان لا يجيز شهادة على شهادة في حد [4] .
 فطلحة بن زيد بعد ان روى الرواية السابقة بان علياً(ع) كان يجيز شهادة رجلين على رجل روى ان علياً (ع) كان لايجيز شهادة على شهادة في حدٍ .
 الثانية: موثقة غياث بن ابراهيم عن جعفر عن أبيه قال : قال علي ( عليه السلام ) : لا تجوز شهادة على شهادة في حد ، ولا كفالة في حد [5] .
 وهاتان الموثقتان واضحتان في عدم قبول شهادة على شهادة في الحدود ، وبهما نخرج عن إطلاقات الادلة الدالة على قبول الشهادة على الشهادة مطلقاً فتكون مخصصة لتلك المطلقات .
 ولكن الملاحظ ان هاتين الموثقتين تدلان على عدم قبول الشهادة على الشهادة في مطلق الحدود من دون فرقٍ بين ما يكون من حدود الله محضاً وبين ما يكون مشتركاً كحد السرقة وحد القذف وأمثالهما لانهما مطلقتان .
 وهذا هو المناسب لما هو المعروف بينهم والمستفاد من الادلة من ان الحدود تدرء بالشبهات ، وهذه شهادة على شهادة فيدرء بها الحد .نعم ، عدم القبول في الحدود المشتركة ليس موضع اتفاق الفقهاء، فهناك من يرى عدم قبول الشهادة على الشهادة فيها وبالتالي الحقها بالقسم الاول الذي لاخلاف في عدم قبول الشهادة على الشهادة فيه وهناك من يرى قبول الشهادة على الشهادة فيها .
  ففي المسالك يذكر الشهيد الثاني سبباً لقبول شهادة الفرع في الحقوق المشتركة بقوله: لعدم دليل صالح للتخصيص بعد ضعف الخبرين المزبورين .
 وكأنّه يريد القول بالرجوع الى المطلقات المتقدمة الدالة على قبول الشهادة على الشهادة ، والخروج عن المطلقات انما كان بالموثقتين الاخيرتين وهو يرى ضعف سندهما ، فيتعين الرجوع الى مطلقات أدلة اعتبار البينة والشهادة ومقتضاها قبول الشهادة على الشهادة في الحدود المشتركة .
 وأما ماكان من حقوق الله محضاً فقد أتفقوا على عدم القبول فيها ولعل الشهيد الثاني -وان لم يصرح بذلك- يبني على عدم القبول فيها من باب انها خرجت عن الاطلاقات بالاتفاق والاجماع .
 ولكن ، الظاهر ان الروايتان معتبرتان ويمكن التعويل عليهما للخروج عن المطلقات السابقة ، وتدلان على ان الشهادة على الشهادة في الحدود ليست مقبولة ومقتضى إطلاقهما انه لافرق بين الحدود التي هي من حقوق الله محضاً وبين الحدود المشتركة ، ففي جميع الحدود الشهادة على الشهادة ليست مقبولة ، ويؤيده مسالة ان الحدود تدرء بالشبهات .
 وعليه ، فالصحيح ماذكره السيد الماتن
 
