38/04/03


تحمیل

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

38/04/03

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: خــتــام.

ذكر السيد الماتن (قدس الله نفسه): الثامنة والثلاثون: إذا كان المشتغل بتحصيل العلم قادرا على الكسب إذا ترك التحصيل لا مانع من إعطائه من الزكاة إذا كان ذلك العلم مما يستحب تحصيله وإلا فمشكل)[1] .

ذكرنا ان الاشتغال بسائر العلوم في مثل هذا العصر أمر محبوب عند الشارع وفيه مصلحة عامة للبلد الاسلامي وهي تتطور البلد واستغنائه عن الحاجة الى البلدان الاجنبية ولاسيما علم الطب والاقتصاد والهندسة وما شاكل ذلك فلا شبهة في ان هذه المسالة من المسائل المهمة في البلد ، والبلد المتخلف لا قيمة له ، ولا بد ان يكون البلد متطورا وتطور البلد بهذه الجامعات والمعاهد والكليات ، اذن اذا وقع التزاحم بين المصلحة العامة والمصلحة الخاصة وهو مصلحة الكسب فان الكسب لأجل مؤونته أمر محبوب عند الشارع وفيه مصلحة ، فإذن تقع المزاحمة بين المصلحة العامة والمصلحة الخاصة ولا شبهة في تقديم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة فان المصلحة الخاصة لا تزاحم المصلحة العامة فاذا وقع التزاحم بينهما فلابد من تقديم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة فمن اجل ذلك لا مانع من اعطاء سهم السادة اذا كان المشتغل هاشميا واذا كان عاميا من اعطاء الزكاة ويجوز له اخذ الزكاة اذا كان عاميا واذا كان هاشميا جاز له اخذ سهم السادة.

واما الروايات التي تدل على ان الغني لا يجوز له ان يأخذ الزكاة سواء أكان غنيا بالفعل او غنيا بالقوة منصرفة عن مثل ذلك وموردها فيما اذا كانت المصلحيتين متساويتين او لا مصلحة في الاشتغال بسائر العلوم ، اما اذا كانت مصلحة الاشتغال بهذه العلوم مصلحة عامة وهي اهم من المصلحة الخاصة فمثل هذه الروايات منصرفة عن ذلك فحينئذ يجوز اعطاء الزكاة له اذا كان فقيرا ويجوز له اخذها وكذا بالنسبة الى سهم السادة.

اذن ما ذكره الماتن (قدس الله نفسه) من الاشكال وما ذكره السيد الاستاذ (قدس الله نفسه) من انه لا اشكال في عدم جواز الاعطاء لمن اشتغل بسائر العلوم لا يمكن المساعدة عليه.

وذكر السيد الاستاذ (قدس الله نفسه) من ان تحصيل العلم الديني قد يكون واجبا عينيا وهذا لا شبهة في جواز اخذ الزكاة للمشتغل اذا كان فقيرا واما اذا كان تحصيل العلم مستحبا او واجبا كفائيا ومن به الكفاية موجود ففي مثل ذلك ذكر (قدس سره) على ما في تقرير بحثه انه لا يجوز له اخذ الزكاة اذا كان عاميا ولا يجوز له اخذ سهم السادة اذا كان هاشميا لأنه مشمول للروايات التي تدل على ان الغني لا يجوز له اخذ الزكاة والزكاة محرمة عليه سواء أكان غنيا بالفعل ام كان غنيا بالقوة وهو غني بالقوة وقادر على الكسب لان تحصيل العلم غير واجب بل غير راجح فيجوز له ترك الاشتغال والاشتغال بالكسب لتحصيل مؤونته ومعاشه فاذا جاز فهو غني بالقوة ولا يجوز له اخذ الزكاة ، هكذا ذكر السيد الاستاذ (قدس الله نفسه) على ما جاء في تقرير بحثه.

ولكن للمناقشة فيه مجال فان تحصيل العلم الديني تارة يكون راجحا من جهة انه جاد في تحصيل العلم واذا استمر على ذلك يمكن ان يكون استاذا في الجامعة او مدرسا او خطيبا فلا شبهة في ان نفعه للدين أكثر من مصلحة الكسب لقوته وقوة عياله فمصلحة تحصيل هذه العلوم الدينية لأجل ان يصير خطيبا او مدرسا لا شبهة في انها أهم من مصلحة الكسب فاذا كانت مصلحته أهم من مصلحة الكسب فلابد من تقديمها على مصلحة الكسب فحينئذ يجوز له اخذ الزكاة اذا كان فقيرا ، والروايات التي تدل على ان الزكاة محرمة على الغني أعم من أي يكون غنيا بالفعل ام كان غنيا بالقوة منصرفة عن مثل هذه الموارد.

نعم اذا كان اشتغاله لا يجدي كما لو كان غير جاد في تحصيل العلم فحينئذ لا مصلحة فيه بل مصلحة الكسب اقوى منه باعتبار ان اكل سهم الامام (عليه السلام) اذا لم يكن جادا في تحصيل العلم غير جائز وكذا اخذ الزكاة او سهم السادة غير جائز بل عليه ان يشتغل بالكسب لأجل تحصيل مؤونته وهو غني بالقوة ، فلابد من هذا التفصيل فما ذكره السيد الاستاذ (قدس سره) لا يمكن المساعدة عليه.

ثم ذكر السيد الماتن (قدس الله نفسه): التاسعة والثلاثون: إذا لم يكن الفقير المشتغل العلم الراجح شرعا قاصدا للقربة لا مانع من إعطائه الزكاة، وأما إذا كان قاصدا للرياء أو للرئاسة المحرمة ففي جواز إعطائه إشكال من حيث كونه إعانة على الحرام)[2] .

كلام الماتن مطلق أي اعطاء الزكاة له من سهم الفقراء او من سهم سبيل الله ، ولكن حمل السيد الاستاذ (قدس الله نفسه) على ما في تقرير بحثه انه لا مانع من اعطاء الزكاة من سهم سبيل الله فان في صدق سبيل الله لا يعتبر قصد القربى فاذا كان مشتغلا بتحصيل علم راجح كعلم الدين وان لم يكن قاصدا القربى فيجوز له ان يعطى من سهم سبيل الله لان اشتغاله مصداق لسبيل الله فهو يستحق من سهم سبيل الله.

نعم لو كان قاصدا الرياء او قاصدا للرئاسة المحرمة ففي اعطاء الزكاة له اشكال لأنه اعانة على الاثم ، هكذا ذكر الماتن.

ولكن عدم جواز اعطاء الزكاة له ليس من جهة انه اعانة على الاثم فان الاعانة على الحرام لا دليل على انها محرمة فان الاعانة مقدمة للحرام ولا دليل على ان مقدمة الحرام حرام فان الذي هو حرام التعاون في الحرام أي الاشتراك في الحرام هذا هو المحرم ، اما الاعانة على الحرام فلا دليل على حرمتها بل من جهة ان طلب العلم للرياء او طلب العلم للرئاسة مبغوض عند الله فاذا كان مبغوضا فلا يكون مصداقا لسبيل الله واذا لم يكن مصداقا فلا يجوز له الاخذ الزكاة من سهم سبيل الله فمن هذه الناحية هو غير مستحق ولا يجوز له اخذ الزكاة ، بقي هنا شيء نتكلم فيه ان شاء الله تعالى.