35/06/05


تحمیل
الموضوع: الصوم: النية: مسألة 22 نية القطع و القاطع, مسألة 23, 24
قال الماتن:(نعم لو كان تردده من جهة الشك في بطلان صومه وعدمه لعروض عارض لم يبطل وإن استمر ذلك إلى أن يسأل.)
كما لو استيقظ فوجد نفسه محتلما وكان جاهلا في كون الاحتلام مبطلا للصوم او لا , فتردد في النية .
ويفهم من كلمات الفقهاء التفريق بين الحالتين من التردد , حيث انه يحكم بالبطلان في الحالة الاولى(التردد لا من جهة الشك ) ويحكم بالصحة في الحالة الثانية( التردد من جهة الشك) , والفرق بين الحالتين هو ان التردد ليس بأختيار المكلف في الحالة الثانية , بل هو تردد قهري لأنه فرض انه من جهة الشك في صحة الصوم وبطلانه , وهذا الشك يستلزم الترديد في النية حيث انه لا يعلم هل ينوي الصوم ؟ ام لا ؟ وهنا حكموا بالصحة في مقابل الحالة الاولى التي يتردد فيها بأختياره .
والظاهر ان هذا المقدار لا يكفي في تصحيح الصوم لأنه على كل حال فالمكلف لم ينوي الصوم في فترة معينة وعلى القاعدة فأنه يكون مبطلا للصوم , وان كان الفرق بينهما من حيث المعذورية بأن نقول من كان تردده بسبب الجهل والشك بصحة الصوم فأنه معذور , لكن المعذورية شيء وتصحيح الصوم شيء آخر , فأن المعتبر في صحة الصوم هو ان يقصد الصوم وينوي الامساك عن المفطرات طيلة الوقت الممتد من الفجر الى الغروب .
والصحيح في المقام ان يقال بأن هذا المتردد الذي ينشأ تردده من الشك في الصحة و البطلان , تارة نفترض ان ترديده يستتبع الترديد في البقاء على الصوم وعدمه فعلا قبل تبين الحال , كما لو استيقظ وكان محتلما وشك في صحة صومه وبطلانه , وتردد في نية الصوم قبل ان يسأل بأن صومه صحيح او لا , واخرى نفترض ان هذا التردد لا يستتبع ذلك , بل انه كان عازما على الصوم , لكن على تقدير صحته , فإذا تحققت الصحة وكانت ثابتة في الواقع يكون صومه مقصودا له .
وقد يحكم في الصورة الاولى بالبطلان , بينما في الصورة الثانية فأنه يحكم بالصحة كما هو الحال في الواجبات العبادية التي يأتي بها المكلف احتياطا, فأن عزمه يكون فيها على تقدير ان تكون هذه العبادة مطلوبة , ومثل هذا الامر لا يضر بعبادية العبادة .

قال الماتن ( ولا فرق في البطلان بنية القطع أو القاطع أو التردد بين أن يرجع إلى نية الصوم قبل الزوال أم لا)
اما اذا جدد النية بعد الزوال فواضح لعدم القول بإمكان تجديد النية بعد الزوال الا بالصوم المندوب على بعض الاقوال واما قبل الزوال فهذا بأعتبار ما تقدم من ان امتداد وقت النية في الواجب المعين _الذي هو محل الكلام _ الى الزوال لم تدل عليه الادلة في حالة التأخير العمدي بالإتفاق , وانما الخلاف في حال تأخير النية نسيانا او جهلا , وتقدم ان الدليل لا يساعد على ذلك بل مقتضى الادلة هو الحكم بعدم امتداد النية في الواجب المعين مطلقا ( لا في التأخير العمدي ولا النسياني او الجهلي ) حتى الى ما قبل الزوال وفي محل كلامنا المفروض انه ترك النية عالما عامدا , حيث ان فرض المسألة انه نوى القطع عالما عامدا او تردد في النية , والمقصود بالتأخير اعم من انه لم يصم من بداية الامر ام انه ابطل النية التي كان نواها .

قال الماتن (وأما في غير الواجب المعين فيصح لو رجع قبل الزوال)
كالقضاء الموسع والكفارة والنذر غير المعين فأنه في هذه الحالة حتى لو ابطل صومه في احد هذه الامور الثلاثة بإمكانه ان يصحح اذا نوى الصوم قبل الزوال , وذلك لأن المصنف يرى ان الادلة في غير الواجب المعين تدل على امتداد النية مما بعد الفجر الى الزوال , فالقضاء الموسع مثلا دل الدليل على امتداد نيته الى الزوال , فلا موجب لتخصيصه بما لم ينوه اصلا , بل هي تشمل ذلك وما اذا نواه وابطل نيته , كما لو نواه كفارة مثلا ثم ابطل هذه النية قبل الزوال ونوى الصوم قضاء .
والظاهر ان هذا الدليل صحيح في غير الواجب المعين بل قلنا سابقا انه يشمل القضاء المعين لدلالة الادلة المتقدمة على الصحة فيه .
وان كان ظواهر الادلة الدالة على الامتداد مختصة بما لم ينو الصوم اصلا, لكن تقدم سابقا ان ما يدل على الامتداد لا يختص بذلك بل يشمل ما لو نوى وابطل صومه يحق له ان يجدد النية قبل الزوال