 قال (قده) : ( مسألة 112 ) : في قبول الشهادة على الشهادة على الشهادة فصاعداً إشكال ، والأظهر القبول .
 .....................
 المعروف والمشهور بين الفقهاء ان قبول شهادة الفرع يختص بشهادته على شهادة الاصل ، ولاتقبل شهادة الفرع على شهادة الفرع خلافاً لما يقوله السيد الماتن ، واستدل عليه :
 أولاً : بدعوى انصراف الموثقتين الاوليين الدالتين على قبول شهادة الفرع الى شهادة الفرع على شهادة الاصل فلا تشمل شهادة الفرع على شهادة الفرع .
 وثانياً: رواية عن عمرو بن جميع ، عن أبي عبد الله ، عن أبيه ( عليهما السلام ) قال : اشهد على شهادتك من ينصحك ، قالوا : كيف ؟ يزيد وينقص قال : لا ولكن من يحفظها عليك ، ولا تجوز شهادة على شهادة على شهادة [6] .
 وأقول: أما الدليل الاول فعلى تقدير التسليم بالانصراف في الموثقتين ، فانه لايضر المستدل لان قبول الشهادة على الشهادة ليس على خلاف القاعدة بل هو موافق للقاعدة المستفادة من إطلاق ادلة اعتبار البينة وهو قبول البينة سواء شهدت على الواقعة او على الشهادة او على الشهادة على الشهادة على الشهادة ، فكل شيء يمكن اثباته بشاهدين عادلين .
 وأما الدليل الثاني فالرواية ضعيفة سنداً ، فان عمرو بن جميع ضعيف فهو قاضي للري -كما يقال- عامي منصوص على ضعفه مضافاً الى ان طريق الشيخ الصدوق اليه ضعيف ، وحينئذٍ إذا لم يثبت إجماع على عدم قبول الشهادة على الشهادة على الشهادة ،فالظاهر ان مقتضى الادلة هو قبول الشهادة على الشهادة على الشهادة
 فالصحيح ما ذكره السيد الماتن .
 قال (قده): (مسألة 113 ) : لو شهد رجلان عادلان على شهادة عدول أربعة بالزنا لم يثبت الحدّ . وفي ثبوت غيره من الأحكام ، كنشر الحرمة بالنسبة إلى ابن الزاني أو أبيه ، خلاف ، والأظهر هو الثبوت .
 ...............
 تقدم سابقاً ان الشهادة على الشهادة ليست مقبولة في الحدود ، لكنه إذا فرضنا ان المشهود به يشتمل على حد وغيره من الاحكام كما مثل السيد الماتن ،ويمكن التمثيل باللواط باعتبار انه يترتب عليه حرمة ام الموطوء وأخته وابنته على الواطيء ، وحيئذٍ يقال هل يكون حال هذه الاحكام حال الحد من عدم الثبوت بالشهادة على الشهادة او يمكن التفريق بينهما فنلتزم بان الحد لايثبت واما الاحكام فتثبت بالشهادة على الشهادة ؟
 ذهب جماعة منهم المحقق والعلامة والشهيدان على ماحكي عنهما الى التفريق بينهما وكذا السيد الماتن ، فالحد لايثبت بالشهادة على الشهادة واما الاحكام فتثبت بها ، ويستدل لهذا التفريق بإطلاق أدلة قبول الشهادة على الشهادة التي هي عبارة عن الموثقتين السابقتين الدالتين على قبول الشهادة على الشهادة ، وقد خرج عن هذا الاطلاق الحد للادلة السابقة ، وحينئذٍ يبقى الباقي تحت الاطلاق .
 هذا هو دليل من يفرق بين الحد وبين الاحكام من ألتزامهم بقبول الشهادة على الشهادة في الاحام دون الحدود .
 وأما الطرف المقابل الذي يرى ان الاحكام لاتثبت كما لايثبت الحد ، يستدل له بدعوى التلازم بين الحد وبين هذه الاحكام باعتبار ان كل منهما معلول لعلة واحدة ، فان اللواط اما ان يثبت بالشهادة على الشهادة او لايثبت ، فان ثبت فلابد من ثبوت أحكامه بالشهادة على الشهادة وان لم يثبت هو بالشهادة على الشهادة فلا تثبت أحكامه . والتفريق بينهما خلاف التلازم بينهما .
 والجواب واضح عن هذا التلازم ، إذ هو ليس تلازماً عقلياً بحيث يستحيل الانفكاك بينهما بل هو مستفاد من الادلة الدالة على ترتب الحد وهذه الاحكام على اللواط ،فإذا فرضنا وجود دليل على ان الحد لايترتب على اللواط الثابت بالشهادة على الشهادة فيلتزم به ، واما في الاحكام فلم يأتي دليل على عدم ترتبها باللواط الثابت بالشهادة على الشهادة ، ومقتضى إطلاق الادلة ترتب هذه الاحكام على اللواط الثابت بالشهادة على الشهادة .
 وعليه، فالظاهر صحة ماذكره السيد الماتن .
 
 


[1] الوسائل(آل البيت) ج27،ص403 ،باب 44 من ابواب الشهادة ،ح2
[2] الوسائل(آل البيت) ج27،ص403 ،باب44،ح4
[3] الوسائل(آل البيت) ج27، ص 403،باب44،ح3
[4] الوسائل(آل البيت) ج27،ص404،باب45،ح1
[5] الوسائل(آل البيت) ج27،ص404،نفس الباب،ح2
[6] الوسائل(آل البيت) ج27،ص404 ،باب44،ح6