مسألة 23 : قال الماتن (لا يجب معرفة كون الصوم هو ترك المفطرات مع النية أو كف النفس عنها معها)
لا يجب على المكلف لتصحيح صومه ان يعلم ان الصوم امر عدمي (ترك المفطرات)ام امر وجودي (الكف عن المفطرات ) ومنشأ توهم وجوب المعرفة هو ان الصوم يعتبر فيه قصد المأمور به, فلابد من ان يشخص المأمور به ما هو في الصوم, هل هو مجرد ترك المفطرات ؟ او هو عبارة عن كف النفس عنها ؟ فلابد من ان يعرف هذا لكي يقصده .
والظاهر كما ذكروا جميعا عدم وجوب هذا المقدار بأعتبار ان المكلف اذا قصد الصوم فهو يقصد واقع وحقيقة الصوم سواء كان هو عبارة عن ترك المفطرات ام كف النفس عنها , لا سيما اذا التفتنا الى ان هناك ملازمة خارجية بينهما, لأن الذي يقصد ترك المفطرات في هذا الوقت من الفجر الى الغروب فهو يقصد كف النفس عنها , فالفرق بينهما وان كان حاصلا تصورا, الا انهما خارجا متلازمان فلا ثمرة في هذا التمييز والتحديد .
مسألة 24: (لا يجوز العدول من صوم إلى صوم واجبين كانا أو مستحبين أو مختلفين، وتجديد نية رمضان إذا صام يوم الشك بنية شعبان ليس من باب العدول، بل من جهة أن وقتها موسع لغير العالم به
إلى الزوال)
فيما رأيت من شّراح العروة او من علق عليها لم يستشكل احد على اطلاق هذا الحكم سوى السيد الحكيم في المستمسك كما سنبين , ويستدلون على ذلك بأن الحكم (عدم صحة العدول) بأن العدول على خلاف الاصل (كما عبر السيد الحكيم ) او على خلاف القاعدة ( كما عبر السيد الخوئي).
فلا يمكن الالتزام بجواز العدول الا مع الدليل وحيث لا دليل, فلا يمكن الحكم بجواز العدول من صوم الى صوم .
توضيح ذلك
الذي يستفاد من كلماتهم ان العدول له معان في محل الكلام .
الاول: ان نفترض ان العدول من صوم الى صوم اخر مع ضم المقدار الذي صامه قبل العدول الى المقدار الذي يريد صومه بعد العدول واحتساب الجميع من صوم المعدول اليه .
كما لو صام قضاء ثم عدل عنه الى صوم الكفارة ويحتسب الجميع كفارة .
الثاني: العدول المستلزم للتلفيق _كما يذكره السيد الخوئي _ كما لو كان الصوم قبل العدول قضاء والصوم الذي بعد العدول كفارة ويكتفي بهذا المقدار لا ان يحتسب الصوم الذي جاء به قبل العدول كفارة كما في الاول , بل يبقيه على انه قضاء ويبني على انه يكفي عن الكفارة.
الثالث: بمعنى الغاء الصوم المتقدم عن العدول كما لو صامه قضاء يرفع اليد عنه ويكتفي بالمقدار الذي صامه بعد العدول على انه كفارة .
وهذه المعانِ الثلاثة المتصورة للعدول كلها على خلاف القاعدة.
اما الاول فأن الصوم الاول كان بعنوان القضاء فكيف يمكن ان يحتسب كفارة بعد العدول , فهذا لا يمكن القول به من دون دليل , نعم يمكن للشارع ان يحتسب ذلك ( اي يحتسب الجميع على انه صوم كفارة ) لكن من دون دليل فهو على خلاف القاعدة .
اما الثاني: فأن المطلوب في صوم الكفارة هو الصوم من الفجر الى الغروب بهذا العنوان ( اي بعنوان الكفارة ) اما اذا صام من طلوع الفجر الى ما قبل الزوال قضاء ثم بعد ذلك يعدل الى الكفارة ويكتفي بذلك على انه كفارة فأن هذا على خلاف القاعدة .
واما الثالث: فأن المعتبر في صوم الكفارة هو الصوم من الفجر الى الغروب اما كون نصف الوقت مجزيا عن الكفارة فهذا خلاف القاعدة ايضا .
وهذه الوجوه لا تختلف من حيث كونها على خلاف القاعدة , وانما تختلف من جهة اخرى حاصلها :-
انه بالمعنى الاول والمعنى الثاني يمكن تصحيح فتوى السيد الماتن (عدم الجواز مطلقا).
واما بالمعنى الثالث فالظاهر عدم الامكان بالفتوى بعدم الجواز مطلقا, بل لابد من تقييد ذلك بما اذا كان العدول بعد زمان انعقاده _كما اشار اليه في المستمسك[1] _ان الواجب المعين ينعقد صومه من طلوع الفجر فلا يجوز العدول اليه بعده والواجب غير المعين ينعقد عند الزوال بناء على امتداد وقته الى الزوال فلا يجوز العدول اليه بعده والمستحب ينعقد عند الغروب فلا يجوز العدول بعد الغروب واما قبل زمان انعقاد النية فالسيد الحكيم يقول بجواز العدول , مثلا في الواجب غير المعين يمتد زمان انعقاده الى الزوال فلماذا نقول بعدم جواز العدول اليه قبل الزوال ؟
نعم بعد زمان انعقاده لا يجوز العدول.
اذن اطلاق الحكم بعدم جواز العدول من صوم الى صوم غير صحيح بل لابد من تقييده بما بعد انعقاد نيته .